وقفت أمام سارية العلم.. في طابور الصباح.. مرفوعة الهامة، ناظرة بعينيها المحلقتين في اتجاه قمة الساري حيث يرفرف علم مصر.. لتهتف بصوت عالٍ.. تحيا جمهورية مصر العربية.. تحيا جمهورية مصر العربية.. تحيا جمهورية مصر العربية، ويردد الطلاب الواقفون في طابور الصباح الهتاف من خلفها.
يرتد صوت التلاميذ بعد أن لامس قمم الجبال الشامخة، التي تشبه الحارس الواقف خلف طابور المدرسة لحمايتهم.
سعادة كست وجوه الأطفال وهم في اليوم الأول لدخول مدرستهم الجديدة التي حملت أسماء الأبطال (الشهداء) ليكون الدرس الأول (حب الوطن) وتكون أول كلمة تكتبها أنامل ذلك الفتى صاحب الثماني سنوات بعد أن وضع سماعة الأذن على رأسه وأمسك بلوحة مفاتيح الكمبيوتر ليكتب (تحيا مصر).
وطفلة أخرى كتبت أولى كلماتها على جهاز الكمبيوتر الذي لمست يديها لوحة مفاتيحه لأول مرة (أنا أحب مدرستي).
مشاهد كثيرة حملتها صور افتتاح مجموعة جديدة من مدارس التعليم الأساسى فى سيناء التى قامت بها قوات شرق القناة.
مدارس حملت أسماء الأبطال من الشهداء مدللة على أن من قدموا الروح فداء للوطن خلدتهم القوات المسلحة بأن خففوا العبء عن طالبى العلم فى كل بقعة من أرض سيناء.
مدرستى الشهيد عميد أحمد عبد الخالق الجعفري، والشهيد عقيد محمد فاروق سليم، اللتان أقيمتا بالتعاون بين قيادة شرق القناة وعدد من مؤسسات المجتمع المدنى جاءت للتخفيف عن أبناء تلك المناطق وتوفير أعباء الانتقال لمسافات بعيدة للوصول لأقرب مدرسة، بما يسهم فى تقديم فرص متساوية من التعليم لجميع المواطنين ودعم مقومات التنمية المتكاملة والمستدامة بشبه جزيرة سيناء.
فى قلب قدس الأقداس وعلى مقربة من المكان الذى ناجى فيه موسى ربه بوادى الراحة فى سانت كاترين أقيمت مدرسة الشهيد العقيد محمد فاروق سليم الذى استشهد فى مايو 2017 خلال عملية حق الشهيد، وهو يدافع عن الأرض واليوم خلد اسمه على أحد صروح العلم والتنوير.
وقف التلاميذ تتوسطهم أسرة الشهيد لافتتاح الصرح التعليمى، ليواصل الأبطال دورهم بعد استشهادهم، ففى البداية بذلوا الدم والروح من أجل تطهير الأرض من دنس الإرهاب واليوم صروح تعليمية تحمل أسماءهم وتحمل معها مشاعل العلم والنور إلى كل بقعة من أرض سيناء.
ووسط أحد التجمعات البدوية بقرية «الطرفة» بسانت كاترين كانت مدرسة الشهيد العقيد أحمد الجعفرى قائد قطاع جبل الحلال الذى استشهد خلال شهر سبتمبر الماضى.
استشهد فى الأرض التى أحبها (سيناء) فكان دائم الغزل والحديث عن قدسيتها، فدافع عنها بروحه ليظل يحميها بعد استشهاده.. بعد أن حملت مدرسة قرية «الطرفة» للتعليم الأساسى اسمه.
بالأمس كان يحمى سيناء بروحه من خفافيش الظلام واليوم يحمى أبناءها بالعلم والنور.
الصور التى تم تداولها خلال افتتاح المدرستين الواقعتين على بعد 450 كيلو مترًا من القاهرة وتقعان وسط جبال سيناء تدلل على حرص الدولة أن يصل التعليم والرعاية لكل أبناء الشعب المصرى مهما كانت التحديات.. فهناك ملحمة تنمية وتطوير تتوازى مع ملحمة البطولة فى معركة مواجهة الإرهاب.
