https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الرسائل الخمس من الظهران إلى القاهرة

1462

بداية الأسبوع الماضي وخلال القمة العربية التاسعة والعشرين التي جاءت في ظروف دقيقة تعيشها المنطقة العربية، كانت كلمة الرئيس السيسي أمام قمة الظهران بمثابة توصيف دقيق للوضع، وقد حملت كلمة الرئيس مجموعة من الرسائل والدلالات المهمة التي يجب أن نتوقف عندها.. وما بين الوضع العربي.. ورؤية الدولة المصرية له في بداية الأسبوع.. وبين أولويات الدولة المصرية على المستوي الداخلي.. عرض الرئيس أمام اجتماع مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية عدد من الملفات المهمة.
خلال كلمة مصر أمام قمة الظهران كانت مجموعة من الرسائل:
الرسالة الأولى:
الحفاظ على الأمن القومى العربى أحد أهم أولويات الدولة المصرية. فهناك دول عربية تواجه لأول مرة منذ تاريخ تأسيسها، تهديدًا وجوديًا حقيقيًا، ومحاولات ممنهجة لإسقاط مؤسسة الدولة الوطنية (سوريا) ودولة إقليمية (تركيا) تحتل أراضى دول عربية (سوريا – العراق) وهو ما ترفضه مصر.
فثوابت سياستها الخارجية تعمل وفق قواعد ثابتة وهى وحدة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، وأن إرادة الشعوب هى التى تحدد مستقبل الأوطان، ورفض مصر الكامل لأى تدخلات خارجية فى المنطقة العربية، والحفاظ على الدولة الوطنية.
وقال الرئيس فى كلمته «إننا بحاجة إلى استراتيجية شاملة للأمن القومى العربى، لمواجهة التهديدات الوجودية التى تواجهها الدولة الوطنية فى المنطقة العربية، وإعادة تأسيس العلاقة مع دول الجوار العربى على قواعد واضحة، جوهرها احترام استقلال وسيادة وعروبة الدول العربية، والامتناع تمامًا عن أى تدخل فى الشأن الداخلى للدول العربية.. لقد سبق وطرحت مصر عددًا من المبادرات لبناء استراتيجية فعالة وشاملة للأمن القومى العربى، وتوفير مقومات الدفاع الفعال ضد أى اعتداء أو محاولة للتدخل فى الدول العربية».
وأضاف: «بإمكان الدول العربية التوصل لهذه الاستراتيجية الشاملة، إذا توافرت الإرادة السياسية الجماعية، وصَدَقَ العزم على التعاون لاستعادة زمام المبادرة، بشكل يُفضى إلى وقف الانتهاك المتكرر لسيادة واستقلال بلاد عزيزة من دول أمتنا العربية».
أما آن الأوان لاستكمال القوة العربية المشتركة لمواجهة هذا الخطر المحدق بالمنطقة العربية، خاصة أن التهديدات ترتفع وتيرتها.
الرسالة الثانية:
الوضع فى سوريا يحتاج إلى حل سياسى وليس حلًا عسكريًا فقط، خاصة أن الأخير يزيد الوضع تعقيدًا، وأن محاولات ايجاد مخرج للأزمة دون وجود طرفًا عربيًا فى هذه المباحثات هو استمرار لحالة الفرقة بين أبناء الشعب.
وقال الرئيس: «وللأسف الشديد، فإن الصراحة تقتضى القول، بأن هناك مِنَ الأشقاء مَن تورط فى التآمر مع هذه الأطراف الإقليمية، وفى دعم وتمويل التنظيمات الطائفية والإرهابية».
إن مصر تعرب عن قلقها البالغ نتيجة التصعيد العسكرى الراهن على الساحة السورية، لما ينطوى عليه من آثار على سلامة الشعب السورى الشقيق، ويُهدد ما تم التوصل إليه من تفاهمات حول تحديد مناطق خفض التوتر. وتؤكد مصر فى هذا الإطار رفضها القاطع لاستخدام أية أسلحة محرمة دوليًا على الأراضى السورية، مطالبًا بإجراء تحقيق دولى شفاف فى هذا الشأن وفقًا للآليات والمرجعيات الدولية.
لقد آن الأوان أن نتحرك بشكل جدى، لوضع حد لنزيف الدم السورى، الذى أزهق أرواح أكثر من نصف مليون مواطن سورى، وأدى لتحويل الملايين إلى نازحين ولاجئين، داخل بلادهم وفى الدول العربية والمجاورة.
ولا يكفى هنا أن نقتصر فقط على تكرار التزامنا بمرجعيات الحل السياسى، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وإنما يجب أيضاً أن نوجه رسالة واضحة ولا لبس فيها.
