صالون الرأي
مشكلة تبحث عن حل !
By amrأبريل 24, 2018, 13:24 م
1022
عندنا مشكلة فى إدارة أراضى الدولة للاستخدامات المختلفــــة، ســواء كانــت للاستثمـار.. الزراعـــى، أو الصناعى، أو للإسكان.. أو أى أنشطة أخرى.
وقد يكون السبب فى ذلك عدم وجود خرائط مساحية حديثة لجميع الأراضى الفضاء تحدد مكانها ومساحتها ومدى صلاحيتها للاستخدام المتاح أو الممكن.
السبب الآخر.. أن هناك حوالى 11 وزارة و6 هيئات، بخلاف المحافظات.. من حقها بيع أو تخصيص الأراضى، وهناك أيضا تعدد التشريعات المنظمة لذلك، والتى بلغ عددها حوالى 50 تشريعًا ما بين قانون وقرارات جمهورية.
والنتيجة.. فى ظل عدم وجود نظام معلومات متكامل حول تلك الأراضى، وتعدد «الولاية» عليها، بالإضافة إلى كثرة التشريعات وتضاربها..، إننا نستخدم 7% فقط من كافة الأراضى المصرية الفضاء والصالحة للاستخدام الاقتصادى.
هذا الوضع.. سهل توزيع مساحات شاسعة من الأراضى لبعض المحاسيب وذوى النفوذ الذين أسسوا جمعيات وهمية لاستصلاح واستزراع الأراضى.. والذين باعوها – بعد التسقيع – إلى مستثمرين آخرين تحت مسمى «التطوير العقارى» وتحولت تلك المساحات إلى «منتجعات» سكنية فاخرة!
ساهم فى ذلك أيضا.. طول مدة تسجيل الأراضى والتى تمتد من 5 إلى 15 عاما، فضلا عن تعقيدات عملية التسجيل نفسها.. والتى تمر بحوالى 8 إجراءات تستغرق – فى أحسن الأحوال – 75 يوما، ومن ثم لم تتجاوز نسبة الأراضى المسجلة 15% فقط، وهو ما وضع مصر فى ذيل قائمة مؤشرات تسجيل الملكية، وهو مؤشر فرعى من مؤشرات تقارير ممارسة الأعمال الذى يصدره البنك الدولى سنويا والذى احتلت فيه مصر المرتبة 128.
المشكلة الأكثر طرافة – طبقا للمهندس إبراهيم محلب – أن القانون المصرى كان يساعد على ذلك.. أى يشجع واضعى اليد.. بحجة إثبات الجدية أولا.. ثم يتقدم للجهات المختصة لتوفيق أوضاعـــه.. ســواء بالتمليك أو بحق الانتفاع.. أى تقنين أوضاع واضعى اليد على أراضى الدولة، وبعدها يتم تغيير النشاط أو الاستخدام!
أضف إلى ذلك التعدى على أراضى الآثار – بعد 25 يناير 2011 – والمحميات الطبيعية، أو التعدى على أراضى حرم النيل أو حرم السكة الحديد.
وقد ضرب الرجل مثلا صارخا على ذلك التلاعب؛ وهو ما حدث فى منطقة سهل الطينة بسيناء، حيث كان المستهدف زراعة 400 ألف فدان، وللأسف.. لم يتم زراعة سوى 50 ألف فقط، منها 20 ألف فدان تحولت إلى مزارع سمكية!، مستخدمين المياه العذبة المخصصة لرى تلك المساحات المخصصة للزراعة، وقد تم إنذارهم بالتحول إلى زراعة الأرز قبل يونيو المقبل.. وإلا اضطرت الدولة.. للتجفيف!
هذا ما حدث.. وأيا كانت الأسباب.. فلا يمكن بقاء الوضع على ما هو عليه..، فالأرض الفضاء هى إحدى ثروات أى مجتمع وأهم الأصول المستخدمة فى أية أنشطة، ومن ثم بدأت الدولة مؤخرًا فى وضع ما سمى بالمخطط الاستراتيجى القومى للتنمية العمرانية وحتى عام 2052، ثم أنشأت «المركز القومى لاستخدامات الأراضى»، وفى عام 2016 شكلت لجنة لاسترداد أراضى الدولة المستولى عليها بدون وجه حق برئاسة المهندس إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية.
وللحقيقة والإنصاف.. لقد نجحت اللجنة فى استرداد ما قيمته 4 مليارات جنيه حتى الآن، وتعاملت بمبدأ حُسن النية مع واضعى اليد، ولكنها استرددت حق الدولة فيما استولى عليه مع تقنين أوضاعهم طالما كان القانون يسمح بذلك، أما المخالفون منهم فقد انتزعت منهم الأراضى، أو أحيلوا إلى جهات التحقيق المختصة.
ومع ذلك مازالت لدينا مشكلة فى منظومة إدارة أراضى الدولة للاستخدامات المختلفة؛ وطبقا للدراسة القيّمة التى أعدتها د. سحر عبود المدرس بمعهد التخطيط القومى، فالمخطط القومى للتنمية العمرانية غير ملزم لجهات الولاية الأخرى على الأراضى الفضاء، كما أنه غير مربوط بخطط التنمية الاقتصادية.
أضف إلى ذلك.. أن رؤية 2030 للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.. غاب عنها ما يسمى بالبُعد المكانى، بمعنى أنها حددت الأهداف والطموحات المراد تحقيقها مع الإشارة إلى بعض الإجراءات، ولكنها لم تشر إلى أماكن التنفيذ!
وهل ممكن تصحيح هذا «السهو» فى قانون التخطيط الموحد.. الذى مازال مشروعًا تحت الدراسة؟
تكشف الدراسة المشار إليها والتى عرضت ونوقشت فى ندوة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية بقيادة د. عبلة عبد اللطيف، أن المشروع لم يتضمن التخطيط لاستخدامات أراضى الدولة!
إذن لابد من إعادة النظر فى هذا المشروع، حتى يكون لدينا قانون تخطيط موحد متكامل يحدد كيفية الاستخدامات المختلفة لأراضى الدولة وجهات الولاية عليها والمختصة بالتصرفات القانونية الشفافة فيها.
فنحن مجتمع يعانى من زيادة سكانية مضطردة، ولدينا نسبة فقر مرتفعة، بخلاف معدلات البطالة فى المجتمع، وهى ما يستوجب وجود خطة طويلة الأمد للتنمية الاقتصادية الشاملة لجميع الأقاليم والمحافظات المصرية.. وبالطبع هذه الخطة سوف تعتمد على مشروعات استثمارية مختلفة.. سواء كانت زراعية أو صناعية، أو إسكان بدرجاته المتنوعة.. وبالطبع هذه المشروعات سوف تقام على الأراضى الفضاء الصالحة للاستخدام طبقا لنوع النشاط المزمع تنفيذه.
وقد يكون مفيدًا فى ذلك للاستعانة بمشروع «العنونة البريدية» الذى أشار إليه المهندس إبراهيم محلب والذى يتضمن تقسيم الجمهورية إلى مربعات تصل فى تدرجها إلى مساحة المتر المربع مع استخدام الأكواد البريدية.
ولو حدث ذلك سوف نحل جميع المشاكل المعلقة ومنها ما يسمى بمشكلة الأحوزة العمرانية للقرى، والمحافظات التى لا تتمتــع بظهيــر صحراوى، فضلا عن التوقف فى الاعتداء على الأراضى الزراعية..
فالموضوع يحتاج لشوية إخلاص وجدية!