صالون الرأينجوم وفنون
العملية نجحت والطبيب هاجر!
By amrديسمبر 19, 2022, 16:16 م
700
من جمل الحوار الشهيرة فى الأفلام المصرية، العبارة التي يقولها الطبيب لأهل المريض: “إحنا عملنا اللي علينا والباقي على ربنا”.. والحقيقة أننا لم نفعل ما علينا تجاه من نسميهم بعد جائحة كورونا بالجيش الأبيض لما قدموه من تضحيات وصلت إلى درجة الاستشهاد فى سبيل إنقاذ ملايين المرضى.
وها هو تقرير لمراسل جريدة “لوس أنجلوس تايمز” بالقاهرة يكشف جانبا آخر من هذه الحقيقة المؤلمة، وهى تفريغ مصر من الأطباء الأكفاء، والسماح بخروجهم للعمل فى مستشفيات الخليج وبعض البلدان الأوروبية وخاصة منذ تفشي جائحة كورونا، فى الوقت الذى يتم فيه تقليص عدد الطلاب فى كليات الطب بالجامعات المصرية.
ويحذر التقرير من خطورة هروب الأطباء بأعداد كبيرة على مستوى الرعاية الصحية فى مصر، خاصة وأن المتجهين للعمل بالمستشفيات والمستوصفات الخليجية، يكونون عادة من الأطباء المهرة والحاصلين على شهادات الدكتوراه والماجستير المشهود لهم بالكفاءة، وأصحاب الخبرة الكبيرة، وهم يفضلون العمل بالخليج وأمريكا وأوروبا نظرا للإغراءات المادية الكبيرة ، فيما لا يبقى فى مصر سوى الأطباء المبتدئين وحديثى التخرج، الذين يعانون عادة من نقص الخبرة!.
ويؤكد التقرير الصحفى أن استمرار هذه الظاهرة خلال الفترة القادمة يهدد بحدوث فراغ طبى فى مصر خلال السنوات العشر أو الخمس عشرة المقبلة على أقصى تقدير، تعانى فيها الجامعات المصرية من ندرة الأطباء الجيدين، وعدم وجود كوادر طبية ذات خبرة تستطيع تدريب الأطباء حديثي التخرج.
والغريب أنه فى ظل الإقبال الشديد من دول الخليج على استقدام الأطباء المصريين بسبب سمعتهم الجيدة فى الخليج، لدرجة أن معظم من يعملون فى مستشفيات هذه الدول هم من المصريين، يليهم الجنسيات الأخرى، ومع ذلك تسعى وزارة التعليم ونقابة الأطباء لتقليص عدد طلاب كليات الطب، بحجة نقص الإمكانات، وعدم وجود أماكن ومعامل كافية لهم، فى حين لو نظرت الحكومة إلى الموضوع نظرة مستقبلية واستثمارية، ستجد أن الكوادر المصرية المدربة هى الدجاجة التى يمكن أن تبيض لها الذهب وتساهم فى توفير السيولة المالية للدولة من خلال زيادة تحويلات العاملين بالخليج، بشرط أن تقنن الدولة عمليات سفرهم، وتشرف على العقود الموقعة معهم، وتحمي حقوقهم، وهو مع الأسف ما لا يحدث، لا نعرف لماذا، وإذا سألنا أو على الأقل أبدينا دهشتنا لا نجد إجابة مقنعة !
ومع ذلك فنحن نسأل وزير الصحة ونقيب الأطباء.. إذا كان هذا التقرير وعشرات من التقارير والدراسات الأخرى التي قامت بها جهات مصرية وأجنبية تحذر من هروب الكفاءات العلمية للعمل بالخارج، فلماذا لا نضع تشريعا يرتب وينظم هذه المسألة حتى لا تخل بالتوازن الطبي فى مصر من جانب، وحتى نحمي حقوق هؤلاء الأطباء من جانب آخر؟
وحتى يحدث ذلك ستتغير العبارة السينمائية الشهيرة إلى “العملية نجحت والطبيب هاجر”!