أكتب عن البلاهة والبلهاء.. والحقيقة أن معنى البلاهة والبلهاء عند عامة الناس لا يختلف كثيرًا عن المعنى فى قواميس اللغة العربية.
البلاهة عند عامة الناس تعنى «العبط» والأبله هو «العبيط».. أما فى قاموس المعجم الوسيط – على سبيل المثال – نجد أن البلاهة معناها ضعف فى الرأى وتشتت الفكر والعقل.. والأبله هو من تغلب عليه الغفلة.. وفى معجم الرائد نجد أن الأبله هو الشخص الذى ضعف عقله وغلبت عليه الغفلة وقل تمييزه.
وفى كل الأحوال وسواء عند عامة الناس أو فى قواميس اللغة العربية أجد أن الذين يقفون فى مقدمة طابور البلهاء هم الإخوان والأمريكان.. ومن بعدهما أردوغان!
وأبدأ بالإخوان لأننى فى الحقيقة أجدهم أبله البلهاء.. عُبط وضعفاء فى الرأى وفكرهم مشتت وتغلب على عقولهم الغفلة وقلة التمييز!
يتحدث الإخوان عن الرئيس السيسى سواء مذيعيين فى قنواتهم الفضائية أو ضيوف أو قادة لهم دور فى قيادة الجماعة داخل وخارج مصر.. يتحدثون عن أن الرئيس المنقلب فاقد للشرعية.
الرئيس الذى جاء بإرادة الشعب والذى أكمل مدته الرئاسية الأولى والذى فاز باكتساح فى الانتخابات الرئاسية الثانية.. هذا رئيس منقلب غير شرعى!
الرئيس الذى اعترف به العالم كله واستقبله قادة العالم فى أمريكا وأوروبا واعترفت به أفريقيا.. الرئيس الذى حظى بحفاوة فى المحافل الدولية كالأمم المتحدة.. رئيس منقلب غير شرعى.. هل هناك بلاهة أكثر من ذلك وهل هناك بلهاء أكثر من الإخوان؟!
بلاهة الإخوان فى الحقيقة تجاوزت كل الحدود.. فهم يتحدثون وكأنهم موقنون من أن زعيمهم وقائد عشيرتهم مرسى عائد لا محالة.. وأنه سيعود ليستكمل مدته الرئاسية ثم ينظم بعدها انتخابات رئاسية!
وأكثر من ذلك فهم يحاولون إقناع المصريين بأن ثورة 30 يونيو كانت خدعة ومؤامرة.. وأن الأعداد الغفيرة التى خرجت تهتف بسقوط الإخوان كانت مجرد «فوتوشوب» وأن معظم الذين شاركوا فيها ندموا على ما فعلوا وأكدوا أنهم لم يكن قصدهم أبدًا أن يسقط رئيس شرعى ويأتون بالعسكر!
سمعت أحد مذيعى قنوات البلهاء يقول إن معظم الذين شاركوا فى ثورة 30 يونيو أبدوا ندمهم لكن ذلك لا يكفى لأن معظم النادمين يحاولون تبرير ذلك بأن الإخوان بتصرفاتهم اضطروهم لذلك!
ويتحدث الإخوان بعد ذلك عن أهمية وضرورة أن يعترف النادمون من اشتراكهم فى ثورة 30 يونيو بأن السبب هو أنهم خدعوا ووقعوا ضحية مؤامرة العسكر.. ولا شأن للإخوان بذلك!
أيها البلهاء يا من تقفون فى مقدمة صفوف البلاهة.. اتركوا عالمكم الافتراضى، اعرفوا أن الإخوان لن يعودوا إلى حُكم مصر مرة أخرى.. لن يسمح لهم المصريون بذلك.. بعد أن عرفوا وتأكدوا أن الإخوان كاذبون وأن كل هدفهم هو الوصول إلى الحُكم.. وأنهم أصبحوا مثل الكلب الأجرب.. لا يحبه المصريون ولا يطيقون الاقتراب منه!
ويأتى الدور على الأمريكان!
