رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الرئيس والمشير.. شهادة للتاريخ

1319

علاقة خاصة، وتقدير متبادل، جمع بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والمشير محمد حسين طنطاوي.. تلك العلاقة وصفها الرئيس في رثاء المشير بـ «أب ومعلم وإنسان».. وفي غير مرة أثنى السيسي على طنطاوي، ووصفه كثيرا بـ «الرجل الوطني العظيم»، كما حرص على توجيه التحية له في مناسبات عديدة مشيدا بدوره في قيادة البلاد، خاصة أن المشير طنطاوي كان قائدا شديد الوطنية والاعتزاز بمصر.. وكانت لديه رؤية واستشراف للمستقبل، وصاحب دور تاريخى فى إنقاذ مصر.

تامر عبد الفتاح

مواقف عدة جمعت الرئيس السيسي والمشير طنطاوي فى مناسبات رسمية، كإهداء السيسي مصحفا لطنطاوى أثناء تخريج الدفعة 153 بمعهد ضباط الصف المعلمين، وإعطائه نظارته المعظمة فى مرة أخرى ليشاهد بعض العروض العسكرية، وتوقفه لمصافحته أثناء اتجاهه للجلوس فى مكانه المخصص له بمنصة الاحتفال بتدشين قناة السويس الجديدة، تاركا الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند منتظرا ومتابعا للموقف.

وفى احتفالية القوات المسلحة الذكرى الـ42 لانتصار أكتوبر، وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي التحية للمشير حسين طنطاوى «لوحده»، هكذا عبّر الرئيس السيسي عن شكره لدور المشير طنطاوى فى قيادة القوات المسلحة.

وأوضح الرئيس أن الجيش المصرى استطاع بناء ذاته اقتصاديًا، حيث ظل رجال القوات المسلحة يتقاضون نصف رواتبهم لمدة عشرين عامًا ليتمكنوا من توفير الموارد الاقتصادية للقوات المسلحة المصرية، فلقد كانت مصر وستظل دومًا نصب أعينهم.

ووجه الرئيس الشكر للمشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع الأسبق، الذى اقترح هذه الفكرة وحرص على تنفيذها من أجل دعم قدرات القوات المسلحة المصرية.

 قائد الكتيبة 16

وفى 2017، شارك الرئيس السيسي القوات المسلحة حفل إفطار فى ذكرى انتصارات العاشر من رمضان، وخلال الاحتفال أشاد الرئيس السيسي بدور المشير طنطاوي، مؤكدا أنه تولى المسئولية فى ظروف منتهى القسوة فى عام 2011، وتجاوز بمصر فى مدة قاسية خلال سنة ونصف، وكانت هناك مرحلة صعبة تولاها الرئيس عدلى منصور.

وخلال الندوة التثقيفية التى عقدت فى 13 أكتوبر 2019، أثنى الرئيس عبدالفتاح السيسي على دور «طنطاوي»، قائلًا: «الفريق عبدربه، اتكلم عن الفرقة 16 مشاة (خلال حرب أكتوبر)، معانا قائد الكتيبة 16 سيادة المشير حسين طنطاوي، الرجل العظيم اللى قاد مصر فى أصعب الفترات».

وفى نهاية يوليو الماضي، أطلق اسم طنطاوى على أكبر كراكة بالشرق الأوسط، وسبقها تخليد اسمه على مسجد ومحور وكوبري. إضافة إلى تخريج الدفعة 112 حربية، والدفعة 47 من المعهد الفنى للقوات المسلحة باسم «دفعة المشير محمد حسين طنطاوي».

قابض على الجمر

وخلال افتتاح عدد من المشروعات القومية لتنمية شبه جزيرة سيناء، نعى الرئيس السيسي، المشير طنطاوى بكلمات مؤثرة، وقال «أقدم التعازى فى بطل من أبطال مصر ورجل من رجال مصر المخلصين جدا جدا.. المشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة والقائد العام ووزير الدفاع والإنتاج الحربى»،

وأضاف الرئيس السيسي: «المشير حسين طنطاوى توفى فى نفس يوم وفاة الزعيم أحمد عرابى».. وتم إعلان الحداد الرسمى والوطنى بهذه المناسبة.. وأيضا إطلاق اسم المشير حسين طنطاوى على قاعدة الهايكستب العسكرية تقديرا واحتراما لدور هذا الرجل العظيم فى تاريخ مصر.

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن المشير طنطاوى تولى المسئولية منذ 2011 وحتى تسليم السلطة بعد 2012، مضيفا: «دى شهادة للتاريخ إنه قاد هذه المرحلة بإخلاص شديد وتفان شديد وحكمة شديدة جدا أدت إلى أن الدولة المصرية التى كانت معرضة للانهيار وحرب أهلية كاملة فى عبورها بأقل حجم من الأضرار التى تقابل دولة فى مثل هذه الظروف».

