سياسةشئون عربية
رسائل عربية ودولية لدعم صمود القدس
By amrفبراير 20, 2023, 17:15 م
954
المؤتمر الدولى لدعم صمود القدس حظى بمشاركة غير مسبوقة تؤكد أن الحقوق لا تسقط بالتقادم أو حتى وسط زحام الأزمات الدولية والعربية وأنه لا بد من تنفيذ حل الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وفق كل المبادرات والقرارات العربية والدولية، وقد دعا المؤتمر فى ختام أعماله المجتمع الدولى للتحرك العملى لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطينى ومواجهة العدوان الإسرائيلي، كما أدان إجراءات تهويد مدينة القدس، وطالب بتشجيع الدول بالشراكة مع صناديق الاستثمار والقطاع الخاص العربى لتأسيس آلية تمويل تطوعية مشتركة لدعم المشاريع الهادفة لتعزيز صمود أهل القدس، وحث المحكمة الجنائية الدولية على إنجاز التحقيق الجنائى ومحاسبة مرتكبى الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطينى.
سوسن أبو حسين
انعقدت أعمال الجلسة الأولى من مؤتمر «القدس.. صمود وتنمية» فى مقر جامعة الدول العربية وسط تمثيل عربى وإقليمى ودولى رفيع المستوى، وتحدث فى الجلسة الافتتاحية الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس دولة فلسطين محمود عباس، والعاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
وقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن تواجده فى هذا المؤتمر لدعم صمود القدس، عصب القضية الفلسطينية، والقلب النابض للدولة الفلسطينية.. مدينة السلام ومهد الأديان.. التى يستدعى ذكرها صور التعايش والتسامح… صور الصلاة بالمسجد الأقصى المبارك مختلطة بمشاهد الحج بكنيسة القيامة.. المدينة التى امتزج فيها طريق إسراء النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مع درب السيد المسيح عليه السلام.
كما تحدث الرئيس الفلسطينى محمود عباس عن كل ما تقوم به سلطات الاحتلال من انتهاكات دولية بحق الشعب وكذلك العاهل الأردني، وأكد الحضور تقديم الدعم السياسى والاقتصادى والقانونى للقدس والمقدسيين وتوالت رسائل المجتمع الدولى وكبار رجال الدين الإسلامى والمسيحى لحماية المقدسات التى تمس حرية العبادة، كما تحدث رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش نيابة عن العاهل المغربى محمد السادس، وجدد التزام بلاده بدعم القضية الفلسطينية بشكل عـام، والقدس بشكل خـاص، من منطلق الأمانة، بصفة المغرب رئيسا للجنة القـدس، المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامى.
وقال: إن حماية مدينة القدس من مخططات تغيير الوضع التاريخى والقانونى فيهـا، ينبغى أن يكون عملا صادقا ومخلصـا، بعيدًا عن نطاق الشعارات الفارغـة، والمزايدات العقيمـة، والحسابات الضيقـة.
وأوضح أن العمل الميدانى الذى تقـوم به وكالة بيت مال القـدس الشريـف، وهى الذراع الميدانية للجنة القـدس، التابعة لمنظمـة التعاون الإسلامى، منذ 25 عاما، يهدف إلى دعم المدينة المقدسـة، والحفـاظ على طابعها الحضـارى، من خلال تنفيذ مشاريع اجتماعية وتنموية تهم جميع فئات المجتمع المقدسى.
وجدد الدعوة إلى إقامة تحالف عالمى يجمع كل القوى الحيـة، الملتزمة بالسـلام، والمؤمنة بقيم التسامح والتعايـش، لإنقاذ مدينة السـلام، والحفاظ على موروثها الحضارى والإنسانى المشتـرك، انسجامًا مع النداء الذى أطلقناه بالرباط عام 2009، لمناسبة المؤتمر الدولى حول القـدس.
كما أكد رئيس الجمهورية الجزائرية عبدالمجيد تبون مواصلة وتكثيف الجهود والمساعى للدفاع عن القدس المحتلة فى وجه القمع الإسرائيلى الممنهج، الذى يستهدف المدينة، وأهلها، ومقدساتها.
وشدد وزير الخارجية رمطان لعمامرة فى كلمة نيابة عن الرئيس الجزائرى، على أن السياسات العنصرية المدانة التى يسعى الاحتلال لفرضها فى مدينة القدس ومحاولاته طمس هويتها العربية الإسلامية والمسيحية، والمساس بالوضع القائم فيها أو تدنيس مقدساتها فى سياق ما شهدناه مؤخرًا من استفزازات، لن تحقق إلا مكاسب وهمية تجافى التاريخ والشرعية والديمغرافيا، لترهن التعايش الذى ميز هذه المدينة على مدى قرون من الزمن، وتقوض آفاق إحياء عملية السلام فى الشرق الأوسط.
