رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

«العقل التوافقي» نتاج الجمهورية الجديدة

1556

حوار- ياسر حسني

تصوير- عصام محمود

الدكتورة فاطمة سيد أحمد عضو مجلس أمناء الحوار الوطني:

نحتاج إلى «نخبة مثقفة» جديدة و«معارضة وطنية» ديمقراطية

منذ دعوة الرئيس السيسى فى إبريل الماضى لإجراء «الحوار الوطني»، ظهرت حالة من الحراك المجتمعي، حركت المياه الراكدة فى الشارع السياسي، وقفزت إلى السطح العديد من التساؤلات، عن فلسفة وجدوى هذا الحوار، وسقفه الزمني، وكيف تكون مخرجاته.

وسبقت فعاليات الحوار، وحتى بدأ جلسته الأولى، حرب شعواء شنتها الأبواق الإعلامية للجماعة الإرهابية، ضد الدولة المصرية، للتشكيك فى الخطوات الجادة، التى تحققها الدولة نحو الجمهورية الجديدة فى محاولة لهدم الثوابت المجتمعية والتشكيك فيها، فما العلاقة بين الحوار الوطنى وتلك الحرب؟ وهل هذا اعتراف من الجماعة الإرهابية بنجاح الحوار فى تحقيق أهدافه؟

هذه التساؤلات، وأسئلة أخرى عديدة طرحتها «أكتوبر» فى هذا الحوار، على الكاتبة الصحفية، د. فاطمة سيد أحمد، عضو الهيئة الوطنية للصحافة، وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني، التى كشفت لنا – فى سياق الحوار معها – عن فلسفة وكواليس الحوار الوطني، واستشرفت معنا المستقبل، وطمأنت الشعب المصرى أن الدولة تسير فى الطريق الصحيح، ولا تراجع عما أنجزته ثورة 30 يونيو ومهدت له الطريق نحو بناء جمهورية جديدة «نسمع فيها جميعًا أصوات بعضنا البعض دون حجر على رأى وطنى مخلص حتى ولو كان معارضًا».

الدكتورة فاطمة سيد أحمد خلال حوارها مع الزميل ياسر حسنى

 

 بعد خمسة شهور من انطلاقه، هل هناك سقف زمنى لانتهاء الحوار الوطني؟ أم أنه غير محدد المدة؟

الحوار غير محدد بمدة زمنية، ولكن سقفه الزمنى ليس متروكًا فى المطلق، وهو متوسط المدى فلن يكون قصير الأمد فلا تكفى مدته الزمنية لمناقشة كل القضايا، ولن يكون طويل الأمد فيفقد أهميته فى تقديم مقترحات لصانع القرار حول أولويات المرحلة الراهنة، أو تحديات المستقبل القريب.

وهناك حكمة من عدم تحديد مدة زمنية للحوار الوطنى، لأنه ربما فى أثناء ممارسة الحوار، تخطر لنا قضايا جديدة لم تكن على مائدة الحوار، وتستحق أن يتم تخصيص وقت لمناقشتها، أو تضيف أشخاصا لديهم ما يستحق طرحه للحوار للاستفادة منه، أو يحدث حوار عبر الإعلام، فترى أنه يجب أن توفيه حقه داخل الحوار الوطنى.

كل هذا يجعل من الأفضل، لإنجاح الحوار الوطني، ألا تقيده بسقف زمنى محدد، ولكن نؤكد مرة أخرى أنه حوار ليس طويل الأمد ولا قصير الأمد، بل هو حوار يبحث فى القضايا الراهنة مع قضايا مرتبطة بمدى زمنى قصير أو متوسطة المدى، التى لها انعكاس على التحديات التى ستواجه الدولة فى المستقبل القريب من المشكلات أو التى نعيشها حاليا.

كما أننى أرى أن تحديد مدة زمنية لانتهاء الحوار الوطنى ليست مهمة، كما قد يرى البعض، بقدر أن الأهم هو أن نستوفى الحوار والمناقشات، فى كل نقطة أو قضية نناقشها ويكون لها دلالة داخل المجتمع، أو نريد الإجابة عنها، وأن نعطيها وقتها فى كل المناقشة سواء فى مجلس الأمناء أو اللجان المنبثقة عن المحاور الرئيسية الثلاثة، حتى يتحقق الهدف من الحوار الوطني.

 وما الهدف من الحوار الوطنى أو الفلسفة التى يقوم عليها؟

الهدف من الحوار الوطني، بكل وضوح، هو خلق حالة من الحراك فى المشاركة السياسية فى المجتمع خلال المرحلة الحالية أو القادمة، التى سنبدأ بها الجمهورية الجديدة، فالرئيس عندما دعا لإجراء هذا الحوار الوطني، قال إنه يدعو لاجراء حوار سياسى فى المقام الأول، وهذا بالتأكيد لا يعنى أن الحوار سيكون سياسيا فقط ويهتم بالقضايا والمحاور السياسية، ويغفل الجوانب الأخرى أو المحورين الآخرين (الاقتصادى والمجتمعي).