وأضاف الرئيس كان بيقول دائما: «ماسك جمرة نار فى إيدى بتولع إيديا ومش قادر اسيبها ولو سيبتها هتحرق الدنيا ده الشعور اللى عاش بيه على الأقل فترة السنة ونص اللى كان المجلس العسكرى تولى فيها المسئولية وكانت فترة صعبة جدا جدا.. ودى شهادة للتاريخ وله وهو فى ذمة الله وربنا سبحانه وتعالى سيحاسب الناس».

 نصف قرن فى خدمة الوطن

 وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، فى بيان صادر من رئاسة الجمهورية: «فقدت مصر رجلا من أخلص أبنائها وأحد رموزها العسكرية الذى وهب حياته لخدمة وطنه لأكثر من نصف قرن.. المغفور له المشير محمد حسين طنطاوى القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربى الأسبق».

وأضاف الرئيس السيسي عن المشير محمد حسين طنطاوى: «بطلاً.. من أبطال حرب أكتوبر المجيدة ساهم خلالها فى صناعة أعظم الأمجاد والبطولات التى سُجلت بحروف من نور فى التاريخ المصري.. قائداً .. ورجل دولة تولى مسئولية إدارة دفة البلاد فى فترة غاية فى الصعوبة تصدى خلالها بحكمة واقتدار للمخاطر المحدقة التى أحاطت بمصر».

واختتم بيان رئاسة الجمهورية: «إن الرئيس عبد الفتاح السيسي إذ ينعى للأمة رجلاً كانت له صفات الأبطال، فإنه يعرب باسمه وباسم شعب مصر وحكومتها عن خالص عزائه ومواساته لأسرة الراحل المشير محمد حسين طنطاوي، ويدعو المولى عز وجل أن يتغمده برحمته ويسكنه فسيح جناته جزاء صالح أعماله للوطن».

وكتب الرئيس عبد الفتاح السيسي، فى تدوينه عبر حسابه الرسمى على موقع «فيس بوك»: «فقدتُ أبًا ومعلمًا وإنسانًا غيورًا على وطنه، كثيرًا ما تعلمت منه القدوة والتفانى فى خدمة الوطن. إنه المشير محمد حسين طنطاوى الذى تصدى لأخطر ما واجهته مصر من صعاب فى تاريخها المعاصر. عرفت المشير طنطاوى محبًا ومخلصًا لمصر وشعبها، وإذ أتقدم لشعب مصر العظيم بخالص العزاء، فإننى أدعو الله أن يلهم أسرة المشير طنطاوى الصبر والسلوان».

بطل عسكري

والمشير طنطاوى هو بطل عسكرى من طراز خاص، خاض أربع حروب، فكان أحد أبطال حرب 56، وشارك فى حرب النكسة سنة 1967، وبعدها فى حرب الاستنزاف، ومن أقواله إن حرب الاستنزاف كانت فترة زاهرة فى تاريخ القوات المسلحة المصرية، حيث كان الجيش يقاتل ويستعد ويعيد بناء القوات فى نفس الوقت، فقد أعطت الحرب الجنود والضباط الثقة بالنفس، كما منحت الشعب الثقة فى الجيش.

كما كان أحد أبطال حرب أكتوبر 1973 المجيدة، حيث كان قائدا للكتيبة 16 مشاة، التى حققت بطولات كبيرة خلال ملحمة عبور قناة السويس وتحرير سيناء، فقد دخل المشير طنطاوى فى مواجهة مباشرة مع القوات الإسرائيلية وتحديدا مع أرييل شارون أثناء حرب أكتوبر 73، ففى يوم 12 أكتوبر تم دفع إحدى الوحدات التى كان يقودها طنطاوى لتأمين الجانب الأيمن للفرقة لمسافة 3 كيلومترات، كانت الفرقة قد تم إخراجها منها, وتمكنت الوحدة بقيادة طنطاوى من الاستيلاء على نقطة حصينة على الطرف الشمالى الشرقى من البحيرات المرة، وكان جنود هذه النقطة من الإسرائيليين قد اضطروا للهرب منها تحت جنح الظلام، وفى مساء يوم 15 أكتوبر كان المقدم طنطاوى وقتها قائدا للكتيبة 16 مشاة التى أحبطت عملية «الغزالة المطورة» الاسرائيلية، حيث تصدت بالمقاومة العنيفة لمجموعة شارون ضمن فرقتى مشاة ومدرعات مصريتين فى الضفة الشرقية، حدث هذا فى منطقة مزرعة الجلاء المعروفة باسم «المزرعة الصينية» حيث كبدت الكتيبة بقيادة العميد طنطاوى وقتها الإسرائيليين خسائر فادحة.

لم تقف بطولات المشير طنطاوى عند حدود خوض المعارك وحمل السلاح فى وجه أعداء الخارج فقط، وإنما استطاع الرجل بمنتهى الحكمة والقدرة والكفاءة أن يحافظ على سفينة الوطن من الغرق فى الفترة التى واكبت أحداث ثورة 25 يناير، وكان الحارث الأمين على مقدرات الشعب المصري.