رئيس التحرير
الطريق إلى تحقيق إرادة الشعب (2) أخونة الدولة وتفكيك مؤسساتها
By amrيونيو 12, 2023, 19:16 م
468
لم ينتظر تنظيم الإخوان كثيرًا حتى يعلن عن مشروعه ويتحرك باتجاهه سريعًا فهو لا يعبأ بشيء سوى تحقيق وتنفيذ أكبر مخطط تمكين لعناصر التنظيم داخل مفاصل الدولة المصرية، ليس من أجل الخير لمصر كما كانوا يتحدثون ويحملون من شعارات، لكن من أجل تفكيك مؤسسات الدولة وهدم أركانها وتحقيق حلم أخونة الدولة.
ظنت الجماعة أنها بهذا التحرك تستطيع البقاء فى الحكم لمدة 500 عام، ولم تدرك أن ما فعلته عجّل بإزاحتها من الحكم وكشف وجهها القبيح الذي أخفته وراء ستار الدين.
في هذه الحلقة نواصل استعراض محطات فى طريق تحقيق إرادة الشعب، وعملية استرداد الوطن.
لم تمضِ سوى أيام قليلة فى حكم الدكتور محمد مرسي، وكان الحديث عن طائر النهضة تجري عملية ترويجه بقوة، فعمدت الكتائب الإلكترونية للجماعة والقواعد الحزبية لحزب الحرية والعدالة إلى إقناع المصريين بأن مشروع النهضة الذي تحدث عنه الرئيس مرسي خلال حملته الانتخابية سينطلق لمواجهة الأزمات.
فى الوقت الذي كان يطمح فيه الشعب إلى تحقيق الاستقرار والسير باتجاه مواجهة الأزمات والعمل على حلها؛ وجد الشعب نفسه أمام بشائر30 يونيو، بعد تفاقم الأزمات وانهيار مشروع النهضة المزعوم، أو ما عُرف بمشروع المائة يوم، ثم كان تحرك مرسي نحو هدم مؤسسات الدولة وعدم احترام القضاء، ففي 8 يوليو 2012 أصدر مرسي قرارًا جمهوريًا رقم 11 لسنة 2012 بإلغاء قرار المشير محمد حسين طنطاوي بحل مجلس الشعب، إثر حكم للدستورية العليا ببطلان قانون الثلث المخصص للمقاعد الفردية.
ودعا مرسي مجلس الشعب المنتخب للعودة للانعقاد ابتداءً من 15 يوليو لممارسة اختصاصاته المنصوص عليها فى المادة 37 من الإعلان الدستوري.
كما دعا إلى انتخابات مبكرة للمجلس خلال 60 يومًا من تاريخ موافقة الشعب على الدستور الجديد.
ويسحب عودة مجلس الشعب للانعقاد السلطة التشريعية من المجلس العسكري والتي اكتسبها بمجرد حله.
ولم تمضِ سوى عدة أيام بعد هذا القرار الذي لاقى انتقادات واسعة ورفضًا داخل الدوائر القضائية لأنه يعد اعتداءً على السلطة القضائية وعدم احترام لحكم المحكمة الدستورية العليا.
ليأتي إعلان تشكيل حكومة هشام قنديل فى الثاني من أغسطس 2012 بالقرار الجمهوري رقم 90 والتي بدأت خطوات أخونة الحكومة من خلال عدد من الحقائب الوزارية سيطر عليها حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للتنظيم الإرهابي.
7 وزراء من جماعة الإخوان هي وزير الإعلام صلاح عبد المقصود، ووزير الإسكان طارق وفيق، ووزير القوى العاملة خالد الأزهري، ووزير التعليم العالي مصطفى مسعد، ووزير الدولة للشباب أسامة ياسين، ووزير الدولة للشئون القانونية وشئون المجالس النيابية محمد محسوب، كما عين نائب رئيس محكمة النقض السابق أحمد مكي، وزيرًا للعدل.
فى الوقت ذاته كانت الجماعة تدعم العناصر الإرهابية الموالية لها فى قطاع غزة لاستهداف أحد الأكمنة على الحدود المصرية، ولم تمر سوى عدة أيام على التعديل الوزاري وكان الهجوم الإرهابي على إحدى النقاط الحدودية بشمال سيناء ما عُرف باسم مذبحة رفح الأولى والتي استشهد فيها 16 جنديًا وأصيب 7 آخرون، ويستغل مرسي الأمر ويصدر قرارًا بإعفاء المشير محمد حسين طنطاوي من منصبه ورئيس الأركان ورؤساء الأفرع الرئيسية، ومدير المخابرات العامة.