فالقضايا الاقتصادية والمجتمعية هى قضايا شائكة ومتشابكة ومتداخلة مع بعضها البعض، وبالتالى لا يمكن أن تعالج هذه القضايا أو المشكلات الاقتصادية أو المجتمعية إلا بعد أن تهيئ المسرح السياسي، وبالتالى ستوفر لديك المناخ الأكثر استقرارًا، فالذى يستوعب تعدد الآراء ويقبل النقد البناء والاختلاف فى الرؤى ووجهات النظر سواء بالسلب أو بالإيجاب، وهذا أمر مهم جدا وأنت – كدولة أو مجتمع – تواجه قضايا فيها تحديات.

وهذا ما يجعل المحور السياسى يحظى بالأهمية فى الحوار الوطنى ويجيب عما يردده البعض من أن المحور السياسى ينال الاهتمام الأكبر من مجلس الأمناء، وهذا الطرح غير دقيق، فالمحور السياسى يحظى بالأهمية لأنه يفتح الباب لمناقشة وحوار نقدى وبناء وهادف فى المحورين الآخرين (الاقتصادى والمجتمعي)، إذ تحديد مسار قضايانا الاجتماعية والاقتصادية وكيف سنتعامل معها ونضيف إليها ونوفر حلول لها ونتعامل مع التحديات، التى تواجه تلك الحلول، كل ذلك سيأتى من حالة الحراك السياسي، التى سيخلقها الحوار الوطنى فى محوره السياسي.

والحراك السياسي، الذى يستهدفه الحوار الوطني، نقصد به التشاركية فى إدارة الدولة مع متخذى القرار، وهذا هو التعريف الذى طرحه الرئيس السيسي منذ البداية وأكد عليه أكثر من مرة، إذ أنه دائمًا ما يقول «أنا حامل للمسئولية ويجب عليكم أن تشاركوا معى فى هذه المسئولية».

والتشاركية هنا تعنى أنك تضع الشارع السياسى أمام اختبار جديد، بعد مرحلة من التوقف عن العمل السياسى بشكل فعّال، منذ ثورة 30 يونيو وحتى الآن، فالحراك السياسى عقب الثورة بطيء، ونتج عنه ركودا لبعض الأحزاب وصعودا لبعض التيارات والأحزاب ولكن حتى الأحزاب الصاعدة لم تمارس دورها كما يجب.

كما أن الحوار يستهدف خلق الوعى المجتمعى والسياسي، القادر على المشاركة فى مسئولية إدارة الدولة، وهذا الوعى ليس فى معرفة فقط التحديات نفسها، التى تواجهها الدولة ولكن فى وضع الحلول والاستراتيجيات وتهيئة الأشخاص القادرة على مواجهة تلك التحديات.

 هل كانت هناك صعوبات أو معوقات تحول دون أن تتفاعل الأحزاب مع المجتمع أو تُقْدم على تقديم نفسها فى التشارك بالمسئولية؟

لا يمكننا أن نقول لا.. ولا يمكننا كذلك أن نجيب بنعم.. فهناك دور ومسئولية على الدولة ودور آخر على الأحزاب نفسها، فالدولة عليها أن تعيد النظر مرة أخرى فى التشريعات والقوانين المنظمة للمشاركة السياسية وهذا من الممكن أن ينتج من فعاليات وجلسات الحوار الوطني، إذ ربما تكون من بين توصياته إعادة النظر فى تلك التشريعات والقوانين المنظمة للمشاركة السياسية.

أما عن دور الأحزاب فهو ضرورة التفاعل والتعاطى مع الحراك المجتمعى والسياسي، فليس منطقيًا أن تنتظر الأحزاب المؤيدة أن تدعوها الدولة للمشاركة، بل يجب عليها أن تقدم من تلقاء نفسها أطروحاتها لمعالجة ما تواجهه الدولة من معوقات للتنمية ومشكلات مجتمعية، كما أن دور الأحزاب المعارضة ليس فقط إصدار بيانات تشجب فيها سياسة الدولة تجاه قضية ما، دون أن تقدم أى حلول أو رؤى فى هذا المجال أو الميدان، بل يجب أن يقوم الحزب المعارض بأن يقدم رؤيته للحل فيقول «أنه يقدم هذا الحل لتلك القضية التى يشجب إدارة الدولة لها».

ولكن فى الواقع، الأحزاب المعارضة لا تفعل ذلك، نعم هناك كوادر بها ولديها هيكل حزبي، ولكنها ليست كوادر متفاعلة مع قضايا الشارع، ولا يوجد أحد بالشارع السياسى متجاوب معه، هنا الدولة تدعوه للمشاركة الفاعلة وتقول له «اتفضل انزل الشارع وتعاطى مع قضايا المجتمع والدولة من خلال الحوار الوطنى ستوفر لك الفرصة لتجربة نفسك وكوادرك لتعلم مدى قدرتك على التعامل الحقيقى والفاعل مع قضايا ومشكلات الوطن».

