رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تونس..حكاية استرداد وطن مختطَف منذ عشر سنوات

قمة الشراكة الاستراتيجية

1495

جاءت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى موسكو بدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت بالغ الدقة، في ظل الأحداث التي تموج بها المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط.
الزيارة التي لم تتجاوز 75 ساعة، جاءت متوافقة مع الاحتفال بمرور 75 عامًا على العلاقات المصرية الروسية، والتي شملت العديد من الملفات السياسية والاقتصادية، والاستراتيجية.
فقد جاءت القمة المصرية الروسية بالتزامن أيضا مع التدريبات المشتركة لوحدات المظلات بين مصر وروسيا التي تحمل اسم (حماة الصداقة 3) والتي تعتبرها روسيا من أهم التدريبات العسكرية.
حملت القمة العديد من الدلالات، بدءًا من التوقيت وانتهاء بحجم التعاون والتبادل التجاري بين البلدين وتطابق الرؤى فيما بينهما حول قضايا المنطقة التي جاءت على رأسها مكافحة الإرهاب والأزمة السورية والقضية الفلسطينية وليبيا.
(1)
جاء توقيت الزيارة احتفالا بمرور 75 عامًا على العلاقات المصرية الروسية والتى بدأت فى أغسطس عام 1943 وتوافقت عدد ساعات الزيارة التى قضاها الرئيس السيسى بين موسكو وسوتشى حيث استمرت لمدة 75 ساعة عقدت خلالها مجموعة من اللقاءات واختتمت بالقمة الموسعة بين الزعيمين.
جاءت دعوة الرئيس بوتين للرئيس السيسى تقديرًا لمكانة مصر الإقليمية وما حققته الدولة المصرية على مدى السنوات الخمس الأخيرة من استقرار سياسى واقتصادى وأمنى، على الرغم مما تعانيه المنطقة وتموج به من اضطرابات، بالإضافة لما حققته مصر من حزمة إصلاحات مهمة تأتى على رأسها الإصلاحات الاقتصادية.
الزيارة بدأت باستقبال حافل فى موسكو، ثم فى الريفيرا الروسية «سوتشى»، حيث كان الرئيس بوتين على رأس مستقبلى الرئيس السيسى، الذى وصل «سوتشى» مساء الثلاثاء، وحرص الرئيس الروسى على إقامة مأدبة عشاء غير رسمية تكريمًا للرئيس السيسى وقاما بالتجول على كورنيش مدينة «سوتشى» المطلة على البحر الأسود، وتحدث الرئيس بوتين مع بعض المواطنين الروس، معربًا عن سعادته بزيارة «الصديق العزيز» الرئيس السيسى لروسيا.
وهى نفس الكلمات التى وصف بها بوتين الرئيس السيسى قبل الزيارة بأسبوع عندما قال فى تصريحات صحفية: «سأهدى صديقى العزيز الرئيس السيسى خلال زيارته بعضًا مما نفخر به من منتجاتنا الزراعية».
وجاء حرص الرئيس بوتين على أن يقود السيارة بنفسه والتى استقلها مع الرئيس السيسى فى حلبة سباق السيارات مساء اليوم التالى تأكيدًا على عمق العلاقات بين البلدين والود الذى يربط بين الزعيمين.
كما حرص الرئيس بوتين على تجديد توقيع اتفاق الشراكة والتعاون الاستراتيجى بين البلدين عقب القمة يعد دليلا على قوة الدولة المصرية ومكانتها فى المنطقة وهو ما جعل روسيا الاتحادية تحرص على تعميق العلاقات بينهما.
(2)
دعوة الرئيس لإلقاء كلمة أمام أعلى غرفة فى البرلمان الروسى (مجلس الفيدرالية الروسى)، حيث يعد الرئيس السيسى هو أول رئيس أجنبى يلقى كلمة أمام المجلس، الأمر الذى يكشف حجم العلاقات القوية بين البلدين.
كما جاءت كلمة رئيسة المجلس «فالنتينا ماتفيينكا» قائلة: «تنبع دعوتنا للرئيس السيسى من التقدير العميق لمصر وللسيد الرئيس كرجل دولة بارز ذى رؤية استراتيجية نجح فى ترسيخ الاستقرار فى مصر، وأن روسيا تحرص على تعزيز العلاقات الثنائية وتفعيل أطر التعاون المشترك بين البلدين».
