رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الشهاوى: “إعلان القاهرة” الفرصة الأخيرة لحل الأزمة الليبية

1903

حوار : وليد فائق

“الفرصة الأخيرة”.. هكذا وصف اللواء تامر الشهاوى عضو مجلس النواب فى حواره مع مجلة أكتوبر، المبادرة التى أطلقها الرئيس السيسى لإيقاف القتال فى ليبيا، عقب لقائه بالمستشار “عقيلة صالح” رئيس مجلس النواب الليبى، والمشير ” خليفة حفتر” قائد الجيش الليبى، والتى أطلق عليها إعلاميا ” إعلان القاهرة”، مؤكداعلى أنها خارطة طريق واضحة المعالم تضع المجتمع الدولى أمام مسئولياته، مشدداً على أن استقرار ليبيا من مرتكزات الأمن القومى المصرى التى لن تسمح مصر بالعبث فيه، مشيراً إلى أن تركيا مازالت مصرة على تحدى المجتمع الدولى وقرارات مؤتمر برلين بشأن ليبيا، وأن أردوغان يحاول أن يقدم نفسه للعالم كسمسار للنفط الليبى، ممنياً نفسه بإحياء الإمبراطورية العثمانية مرة أخرى من خلال التمدد فى المنطقة، على الرغم من خسائر جيشه “الفادحة” فى ليبيا، والتى يحاول التعتيم عليها إعلامياً أمام شعبه.. وإلى نص الحوار..

ماذا بعد إعلان القاهرة بشأن الأزمة الليبية؟

فى البدايه أوجه التحية والتهنئة إلى الرئيس السيسى بمناسبة ذكرى انتخابه رئيساً للبلاد متمنياً له التوفيق فى كل خطواته بإذن الله .
ليبيا دخلت بالفعل منعطفا شديد الخطورة، فهناك حرب إقليمية تنتظرها لو لم يتم الاستجابة لدعوة الرئيس السيسى التى أطلقها «بإعلان أو وثيقة القاهرة» التى أسميها «الفرصة الأخيرة»، فهي خارطة طريق واضحة المعالم،وترسخ الدور المصرى الشريف فى ليبيا، وتضع المجتمع الدولى أمام مسئولياته..
فالمبادرة التى أطلقها الرئيس السيسي، بحضور المستشار عقيلة صالح والمشير خليفة حفتر، تهدف لإيقاف القتال في ليبيا والتوصل إلى تسوية سياسية متكاملة للأزمة في البلاد والرامية إلى حقن الدماء بين الأشقاء الليبيين وتثبيت وقف شامل لإطلاق النار مع استكمال مفاوضات اللجنة العسكرية المشتركة التي ترعاها البعثة الأممية في ليبيا، واستئناف الحوار السياسي بين مختلف الأطياف والمكونات الليبية،كما أكد الإعلان على ضرورة الوصول إلى تسوية وطنية خالصة للأزمة الليبية، بعيدا عن كافة التدخلات العسكرية الخارجية في الصراع، وبالشكل الذي يحافظ على وحدة أراضي الدولة الليبية وسيادتها الإقليمية. وكذا الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين..
ورعاية القاهرة للإعلان تأتى فى سياق أمن مصر الحدودي والإقليمى، كما أن ترحيب القوى العظمى وجامعة الدول العربية والبلدان العربية جميعاً- عدا قطر – تضفى على إعلان القاهرة موافقة المجتمع الدولى على ما تضمنه من خطوات تنهى الوضع الخطير المتفاقم بالأراضى الليبية، من خلال توافق سياسى «ليبى – ليبى» ينهى كافة ذرائع التدخلات الخارجية التركية وأعوانها من عناصر تنظيم داعش والتى جلبتهم حكومة السراج بالتعاون مع أنقرة.
وعلى الرغم من النوايا الطيبة التى قدمتها السياسة المصرية الخارجية فى الأزمة الليبية منذ اندلاعها وحتى الآن، ولكن ما ورد من أخبار حتى الآن نؤكد عدم استجابة تركيا والسراج–وهو المتوقع –لإعلان القاهرة، وأيضاً وجود ضبابية فى المواقف الدولية المختلفة بشأن ليبيا، وهو ما يؤكد ما سبق وأشرت إليه عن حلف المصالح السرية المشتركة الدولية بشأن ليبيا، مما قد يضع تلك البؤرة الهامة من شمال إفريقيا داخل بوتقة صراع لا ينتهى، ومن المؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن استقرار ليبيا من مرتكزات الأمن القومى المصرى، ولن نترك الأمور فى أيدى العابثين بأمننا القومى .

