تحرير سيناءحوارات
اللواء محمود خلف: سيناء آمنة تمامًا
By mkamalمايو 02, 2019, 16:32 م
1810
وليد فائق
«سيناء آمنة تماماً» هذا ما أكده اللواء محمود خلف، الخبير الاستراتيجى بمعهد ناصر للعلوم العسكرية، فىحواره مع مجلة أكتوبر مشيراً إلى أن سيناء فى قلب كل مصري، مقدماً التحية لأرواح الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عنها، ومشدداً على أن الاحتفال بعيد تحرير سيناء رسالة للأجيال الجديدة على نحو خاص برفض الهزيمة والعمل والإنتاج لتحقيق عبور جديد نحو التنمية التى أكد أنها معركتنا الحقيقية فى الفترة الحالية.
ونحن نحتفل بعيد تحرير سيناء.. ماذا تقول للمصريين؟
سيناء فى القلب.. خاصة لشخص من جيلى شهد جميع الجولات العسكرية على أرضها فعرف قيمتها أكثر.. تحية لأرواح الشهداء الذين سقطوا دفاعًا عنها.. الاحتفال بتحرير سيناء رسالة مهمة للعالم.. ومن وجهة نظرى الشخصية رسالة للشعب المصرى خاصة أبنائنا جيل الشباب بالذات.. ملخصها أننا فى مؤامرة يونيو 67 احتل العدو الإسرائيلى سيناء.. لكننا كشعب مصرى رفض الهزيمة.. وأنا من هذا الجيل الذى تصدينا له وأخرجناه وأعدنا سيناء لمصر من جديد..
التنمية معركتنا الحقيقية
ورسالتى للشباب ونحن نحتفل بأعياد تحرير سيناء أن المعركة الحقيقية هى التنمية.. أكبر وأخطر عدو ممكن أن نواجهه هو توقف التنمية.. درس النصر الحقيقىفىتقديرى الشخصىيجب أن يترجم ليس فقط بالاحتفال به ولكن بتعلم الدروس الخاصة منه سواء دروس النصر أو الهزيمة.. لا نكرر الأسباب التى أدت للهزيمة.. وندعم الدروس الإيجابية لكى نكررها باستمرار.. ولنتذكر أننا بدأنا من تحت الصفر وحققنا الانتصار.. الآن ليس المطلوب منا كمواطنين أن نحارب.. الحرب لها رجالها وجيشنا كفيل بها ومستعد لها.. ولكنى كمواطن لابد أن أجتهد فىعملى.. فىمدرستىفىحقلى بنفس الأسلوب الذى حققنا به الانتصار فى الحرب.. وقتها سوف نستطيع أن نعبر مشاكلنا.
درس عبور قناة السويس نريده أن يتحول إلى درس لعبور الأزمات.. الدرس فى كلا الأمرين هو الإرادة الوطنية.. هذا الدرس هو الذى جعلنا ننتصر فى الحروب التىخضناها.. الإرادة الوطنية لأبناء مصر.. وهى نفس الإرادة المطلوبة لتحقيق النصر فى معركة التنمية.. المعادلة المطلوبة أن نقلل من الكلام ونكثر من العمل.. للأسف هذه المعادلة مقلوبة فى مصر.. وياليتنا نعكس المعادلة الآن بمناسبة ذكرى تحرير سيناء بأن نعمل أكثر مما نتكلم.. وقتها نستطيع بناء مصر التى نحلم بها..
أما التنمية فى سيناء فهى بالفعل على قدم وساق.. أقمنا نفقا بريا لسيناء.. ونفقا آخر للسكة الحديد من الدلتا إلى سيناء.. كما يقولون «وصل القطر.. وصلت الدنيا».. البنية الأساسية فى سيناء أقيمت بالفعل.. وجارٍ تنفيذ أكبر ميناء فى شرق قناة السويس.. أنجزنا مشروع ازدواج القناة «قناة السويس الجديدة».. كثير من المشروعات الضخمة تم إنجازها فى سيناء.. من لا يعرف كل هذا فهذه مشكلته.
