رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

العقوبات الأمريكية تخنق نظام الملالى..

1889

صادف بدء تطبيق العقوبات الأمريكية على إيران يوم الاثنين الماضى الذكرى 39 لاقتحام السفارة الأمريكية فى طهران عام 1979، وهو الحادث الذى كان نقطة التحول فى العلاقات بين البلدين نحو الأسوأ.
واختار ترامب ذكرى اقتحام السفارة كإشارة رمزية لموقفه الحازم فى التعامل مع إيران، فبعد أقل من شهر عقب توليه الرئاسة وجّه ترامب تهديدات حادة إلى طهران قائلاً: «إيران تلعب بالنار والإيرانيون لا يقدرون كم كان أوباما طيبًا معهم أما أنا فلست مثله».. وكان الرئيس ترامب قد انسحب من الاتفاق النووى بين إيران والغرب الذى تم توقيعه فى 2015، واصفًا الاتفاق بأنه «أسوأ صفقة».
وأكد ترامب أن الاتفاق فشل فى قطع الطريق أمام كل النشاطات النووية الإيرانية، ولم يعرقل برنامج الصواريخ، ولم يعارض نشاطاتها الإرهابية، وفرض ترامب العقوبات على إيران مرة أخرى فى محاولة لإجبارها على الموافقة على توقيع اتفاقية جديدة، وكانت إيران قد رفعت ميزانيتها العسكرية بنسبة 40% منذ توقيع الاتفاق النووى.
وتأتى العقوبات الجديدة فى وقت لم تعد الصعوبات التى تواجه الاقتصاد الإيرانى خافية على أحد، وخلال الشهور الماضية، تراجعت قيمة الريال، وارتفعت معدلات التضخم والبطالة، وتكررت الإضرابات والتظاهرات معبرة عن سخط شعبى.

العقوبات التى أعيد فرضها شملت مختلف القطاعات الاقتصادية والمالية والصناعية، وعلى رأسها قطاع النفط الذى يعتبر المصدر الأساسى للعملات الصعبة لإيران، وتجارة إيران فى الذهب والمعادن الثمينة الأخرى والألومنيوم والحديد والفحم، وبرامج الكمبيوتر، والتحويلات المالية بالريال الإيرانى، وقطاع السيارات ومشغلى الموانئ وقطعات النقل البحرى، والتحويلات المالية المتعلقة بالنفط والتحويلات والتعاملات المالية لمؤسسات أجنبية مع البنك المركزى الإيرانى.
وبالنسبة للقطاع المصرفى استهدفت العقوبات 50 بنكًا وشركات أجنبية ومحلية تابعة لها.
وضمت قائمة العقوبات منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، والتى تشرف على البرنامج النووى الإيرانى، وشركة الطيران الوطنية الإيرانية، وهناك احتمالات كبيرة بأن العقوبات هذه المرة ستلحق أضرارًا كبيرة بالاقتصاد الإيرانى، خاصة وأنها تستهدف مباشرة النفط والقطاع المصرفى.
استراتيجية ترامب تستهدف شل النظام الإيرانى عبر الوصول بالصادرات النفطية الإيرانية إلى الصفر، لإحكام الضغط الاقتصادى على النظام الذى يواجه أصلاً اضطرابات داخلية، وشل قدرة إيران على استخدام عائداتها النفطية فى تنفيذ مخططاتها الخارجية.
ويقول ترامب: «أستطيع الوصول بصادرات النفط الإيرانى إلى الصفر فورًا، لكن ذلك يمثل صدمة للأسواق، بينما لا أريد أن ترتفع أسعار النفط»، وأوضح ترامب أنه يريد فرض العقوبات تدريجيًا لتفادى ارتفاعات حادة فى أسعار النفط العالمية.
وقد منحت الإدارة الأمريكية استثناءات لثمانى دول من العقوبات المفروضة على النفط الإيرانى، لتستمر هذه الدول فى الاستيراد لمدة 180 يومًا وهى الصين والهند واليابان وتايوان وكوريا الجنوبية وإيطاليا واليونان وتركيا.
وقد توقفت 20 دولة بالفعل عن استيراد النفط الإيرانى الذى تراجعت صادراته بحوالى مليون برميل يوميًا.