سوريا أرض عربية، ولا يجوز أن يتقرر مصيرها وتُعالج مُشكلاتها إلا وفقاً لإرادة الشعب السورى.
الرسالة الثالثة:
القضية الفلسطينية هى قضية العرب المركزية التى توشك على الضياع، بين قرارات دولية غير مفعلة، وصراع الأشقاء أصحاب القضية، يفتح الباب أمام مَن يريد تكريس واقع الاحتلال والانقسام كأمر واقع، ويسعى لإنهاء حلم الشعب الفلسطينى الشقيق فى الحرية والدولة المستقلة.
ومصر فى هذا الشأن تتحرك من منطلق مجموعة ثوابت أولها حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ضرورة تنفيذ القرارات الدولية، والتمسك بخيار السلام من منطلق المبادرة العربية للسلام.
وكان تأكيد الرئيس على أن الوضع فى فلسطين يحتاج أيضًا إلى اتفاق بين أبناء الشعب الفلسطينى وتوحيد الصفوف ونبذ الفرقة وقال الرئيس: «وبكل صراحة أقول، لا يجب السماح بأن يكون استمرار الانقسام الفلسطينى، ذريعة لإبقاء واقع الاحتلال.. إن مصر تعمل بكل دأب مع الأشقاء الفلسطينيين، لطى هذه الصفحة الحزينة من تاريخهم، وقد آن الأوان لرأب هذا الصداع غير المبرر، وتجاوز اعتبارات المنافسة الحزبية لصالح إعلاء كلمة الوطن، واستعادة وحدة الصف الفلسطينى، التى هى شرط ضرورى لخوض معركة التفاوض والسلام واسترداد الحق».
الرسالة الرابعة:
خطر الإرهاب الذى يهدد المنطقة ومستقبلها وما تقوم به مصر من جهود لمواجهته نيابة عن العالم قال الرئيس: «إننى أثق أنكم تتابعون جميعًا، الجهود الجبارة التى تقوم بها القوات المسلحة والشرطة المصرية، فى معركة الحياة والشرف، معركة سيناء 2018، التى تتواصل نجاحاتها يومًا بعد يوم، لدحر قوى الشر والإرهاب التى لا تهدد مصر وشعبها فحسب، بل تهدد المنطقة والحضارة الإنسانية بأسرها».
فخطر الإرهاب كان وراء تدهور الوضع فى العراق وسوريا واليمن وليبيا.
هذه الحرب الشاملة يجب أن تشمل كل حلقات العمل الإرهابى، تنظيمًا، وتسليحًا، ودعمًا سياسيًا، وغطاء أيديولوجيًا وإعلاميًا.. فمن يحمل السلاح هو فقط الحلقة الأخيرة، من سلسلة إجرامية تشمل من يموله ويسلحه، أو يوفر له ملاذًا آمنًا، أو منبرًا إعلاميًا وتبريرًا فكريًا، أو من يستخدمه كمخلب قط، لإنشاء مناطق نفوذ والتدخل فى الشئون الداخلية لدولنا العربية.. ولا مجال لأن نستثنى أى حلقة من حلقات هذه السلسلة الإجرامية، فكلهم بدون استثناء شركاء فى الإرهاب، وكلهم مسئولون عن الجرائم البشعة التى ترتكبها هذه التنظيمات الإرهابية.
الرسالة الخامسة:
مصر مستمرة فى دعم كل جهد، للحفاظ على وحدة ليبيا واستعادة مؤسسات الدولة فيها، ومصر مستمرة فى توحيد المؤسسة العسكرية فى ليبيا، وخلق ضمانة أمنية تتأسس عليها عملية استعادة الدولة الوطنية فى ليبيا والقضاء على الإرهاب.
مصر ملتزمة بالعمل على استعادة الاستقرار، وتحقيق الحل السياسى العادل فى اليمن، وفق مبادئ احترام وحدة الدولة اليمنية وسيادتها، ورفض منطق الغَلَبَة، ومحاولة فريق سياسى فرض طموحاته التوسعية على عموم اليمنيين بالقوة، والاستقواء بقوى إقليمية وأجنبية.. فلا مستقبل فى اليمن إلا بالحل السياسى، ولن يكون الحل السياسى إلا يمنيًا خالصًا، بعيدًا عن الأطماع الإقليمية.
إن مصر لن تقبل قيام عناصر يمنية بقصف الأراضى السعودية بالصواريخ الباليستية باعتباره تهديدًا للأمن القومى العربى.
