https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الصيانة ترفع البلاء

1918

«عادة ولا هنشتريها» ونتوارثها جيلا من بعد جيل، فما يكاد يمر عام أو عامان على افتتاح منشأة، حتى نأسى على ما وصل إليها من سوء الحال، فبعد أن كانت الورود فى استقبالك من أول الطريق إلى آخر درجات سلم المبني، ترى أكوام القمامة ومياه الصرف تحيط بجدرانه، وبعد أن كانت أجهزته تعد الأحدث تقنيا، تفاجأ بتكرار أعطالها وأن مدير المنشأة يطالب بشراء معدات جديدة، وبعد أن كان الزى الأنيق والابتسامة العريضة ترحب بك، ومدون على بوابتها عبارة «مرحبا بك»، لا تجد من يستمع إلى سؤالك أو قد يُساء إليك، ولا يبقى من رونق المكان سوى يافطة «مرحبا بك» علاها الصدأ والتراب، وما دامت هذه المقدمة فلابد أن تكون النهاية كارثية.

والحكمة تقول إن النار تأتى من مستصغر الشرر، فعقب غالبية الحوادث تثبت التحقيقات عن تقصير فى الصيانة، فحين يشب حريق فى إحدى المنشآت تسفر المعاينة كثيرًا عن عطل فى صافرة الإنذار أو فى طفايات الحريق أو خلل فى شبكة الكهرباء، وكلها عوامل تنم على مدى بساطة شأنها وخطورة أثرها، وأن دائرة الاتهام دائمًا تتجه نحو غياب الصيانة وسيطرة الروتين العقيم على تيسير العمل، ولا نقصد هنا تعميم الحكم بالتقصير على جميع إدارات المنشآت، أما عند قراءة المشهد العام نلمس حرص الدولة على تنفيذ المشروعات فى أفضل صورة مثل الطرق، ولكن ما تلبث بعد مرور وقت قصير أن يتراجع أداء البعض منها، ولنا فى نزيف الأسفلت خير دليل، وذلك لعدم إدراك إداراتها بأهمية دور الصيانة الدورية، ولا تحاول بذل أى جهد فى تعلم ثقافة الصيانة، لأنها خلدت إلى الراحة فى المكاتب المكيفة، وإذا وصل إلى أذنيها بلاغ عن خطأ ما تتجاهله أو تستبعد صاحب البلاغ.

وفى سياق هذا الحديث ندق جرس إنذار عن ظهور فيروس يهدد حياة أطفالنا، أشارت إليه صحيفة الأهرام منذ أيام، وذكرت فيه عن إصابة عدد من الأطفال، وعن وفاة طفل بعد رحلة معاناة والدته مع الأطباء ومع هذا لم يتمكنوا من تشخيصه، بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الإنفلونزا ولذلك وصفوا له دواء خاطئ، وتقول الأهرام إنه تم تحديد الفيروس ويسمى فيروس روتا بعد إجراء عدة تحاليل، وأشار أحد أعضاء لجنة الصحة بمجلس الشعب فى سياق التحقيق عن توافر تطعيم الفيروس بوزارة الصحة، ونصح الوزارة بإضافته على كراسة التطعيمات، فنرجو من الوزارة عدم التباطؤ فى اتخاذ القرار قبل ارتفاع نسبة الإصابات والوفيات للأطفال ونحن على أبواب الشتاء.

وتعد ثقافة الصيانة أحد الفوارق الرئيسية بين الدول المتحضرة والدول النامية، والدول الفقيرة تعض عليها بالنواجز فهى السبيل لحماية مواردها من التلف، والحفاظ على المتاح لديها لأطول فترة ممكنة، فالناتج من غياب الصيانة الدورية والفحص المستمر، هبوط فى مستوى المنتج وفى قيمة عائد الأرباح، وفى إهدار المال العام وفى ضياع جهد العاملين مما يدفعهم لليأس وإلى ضعف كفاءتهم، وأضف إليهم الخسارة فى الأرواح التى تتفاوت أعدادها طبقا لحجم الكارثة، ولكى تقوم الصيانة بدورها الصحيح وتنجح فى مهمتها بجدارة، لزم عليها ضرورة توافر الكفاءة فى كافة العاملين فيها وتدريبهم بصفة مستمرة على أحدث التقنيات، ومن ناحية أخرى أن نزرع فى أطفالنا ثقافة الإتقان والاهتمام بكل ما يحيط بهم، ويتم توعيتهم بخطورة الإهمال وآثاره السيئة على حياتهم وحياة المقربين لهم.

تكذيب البنتاجون:
نشر حديثا تقرير عن ميزانية لحرب واحدة فقط تعادل ميزانية لعدة دول نامية على مدار خمس سنوات، ويبدو أن كثرة ما يتردد عن الأرقام الخيالية لنفقات الحروب والإسراف على البذخ والدعاية، أفقدها تأثيرها على نفوس شعوب العالم، وعند تحليل التقرير نتأكد من أن المصالح الضيقة للدول العظمى تطغى على مأساة الشعوب، وهى سلسلة طويلة من الابتزاز لثروات البلاد منذ العصور السابقة على يد رحلات الاستكشاف الغربية، ولكن حتما سيأتى يوما تعود أطماع تلك الدول الكبرى بالآثار الوخيمة عليها، سواء خلال الزمن القريب أو خلال الزمن البعيد، ومن هذه الآثار القريبة الاضطرابات الشديدة التى أصابت اقتصاد العديد منها، وانهيار أسواق عديدة لها فى الخارج، ومشكلة اللاجئين التى تشكل صداعًا فى رأس الاتحاد الأوروبى وأمريكا، وأخيرًا تصاعد أزمة الكراهية وتأجيجها بين أفراد مجتمعاتهم.

ونعود إلى التقرير الذى أصدره البنتاجون والذى يوضح فيه حجم ميزانية النفقات على حرب الإرهاب، وهو ما أطلقه عليها مؤخرًا ويشير إلى الحرب على العراق وأفغانستان، بلغت قيمتها 1,5 تريليون دولار، وصرح الخبراء أنه يعادل ميزانية دول كبرى مثل ألمانيا لمدة 5 سنوات، والغريب أنه يعلنه بعد مرور 17 عامًا، ويشمل نفقات الحرب من 11 سبتمبر 2001 إلى عام 2018، وبعد نشر التقرير أثبتت جهات عدم صحته، ليكشف حرص البنتاجون على إخفاء الرقم الصحيح لضخامته، لأنه لا يكافئ حجم ما حصدته أمريكا من ثمار حربها، وشككت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء فى صحة التقرير، واعتمدت على دراسة أمريكية سابقة صادرة من جامعة كولومبيا فى عام 2008، حددت ميزانية الحرب على العراق وأفغانستان بأكثر من 3 تريليونات دولار، وأشارت الوكالة الروسية إلى دراسة أخرى عن معهد واطسن للعلاقات الدولية، ذكرت أن الكونجرس اعتمد ميزانية الحرب بـ 4,5 تريليون دولار من 2001 إلى 2007، وتفضح الدراستان تقرير البنتاجون فى أمرين الأول بالنسبة للمدة الزمنية للميزانية أنها ليست إلى 2018، والثانى أن حجمها الحقيقى ثلاثة أضعاف ما أعلنه، والسبب فى كذبه حتى لا يعلن للشعب الأمريكى حجم خسارته الفادحة.