صالون الرأي
كلنا علاء فتحي !
By amrمارس 10, 2019, 19:14 م
1890
بعد حادث محطة مصر المروع انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو من فيلم «ضد الحكومة» لبطله الراحل أحمد زكي في مرافعته أمام المحكمة وهو يقول: «كلنا فاسدون لا استثني أحدا»، في نفس الوقت صدم المصريون بعد مشاهدة علاء فتحي سائق الجرار على شاشات التليفزيون وقد تبلدت مشاعره وأفعاله وهو الذي تسبب في أكبر ألم تعرض له الشعب المصري في سنواته الأخيرة ، حين رأوا أبواب جهنم تفتح على أقرانهم ممن يترددون على هذه المحطة التاريخية بانتظام أو حتى صدفة والنيران تلتهمهم ولا يجدون مغيث ولا مفر بسبب ما ارتكبه هذا السائق من حماقة أو غدر! كانت الصدمة أكبر حين نشرت بعض المصادر أن هذا السائق الذي كان مغيبا بالمخدرات أو لأي سبب آخر ربما ستكشفه تحقيقات النيابة أنه سبق وأوقف عن العمل عام ٢٠٠٧ لأنه تسبب في انقلاب جرار لكنه في ذلك الوقت لم يسفر عن وفيات.
لكني بدوري سأطرح عددا من التساؤلات حتى نفكر مليا وربما نكون منصفين مع أنفسنا أولا، وعلينا أن نفكر ونرد على أنفسنا بكل أمانة .. ترى هل هذا الفعل الشنيع لهذا السائق الذي أودى بحياة أكثر من عشرين مصريا هو فعل متفرد؟ هل هو فقط من يتعاطى المخدرات بما يؤثر على عمله؟ هل هو فقط من يرتكب الأخطاء ثم يجد من يعيده لنفس مكان عمله سواء بالشفقة أو بالتغاضي عن الخطأ رغم علمه بعدم صلاحيته؟ ترى كم عدد سائقي القطارات الذين يتناولون المخدرات؟ بل كم عدد سائقي الميكروباصات والأتوبيسات والتاكسيات الذين يتعاطون المخدرات ويعرضون حياة الناس للخطر ؟
كم مدرس في مصر يراعي الله في عمله ويرفض أن يمتص دماء أولياء الأمور في دروس خصوصية ويتقن عمله ويربي تلاميذه بكل ضمير ؟ كم طبيب يتعامل بإنسانية مع مرضاه ولا يغالي في كشفه ويرفق بالمريض ويحسن معاملته ويدقق في تشخيصه ويضع حياة الناس قبل منفعته الشخصية ؟ كم تاجر في مصر يقنع بالربح القليل ولا يبالغ في أسعاره ويحرم على نفسه الاستغلال ؟ كم موظف يؤدي عمله بأمانة ولا يفتح درج مكتبه ولا يعقد الأمور حتى تحلها جنيهات المواطن المسكين؟ كم واحد منا يحترم القانون أو حتى يلتزم بقانون المرور ؟
كم عدد من بقي على أرض هذا البلد من الناس الطيبين الذين يتقون الله ويضعونه نصب أعينهم ؟ كم عدد الذين يؤدون واجبهم بشرف ونزاهة وأمانة على أكمل وجه ، ولا ينظرون لغيرهم ممن قصر أو فسد أو ضل ويتبعون خطاهم ؟
الحقيقة يا سادة أن هذا السائق هو الانعكاس الحقيقي لما وصلنا إليه، أو بالأحرى ما وصلت إليه أخلاقنا وسلوكياتنا . لقد فقدنا الشجاعة على تطهير أنفسنا، والوقوف في وجه الخطأ وأصبح الفساد هو الأقوى، بعد أن عجز القانون عن حماية الضعفاء والمظلومين.
هل نحن على حالنا هذا يمكن أن نتجه إلي الله ونطلب منه أن يغير حالنا، ونحن نعلم أنه لن يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، وأنفسنا قد ضلت.. الحقيقة أن علاء فتحي بيننا وحولنا في كل مكان. وما لم نرتدع سنصبح كلنا علاء فتحي !