وبالتالى ستتمكن الأحزاب السياسية من خلال الحوار فى أن تقول للدولة ما هو مطلوب منها، والدولة كذلك ستوضح للأحزاب المطلوب منها، فالمعارضة لا تعيش فى فراغ مجتمعي، فكما أن لها حقوق فعليها أن تلتزم هى الأخرى بما هو مطلوب منها، والتشارك فى المسئولية يعنى أن كل طرف من أطراف المجتمع والعملية السياسية له حقوق وعليه واجبات كذلك.

وفى الحقيقة، فإن غالبية الأحزاب على الساحة السياسية ما زالت تستخدم نفس الآليات فى التعبير عن رأيها، التى تستخدمها منذ السبعينيات، دون أى تغيير ودون مراعاة لتطور الحياة السياسية فى المجتمع، وتصر على أن الطريقة الوحيدة للتعبير عن رأيها هى «الصوت العالي» وبيانات الشجب!

 رغم مشاركة ما يسمى بـ «الحركة المدنية» فى مجلس أمناء الحوار الوطني، إلا أنها تحاول فرض أجندتها على الحوار وتثير بلبلة فى المجتمع عبر البيانات والتصريحات الإعلامية.. فلماذا هذا النشوز عن «سيمفونية الحوار الوطني»؟

يجب أن نعترف بأن السياسة (جيم كبير – مباراة أو لعبة كبيرة)، وهذا بالطبع على مستوى العالم، وفى كل الدول وليست مصر فقط، ومن الممكن أن يضل هذا اللاعب السياسى أو يخرج عن المسار والواجب الوطنى المنوط به، بمعنى أنه يقدم هنا مصلحته الشخصية أو مصلحة فصيل أو طائفة ما، على مصلحة الوطن والشعب.

وهذا ظهر بوضوح بعد البيان الأخير لما يسمى بـ «الحركة المدنية»، ولكنهم تراجعوا بعدما شهدوا رد فعل المجتمع، وحمدين صباحى أصدر استدراكا لهذا البيان وتراجع عن هذا الكلام ولو تابعت البيانات السابقة ستجد أنه عقب كل جلسة للحوار الوطنى تخرج نفس البيانات حاملة ذات الكلمات تقريبا.

وهنا سأقول مرة أخرى ما ذكرته خلال جلسة الحوار الأخيرة، أن ما تفعله ما تسمى بالحركة المدنية يضعف عناصرها أو مرشحيها داخل مجلس الأمناء ولجان الحوار الوطني، فهذه البيانات تقول بشكل مباشر إن الحركة المدنية تلك لا تثق فى مرشحيها، فعندما تخرج عقب الجلسة لتعترض على ما صدر عنها فهو دليل على أن من رشحتهم ليسوا أهل ثقة لديك، فهم شاركوا فى النقاش داخل الجلسة والقرار صدر بالتوافق بين أعضاء مجلس أمناء الحوار الوطنى بمن فيهم أعضاء تلك الحركة.

فما الذى يستدعى أن تصنع بلبلة للمجتمع وتقول معلومات خاطئة عما دار بجلسات الحوار بينما شارك رجالك ومرشحوك فى الوصول بالمناقشة حتى تخرج بتلك القرارات بالتوافق، وبعد هذه المناقشات التى تمتد لساعات طويلة والتوافق على قراراتها تخرج تلك الحركة برموزها فى الإعلام ليقولوا: «نحن غير راضيين عن تلك القرارات» فإذا كنتم كذلك فلماذا وافق مرشحوك للحوار عليها؟

ويجب أن نلفت النظر إلى أن الجلسات الست الأولى للحوار هى جلسات إجرائية، لوضع المحاور الرئيسية واللجان الفرعية واختيار المقررين ووضع خطة العمل والموضوعات المطروحة للنقاش أما جلسات الحوار نفسها فلم تبدأ بعد.

وحتى لا نقلل من شأن الجلسات الإجرائية، أؤكد أنها هى أصعب جزء فى مسيرة الحوار الوطنى وتمثل 50% من الحوار
والـ 50% الأخرى هى فى المناقشات وعمل اللجان المنبثقة من المحاور الثلاثة (السياسى والاقتصادى والاجتماعي)، وبالتالى فنحن بعد الجلسة السادسة نكون قد أنجزنا 50% من عمل الحوار الوطنى وننطلق نحو إنجاز الـ 50% الأخرى.

 البعض يفسر التوافق بأنه فرض لرأى فصيل أو شخص على الآخرين أو أنه لا يوجد خلاف آراء بين المشاركين فى مجلس الأمناء.. فهل هذا صحيح؟

لا.. بل نحن نختلف كثيرا، ولكن نختلف باحترام، ونتناقش بهدوء وموضوعية، وبعد تلك المناقشات المطولة فى كل جلسة، التى تتراوح ما بين 6 و10 ساعات فى الجلسة الواحدة، نصل للتوافق، وإلا ما الذى نفعله كل هذا الوقت؟

فى بداية كل مناقشة يطرح كل عضو بمجلس الأمناء وجهة نظره ويظهر المؤيد للطرح والمعارض له، ونظل نتناقش حتى نصل إلى نقطة تلاقى بين المؤيدين والمعارضين، هنا يأتى الدور الرائع والمثمر للمنسق العام للحوار الوطنى الدكتور ضياء رشوان، الذى يظل محايدًا للنقاش حتى نلمس جميعا نقطة التلاقي، فيبدأ منها د. ضياء فى إدارة دفة الحوار حتى نصل للتوافق ونخرج بقرارات عن الجلسة.