صورة الأطفال فى الفصول وهم فى أول يوم داخل مدرستهم الجديدة التى يحمل اسمها رمزا من رموز البطولة هى إحدى ملامح المشهد الذى تتعدد تفاصيله وتتكرر على أرض الفيروز.
سعادة تكسو وجوه الأطفال وهم يمارسون الرياضة لأول مرة فى ملعب تابع للمدرسة، ومعلمة تنير العقول لفتيات وفتيان كان الحلم أن يجدوا مكانا لهم داخل فصل دراسى.
مدارس فى وادى الراحة وبعض التجمعات البدوية فى سانت كاترين وأخرى فى نخل والحسنة الطور والقسيمة وجنوب العريش والروضة وعلى المحور الأوسط وقوافل تعمير تواصل الليل بالنهار فى مشروعات.
ففى الوقت الذى تواصل فيه قوات إنفاذ القانون من القوات المسلحة والشرطة المدنية عملها من أجل القضاء على الإرهاب واستطاعت أن تطهر الأرض من أجل التنمية والتعمير، يواصل أبطال التعمير التقدم فى معركة البناء بدءًا من بنية أساسية تشمل سيناء بالكامل شمالا وجنوبا، لتمتد بها أكبر شبكة طرق طولية وعرضية تلاحقها عمليات البناء وزراعة 400 ألف فدان، والمستهدف من هذا المشروع ليس تنمية زراعية فقط، ولكن إنشاء قرى توطين للسكان، منها 5 قرى فى سهل الطينة، و2 تحت الإنشاء جنوب القنطرة، كما أن أكثر من 90% من الـ 400 ألف فدان صالحة للزراعة، وهناك 125 ألف فدان مزروعة بالفعل بزراعات مثل بنجر السكر، ويمكن إقامة صناعات على هذه الأراضى مثل التى تعتمد على الإنتاجية الزراعية كمصانع السكر والتعليب والزيتون.
محطات لتحلية مياه البحر فى الطور وأبو رديس وأبوزنيمة، يشمل تنمية سيناء توجيه جملة استثمارات حكومية تقدر بنحو 1.619 مليار جنيه، تُمول الخزانة العامة منها نسبة 95% بواقع 1.531 مليار جنيه، خلال العام المالى «2018/2019»، يتم توزيعها على عدد من البرامج تخدم شتى المجالات، فى مقدمتها البدء فى إنشاء مدينة رفح الجديدة، وبئر العبد الجديدة، وإنشاء 936 وحدة إسكان اجتماعى واستكمال إنشاء منازل بدوية وخدماتها برمانة والحسنة ونخل وبئر العبد.. قوافل تعمير على جميع الاتجاهات بعد أن طهّر أبطال القوات المسلحة سيناء من خفافيش الظلام.
مدن جديدة فى رفح والطور ورأس سدر ومدينة اقتصادية كبرى (سلام) وتجمعات عمرانية ومجمعات صناعية وزراعية تحقق التنمية فى سيناء .
وتبقى صور وأسماء الشهداء وملاحم بطولاتهم، نورا يهتدى به الوطن ويصنع مستقبلا أفضل لأبنائه.
هل تنتبه الحكومة ؟
طرح أستاذنا د. سامى عبد العزيز عميد كلية الإعلام الأسبق فى مقاله بالصفحة 21 من هذا العدد مجموعة من المقترحات أرى أنها رؤية تحتاج من الحكومة أن تتجه لتنفيذها، فى ظل استراتيجية الدولة المصرية التى تستهدف مزيدًا من البناء والتنمية.
ولا أدرى كيف لنا ونحن نبحث فى كل لحظة عن مستثمر جديد يضخ استثماراته فى شرايين الاقتصاد المصرى ويوفر المزيد من فرص العمل، لماذا لا يتم بحث ما عرضه د. سامى عبد العزيز حول ضرورة الخروج إلى المحيط الأزرق وإعادة اكتشاف الفرص الاستثمارية مثل منطقة القناطر الخيرية وغيرها من فرص التعاون بين القطاع الخاص فى إنشاء البنية التحتية.
—أوراق الذهب—
أحمد الشاذلي