بعد العملية الشاملة «سيناء 2018».. كيف ترى الوضع الأمني فى سيناء حالياً؟
سيناء آمنة تمامًا.. يجب أن نعلم أن مساحة سيناء تبلغ 62 ألف كيلومتر مربع، تشكل 6% من مساحة مصر.. سيناء تعادل من حيث المساحة 18 محافظة كاملة من محافظات الداخل.. إذا جمعنا الحوادث اليومية العادية فى 18 محافظة وقارناها بنفس المساحة فى سيناء سنجد أنها أكثر أماناً من كثير من المحافظات.. لذلك أؤكد أن سيناء فى منتهى الأمان.
وعندما نتحدث عن العملية الشاملة «سيناء 2018» يجب أن نعلم أنها لا تختص بسيناء فقط ولكنها تغطى جميع اتجاهات مصر الأربعة.. لدينا أربع قيادات عسكرية فى 4 اتجاهات استراتيجية.. سيناء فى الشرق.. حدودنا مع ليبيا فى الغرب.. حدودنا مع السودان فى الجنوب.. حدودنا مع البحر الأحمر.. عدونا لا يأتى من سيناء فقط.. لو عدنا لتصريحات المتحدث العسكرى سوف نجد أن العمليات بطول هذه الجبهات.. مصر تستطيع خوض 4 حروب فى وقت واحد.. يجب أن نطمئن تمامًا.. لدينا القوة المسلحة الأقوى فى الشرق الأوسط، والـ 10 على العالم.. وأبلغ دليل على ذلك زيارة تفتيش الحرب الذى شهده الرئيس السيسى فى قاعدة محمد نجيب العسكرية مؤخرًا.. هذه القاعدة مسئولة عن أمن غرب مصر كله حتى ليبيا.. تفتيش الحرب لمن لا يعلم يبرز مدى جاهزية قواتنا للحرب فى أية لحظة.. نقوم بعمل تجارب على عدو هيكلى أو تهديد عدائى، وكيف سيتم التعامل معه؟ ونقوم باستدعاء الاحتياطى للتأكد من جاهزيته.. وكل جندى من الاحتياطى بيكون عارف مكانه ومكان دبابته بالضبط.. وبالتالى نكون جاهزين لخوض أى حرب مباشرة بمجرد ورود معلومات عن أى تهديد.. وتم إجراء أكثر من تفتيش حرب فى مناطق الجيوش فى الفترات السابقة، وبالتالى علينا أن نطمئن تمامًا..
لا تفريط فى التراب المصرى
ماذا بشأن الشائعات حول أن صفقة القرن التى سوف يطلقها ترامب تضمن فىأحد بنودها توسيع غزة فى اتجاه العريش؟
ليس كل ما يثار صحيحا.. توسيع غزة فى اتجاه العريش كلام غير مضبوط تماماً.. حتى هذه اللحظة التىأتحدث فيها لا توجد أى تفاصيل عما يسمى بصفقة القرن.. ولكنى أؤكد أن رمل مصر لا يوضع فىأى صفقات.. هذا غير وارد أساساً.. ولا أتصور – حتى مع كل هذا الكلام المسرب – أن هذا الموضوع يمكن أن يتم فتحه مع القيادة المصرية بأية حال من الأحوال.. سيناء خارج القضية تماماً.. ما يطلق عليها صفقة القرن أمر يخص فلسطين وإسرائيل.. يتفقوا مع بعض ويعيشوا معاً فى سلام.. ويكون هناك ضمانات لهذا السلام داخل الأراضى الفلسطينية.. إنما سيناء أرض مصرية وأى حبة رمل مصرية لا تدخل ضمن أى صفقات، وهذا ما أعرفه وأؤكده على المستوى الشخصى.
