رئيس مجلس الإدارة
النشر وصناعة المستقبل
By mkamalأكتوبر 22, 2018, 14:04 م
2075
صناعة النشر هى صناعة قديمة فى العالم العربى ومصر بصفة خاصة فهى أحد أفرع القوى الناعمة ومن المميزات النسبية فى بلدنا الحبيب.. نقدم من خلالها الإنتاج الفكرى فى شتى مناحى المعرفة.
هى صناعة المستقبل بفكر الحاضر ورؤية الغد وخلفية تراثنا وحضارتنا الممتدة آلاف السنين حيث قدمت للبشرية على مر العصور قامات كبيرة منها المازنى والمنفلوطى وعباس العقاد وطه حسين وأحمد ناجى ويوسف السباعى وأحمد شوقى ويوسف إدريس وبنت الشاطئ ومحمد عبد الحليم عبد الله وأنيس منصور وعلى أحمد باكثير ونجيب محفوظ وشوقى ضيف وعباس حسن وفكرى أباظة ومحمد مندور وأحمد أمين ويعقوب الشارونى وكامل كيلانى ومحمد عطية الإبراشى وعلى الجارم وعبد الحليم محمود والباقورى والغزالى ومحمد حسنين هيكل والزيات ومحمد حسين هيكل وتوفيق الحكيم وسعد الدين وهبه وثروت عكاشة وثروت أباظة وغيرهم خلال عقود من الزمان ولكن إنتاجهم الفكرى يظل سفيرا لنا مع كل متحدثى العربية فى شتى بقاع الأرض.. فهو السفير المتواجد رغم أية عقبات سياسية اقتصادية فهو سفير مقيم برغبة القارئ نعم فهو صاحب الحق الأصيل فى اختيار ما يراه وما يرغب فى اقتنائه.
لا يمكن حصر مؤلفينا ومبدعينا فى كل المجالات من خلال هذه السطور أو حتى مؤلفات كاملة فالإبداع المصرى حبانا الله به من خلال هؤلاء العظماء من مفكرين وأدباء وعلماء فى كل المجالات ووسيطنا هو الكتاب أو سفيرنا.
والنشر صناعة كما ذكرت مكتملة الأركان مكوناتها المؤلف والطبع بمراحله والتجهيزات والإخراج الفنى والمصمم والمصحح والتسويق خلال عمر الكتاب.. فهى صناعة تحتاج إلى رصيد كبير من الخبرة والمعرفة ودراسة السوق واحتياجات القارئ وعلاقات مع المؤلف والمبدع بل واكتشاف وتقديم مبدعين جدد فالناشر الحقيقى لابد له من دور حقيقى فى هذا المجال من اختيار المادة وتقديمها وإيصالها إلى القارئ.. مع وجود رؤية واضحة من خلال خطة نشر موضوعة مسبقا بالرؤية وكيف يقدم للرأى العام منتجًا يحقق إشباعًا لديه، أيضًا التسويق من خلال تغطية السوق الداخلى والخروج إلى الأسواق الخارجية لتحقيق مزيد من الانتشار وتقديم ما لديه.
كذلك الانفتاح على الثقافات الخارجية والنهل من الآداب العالمية من خلال الترجمة منها أو الترجمة من العربية إلى لغات أخرى لتكتمل المنظومة فالناشر يوجه الرأى العام ويساهم فى تكوين ثقافة المتلقى..ولكن هذه الصناعة وأهميتها الكبيرة تحتاج إلى كثير من المؤازرة.. والكثير من الدعم..فاتحاد الناشرين يقدم المظلة لمن يمارس مهنة النشر فى مصر وبالتعاون مع الاتحاد العربى على المستوى الخارجى ويقوم بعمليات عديدة منها التطوير المهنى والتدريب والملكية الفكرية.
ولكن من أهم المشاكل التى تعانى منها مهنة النشر حماية الملكية الفكرية.. تكاليف الشحن.. عزوف كثير من هيئات الدولة عن الشراء.. استشراء ظاهرة التزوير.. خروج بعض الدول العربية من الأسواق للظروف السياسية.
الملكية الفكرية وحمايتها.. فهناك اتفاقية برن التى تنظم حقوق المؤلف وحمايته على مستوى العالم ونظمت القوانين فى الدول العربية الحماية للنص بخمسين عامًا بين وفاة المؤلف ليكون هذا النص فى الملكية العامة وفى أوروبا وأمريكا امتدت الحماية إلى سبعين عامًا.
