صالون الرأي
يوم استرداد الوطن
By mkamalيونيو 30, 2019, 02:43 ص
1713
عندما يطول الكابوس أكثر من اللازم ويصبح خانقًا ويلتف كالحبل حول الرقبة يستيقظ النائم فزعًا، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
وهو ما حدث للمصريين عندما استيقظوا من كابوس حُكم جماعة الإخوان الإرهابية التى تسترت ثمانين عامًا فى عباءة المعارضة، وعندما استولت على الحُكم اكتشف الجميع أنها فقاعة كاذبة، لا تحسن سوى أداء دور المعارضة وحشد الأصوات الانتخابية بالوعود الكاذبة المضللة وعطايا الزيت والسكر.
إن الشعب المصرى الصابر الذى تحمل خلال تاريخه الطويل حُكم كثير من الطغاة من أمثال السلطان سليم الأول العثمانى، وقمبيز وداريوس من ملوك الفُرس، والاحتلال الفرنسى والبريطانى، لم يصبر على حُكم الجماعة الإرهابية أكثر من 368 يومًا حينما ثار لينهى حُكم محمد مرسى، الذى ارتكب نظامه كوارث تسببت فى رفض الشعب له، وعجَّلت بنهاية الجماعة الإرهابية، ونهاية احتلالها لمصر.
وبعد عام واحد من الاستيلاء على السلطة عاد تلاميذ البنا وسيد قطب إلى السجون، وكثير من رءوسهم تقترب من حبل المشنقة بأحكام قضائية نهائية، وللجماعة الإرهابية أؤكد أن الكابوس قد انتهى إلى الأبد ولن يعود، فقد عرف الشعب نواياكم الحقيقية، وسقطت كل أقنعتكم، وإذا كنتم تريدون الانتحار، فاذهبوا للجحيم ولكن بمفردكم، فلن يذهب معكم أحد من العقلاء، أما الواهمون المخدوعون الواقعون تحت سيطرة غسيل المخ فلهم الله.
لقد سمحت أدبيات الإخوان لهم بالكذب الذى نفعه أكثر من ضرره بالنسبة لهم، وبالتالى فلم يكن غريبًا أن نسمع أو نشاهد مواقف متضادة ومتناقضة لنفس الأشخاص حتى على فترات متقاربة، دون أن يشعروا بالخجل أو الندم، فهم يستحلون أى شىء فى سبيل الوصول لأهدافهم حتى لو كان بالكذب، فهذا طبع الإخوان وسيبقون هكذا.
لقد سجل التاريخ طمعكم وكذبكم وفشلكم وعجزكم، وستتناقل الأجيال تجربتكم الفاشلة، وحتى لو حاولتم ارتداء ثوب المظلومية فلن يصدقكم أحد، لأنكم وصمتم أنفسكم بالكذب، لقد ظلمتم الشعب معكم.. ولكن حمدًا لله فقد أطلق الشعب والجيش صافرة النهاية فى الوقت المناسب.
qqq
عندما وصل مرسى إلى الحكم حاول أن يوهم الشعب أنه وجماعته يمثلون المشروع الإسلامى دون أن يقدموا دليلاً واحدًا على هذا المشروع.. وتعددت تصريحات ووعود مرسى منذ توليه بأنه سيحترم الديمقراطية والحرية والدستور والمواطنين دون تمييز، وأنه سيكون رئيسًا لكل المصريين، وكلها كانت وعودًا كاذبة تكشفت أمام فطنة ووعى المصريين.
وكان كثير من البسطاء لا يعرفون عن الإخوان سوى أنها جماعة «بتاعة ربنا» تعرضت للظلم والسجن ووقفت فى وجه نظام مبارك، وأنها بتوليها الحكم ستخلصهم من لصوص الحزب الوطنى الذين أفسدوا مصر ونهبوا خيراتها، لكنهم كذبوا علينا، فاختطفوا ثورة 25 يناير وسارعوا بالتفاوض مع المجلس العسكرى والبحث للجماعة عن أكبر المكاسب والمغانم، ونجحوا فى توجيه دفة الأمور لصالحهم.
وجاءت انتخابات مجلس الشعب قبل الدستور، عكس ما كانت تريد القوى الثورية المستنيرة، واستطاعوا بتنظيمهم الجيد أن ينتشروا فى المدن والقرى وأن يخدعوا البسطاء من الناس بأنهم سيقيمون دولة العدل، وكان لهم ما أرادوا من أغلبية برلمانية، واستمرارًا لمسلسل الكذب أعلنوا أنهم لن يترشحوا لرئاسة الجمهورية، إلا أن التخطيط والإعداد كان يتم على أعلى مستوى، وسارعوا بتقديم فروض الولاء والطاعة للأمريكان حتى يحصلوا على تأييدهم.