ورغم العقوبات الأمريكية إلا أن الرئيس الإيرانى حسن روحانى أكد فى خطاب بثه التليفزيون أن بلاده سوف «تخرق العقوبات الأمريكية وسوف تتمكن من بيع نفطها»، رغم العقوبات التى وصفها بأنها «ظالمة وغير قانونية» واتهم روحانى الولايات المتحدة بأنها تستخدم حروبًا نفسية واقتصادية وتشكك فى شرعية الجمهورية الإسلامية لتغيير النظام فى إيران، كما أكد المرشد الأعلى للثورة على خامنئى، أن التحدى القائم بين طهران وواشنطن مستمر منذ 40 عامًا وكان الطرف الخاسر هو الولايات المتحدة والطرف الرابح هو الجمهورية الإسلامية.
وتعوّل طهران على عدة خيارات لمواجهة العقوبات.. أبرزها: أن واشنطن استثنت مجموعة من الدول التى تمثل سوقًا مهمة للنفط الإيرانى من هذه العقوبات، الأمر الذى يسمح لهذه الدول بالاستمرار فى التعامل مع إيران.
الخيار الثانى هو الآلية التى وضعتها مجموعة من الدول الأوروبية تضم فرنسا وألمانيا وإيطاليا، لمقايضة النفط الإيرانى بسلع أوروبية، دون الحاجة لوساطة بنوك ومؤسسات مالية، بهدف الالتفاف على العقوبات الأمريكية.
ومن المنتظر أن تحصل الدول الأوروبية على النفط الإيرانى بسعر رخيص فى إطار هذه الآلية التى تعتمد على المقايضة.
وكانت روسيا قد وعدت بمساعدة إيران، وصرح وزير الطاقة الروسى الكسندر نوفاك أن موسكو تتطلع لتطوير تجارتها بالنفط الإيرانى، الذى تبيعه إلى بلدان أخرى وفق اتفاق النفط مقابل البضائع مع إيران، وكان مسئولون أمريكيون قد حذّروا روسيا من مغبة محاولة مساعدة إيران فى بيع نفطها.

ولكن هل تستطيع طهران فعلاً خرق العقوبات الأمريكية؟
رسمت الإدارة الأمريكية سيناريو محكمًا لتنفيذ العقوبات، وأكدت عبر تصريحات مسئوليها بأن الهدف هو تغيير سلوك إيران وليس تغيير نظامها، وأن باب العودة لمائدة المفاوضات مفتوح.
وأكد مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكى أن «أمام إيران الاختيار إما أن تتحول 180 درجة عن مسارها الحالى المخالف للقانون وأن تتصرف كدولة عادية، أو أنها سوف تشاهد اقتصادها ينهار»، وأضاف أن بلاده ستمضى فى الضغط «بلا هوادة» على إيران مالم تغير «مسارها الثورى».
ومن المؤكد أن الشركات الأوروبية تفضل السلامة، ويصعب أن تختار السوق الإيرانى، خاصة إذا كان ذلك يعنى خسارة السوق الأمريكى العملاق.
وكان الرئيس ترامب قد دعا الدول أن تقلل أو تنهى استيرادها للنفط الإيرانى، لعل النظام الإيرانى يغير من سلوكه الخطير والمثير لعدم الاستقرار ويعاود الاندماج بالاقتصاد العالمى.
وأضاف: «العقوبات على إيران هى الأشد على الإطلاق، لن يكونوا بخير، يمكننى أن أخبركم بذلك».
وحذّر ترامب الأفراد أو الكيانات التى تنتهك هذه العقوبات من مواجهة «عواقب وخيمة».

فهل سترضخ إيران هذه المرة وتغير سلوكها، وهل ستكتفى بمقاومة العقوبات داخل حدودها أم ستحرك أوراقها الإقليمية فى سوريا أو اليمن أو لبنان.. وهل ستصل هذه التحركات إلى مياه الخليج وتهديد القوات الأمريكية أو تهديد أمن المضائق والممرات الملاحية، كالعادة تراهن إيران على الوقت ونهاية ولاية ترامب.. وهو رهان غير مضمون.
إن ترامب يطالب إيران بالمستحيل.. بالتخلى عن حلمها النووى.. كما يطالبها بالتوقف عن تصدير الثورة، قد تستجيب إيران ولو مؤقتًا للضغوط الأمريكية.. فالإيرانيون يجيدون فن التراجع فى الأزمات ويتنازلون لمن هو أقوى منهم، وإن كانت تصريحاتهم الإعلامية تقول عكس ذلك، بالتأكيد فإن ملالى إيران قد استمعوا لتصريح جون بولتون مستشار الأمن القومى الأمريكى القائل بأن «نظام الملالى القاتل فى طهران سيواجه عواقب كبيرة إذا استمر فى الكذب والغش والخداع».
ولا شك أن مصير صدام حسين الذى استخف بقوة أمريكا مازال ماثلاً أمام أعين ملالى طهران.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.