يقول المثل: ما أشبه الليلة بالبارحة، والبارحة كانت أيام الرئيس بوش الابن.. عندما وقف وزير خارجيته كولن باول أمام اجتماع للأمم المتحدة ممسكا بخرائط تؤكد أن صدام حسين يملك أسلحة الدمار الشامل.
وهكذا نجح مسيلمة الأمريكى فى إقناع دول كثيرة بالحرب على العراق.. بعد سنوات طويلة تبين أن القصة كلها ملفقة وأن كولن باول ورئيسه جورج بوش كذبا على العالم بهدف غزو العراق..
وتدور الأيام ويصل إلى رئاسة أمريكا دونالد ترامب بعد أوباما وكلينتون.. ومرة أخرى يتحول الرئيس الأمريكى إلى مسيلمة الأمريكى.. يزعم أن الرئيس بشار الأسد ضرب شعبه بالأسلحة الكيماوية.. وقامت قنوات فضائية كثيرة خاصة التابعة لقطر وتركيا والإخوان ببث فيلم مرعب لهجوم كيماوى أصاب الأطفال السوريين.
وعلى الرغم من أن الرئيس بشار أنكر قيامه بهذه الفعلة تماما.. وعلى الرغم من أن روسيا طالبت بتحقيق دولى فى هذه المسألة إلا أن الرئيس الأمريكى ترامب سارع إلى تكوين تحالف ثلاثى يضم أمريكا وبريطانيا وفرنسا لضرب سوريا وبشار الأسد.
وحبس العالم أنفاسه فى انتظار هذه الضربة التى يمكن أن تتحول لمواجهة بين روسيا وأمريكا تشتعل معها الحرب العالمية الثالثة.. وطال الانتظار وفجأة قامت الحرب!
استخدم الحلفاء الثلاثة فى هذه الحرب أكثر الصواريخ الذكية فى العالم لضرب أهداف بمنتهى الدقة.
وفجأة أيضا وبعد ساعة واحدة من بداية الحرب.. أعلنت أمريكا انتهاء الحرب!.. بعد ساعة واحدة فقط! وأعلنت قيادات التحالف الثلاثى أنه تم ضرب أهداف تحتوى على مخازن للأسلحة الكيماوية.. وكانت هذه التصريحات تغرق فى الكذب.. فلو أن هذه التصريحات كانت صحيحة لاختنقت سوريا كلها بالأسلحة الكيماوية، ووصل عدد الضحايا إلى الآلاف.. لكن عدد الضحايا الذين سقطوا فى هذه الحرب ثلاثة أشخاص فقط.. ثلاثة أشخاص بالتمام والكمال.. سقطوا مصابين وليس قتلى!
ثم تجىء وزيرة خارجية فرنسا فتطلق تصريحا غريبا وعجيبا يقول إن الدول الثلاثة التى شنت الحرب على سوريا ليس هدفهم إسقاط الرئيس بشار!
وليس لكل هذه المتناقضات البلهاء من معنى إلا أن أمريكا وحلفائها قاموا بحرب رمزية ضد سوريا.. وأنهم ابتعدوا تماما عن مواجهة الروس!
وليس لكل هذه البلاهة إلا معنى واحد.. أن روسيا أصبحت سيدة الموقف فى سوريا بدون منازع.. والفضل للأبله دونالد ترامب!
ونصل إلى مسك الختام الأبله أردوغان!
شاهدت فيديو للرئيس التركى أردوغان يتحدث فيه عن نواياه تجاه الشرق الأوسط.. يقول أردوغان إن جيبوتى وسوريا والجزائر وأفغانستان ومصر والعراق وجورجيا كانوا مواطنين أتراكا تحت الحكم التركى.. وأن تركيا ستعمل على إعادة هذه الدول للحكم التركى مرة أخرى!
ألا يستحق أردوغان لقب سيد البلهاء؟
الإخوان والأمريكان وأردوغان بلهاء بدرجة امتياز.. صحيح أن كلا منهم أبله على طريقته لكنهم جميعا يشتركون فى عشق البلاهة والبلهاء!