ولكن مازال أمامنا شوط كبير فالقوانين موجودة ولكن البعض مفعل والآخر غير مفعل وخاصة فى الدول العربية ومتابعة ذلك أمر يصعب على الناشر بل وأحيانا اتحاده.. لعدم تنفيذ هذه القوانين أو ضعفها.. أو صعوبة الوصول إلى المقرصن أو المزور، إضافة إلى ضعف ثقافة الملكية الفكرية ومعرفة الحقوق والواجبات بالنسبة للمؤلف أو المترجم أو الناشر وهى جزء من المشكلة يساهم فى زيادتها، حتى القارئ يصعب عليه معرفة الفرق بين الكتاب المزور أو الأصلى سوى أن السعر أقل وفى بعض الأحيان تكون المواصفات مختلفة..وهذا الدور يقع على اتحادات الناشرين والدولة ممثلة فى القانون الذى يحارب هذه الظاهرة ووسائل الإعلام التى توضح ما هى الملكية الفكرية وأهميتها وجدواها.
والمتابع للأسواق العربية يجد أن ظاهرة التزوير لم تترك بلدًا معينًا بل انتشرت من لبنان والسعودية والأردن والكويت ومصر والمغرب وتونس وفلسطين أينما كنت تجد المزور.. ومن يعاونه.
وهناك بعض الحقائق والأرقام من خلال بعض الحملات فى مصر خلال الفترة الماضية فقد تم مصادرة ما يقرب من نصف مليون كتاب لمزورين عتاه ولديهم ماكينات طباعة وتم مصادرة المضبوطات.. وتم اتخاذ الإجراءات القانونية وأيضا خلال معرض القاهرة الدولى هناك أكثر من أربعمائة حالة تزوير،هذا خلاف ما ضبط فى المغرب والأردن والسعودية وغيرها.
إن المزور يفقد الناشر استثماراته ويجعل المبدع غير قادر على الاستمرار مع ضياع حقوقه من الناشر الأصلى وعدم قدرته على ترويج المنتج الأصلى وإهدار استثمارات صناعة بحجم صناعة النشر فى مصر يعمل بها أكثر من ألف وخمسمائة ناشر مصرى ولديهم عمالة فى الطباعة والإعداد ومؤلف وعمالة بهذه الدور تقدر بعشرات الآلاف واستثمارات بالملايين كل عام..إضافة إلى عدم المصداقية وتصنيف الدولة غير القادرة على حماية الملكية الفكرية من خلال اتحاد الناشرين الدولى مما قد يتم فرض عقوبة بملايين الدولارات على مصر.. وقد سبق فرضها على بعض الدول ومنها الصين.
فما زال القانون المصرى يحتاج إلى تعديل حيث إن عقوبة المزور ما زالت خمسة آلاف جنيه أو حبس ثلاثة أشهر وفى حالة التكرار تضاعف العقوبة مع مصادرة المضبوطات وغلق المكان.
ولابد أن يكون الغُرم على قدر الجُرم حيث يكون العقاب رادعًا مما يجعل المزور يفكر ألف مرة ويحد من ظاهرة التزوير.
التسويق: إن أحداث الربيع العربى وتوابعها أخرجت أسواق بعض الدول من حسابات الناشر المصرى والعربى مثل ليبيا واليمن وسوريا وجزء من العراق.. إضافة إلى فرض بعض الدول رسومًا جمركية على دخول الكتاب أو المطبوعات الورقية إليها.. مع ارتفاع تكاليف المعارض العربية من إيجار وشحن وإقامة.
فما زال الكتاب يعامل فى الشحن مثل السلع المعمرة وأى سلع أخرى.. ومطلوب معاملة أو أسعار خاصة تتناسب مع طبيعة هذه السلعة ورسالتها.
الدولة ودورها: هناك الكثير من المؤسسات لها دور فى دعم صناعة النشر مثل وزارة التربية والتعليم ووزارة الشباب ووزارة الثقافة ومكتبات الجامعات والمكتبات العامة.. فهى تساهم بقدر كبير خلال تزويد مكتباتها بالجديد فى ضخ سيولة تساعد هذه الصناعة على الاستمرار والنمو أن تبنى الدولة لسياسة بناء الإنسان ورعايته وأولوياتها الثقافية لما لها من دور فى تشكيل وجدان الإنسان وقدرته ورغبته فى البناء وقدرته على مواجهة الأفكار الهدامة والمتطرفة ومن خلالها عودة عادة القراءة وتأصيلها من خلال المكتبات العامة والمسابقات والمكتبات المدرسية.
وعودة حصة المكتبة وقد قدمنا حملة باسم «أسرة تقرأ أمة تنهض» من خلال دار المعارف واتحاد الناشرين المصريين لنقل الكتاب إلى ربوع مصر فى مجموعة معارض للكتاب تجوب أرجاء مصر بالتعاون مع عدد كبير من الناشرين المصريين.
وتساهم وزارة الثقافة بدعم كبير من خلال هيئاتها المختلفة ودعم الوزيرة.. ولكن مازلنا نحتاج مزيدًا من الجهد لدعم رسالة الناشر والمهنة والمسيرة مستمرة والأحلام كبيرة لمهنة تستحق أن تنمو وتزدهر لمستقبل أفضل.