وهنا أحب أن أشكر الدكتور ضياء، عما يقوم به من جهد فى ضبط إيقاع المناقشات وإدارة دفة الحوار حتى الوصول للتوافق المنشود.

وبالتالى أعود فأؤكد أننا نختلف داخل الحوار ونختلف كثيرا بل إن التعددية داخل مجلس الأمناء من أجل هذا الاختلاف فى الرؤى حتى يسمع كل طرف ما لدى الطرف الآخر، ونستعرض رؤى الجميع فربما يكون لدى قوى المعارضة أفكار تقنع مؤيدى الدولة وربما يكون لدى المؤيدين رأى تقتنع به المعارضة، فنصل جميعا للتوافق.

وانتهز الفرصة هنا لتوضيح أن مصطلح المؤيدين للدولة هو التسمية الصحيحة لنا وليست كما يحاول البعض إطلاق لقب الموالاة علينا، الذى أرفضه تماما وأرفض استخدامه فى وصفنا، فنحن مؤيدون للدولة ولمسار الدولة، ولسنا موالاة فالموالى لا يبدى رأيا فيما يحدث أما نحن فنبدى رأينا، ولنا رأى واضح ومعلن فيما تقوم به الدولة، بل أحيانا يكون لنا نقد لما تقوم به بعض الوزارات أو المؤسسات ونعلنه رغم أننا مؤيدون للدولة، ولكننا نؤيد مع الاحتفاظ بحريتنا ورأينا الحر فيما نؤيده، وبالتالى نحن ندافع عن قناعتنا فيما تقوم به الدولة، وربما يكون لقوى المعارضة قناعة عكس ما نقتنع نحن به وبالتالى فالمعارضة تدافع عن قناعاتها.

أما إذا كان كل مؤيد لفكر أو قناعة موالي، فهنا سيكون ممثلو المعارضة بمجلس الأمناء موالاة هم أيضا للتيارات والأحزاب، التى ينتمون إليها وما يسمى بالحركة المدنية بل لو طبقنا عليهم ما يصفونه بالموالاة من أجله لكانوا هم أكثر موالاة مننا ولكن لحركتهم المدنية!

 أحزاب الحركة المدنية كانت قد أوشكت على الاندثار ولم يعد لها تأثيرا فى الشارع المصري، ثم جاء الحوار الوطني؛ ليعطيها فرصة للعودة للمشهد مرة أخرى، ويمنحها « قبلة الحياة» كما يرى البعض؟

الحوار الوطنى لم يمنح الحركة المدنية، «قبلة الحياة» وحدها، بل هو فى الحقيقة منحها للكثير من الأحزاب والتكتلات السياسية، فرغم أن فى مصر لدينا عشرات الأحزاب، إلا أن غالبيتها ليس له وجود حقيقى أو تأثير فى الشارع، وهنا جاء الحوار الوطنى ليتيح لها الفرصة لتعيد النظر فى آليات عملها وهياكلها الحزبية وقواعدها وكذلك يتيح لها الفرصة للتشاركية المسئولة فى المجتمع وتقوم بواجبها نحو وطنها.

أما الحركة المدنية فهى تضم 12 حزبا، وفى الحقيقة أنا اعترض على إطلاق هذا اللقب عليها، فمصر دولة مدنية والدستور المصرى يؤكد ذلك والدستور والتشريعات والقوانين المصرية جميعها تحافظ على مدنية الدولة ونحن لسنا فى حاجة إلى فصيل أو حركة يمثل مدنية الدولة ويسأثر بها لنفسه.

وأدعوهم للبحث عن اسم بديل يختارونه لأنفسهم وحركتهم فمصر دولة مدنية ونحن جميعا جزء من مدنية تلك الدولة وليسوا هم فقط.

 هل ترين أن المعارضة الحالية قادرة فعلًا على القيام بدورها فى التشاركية بالمسئولية؟

فى الحقيقة نحن فى حاجة إلى معارضة وطنية ديمقراطية، تلفظ المعارضة القائمة على المصلحة الشخصية والحزبية، وتشارك بفاعلية فى الديمقراطية القائمة على تقديم مصلحة الوطن على مصالحها الشخصية الضيقة، وطرح الحلول وليس فقط الشجب مثلما تفعل قوى المعارضة الحالية بوضعها الراهن.

كما أننا فى حاجة كذلك إلى نخبة ثقافية جديدة، تحمل فى طياتها التنوع الفكرى وقادرة على قبول الرأى الآخر، نخبة ثقافية «يسمع من فيها صوت الآخر».

