رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

أنا والضريبة والدُجمه!

1522

لم أتوقع أن يثير مقال الأسبوع الماضى والذى كتبته عن الضريبة العقارية.. سيئة الحظ، هذا الحجم الكبير من ردود الأفعال.. المؤيدة.. والمعارضة.
وأنا لا أكتب من خلال موقف مسبق، وإنما أستهدف دائمًا المصلحة العامة.. للمجتمع والناس، كما أننى أحرص على أن يفهم القارئ العادى ما أكتبه.
ولذلك أختار الموضوع الذى سأكتب عنه، وأحضر نفسى بالأرقام والمعلومات والمقارنات قبل البدء فى الكتابة، وأعتقد أن أغلب زملائى من الكُتّاب الجادين يفعلون ذلك، فالمسألة لدينا ليست مجرد تسويد صفحات، وإنما نساهم بكل جدية فى زيادة الوعى العام بما يجرى فى المجتمع من خلال الشرح والتوضيح والتحليل.
وقد اعتاد زميلاى العزيزان حسن عامر رئيس تحرير موقع البشاير، وأيمن عبد المجيد رئيس تحرير بوابة روزاليوسف، نشر مقالى الأسبوعى على موقعهما، وفى محاولة لعمل أرشيف إلكترونى، أقوم بنشر المقال على صفحتى على الفيس بوك، حيث أفاجئ بعدها بقيام العديد من الأصدقاء بإعادة تشيير ذات المقال على صفحاتهم، وتلك نعمة كبيرة أحمد الله كثيرًا عليها، فالكاتب لا يطمع فى أكثر من ذلك.. وهو أن تقرأ الناس ما يكتبه وتتفاعل معه.
وبعد الاعتذار عن تلك المقدمة، أعود لمقال الأسبوع الماضى «الضريبة العقارية سيئة الحظ» والذى كتبته من منطلق المصلحة العامة، وعملاً بالحديث الشريف الذى يقول «من كان له فضل ظهر.. فليعد به على من لا ظهر له»، وعملاً أيضا بمبدأ «التكافل الاجتماعى» بين أغنياء المجتمع وفقرائه، وتطبيقا للقاعدة الفقهية التى تقول «الغرم.. بالغنم».
حيث دعوت فى المقال إلى قيام الأثرياء والذين فتح الله عليهم من وسع – وأيا كانت الأسباب – بدفع الضريبة العقارية المستحقة على ممتلكاتهم العقارية التى تدر دخلاً إضافيًّا عليهم، مع التوضيح بأن تلك الضريبة لا تتجاوز 10% من قيمة الإيجار السنوى للوحدة السكنية المؤجرة، وبعد خصم 30% من حصيلة الإيجار كمصروفات صيانة.
ذلك.. بعد أن أشرت إلى أن القانون يعفى المسكن الشخصى الذى لا تتجاوز قيمته السوقية 2 مليون جنيه، وضربت مثلاً، بوحدة سكنية فى الساحل الشمالى وصل ثمنها إلى 110 ملايين جنيه، وتساءلت: هل يعجز من دفع هذا المبلغ عن دفع الضريبة العقارية المستحقة عليها والتى قد لا تتجاوز 125 جنيهًا فى الشهر؟
وكما يرى القارئ العزيز، فالمقال ليس ضد أحد.. ولم يتضمن تحريضًا ولا حسدًا!، وإنما كان دعوة لأن يدفع الأثرياء من أبناء الوطن حق المجتمع الذى حققوا ثرواتهم من خلاله.
ولكنى فوجئت بعد نشر المقال بسيل من الاتصالات التليفونية، وكثير من التعقيبات الغاضبة على صفحتى بالفيس بوك، حيث اتهمنى البعض بأننى أدافع عن الحكومة – وهو شرف لا أدعيه – باعتبارها حكومة مصرية تعمل على تحسين أحوال المواطنين، مع أننى أنتقدها فى مقال سابق بسبب الارتفاع غير المبرر فى أسعار الخضر والفاكهة والألبان ولسنا فى حالة طوارئ مفاجئة أو ظروف غير طبيعية!
وبالطبع لم أغضب من تعليقات الأصدقاء المخالفة لوجهة نظرى، واعتبرت بعضها مجرد دعابات من أصدقاء وتلك إحدى عادات الصحفيين اللطيفة!
ولكن توقفت عند تعليق صديق كنت ومازلت أعتز بعلاقتى به، حيث اتهمنى بالدفاع عن حكومة ظالمة، وعن برلمان لا يمثل الشعب، ومع ذلك.. فقد اعتبرت رأيه تعبيرًا عن موقفه السياسى من الحكومة والبرلمان، ولكن آلمنى ما قاله إنه يربأ بى أن أبيع آخرتى بدنيا هؤلاء الذين يختلف معهم»!
وأسباب الألم أن الزميل يعرفنى تمام المعرفة، ويعلم أننى عملت طوال حياتى بكل إخلاص وجدية ونزاهة، وكل ما وصلت إليه من مناصب كان بمجهودى الشخصى وبدعم مخلص من أساتذتى فى المهنة وزملائى الصحفيين، بل إن أغلب المناصب التى حصلت عليها كان من خلال الانتخابات!
ولله الحمد فقد عوضنى سبحانه عن كل ذلك بالتوفيق والصحة والستر على المستوى العائلى والمهنى، لدرجة أن أطلق على زملائى ومصادرى لقب «العمدة»، فأى مكسب بعد حب واحترام من حولك ومن يعرفونك أو من تتعامل معهم؟!
لا صديقى.. لم أتزلف لأى أحد ولن أفعل، فقد تطبعت على «الاستغناء» والرضا بما أحصل عليه بمجهودى الشخصى وبقضاء الله وبقدره، ومن ثم لا أكتب لغرض أو هوى، ولا أبيع آخرتى من أجل دنياى ولا دنيا غيرى!
ثم لماذا أفعل ذلك بعد أن شاب الشعر ووهن العظم.. وبلغنا من العمر عتيا؟!
آفة البعض أنه تحول إلى «دجمه»، أى يتخذ موقف ثابت يتسم بالجمود سواء عند التأييد أو المعارضة مع أن الدنيا تتغير والأحداث تتجدد.. والأفكار تتطور.. ولكنه شب على شىء ثم شاب عليه!
ثم ألستم دائمًا ما تنتقدون الحكومة بسبب ارتفاع نسبة الفقر فى المجتمع، بحجة التحيز للأغنياء؟
وألستم من تطالبون بالعدالة الاجتماعية، وإعادة توزيع الدخل القومى، وأن يحصل كل مواطن على حقه من التعليم الجيد والعلاج الشافى والسكن الملائم؟
فكيف تحقق الحكومة ما تطالبون به، إن لم تعمل فعلا على إعادة توزيع الدخل وتحقيق العدالة الاجتماعية، بتحصيل الضرائب المستحقة من كل قادر على دفعها؟
وهل تصرف الحكومة على المواطنين من جيوب أعضائها أم من خلال حُسن استخدام الموارد السيادية وبما ينفع الناس، وما هى الموارد السيادية سوى الضرائب والجمارك ورسوم الخدمات؟!
يا أيها الرفقاء الدراويش.. شىء من العقل المرن، وقليل من الرحمة بمحدودى الدخل والفقراء والذين تحاول الدولة ومن بعدها الحكومة انتشالهم مما هم فيه!
حفظ الله مصر.. وألهم أبناءها الرشد والصواب




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.