كيف تصف الدور التركى فى ليبيا؟

تركيا لا زالت مصرة على تحدى المجتمع الدولى وقرارات مؤتمر برلين، وتقدم كل أشكال الدعم لميليشيات حكومه الوفاق الليبية، ويبدو أن أردوغان يقدم نفسه للعالم كسمسار للنفط الليبى خاصة بعدما فقد الكثير نتيجة للتحولات التى شهدتها سوريا بالتدخل الروسى هناك.
أنقرة لم تخف أبدا أن وجودها في ليبيا نابع من الرغبة في منافع متبادلة، سياسية وعسكرية واقتصادية. فتركيا لا تزال مستوردا لموارد الطاقة، وليبيا شريك مهم في ضمان أمن الطاقة لأنقرة، كذلك سوف يسعد تركيا أن تلعب دور الموزع للنفط الليبي إلى أوروبا.
لذلك وقعت تركيا اتفاقيتين مع حكومة السراج أواخر نوفمبر الماضى، إحداهما للتعاون الأمني والعسكري، وأخرى تسمى «الصلاحيات البحرية»، وبموجبها ستوسع أنقرة نطاق التنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، وهو ما أثار انتقادات مصر واليونان وقبرص آنذاك..

بعد الخسائر التى منى بها جيشه فى ليبيا ومنها إسقاط دفاعات الجيش الليبى لحوالى 104 طائرات مسيرة، وتدمير إحدى قطع الأسطول التركى.. هل يثبت ذلك سوء حالة جيش أردوغان؟

أردوغان يواجه انتقادات شديدة من المعارضة على خلفية تعتيمه وتكتمه الشديد على خسائر الجيش التركي في ليبيا، الانتقادات بدأت أصلاً منذ إعلان عزمه إرسال قوات إلى ليبيا، إذ اتفقت أحزاب المعارضة وقتها، على أن هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر..
ورغم نفى وزير الدفاع التركي فى وقت سابق سقوط قتلى في صفوف القوات التركية في ليبيا، لكن المؤكد أن الجيش التركى يواجه صعوبات عسكرية شديدة وهناك خسائر فى الأرواح والمعدات بصورة غير مسبوقة.

ما هى خيارات أردوغان المقبلة من مغامرته فى ليبيا؟

خيارات أردوغان تنبع من أهدافه التى أدت لهذه الرغبة المحمومة له فى التورط فى ليبيا،وهى بالتحديد 4 أهداف: أولا الطاقة، فتركيا تستهلك كميات هائلة من الطاقة سنويا، وليس لديها موارد كافية، وتستورد ما قيمته 50 مليار دولار في العام الواحد. ورغم عمليات التنقيب التي تقوم بها أنقرة، إلا أن المناطق البحرية التابعة لها لا يوجد بها آبار غاز أو نفط. فالتقارب التركي نحو ليبيا هو رغبة منها في توفير موارد طاقة جديدة لأنقرة.
ثانياً: الوجود فى منطقة شرق المتوسط حيث تعد هذه المنطقة مطمعا كبيرا لدول المنطقة برمتها، لما تحتويه من مخزون هائل من الغاز الطبيعي يقدر بأكثر من 100 تريليون متر مكعب،وأنقرة تريد أن يكون لها نصيب وفير من تلك الثروات.
ثالثا :التواجد على حدود مصر الغربية، حيث تعتبر ليبيا ساحة «مواجهة خلفية» بين القاهرة التي تدعم المشير خليفة حفتر، وأنقرة التي تساند عسكريا فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطنى.
رابعاً: الإمبراطورية العثمانية الجديدة، فالدور التركي في ليبيا يأتي في إطار مساعي أردوغان في إحياء الإمبراطورية العثمانية الجديدة من خلال التمدد فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