 هل الأسماء التى تم التوافق عليها كمقررين ومقررين مساعدين للجان كانت بالتوافق أم جاءت وفق مواءمات سياسية وترضية للتيارات المشاركة فى مجلس الأمناء؟

لا توجد أية ترضية تمت أو ستتم داخل الحوار الوطنى لصالح أى تيار سياسى أو حزب مهما كان، بل نحن أصلا فى مجلس الأمناء لسنا مجبرين على إرضاء أحد، فالدعوة مفتوحة لمشاركة الجميع وكل يقدم مرشحيه والاختيار يتم بالتوافق، أما عن المواءمات فهذا أمر طبيعى فى العمل السياسي، فالمواءمة معناها اختيار المشاركين من كل أطياف المجتمع ودون ذلك لن ينجح الحوار الوطنى، فكيف يكون حوارا مجتمعيا وليس فيه تمثيل لجميع طوائفه؟

ويجب أن نعلم علم اليقين بأن الحوار يناقش التحديات التى تواجه الوطن والتحديات التى تواجهها مسيرة التنمية والبناء التى انتهجتها الدولة بعد ثورة 30 يونيو، وتثبيت أركان جمهوريتنا الجديدة، ولا يناقش المصالح الحزبية، أو ينقاد إلى مكاسب وخسائر أى حزب أمام أية قضايا أو أطروحات نضعها على مائدة الحوار.

 الحركة المدنية.. سجناء الرأي.. من بين مصطلحات أخرى انتشرت مع انطلاق الحوار الوطني، فى إطار خطة ممنهجة لتوجيه العقل الجمعى للمجتمع، فكيف نتصدى لها؟

هذا هو دور الإعلام الوطني، أن يقوم بتصحيح المفاهيم والمصطلحات، التى يحاول بعض التيارات بثها فى المجتمع، أما عن توجيه العقل الجمعى فهذه خطة فاشلة وستفشل حتمًا لأن العقل الجمعى كان نتاجا للشيوعية وسقط معها وحاليا هناك العقل التوافقى وهو يعنى التوافق المجتمعى على رأى ما أو قضية ما أو هدف يسمو على الأهداف الأخرى.

 بمناسبة الحديث عن السجناء.. هل لمجلس الأمناء دور فى تحديد أسماء المفرج عنهم ضمن مبادرة العفو الرئاسى التى تزامنت مع الحوار الوطني؟

فى البداية، أود أن أؤكد أننى وكل مجلس الأمناء متعاطفون مع أى سجين من التيارات السياسية، لم تلوث يداه بالدماء، وتم الحد من حريته، ونتمنى أن يتم العفو عن الجميع، ولكن علينا أن نؤكد كذلك أنه لا يوجد سجناء رأى فى مصر أو معارضون تم الزج بهم فى السجون والحد من حريتهم بسبب آرائهم السياسية، ولكنهم أشخاص حاولوا العبث فى أمن المجتمع وفى هذا الظرف الدقيق، الذى تمر به البلاد، كان لا بد أن يتم التعامل بحسم مع كل من يعبث أو يحاول العبث بأمن المجتمع.

أما بالنسبة للعفو الرئاسى فنحن منذ بداية الحوار الوطنى نناشد الرئيس السيسى بدعمنا وزيادة أعداد المفرج عنهم بالعفو الرئاسى ممن لم تلوث أياديهم بدماء الشعب المصرى أو تلوثوا بخيانة الوطن، ولكننا لم نتدخل فى تحديد العدد أو حتى نرسل مقترحات بأسماء بعينها للإفراج عنها فكلهم أبنائنا ونتمنى الإفراج عنهم جميعًا وتحديد الأسماء والأعداد منوط به جهات أخرى بالتنسيق مع لجنة العفو الرئاسي، التى تمت إعادة إحيائها تزامنا مع الدعوة؛ لتدشين الحوار الوطني.

أما عن دورنا نحن كمجلس أمناء للحوار الوطنى فهو دعوة عدد من هؤلاء الشباب المفرج عنهم للاستماع إليهم، خاصة أن بعضهم أعلنوا عن قيامهم بمراجعات فكرية خلال مدة الحبس، وكانوا صادقين مع أنفسهم واعترفوا بأنهم اخطأوا فى اختيار طريقة التعبير عن رأيهم وهم لم يتخلوا عن أيدولوجيتهم وأفكارهم السياسية ولكن لو عاد بهم الزمن فلن يلجأوا للعنف وتلك المصادمات للتعبير عن أفكارهم وآرائهم.

وهناك نماذج منهم ستشارك بالفعل فى جلسات الحوار الوطنى القادمة، من بينها الشاب حسام مؤنس وأنا بالفعل سعيدة به وبشجاعته وصراحته مع نفسه، فقد اعترف بالخطأ وقال إنه أجرى ما أسماه «حوار الزنازين» وتراجع عن كثير من الممارسات، التى قام بها فى وقت سابق.