أعلن مرسي التعازي لأسر الشهداء فى الوقت الذي كان وجماعته أياديهم ملطخة بدماء الشهداء.
وانطلقت أبواق الجماعة الإرهابية تهتف مؤيدة لقرارات مرسي معتبرة أنها انطلاق للثورة.
لتتواصل عملية أخونة مؤسسات الدولة المختلفة فلم يكن التعديل الوزاري فقط هو ما سيطر على معظم حقائبه الإخوان، بل تبعه تغيير المحافظين فى سبتمبر 2012 والذي تولى فيه التنظيم الإرهابي مسئولية 19 محافظة من خلال محافظين تم اختيارهم من حزب الحرية والعدالة، الذي كان بمثابة البوابة للوصول إلى تولي الحقائب الوزارية وكذا 13 مستشارًا للمحافظين، و13 رئيس مدينة وحي جميعهم من جماعة الإخوان، بالإضافة إلى السيطرة على الهيئات والقطاعات المختلفة مثل مياه الشرب والصرف الصحي وإدارة المستشفيات والتعليم والكهرباء والإعلام.
بل إن المحافظات الحدودية التي لها طابع خاص تم تعيين مصطفى حمدان، عضو مجلس شورى الجماعة، نائبًا لمحافظ شمال سيناء.
تسارعت خطى الجماعة الإرهابية نحو أخونة مؤسسات الدولة وتجاهلت تمامًا الأزمات التي كانت تتفاقم.
وأدرك المصريون أن الدولة يتم اختطافها من قبل التنظيم الإرهابي، وبدأت تحركاتهم فى مواجهة الزحف الإخواني وكان لمحافظة بورسعيد السبق فى هذا الأمر فأعلنت تمردها على قرارات التنظيم الإرهابي.
قام سعد الحسيني، الذي عين محافظًا لكفر الشيخ بتعيين عشرة مستشارين له من أعضاء جماعة الإخوان، بالإضافة لستة نواب لرؤساء المدن الأكبر فى المحافظة، ومنها دسوق وكفر الشيخ ومطوبس، وتولى القيادي الإخواني فى كفر الشيخ سعيد سعد منصبي مساعد المحافظ والسكرتير العام للمحافظة، وتربع الإخواني «الشحات حجازي» على مقعد سكرتير المحافظ.
كما وافق «الحسيني» على اختيار مدرس لا خبرة له بالعمل الإداري أو التنفيذي «عبده مصباح» نائبًا لرئيس مجلس مدينة كفر الشيخ وكان المبرر أنه عضو حزب الحرية والعدالة وأحد كوادر التنظيم بالمحافظة.
وفى المنيا أصبح وكلاء وزارتي الصحة والتربية والتعليم من أعضاء حزب الحرية والعدالة.
واتخذ محافظ المنيا مصطفى كمال عيسى القيادي الإخواني 2 من أعضاء التنظيم ليكونوا مستشارين له.
وفى محافظة الشرقية تم تعيين حسن النجار محافظًا وكذا محمد عزت بدوي، نائبًا للمحافظ.
وحرص محافظ الشرقية على تولي أعضاء الجماعة الوظائف القيادية بالمحافظة، فعيّن السيد النجار وكيلاً لوزارة التربية والتعليم، كما عيّن د.إبراهيم هنداوي، وكيلاً لوزارة الصحة ود. عاطف رضوان عميدًا لكلية الطب، والدكتور سالم الديب رئيسًا لمجلس إدارة المستشفيات الجامعية.
ولم تكن الشرقية فقط بل كانت هناك محافظات أخرى مثل القاهرة والإسكندرية والسويس والأقصر والبحر الأحمر وقنا وسوهاج والإسماعيلية وأسيوط ودمياط والفيوم.
كما حرص أعضاء الجماعة على تولي منصب المتحدث الإعلامي فى ثلاث وزارات.
وتولى ثلاثة آخرون منصب مديري مكاتب وزراء، بينما بلغ عدد المستشارين المنتمين للجماعة ثلاثة عشر مستشارًا موزعين على وزارات: التعليم والمالية والتجارة والأوقاف، واستحوذت وزارة الصحة وحدها على أربعة مستشارين وأربعة مساعدين للوزير ينتمون للجماعة.
كما عززت الجماعة تواجدها فى وزارات الصحة والتعليم بأكبر عدد من المستشارين ووكلاء الوزارة ورؤساء القطاعات.
ففى وزارة الصحة تولى أعضاء حزب الحرية والعدالة رئاسة قطاعات الدواء والتأمين الصحي والطب العلاجي والطب الوقائي، بالإضافة لرئاسة المعامل المركزية.