وأكد فى كلمته تمسك الجزائر بمبادرة السلام العربية كأساس لحل الصراع العربى – الإسرائيلى وفق مبدأ «الأرض مقابل السلام»، وجددنا العزم على مواصلة وتكثيف جهودنا ومساعينا للدفاع عن القدس المحتلة، فى وجه القمع الإسرائيلى الممنهج الذى يستهدف المدينة، وأهلها، ومقدساتها.
ودعا إلى مواصلة الجهود مثلما تم الاتفاق عليه فى قمة الجزائر، لا سيما لتبنى ودعم توجه دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة.
وبدوره، قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط إن هذا الحضور الكثيف، وتلك المشاركة على أعلى مستوى من القيادات العربية وممثلى المنظمات الدولية والإقليمية، لابد أن توصل رسالة للعالم أجمع بأن القدس، بأهلها وتراثها ومقدساتها، تتعرض للخطر، وأن استمرار الأوضاع الحالية، واستمرار السياسات القمعية التى يتبعها الاحتلال، سيفضى إلى مزيد من التوتر والعنف والكراهية.
وجدد موقف الجامعة بإن حل الدولتين، وهو البديل العقلانى الوحيد لإنهاء الصراع الفلسطينى – الإسرائيلى، لافتًا إلى أن استمرار الاحتلال يؤدى إلى تزايد المخاطر، ودعا محبى السلام فى العالم للسعى والعمل بجدية من أجل إنقاذ حل الدولتين من أيدى المتطرفين وكارهى السلام.
البيان الختامى وحزمة إجراءات الدعم
أكد مؤتمر القدس «صمود وتنمية»، أن القضية الفلسطينية العادلة، وفى القلب منها القدس الشريف، ستبقى القضية المركزية للأمة العربية وللأحرار والمتمسكين بالقانون الدولى وحقوق الإنسان والعدل والمساواة حول العالم.
وشدد المؤتمر، فى بيانه الختامي، على أنه لن يتحقق السلام العادل والشامل والأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، إلا بعد أن ينال الشعب الفلسطينى حقوقه المشروعة وغير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حق العودة والتعويض وتقرير المصير والاستقلال، وزوال الاحتلال الإسرائيلى غير القانونى، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس، ومطالبة جميع دول العالم بالتضامن مع نضال الشعب الفلسطينى والانتصار لقضيته العادلة، والاعتراف بدولة فلسطين ومنحها حقها بالعضوية الكاملة فى الأمم المتحدة.
وطالب بتنفيذ القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، الصادرة عن الأمم المتحدة، والمجلس التنفيذى لليونسكو، ولجنة التراث العالمى التابعة لليونسكو، والتى أكدت أن المسجد الأقصى المبارك «الحرم القدسى الشريف بكامل مساحته البالغة 144 دونما» هو مكان عبادة خالص للمسلمين فقط، وجزء لا يتجزأ من مواقع التراث العالمى الثقافى.
وأكد على سيادة دولة فلسطين على مدينة القدس ومقدساتها، وعلى دعم الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس ودورها فى حماية هويتها العربية الإسلامية والمسيحية، ودورها فى الحفاظ على الوضع التاريخى والقانونى القائم فى القدس ومقدساتها، وعلى أن إدارة أوقاف القدس وشئون المسجد الأقصى المبارك الأردنية، هى الجهة الشرعية الحصرية صاحبة الاختصاص بإدارة شئون المسجد الأقصى المبارك وصيانته وتنظيم الدخول إليه.
كما طالب المجتمع الدولى بتحمل المسئوليات القانونية والأخلاقية والإنسانية من أجل الوقف الفورى للمشاريع الاستيطانية الإسرائيلية فى مدينة القدس، بما فيها ما يُسمى بمخطط مركز مدينة القدس ومشروع واجهة القدس ومشروع «وادى السيليكون» ومشروع «مدينة داود»، ومشروع «المنطقة الصناعية» فى العيسوية، ومشروع القطار الهوائى للمستوطنين، ومشروع تسوية العقارات والأملاك فى المدينة، والقوانين العنصرية الإسرائيلية التى تخول سلطات الاحتلال بسحب بطاقات هوية آلاف المقدسيين، والاستيلاء على ممتلكاتهم من خلال ما يُسمى بـ «قانون أملاك الغائبين»، مضيفا أن هذه الإجراءات العنصرية الباطلة تهدف إلى سلب المزيد من الأراضى والعقارات الفلسطينية فى البلدة القديمة ومحيطها، ومحو الآثار العربية فى مدينة القدس المحتلة.
كما أدان سياسة الاعتقال التعسفى والإدارى الإسرائيلي، والحرمان من العلاج والإهمال الطبى المتعمد القاتل للأسرى، معربًا عن دعمه لنضال الأسرى لتحقيق حريتهم.