 وبعد الاستماع لهؤلاء الشباب، كيف سيتم بلورة تلك المراجعات فى الحوار الوطني؟

 هؤلاء الشباب هم مستقبل المعارضة فى مصر، وسيكونون كوادر وقادة الأحزاب مستقبلًا، بعد ذلك المراجعات الفكرية الناضحة التى قاموا بها وبالتالى فالاستماع إليهم مهم جدا، كما أن شجاعتهم فى الاعتراف بالخطأ والمراجعات الفكرية التى قاموا بها من تلقاء أنفسهم ستكون محور نقاشات مهمة ومكثفة فى جلسات الحوار الوطني، كما أن تجربتهم ستكون ملهمة للأجيال القادمة وسيعلمون أن المعارضة ليست خطأ وإنما الخطأ هو فى طريقة تلك المعارضة وبالتالى ستحمى شباب آخر من السقوط فى مثل هذا الخطأ فى المستقبل، وبالطبع سيكون لتلك المراجعات والمناقشات حولها ولما سنستمع إليه من هؤلاء الشباب نصيبه بين توصيات الحوار الوطني، التى سنرفعها إلى القيادة السياسية.

 انتهت الجلسات الاجرائية وستبدأ اللجان فى دراسة الملفات والقضايا باستفاضة، فهل تم غلق الباب أمام استقبال مقترحات من المواطنين والراغبين فى المشاركة؟

نعم تم غلق الباب أمام الاقتراحات المكتوبة، وقد استقبلنا منها عشرات الآلاف، ولكن ما زال مجلس الأمناء على اتصال بالشارع ويستمع لما يدور فيه سواء عبر ما يتم إثارته فى وسائل الاعلام أو السوشيال ميديا أو عبر التواصل المباشر مع أعضاء مجلس الأمناء.

فأنا شخصيا أسجل بشكل يومى ما يدور عن الحوار الوطنى فى الشارع من حولي، مما يتردد أمامى أو يخبرنى به البعض من تساؤلات أو مقترحات، وأقدم تلك الآراء للنقاش فى جلسات الحوار الوطني.

 لماذا لا توجد لجنة للإعلام ضمن لجان الحوار الوطني؟

الإعلام قضية مهمة جدا وله دور مهم وفعال فى المرحلة القادمة، ولكنه فى نفس الوقت قضية المنظومة الإعلامية تحتاج إلى متخصصين للنظر فيها ومناقشة أزماتها وطرح حلول لتطويرها ولهذا لا يمكن تخصيص لجنة لها بالحوار الوطني، كما أن قضية الاعلام حاضرة فى مناقشات العديد من اللجان.

إذ أن هناك قضايا أو ملفات تحتاج إلى متخصصين ذوى خبرات لفتحها ومناقشتها كما لا يمكن مناقشتها فى معزل عن القضايا والملفات الأخرى، مثل ملفات الأمن القومى والإعلام والعلاقات الخارجية للدولة.

فهى ملفات تحتاج لبيانات ومعلومات ليست حاضرة لدى جميع المشاركين فى الحوار الوطنى، كما أنها قضايا شديدة الخصوصية والدقة لذا مناقشتها فى لجان الحوار لن تكون ذات نفع للحوار الوطني.

 لماذا اشتدت الحرب الإعلامية التى تشنها أبواق الجماعة الارهابية ضد الدولة المصرية عقب إطلاق الرئيس السيسى دعوته لإجراء الحوار الوطني؟

عقب دعوة الرئيس السيسى لإطلاق الحوار الوطنى وإعلانه أن الحوار يتسع للجميع، ظنت الجماعة الارهابية أن تلك فرصتهم للتسرب مرة أخرى داخل المشهد السياسي، فعرضوا مشاركتهم فى الحوار، ولكن طلبهم قوبل بالرفض الشعبى أى أن المجتمع المصرى نفسه رفض وجودهم فى المشهد مرة أخرى، وهنا استجابت القيادة السياسية لصوت ورأى الشارع وأعلن الرئيس السيسى أن الحوار يتسع للجميع إلا من تلوثت يداه بالدماء، وأيدت ذلك كل الحركات الوطنية المشاركة فى الحوار وبالطبع أيده مجلس الأمناء.

ومع فشلهم فى الانضمام إليه بدأت الجماعة الارهابية فى مجابهة الحوار الوطنى والتشكيك فيه عبر أبواقها الإعلامية، فزعموا أن الحوار مجرد دعوة لن تنتقل إلى حيز التنفيذ وازدادت صدمتهم بتشكيل مجلس الأمناء والأمانة الفنية وانطلاق الجلسات فروجوا بأنه لن يشارك فى الحوار إلا مؤيدو الدولة فقط ومرة أخرى خاب ظنهم وزعمهم وشاركت جميع القوى السياسية الوطنية فيه.

حينها تيقنت الجماعة الإرهابية أن الحوار الوطنى حقيقة وسيحقق هدفه، فصعدت من حربها ضد الدولة المصرية بالتشكيك فى كل الإنجازات، التى تتحقق يوميا على أرض الواقع ومحاولة هدم الثوابت المجتمعية وبث روح الفتنة بين الشعب حتى فى مجال الرياضة، واستغلال الحوادث الفردية وتصويرها على أنها ظواهر مجتمعية.

