كعادتى التى أتمنى أن يديمها الله، مادام فى العمر بقية، ذهبت لقضاء إجازة العيد فى مسقط رأسى قرية العصلوجى بمحافظة الشرقية.

كنت أرمم بعض نتوءات الحزن نتيجة زحف المدنية البغضية على كل معالم الحياة فى قريتى بمقابلات وجلسات أسرتى وأصدقائى، وأرى فيها سلوى وعزاء لما أراه من اختفاء للبساطة الريفية الجميلة فى تلك القرية التى جنى عليها قربها من مدينة الزقازيق بأن جعلها كمن رقص على السلم، فهى لم تصبح مدينة ولم تعد قرية، وهو ما جعلها تفتقر لبعض الخدمات لمجرد قربها من الزقازيق، مثل فشل فكرة تحويلها إلى مستشفى قروى، وأيضًا خلوها من ماكينة صرف آلى رغم أن عدد سكانها والمنشآت والمصالح الحكومية بها كثيرة جدًا، وتهالك محولات الكهرباء وغيرها من خدمات كثيرة تاهت كما قلت بين كونها لم تعد قرية ولن تكون مدينة.

ومن بين سلبيات قرب قرية العصلوجى من الزقازيق هو ذلك الزحف العمرانى عليها تحت مسميات عديدة منها إسكان اجتماعى ومشروعات أوقاف وغيرها.

فقد تآكلت مساحات كبيرة من الرقعة الزراعية بها وما يثير الدهشة والاستغراب أن جزء من هذا التآكل كان بفعل المشروعات التى تقيمها الدولة، فقد تم تبوير مساحات زراعية كبيرة على طول المسافة بين العصلوجى والزقازيق وتعالت عليها عمارات خرسانية تحمل شعار خاتم النسر.

وليس هذا فقط، بل تسعى المحافظة إلى تغيير ثقافة سكان هذه القرية ومن حولها بإنشاء هايبر ماركت كبير ليهجر هؤلاء البسطاء حياتهم البسيطة إلى عالم الشوبنج والتسوق، وهذا المشروع يبدو أنه على أهمية كبرى لدى المحافظة فقد تابعت منذ فتره اجتماع المحافظ مع الشركة المسئولة عن تنفيذ هذا الهايبر ويطالبهم بسرعة التنفيذ وعدم التباطؤ ليكون عنوانًا وواجهة للمشروعات الاستثمارية فى هذه المنطقة والتى تقام على أرض زراعية فى الأساس.

أتمنى من د. ممدوح غراب وهو يحث الشركة على سرعة التنفيذ أن يتذكر ويناقش معهم كيف سيتم التصرف فى «مقلب الزبالة» العالمى الموجود فى الجهة المقابلة مباشرة لهذا المشروع وعلى بعد أمتار قليلة منه.. من باب حماية من يسكنون هذه العمارات ومن سيترددون على هذا الهايبر وهذه المشروعات التجارية الاستثمارية من دخان الزبالة الممتلئ بأمراض الدنيا كلها.

وليس مهمًا طبعًا أهالى قرية العصلوجى الذين يستنشقون هذه الأدخنة منذ سنوات.

المهم أن يتم تنفيذ المشروع بسرعة وبعدين نبقى نشوف حل لموضوع الزبالة ده.. ربما نستفيد من تحويل كميات القمامة التى ستخرج من هذه المشاريع والعمارات ونحرقها فيها بدلًا من تحمل تكلفة ومعاناة نقلها إلى مكان آخر بعيد عن السكان فى صحراء بلبيس مثلًا.

فعلا ربنا يعين أهل العصلوجى على ما ابتلاهم به من دخان ملوث يدمر صحتهم ومسئولين يهتمون بالهايبر ماركت والشوبنج قبل الاهتمام بصحة المواطن.