برأيك هل أنهت 30 يونيو المؤامرات التى كانت تحاك لسيناء؟
لا تستطيع أى دولة أن تقول إن المؤامرات التى تدبر ضدها انتهت.. ولا نستطيع أن نركن إلى أننا فى حالة سلام مستقر.. السلام لابد أن تكون له قوة تحميه وتفرضه وتعطى رسالة حاسمة لمن يفكر فىالاقتراب من مصر أنه سيدفع الثمن غاليًا.. هذه هى لغة القوة الفعلية على الأرض.. لديهم بالتأكيد أجهزة مخابرات تعلم جيدًا حجم قوتنا، وتعلم أن رد فعلنا سيكون أضعاف أى مكسب قد يحققوه من الدخول معنا فى معركة غير محسوبة.. وهذه هى ببساطة فكرة الردع التى نطبقها بالشكل الحديث..اطمئنوا على سيناء.. فهىآمنة تماماً كما قلت.. وفيها قواتنا المسلحة التى تحميها من أى مؤامرات..
حديث الذكريات
هل يمكن أن تحكى لنا ذكرياتك فى سيناء سلمًا وحربًا؟
تستطيع أن تقول عمرى كله قضيته فى سيناء.. تخرجت فى الكلية الحربية عام 1964 وذهبت مباشرة لليمن.. رجعت فى مايو 67، حيث اندفعنا إلى سيناء.. دخلنا حرب 67 بدون أى استعداد لأن قواتنا الأساسية كانت فى اليمن.. دمرنا تدميراً كاملاً.. وارتدينا للضفة الغربية لقناة السويس.. أنا وعدد من الفصائل المحدودة.. كان المطلوب منا أن ندافع عن مصر والعدو الإسرائيلى أمامنا.. وأقولها صراحة كانت أسوأ هزيمة ولكن هذا ما علمنا أن نصبح جيشًا قويًا.. الهزيمة هىالتى تعلم.. وهذه رسالة للشباب.. إذا تعلمت من الفشل تسطيع أن تنجح.. درس الفشل الأساسى أن تتعلم من أخطائك ولا تكررها.. من رحم الهزيمة يأتىالانتصار.. درس 67 ثم حرب الاستنزاف تعلمناه جيداً فجاء انتصار 73. وعندما حققنا النصر تعلمنا الدرس الثانى.. أن يكون لدينا قوة ردع لأى عدو يفكر فىالاقتراب منا..
نحن أكثر من حارب فى العالم..عندما كنت أذهب لبعثات وندوات حول العالم كانوا يقولون لى أنت أكثر جنرال حارب وأكثر من قادتنا.. لأن لدينا قيادات فى الجيش الأمريكى والإنجليزى لم تضرب طلقة واحدة حيث إن آخر حرب خاضوها كانت الحرب العالمية الثانية باعتبار أن حرب كوريا لم تكن على أراضيهم..
دخلت سيناء وأنا برتبة ملازم.. وحضرت فيها حرب 67 والاستنزاف وانتصار أكتوبر المجيد.. كل قيادتى الميدانية كانت فى سيناء.. من قائد تشكيل فى الجيش الثانى، إلى قائد تشكيل بالجيش الثالث، وقائد قوات الشرق، ورئيس أركان الجيش الثالث، وقائد سيناء وجنوب سيناء.. وذهبت إلى رئاسة الجمهورية من سيناء حيث كنت رئيس أركان الجيش الثانى، ووقتها التقى بى الرئيس الأسبق حسنى مبارك فىإحدى مناوراتنا.. وتعرف على وتحدثنا وقتها عن ذكريات الحرب فى سيناء.. وبعدها مباشرة انتقلت إلى رئاسة الجمهورية.. يعنى دخلت سيناء سنة 67 وأنا أحمل رتبة ملازم.. وودعتها لواء سنة 1994.. حوالى 27 سنة كاملة.. حتى أصبحت قائد الحرس الجمهورى ثم كبيراً للياوران.. قضيت عمرى كله فيها حتى بت أحفظ كل حبة رمل على أرضها.. ممكن أتوه فى القاهرة.. لكن فى سيناء أستطيع أن أمشى فى الظلام..