ومع كل فشل تجنيه الجماعة الإرهابية من حربها ضد الدولة المصرية تصعد من تلك الحرب، آملة فى أن توقف أو تعطل مسيرة بناء الوطن، الذى استرده الشعب من بين براثنها فى ثورة 30 يونيو وأن تحول نظر الشعب عن رؤية ما تحققه الدولة من إنجازات فى طريق الجمهورية الجديدة، فهدف هذه الجماعة الإرهابية المنبوذة من الشعب، وشغلها الشاغل منذ لفظها الشعب فى 30 يونيو، هو محاولة عرقلة مسيرة التقدم والتنمية فى مصرنا الحبيبة.

 

 ثورة 30 يونيو أسست للجمهورية الجديدة، وثورة 52 أسست للجمهورية الأولى، فما الفارق بين الجمهوريتين أو بين فلسفة حكم الرئيسين السيسى وعبد الناصر؟

منذ تولى الرئيس السيسى مقاليد الحكم وهناك مقارنة بينه وبين الرئيس عبد الناصر فكلاهما أتى بعد ثورة، والثورات تخلق هدفًا وتخلق نظرية اجتماعية تعمل الدولة على إرسائها، إن فلسفة حكم الرئيس جمال عبد الناصر أو مفهوم تطبيق الدولة الديمقراطية فى عهدها أن يحكم الشعب نفسه بنفسه وهو ما كان عبد الناصر يؤكده دوما ونردده ونحن طلاب بالمدارس.

فثورة 52 قامت لتحرر الوطن من الاستعمار وتعيد الدولة للشعب من الملكية لتتحول إلى جمهورية يحكمها ابن من أبناء الشعب هو «ناصر»، فالرئيس من أبناء الشعب وجاء ليحقق آمالهم وطموحاتهم المشروعة، وبالتالى كان الهدف الذى خلقته ثورة 52 وتحرك الرئيس عبد الناصر لتحقيقه هو التحرر من الاستعمار وأعوانه فى جميع مناحى الحياة سواء (اقتصادية – سياسية – اجتماعية).

ومع نجاح مصر عقب ثورة 52 فى حرب الحرية والتحرر تبنى «عبد الناصر» حركات التحرر فى الوطن العربى والقارة الإفريقية ودعمها من أجل استرداد أوطانهم من الاستعمار وأعوانه ببلدانهم.

أما ثورة 30 يونيو فلم يكن هدفها التخلص من استعمار أجنبي، بل كانت تستهدف استرداد الوطن «المختطف» والثورة «المختطفة» من الجماعة الإرهابية أى أنها قامت من أجل استرداد الدولة الوطنية وإرساء دعائمها مرة أخرى.

من هنا كانت فلسفة حكم الرئيس السيسي أو مفهوم الدولة الديمقراطية فى عهده، هو الحفاظ على الدولة الوطنية من خلال التشاركية بالمسئولية أى التشاركية فى إدارة الدولة مع متخذى القرار، فالرئيس السيسى منذ البداية يؤكد أنه «حامل للمسئولية» ويجب على الشعب المصرى بجميع أطيافه أن يشارك معه فى هذه المسئولية.

وكما ظهر تطبيق ديمقراطية فى عهد عبد الناصر فى دعمه لحركات التحرر العربية والإفريقية، نجد أن الرئيس السيسى ودولة 30 يونيو قامت بمساندة الدول الشقيقة فى استرداد دولهم الوطنية، وهكذا ظهرت الريادة المصرية – كما كانت دوما – فسادت المنطقة فلسفة ثورة 30 يونيو المنطقة وبدأت صحوة جديدة بريادة مصرية للتخلص من الجماعة الإرهابية التى اختطفت ثورات الشباب العربي.

 هل خلقت ثورة 30 يونيو نظرية اجتماعية خاصة بها؟

لقد قلت فى جلسات مجلس أمناء الحوار الوطني، وأكرر هنا، بأننا فى حاجة لإنشاء نظريتنا الاجتماعية، تكون ابنة فلسفة ثورتين (إحداهما اختطفت من الشباب وهى ثورة 25 يناير أما ثورة 30 يونيو فحماها الجيش من براثن الإخوان)، وما حدث فى الثورتين أنتج لنا فلسفة هذه الثورات وهى «الدولة الوطنية.. كيف نحافظ على وجودها وندعمها».

وهنا تأتى أهمية النظرية الاجتماعية، التى ستكون المبادئ، التى تضيف إليها الأجيال القادمة وتدعمها أكثر وأكثر، وهذا يحتم علينا الإعلاء من قيمة «العقل التوافقي» وليس العقل الجمعي، لأن الأخير هو نتاج الفكر الشيوعي.

أما العقل التوافقى فهو نتاج الجمهورية الجديدة، التى تبنى شخصية مصرية حديثة، لديها إحساس الحفاظ على الهوية الحضارية، التى نتميز بها والحضارة هى ثقافة متقدمة كما يقول علماء الانثربولوجيا، بمعنى أن كل جيل يضيف سمات لتلك الثقافة الأم، لتساير الركب الحضارى بمفهوم جديد.