ومن الظهران إلى القاهرة نهاية الأسبوع الماضى التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى بمجلس أمناء مكتبة الإسكندرية بحضور عدد من أعضائه من الشخصيات الدولية البارزة، منهم الرؤساء السابقين لكل من بنين ورومانيا وألبانيا وفنلندا وصربيا، ورئيس وزراء البوسنة والهرسك السابق، فضلاً عن عدد من السادة الوزراء والشخصيات البارزة وكبار العلماء والمفكرين المصريين والأجانب وكانت الرسائل على المستوى المحلى.
الرسالة الأولى:
ما يواجهه العالم من تحديات يأتى فى مقدمتها الإرهاب الذى يريد أن يهدم أسس المدنية والحضارة، وأن مصر تحارب تلك الظاهرة دفاعًا عن وطن يتسم بالتسامح والتعددية وعن المنطقة العربية والعالم بأسره، مؤكدًا أن مواجهة صناعة التطرف فكريًا تعد ضرورية لتحصين الشباب من الاتجاهات الفكرية والنفسية التى تدفع نحو السير على طريق الموت والإرهاب.
ما تقوم به مكتبة الإسكندرية لمواجهة التطرف، بهدف تكوين وعى إنسانى، يتسم بروح التنوير، ورجاحة الفكر، وإنسانية النظرة. فى ظل العمل الذى يجرى لإنشاء مدينين للمعرفة فى كل من العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة، وكذا المركز الحضارى الذى يضم مجمعاً للأديان، بما يعكس الروح الجديدة التى تسود مصر.
الرسالة الثانية:
التحدى الأهم الذى يواجه مصر هو تحدى تحقيق التنمية والتغلب على الفقر، فالدولة تعمل على مسارات متوازية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، شملت تطوير المناطق العشوائية وغير الآمنة ونقل حوالى 200 ألف أسرة لوحدات سكنية لائقة المستوى، بالإضافة إلى تشييد مليون وحدة جديدة خلال الأربع سنوات الماضية.
الرسالة الثالثة:
تعد أحد أهم القضايا التى تشغل المصريين وأحد الأولوية التى توليها الدولة حاليًا اهتمام وهى تطوير التعليم تطويرًا حقيقياً يحقق نقلة نوعية فى المستوى التعليمى والفكرى الذى يحصل عليه الطلاب بما يمكنهم من مواجهة احتياجات الواقع الذى يتغير بسرعة شديدة ويتطلب مواكبته بشمل مستمر.
الرسالة الرابعة:
مصر تجاوزت فترة عدم الاستقرار خلال السنوات التى تلت عام 2011 بفضل تفرد الشعب المصرى ووعيه الحقيقى وإدراكه العميق لطبيعة التحديات التى واجهت مصر والمنطقة، مشيدًا بالدور الهام والتاريخى الذى قامت به المرأة المصرية فى هذا الصدد، وهو ما يؤكد حرص الدولة على تعميق وترسيخ قيم التعايش المشترك والتسامح عن طريق الممارسات الفعلية على أرض الواقع، وخاصة فيما يتعلق بمبادئ المساواة وعدم التمييز بين المواطنين على أساس دينى.
الرسالة الخامسة:
حرص مصر على «مشروع ذاكرة العرب»، الذى يقوم على توثيق التراث باعتباره مكونًا أساسيًا للهوية والذاكرة الوطنية لدول الأمة العربية، فضلاً عن الحملة التى نظمتها لجمع الكتب لمكتبة آشور التابعة لجامعة الموصل فى العراق، والتى تعد بمثابة رسالة توضح أهمية الثقافة والعلم والمعرفة فى مواجهة التطرف والعدوان.
التوسع المستمر فى مشروع «سفارات المعرفة» التى تنتقل من خلالها مكتبة الإسكندرية إلى كل جامعة شمالًا وجنوبًا، حتى بلغت الآن نحو عشرين سفارة فى الجامعات المصرية، وهناك سعى لنقل هذه الخبرات إلى مزيد من الجامعات محليًا وإقليميًا ودوليًا، وطالب الرئيس مكتبة الإسكندرية بتعزيز دورها فى مجال الفضاء الرقمى، والاهتمام بالدراسات المستقبلية، وعقد مؤتمرات ترصد وتحلل المتغيرات العالمية فى مجالات الفكر والثقافة والتكنولوجيا، وهناك المؤتمر العلمى الذى سينطلق من مكتبة الإسكندرية بمشاركة نحو ثلاثة آلاف عالم وباحث وشخصيات عامة من كل أنحاء العالم، لمناقشة موضوع أهداف التنمية المستدامة، وكيفية ترجمتها واقعيًا فى مختلف المجالات.