وفى وزارة التعليم بلغ عدد أعضاء الجماعة فى المناصب القيادية عشرة أعضاء موزعين على رءوس قطاعات التعليم الفني والكتب وتطوير المناهج والمعاهد القومية، بالإضافة لهيئة الأبنية التعليمية ومنصب المتحدث الإعلامي، إلى جانب مناصب مستشاري الوزير للشئون القانونية والهندسية وقطاعي تطوير التعليم والتعاون الدولي.
كانت الجماعة تعمل ليل نهار نحو أخونة مؤسسات الدولة، وكان مصطلح «الفلول» هو السيف المسلط على رقاب معارضيهم.
فى الوقت ذاته تفاقمت أزمة طوابير الخبز فى كل المحافظات وأصبح الحصول على رغيف الخبز أزمة طاحنة تواجهها الدولة والحكومة منشغلة بتمكين أعضاء التنظيم داخل مفاصل الدولة.
وفى احتفالات أكتوبر والتي جاءت فى ستاد القاهرة واصل التنظيم الإرهابي كشف وجهه القبيح الذي لا يعرف سوى الدم لغة له والانتقام من الآخر وتشويه التاريخ.
ففي ذكرى انتصارات أكتوبر احتفل مرسي وجماعته والموالون له من التنظيمات الإرهابية فى ستاد القاهرة وجلس قتلة الرئيس البطل الشهيد محمد أنور السادات مكان أبطال النصر.
كانت الرسالة واضحة التنظيم الإرهابي يحاول سرقة النصر الذي حققته هذه الأمة، بل يحاول تشويه الصورة.
وجاء مرسي فى سيارة مكشوفة يحيي عشيرته، ويلقي كلمة لاقت موجة ضخمة من الانتقاد.
ورغم مرور المائة يوم التي حددها محمد مرسي إلا أن الأوضاع الأمنية لم تستقر وأزمة النظافة لم تنته بل تفاقمت، وأزمة الخبز أخذت فى التصاعد بشكل كبير، وكذا أزمة الكهرباء ومواد الطاقة التي استعرضنا تفاصيلها فى العدد الماضي.
لقد حرص التنظيم على إحكام سيطرة الموالين له على المؤسسات ظنًا أنهم بذلك يستطيعون أن يحكموا قبضتهم على الدولة المصرية، لكن الأمر جاء على غير ذلك فالشعب المصري أدرك أن الدكتور مرسي ليس هو ما يقود دفة البلاد وليس بيده السلطة لكنها بيد المرشد ونائبه خيرت الشاطر الذي كان يُصدر القرارات.
لقد كان الدكتور محمد مرسي مندوبًا لمكتب الإرشاد وليس رئيسًا للجمهورية.
لتبدأ الجماعة أكبر حملة ممنهجة مستهدفة القضاء وبنفس الطريقة التي تستخدمها الجماعة ضد خصومها عندما تحشد عناصرها للتظاهر ضد مؤسسة محددة تستهدف القفز عليها، وبدعوى تطهير القضاء خرجت عناصر التنظيم الإرهابي تهتف ضد مؤسسة القضاء وتطالب بتطهيره وهي فى الحقيقة تستهدف التغلغل داخل مؤسسة القضاء وأخونته وهو المشروع الذي تصدى له قضاة مصر بقوة.
وقام نادي القضاة بقيادة المستشار أحمد الزند، رئيس النادي فى ذلك الوقت، بالتصدي لكل محاولات التنظيم الإرهابي للنيل من مؤسسة القضاء.
نواصل فى العدد القادم استعراض تفاصيل أزمة التنظيم الإرهابي مع القضاء والأزهر والثقافة والتي تأتي ضمن مخطط الجماعة لتفكيك مؤسسات الدولة.
منتدى الإعلام المصري العماني
الأسبوع الماضي استضافت القاهرة «منتدى الإعلام المصري العماني» والذي استمر على مدى ثلاثة أيام، وناقش العديد من القضايا الإعلامية، جاء على رأسها مستقبل الإعلام فى ظل تحديات الذكاء الاصطناعي.
لقد عبّر المنتدى عن عمق العلاقات بين مصر وعمان وكان الحضور لافتًا من جانب الأشقاء الإعلاميين فى عمان وعلى رأسهم رئيس جمعية الصحفيين العمانيين ووزير الإعلام الأسبق وكذا الإعلاميون والصحفيون المصريون وعلى رأسهم رئيس المجلس الأعلى للإعلام ورئيس الهيئة الوطنية للصحافة.