وفى عصرنا الآن لا يمكن أن نغفل أى رأى يُقال، مهما كان، وليس بالضرورة أن نطبقه إذا لم يلق القبول، ولكن نسمعه ونتعرف عليه، ليتعين لنا قبوله أو رفضه، لأن مصادرة الآراء ينتج عنها إحساس بالقهر كونه غير مسموع، فعلينا بالاستماع والمناقشة ليقتنع صاحب الرأى بأن رأيه مقبول أم لا، وهنا لدينا طريقنا « التوافق أو التصويت».

 بما إنك تطرقت للحديث عن الهوية الحضارية، فهل لدينا إشكالية فى تحديد الهوية المصرية، أو كما يروج البعض أننا لدينا إشكالية فى تعريف هويتنا ولجنة الهوية بالحوار الوطنى ستحسم هذه الإشكالية؟

لا توجد أى أشكالية فى تحديد الهوية المصرية ولم أسمع بوجود هذه الإشكالية، والأمر محسوم وما غير ذلك هو من الحرب، التى تشنها الجماعة الإرهابية للتشكيك فى ثوابتنا المجتمعية.

فالدستور والمجتمع حاسم وواضح فى شأن الهوية الوطنية المصرية، نحن دولة لها حضارة امتدت منذ آلاف السنين منذ عهد المصريين القدماء ذات سيادة وحدود ثابتة، ولنا امتداد جغرافى عربى تحتمه علينا لغتنا وقوميتنا العربية، كما أن لنا امتداد إفريقي، امتداد جغرافى وشراكة قارية وانتماء.

أما البعد الإسلامى فى الهوية المصرية فهو ليس امتدادا جغرافيا وإنما معنى روحي، ويجب أن نفرق بين ما هو جغرافى وما هو روحي، عند الحديث عن الهوية المصرية، فالانتماء الإسلامى ليس مرتبطا بحدود معينة أو بعد جغرافى محدد، وفى الحقيقة لم يظهر مصطلح الهوية الإسلامية إلا على يد الجماعة الإرهابية والتيارات المتطرفة لخدمة مصالحها وأجنداتها وتبرير علاقاتها التنظيمية المتشابكة.

 هل سيكون من بين توصيات الحوار الوطنى إجراء تعديلات دستورية؟

كما قلت من قبل، الحوار الوطنى سيخرج بتوصيات يرفعها إلى القيادة السياسية ومتخذى القرار، وستضمن توصيات بتعديلات فى التشريعات والقوانين الحالية، وبالتأكيد نحن فى حاجة إلى تعديلات دستورية، وبكل صراحة أقول أن الدستور الحالى تمت صياغته بخوف، الخوف من المستقبل، الخوف من المجهول، حتى أنه تضمن مواد ليس الدستور مكانها بل هى مواد تتضمنها القوانين.

وبالتالى فتعديل الدستور صار أمرا محتوما، خاصة أنه لم يتضمن توصيف الجمهورية الجديدة، التى ترسى الدولة قواعدها حاليا، إذن علينا أن نعدل الدستور بمواد صالحة لبناء الدولة الحديثة، وتزيل العوار أو ما يطلق عليه «دسترة القوانين»، الذى ظهر فيه نتيجة ظروف صياغته وإعداده، فى ظل فترة انتقالية ورئيس مؤقت للبلاد.

 لماذا يحتاج مجلس الأمناء إلى مستشار للحوار مع ما يضمه من كفاءات؟ ولماذا تم التوافق على الدكتور حسام بدرواي؟

الدكتور حسام بدراوى ليس مستشارا للحوار فى المطلق بل هو مستشارا لمهمة محددة تتعلق باستراتيجة مصر 2030، فكما قلت إن مجلس الأمناء سينتهى إلى توصيات ومقترحات «وهى مقترحات مدروسة بدقة» سنرفعها للقيادة السياسية، كما أننا لسنا بديلا لمؤسسات الدولة ولا نريد إعادة طرح ما تم الاستقرار عليه سابقا، كما أننا مقترحاتنا يجب أن تكون وفق الأجندة المصرية، التى تم تقديمها للمجتمع الدولى مثلنا مثل كل دول العالم، فنحن لسنا فى معزل عن المنطقة أو العالم.

وبالتالى نحن كنا فى حاجة إلى شخص على دراية بما تم إدراجه فى أجندة استراتيجية رؤية مصر 2030 وهى تلك الاستراتيجية، التى بدأتها الدولة ضمن الخطة الخمسية الحالية (2020 – 2025) ومستمرة فى الخطة الخمسية القادمة (2026 – 2030)، والدكتور حسام بدراوى أحد المشاركين فى وضع تلك الاستراتيجية، وهكذا تم التوافق عليه؛ ليكون مستشارا للحوار فيما يتعلق برؤية مصر 2030 فإذا قدمنا مقترحا فهو جزء من الاستراتيجية يخبرنا بأن طرحنا موجود بالفعل فى خطة الدولة، ولا داعى لإعادة طرحه، وكذلك إذا كان المقترح المقدم من الحوار الوطنى يتعارض مع تلك الرؤية المصرية يوضح لنا أسباب هذا التعارض.