وطالب المؤسسات والهيئات الدولية والحقوقية المعنية، بالتدخل العاجل الضغط على إسرائيل للإفراج الفورى عن جميع الأسرى والمعتقلين وجثامين الشهداء، ووقف سياسة الإبعاد والإقامة الجبرية، والحبس المنزلى التى تمارسها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بشكل واسع وممنهج ضد أطفال ونساء القدس، بهدف زرع الخوف فى وعيهم وتدمير مستقبلهم.
وأكد على المسئولية العربية والإسلامية الجماعية تجاه القدس، ودعوة جميع الدول والمنظمات والصناديق العربية والإسلامية ومنظمات المجتمع المدنى إلى ترجمة الدعم السياسى إلى تدخلات عملية تشمل توفير الدعم والتمويل اللازم فى مجالى التنمية والاستثمار، لتنفـيذ المشـروعات الواردة فى إطار التدخلات التنموية 2023 – 2025 (ملف المشاريع) الذى قدّمـته دولـة فلسطين للمؤتمر، وفق خطتها التنموية القطاعية التى تهدف لإنقاذ المدينة المقدسة وحماية مقدساتها وتعزيز صمود أهلها ومؤسساتها، فى مواجهة الخطط والممارسات الإسرائيلية لتهويد المدينة وتهجير أهلها.
ودعا إلى تشجيع الدول الأعضاء فى جامعة الدول العربية بالشراكة مع صناديق الاستثمار والقطاع الخاص العربى، لتأسيس آلية تمويل تطوعية مشتركة فى إطار جامعة الدول العربية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الهادفة إلى تعزيز صمود أهل القدس فى مدينتهم، وتمكينهم من مواجهة السياسات الإسرائيلية الهادفة إلى تقويض وجودهم فى القدس وتهجيرهم منها.
كما دعا إلى وضع الآليات اللازمة لتنفيذ قرار الدورة 31 لقمة الجزائر العربية، بخصوص التبرع بقيمة أصغر عُملة نقدية محلية تُضاف على فاتورة الهاتف الثابت والمحمول لمشتركى الخدمة فى الدول العربية.
وثمن الدور الأردنى فى رعاية وحماية وصيانة المقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس، فى إطار الوصاية الهاشمية للملك عبد الله الثانى، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، وتثمين دور لجنة القدس برئاسة الملك محمد السادس، ملك المملكة المغربية، وتثمين الجهود التى تبذلها وكالة بيت مال القدس التابعة لها، وتوجيه التقدير للجهود التى تبذلها الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، دعما للقضية الفلسطينية، من خلال المواقف السياسية التاريخية والدعم المالى المستمر لموازنة دولة فلسطين، والتقدير للمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وما تقدمه من دعم للأوقاف الإسلامية بمدينة القدس، وتوجيه التقدير لجمهورية مصر العربية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي على دورها التاريخى فى دعم القضية الفلسطينية، وتوجيه التقدير لكل الجهود العربية الهادفة للحفاظ على مدينة القدس، عاصمة دولة فلسطين، وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية، ومقدساتها وتراثها الثقافى والإنسانى، ودعم مؤسساتها فى مواجهة سياسات الاستيطان والتهويد والتزوير الإسرائيلية الممنهجة.
رسائل المجتمع العربى والإسلامى
مؤتمر القدس رفيع المستوى تحت شعار «صمود وتنمية» تميز بتمثيل وفود رفيعة المستوى من قادة الدول الأعضاء فى جامعة الدول العربية، وممثلين رفيعى المستوى عن منظمات وتجمعات دولية وإقليمية وعربية، بما فيها الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامى والاتحاد الأوروبى والاتحاد الإفريقى وحركة عدم الانحياز ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، والأزهر الشريف ومجموعة من رجال الدين والنواب والوكالات والصناديق والاتحادات والشخصيات الاعتبارية والمنظمات الأهلية ورجال وسيدات الأعمال.
ووجه الحضور تحية إكبار لنضال الشعب الفلسطينى الطويل والمستمر من أجل الحرية والاستقلال، واستحضروا القيم الإنسانية والأخلاقية التى بنى عليها ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولى وحقوق الإنسان والقرارات الدولية والعربية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.
واستمع الحضور، خلال الجلسة الافتتاحية والسياسية، إلى كلمات الدول الأعضاء والضيوف، واستكملت أعمال المؤتمر فى مسارين متوازيين: قانونى واقتصادى (تنموى استثمارى)، تناول المسار القانونى المحاولات الإسرائيلية المحمومة لتغيير الوضع القانونى والتاريخى القائم فى القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، والاستيطان والتهجير القسرى، وسياسات التهويد والهيمنة وأسرلة المناهج التعليمية فى القدس، وقضية الأسرى والأطفال وإنصافهم. وتناول المسار الاقتصادى إمكانيات الاستثمار والتنمية فى قطاع الإسكان بالقدس، والنهوض بالقطاعات الحيوية فى المدينة وفق الخطط التنموية الاستراتيجية لدولة فلسطين، ومن بينها الصحة والتعليم والإسكان والسياحة والثقافة والشباب والمرأة.