(3)
تعد القمة التاسعة بين السيسى وبوتين نقلة استراتيجية مهمة فى تاريخ العلاقات بين البلدين على كافة المستويات، فقد أكدت على تطابق الرؤى بين البلدين فى العديد من الملفات المهمة وعلى رأسها الملف السورى:
فمنذ اللحظة الأولى للأزمة ومصر تطالب بضرورة أن يكون الحل سياسيًا بتوافق الأطراف السورية، والحفاظ على الدولة الوطنية وعدم الخضوع للجماعات المسلحة، التى لا تنتج سوى الخراب والتشتت وتقسيم الدول وعم الاستقرار.
الرئيس أكد على ضرورة التعاون فى مكافحة الإرهاب خاصة فى ظل محاولات نقل العناصر الإرهابية من مناطق التوتر إلى مناطق أخرى وهو ما يهدد أمن واستقرار المنطقة بل والعالم أجمع حال عدم التعاون وتوفير المعلومات حول تلك العناصر.
الملف الليبي:
وحرص الرئيس على استعراض الجهود المبذولة من القاهرة، على صعيد توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، لتمكينها من القيام بمهامها بفاعلية.
خاصة بعد تطور الأوضاع والأحداث فى طرابلس واستمرار بعض الدول فى دعم وتمويل وتسليح العناصر الإرهابية، ومحاولة البعض الآخر تقويض الدولة الوطنية فى ليبيا مما يدفع بها إلى استمرار حالة عدم الاستقرار، وهو ما سيؤثر سلبًا على أمن واستقرار المنطقة (حوض المتوسط وشمال إفريقيا بل قد يمتد إلى العديد من الدول الإفريقية) وهو الأمر الذى أيدت فيه روسيا وجهة النظر المصرية.
الملف الفلسطيني:
تأتى القضية الفلسطينية على رأس أولويات ملف السياسية الخارجية المصرية، فمصر تؤمن أن استقرار المنطقة لن يحدث ما لم يتم الاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية حتى يعاد الحق لأصحابه وتنتهى الذريعة التى تستخدمها العناصر الإرهابية طريقا لسفك الدماء، وهو ما أيده الرئيس بوتين خلال المباحثات الثنائية مع الرئيس.
تأتى دورية الاجتماعات للمجموعة 2 + 2 (اجتماع وزراء الخارجية والدفاع من البلدين) وانتظامها تقديرًا للدور المصرى وأهميته فى المنطقة وهو ما جعل الرئيس الروسى يصرح بأن مصر هى الشريك الاستراتيجى الوحيد فى الشرق الأوسط.
وتعد مصر هى الدولة الوحيدة فى الشرق الأوسط والمنطقة العربية التى تتمتع بتلك العلاقات.
(4)
وكعادة الرئيس خلال كافة زياراته الخارجية يكون للملف الاقتصادى مكانًا كبيرًا على أجندة الزيارة واللقاءات الثنائية، فقد حرص فى اليوم الأول للزيارة على لقاء «تيجران ساركسيان» رئيس المفوضية الاقتصادية للاتحاد الأوراسى، الذى يضم فى عضويته دول روسيا، وكازاخستان، وقيرجستان، وأرمينيا، وبيلاروسيا، وهو أحد أهم التحالفات الاقتصادية، فى ضوء قرب انعقاد الجولة الأولى للمفاوضات بين الجانبين للتوصل إلى اتفاق تجارة حرة، بما يُساهم فى زيادة ومضاعفة معدلات التبادل التجارى وتنمية الاستثمارات المشتركة.
فقد شهد التبادل التجارى زخمًا بين البلدين خلال الفترة الماضية، فقد ارتفع خلال العام الماضى بأكثر من 60%، وخلال الأشهر الستة الأولى من العام الجارى بنسبة 28%.
وعن المنطقة الصناعية الروسية فى منطقة قناة السويس فسيتم ضخ استثمارات بقيمة 7 مليارات دولار، وستؤمن المنطقة قرابة 35 ألف فرصة عمل جديدة.
وكذا مشروع بناء محطة الضبعة النووية بمصر، التى تبنيها شركة «روس آتوم» الروسية.
كما كانت عودة الرحلات السياحية الروسية إلى مدن شرم الشيخ والغردقة أحد الملفات التى نقاشها الزعيمان وأكد الرئيس بوتين على عودة الرحلات الجوية إلى الغردقة وشرم الشيخ قريبًا.