هل ستترك أوروبا الوضع فى ليبيا كما هو، على الرغم من تصريحات وزير الخارجية الفرنسى «لودريان» من أن النزاع الليبى أصبح خطراً على الأمن الأوروبى؟

أوروبا لازالت تتعامل مع الأزمة الليبية بشىء من التردد، فالعملية «إيريني» الخاصة بمراقبة تنفيذ حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن الدولي على ليبيا لم تدخل ربما حيز التنفيذ حتى الآن، أو نفذت باستحياء وليس بصورة فاعلة، وأود أن أشير إلىأن هذه العملية قد تم قبولها من الجيش الوطنى الليبى، ولَم تقبلها حكومة السراج مدفوعة بالطبع بالرغبة التركية فى إمداد السراج بالمقاتلين والسلاح،وبالطبع الاستيلاء على النفط الليبى وهو أحد الأهداف الرئيسية لأردوغان ومن المؤكد أن النفط يباع لأوروبا ولكن بالطبع ليس بالأسعار الحقيقية،إذا نحن أمام حلقة جديدة من المصالح المتشابكة،كذلك تعلق أوروبا آمالها على وعد تركيا بالسيطرة على تسرب الدواعش إلى أوروبا،والمساعدة فى مكافحة تهريب البشر.

بصفة عامة ما تأثير الوضع الحالى فى ليبيا على الأمن القومى المصرى؟

ليبيا تخضع بحكم الجغرافيا إلى ما يعرف بالأمن القومى المباشر، فاستقرار أو عدم استقرار أى دولة من دول الجوار يكون له تأثير مباشر على الأمن القومى المصرى،والمثال الصارخ على ذلك أن كثيرا من العناصر المتطرفة اتخذت من ليبيا ملاذاً آمناً، وتسربت فى فترات سابقة من خلال الصحراء الغربية، ونفذت أعمالا عدائية داخل مصر فضلاً عن أعمال تهريب البشر والسلاح والمخدرات، عموماًالدور المصرى تجاه ليبيا أطلق عليه»الصديق الشريف»، فمصر دوله ناصحة أمينة، ليس لدينا أطماع فى ليبيا أو غيرها، ولكن لدينا ثوابت أمنية وسياسية ومرتكزات للأمن القومى لا يمكن أن نحيد عنها لأنها مرتبطة بصورة مباشرة بأمن الوطن والمواطنين، لذلك كان السعى المصرى الدائم فى كل المحافل الرامى إلى استقرار ليبيا وعدم وقوعها فى قبضة الميليشيات الإرهابية وأطماع الآخرين حفاظاً على الدولة الليبية وعلى الأمن القومى المصرى.

بعد الاتهامات الأمريكية لروسيا بدعم حفتر، هل ستتحول ليبيا لساحة مواجهة جديدة بين موسكو وواشنطن؟

الأمريكان والروس والأوروبيون حاضرون بقوة فى المشهد الليبى، كما حضروا من قبل فى المشهدين السورى والعراقي، ولن أزيد عما ذكرته من قبل عن حلف المصالح السرية المشتركة، فترك سوريا للروس، معناه – من وجهة نظر الغرب –أنه لن تترك ليبيا للروس،وأن النصيب الأكبر سيكون لأوروبا وأمريكا.. هكذا أرى المشهد.

أخيراً، كيف تتوقع حل المسألة الليبية؟

حل المسألة الليبية يجب أن تكون ليبية-ليبية، وأن تتوحد القبائل والعشائر والقوى السياسية خلف قواتها المسلحة، وأن يلقى الجميع السلاح ويضعوا نصب أعينهم « ليبيا أولا «، ويتوافقوا على مسار سياسى ينهى حالة الصراع الدائر منذ ما يقرب من ١٠ أعوام، وأن ينظروا بحكمة لمن المستفيد من الحال الذى أصبحت ليبيا عليه الآن، وأقولها بصراحةإن لم يحدث ذلك ستتحول ليبيا إلى ساحة حرب أهلية، وستخضع بثرواتها وشعبها ومؤسساتها لدول أخرى وستنهب ليبيا كما نهبت العراق وسوريا.