وفى انتخابات الإعادة عصر المصريون الليمون على أنفسهم وانتخب الكثير منهم مرسى، ليس اقتناعًا به إطلاقًا، ولكن تخلصًا من نظام مبارك ومن كان امتدادًا له، وبالفعل وصلوا إلى كرسى الرئاسة، وكان ما كان وظهر الإخوان على حقيقتهم، وكشف الشعب كذبهم خلال العام الأسود الذى حكموا فيه.
qqq
ويتم الزمــن دورتــه معلنًا نهاية العام الأسود، ففى صباح 30 يونيو كانت مصر على موعد مع التاريخ، لتفرض عليه مسارًا اختاره شعبها الذى أعلن قيام ثورة 30 يونيو لتصحيح مسار ثورة 25 يناير.
فقد زحفت الجماهير إلى الميادين رافعين شعار «ارحل» فى وجه مرسى، و«يسقط حُكم المرشد» للتعبير عن سخطهم على الجماعة الإرهابية.. وتجمعت الحشود فى الميادين وأولها التحرير، والميادين الرئيسية فى معظم المحافظات.
ومع تقدم ساعات الليل ازدادت المظاهرات دويًا وحشودًا حتى أسمعت العالم كله، وفى عصر اليوم التالى أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بيانًا يمهل القوى السياسية 48 ساعة، وذكر البيان أنه فى حال لم تتحقق مطالب الشعب فإن القوات المسلحة ستعلن عن خارطة للمستقبل.
وفى يوم 2 يوليو ازدادت الأحداث سخونة مع صدور حُكم محكمة النقض ببطلان تعيين النائب العام الذى عيّنه مرسى.
وفى عصر اليوم نفسه أعلنت الرئاسة بيانًا يرد على بيان القيادة العامة للقوات المسلحة، جاء فيه: إن بعض العبارات الواردة فى بيان الجيش تحمل من الدلالات ما يمكن أن يتسبب فى حدوث إرباك للمشهد، وأن هذا البيان لم تتم مراجعة رئيس الجمهورية بشأنه، ومع تزايد المظاهرات قرر مرسى مخاطبة الجماهير، وكان الخطاب الأخير للمعزول.
جاء الخطاب بعد مضى نصف المهلة المحددة، وتمسك مرسى بشرعيته العمياء التى لم تشاهد خروج الملايين للميادين.. واستمر الخطاب الأخير للمعزول 47 دقيقة ذكر خلالها كلمة الشرعية 56 مرة، وكان خوفه أثناء الخطاب واضحًا للجميع، ورغم ذلك لم يقدم جديدًا ولم يطرح حلولاً، ومع انقضاء مهلة الجيش، تم تكثيف الاتصالات والمشاورات لحل الأزمة التى لم يسع المعزول لحلها، ثم كان بيان 3 يوليو الخاص بعزل مرسى، وتمت إذاعة البيان، وقام الحرس الجمهورى بالتحفظ على الفريق الرئاسى بالكامل، وفى الرابع من يوليو تصاعدت المطالبات الشعبية بمحاكمة المعزول، وصدر قرار بمنعه من السفر ورموز نظامه وأعضاء جماعته.
qqq
وبعد أن انتهى العام الأسود ورحل المعزول وجماعته الإرهابية، وتم القضاء على محاولة اختطاف مصر، علينا ألا ننسى ونُذكّر أنفسنا وأولادنا دائمًا بأن الوطن غير قابل للاختطاف من أى فصيل، وأن الشعب والجيش هما حراس هذا الوطن الغالى، وأستغرب ممن يتصورون أن المؤامرة على مصر قد انتهت بزوال حُكم الجماعة الإرهابية فى الثلاثين من يونيو.
وأسأل هؤلاء، بماذا تفسرون الحوادث الإرهابية وسقوط الشهداء؟.. بماذا تفسرون تفجير المساجد والكنائس؟.. بماذا تفسرون الحرب الاقتصادية؟ إن إسقاط الإخوان لم ينه المؤامرة، قد نكون فزنا فى معركة قبل ست سنوات.. لكن الحرب مازالت مستمرة.
إن ما حدث فى مصر هو معجزة إنسانية بكل المقاييس.. فالشعب أنهى احتلال الإخوان فى ثورة حضارية كبرى سجلها التاريخ، فالجيش المصرى أقدم جيوش العالم نفّذ أمرًا صدر من شعبه ليقوم بمهمة أنقذ خلالها الوطن من خطة شيطانية كان هدفها تدمير وإسقاط مصر.
لقد جسدت ثورة 30 يونيو أعظم خروج للمصريين وشهدت لحظة امتزاج الجيش بالشعب وتمكنا معًا من إنقاذ مصر واسترداد الوطن.
ماجد بدران