يأتى الاحتفال باليوم العالمى للمتاحف هذا العام فى ظل ترقب كبير على المستويين المحلى والعالمى لافتتاح المتحف المصرى الكبير، الذى يضم أكثر من 50 ألف قطعة أثرية منها 5600 قطعة تعود للملك «توت عنخ آمون»، ويعد هذا المتحف إلى جانب عدد من المتاحف التى تم افتتاحها مؤخرًا أو المنتظر افتتاحها قريبًا نقلة نوعية للمنظومة المتحفية المصرية التى توسعت لتشمل المتاحف القديمة أيضًا.
محمود درغام
فى البداية يقول د. ولاء الدين بدوي، مدير متحف قصر الزعفران بجامعة عين شمس، إن اليوم العالمى للمتاحف والذى وافق الخميس الماضى من كل عام هو اليوم الذى أقره المجلس الدولى للمتاحف «الأيكوم» بهدف توحيد الجهود الإبداعية للمتاحف ولفت انتباه الشعوب إلى الأنشطة التى تقدمها، ويضم «الأيكوم» عدد 4000 متحف متنوع ما بين متاحف العلوم والفنون والمتاحف الأثرية والتكنولوجية، وكانت بداية إنشاء المتاحف خلال القرن الثامن عشر عن طريق المجموعات الخاصة فى قصور الأمراء والنبلاء والملوك، حيث كانوا يقومون بعرضها على ضيوفهم للتباهى بها وبتنوعها التاريخي، وقد تطور مفهوم المتاحف بمرور الوقت كان آخرها ذلك الذى أقره مؤخرًا المجلس الدولى للمتاحف «الأيكوم» بأنها منظمات ومؤسسات غير هادفة للربح، مضيفًا أن هذا يجب أن يكون بشرط وهو ألا تخسر، بمعنى ألا تمثل ضغطاً مالياً على الدولة، ولهذا فقد تم إبتكار مجموعة من الأقسام والأفكار مثل الأقسام التعليمية والبرامج التى تحتاج للتعامل بشكل مباشر مع الجمهور الأمر الذى يحقق دخلاً للمتحف، بالإضافة إلى استغلال المتاحف فى إقامة الفعاليات والمناسبات والأنشطة بالصورة التى لا تخل بالطابع الأثرى والتراثى للمكان.
وأشار إلى أن المتحف القومى للحضارة المصرية والذى تم افتتاح عدد من قاعاته منذ فترة والمتحف الكبير المقرر افتتاحه قريبًا يمثلان نقلة نوعية للمنظومة المتحفية فى مصر، وذلك لأن عملية إنشائها من البداية شملت أن يكون مؤسسات وهيئات مستقلة تضم أنشطة ومراكز بحثية وشرائية ومعامل ترميم وصيانة على أعلى مستوى، فمتحف الحضارة يعد هيئة اقتصادية منفصلة متصلة بوزارة السياحة والآثار كما سيكون المتحف الكبير أيضًا، مؤكدًا أن التحدى يكمن فى القدرة على عمل ذلك مع باقى المتاحف القديمة والعريقة، كما أن توفير الكوادر يعد أزمة فى وزارة السياحة والآثار وذلك بسبب اتجاههم للمؤسسات البحثية داخل أو خارج مصر أو للتدريس فى الجامعات، فوجود الكوادر المتخصصة فى علم المتاحف والتراث سيعمل بشكل كبير من خلال خبراتهم المتراكمة على توفير الدخل الذى يتم من خلاله الإنفاق على المتحف.
أما د. ياسمين الشاذلي، نائب رئيس اللجنة الوطنية للمجلس الدولى للمتاحف «الأيكوم» فتقول إن بطاقات الشرح فى المتاحف المصرية بحاجة لنظرة جديدة وذلك فى ضوء طريقة التفكير الحديثة فى المتاحف العالمية حيث يوجد هناك اهتمام كبير بما يسمى Egyptology and decolonizing collection بمعنى القطع الأثرية المصرية الموجودة فى الخارج والتى أُخذت وقت الاستعمار، حيث يقومون بتدوين ذلك على بطاقات الشرح، مؤكدة أن القطع الأثرية المصرية المعروضة بالخارج مثل رأس الملكة «نفرتيتي» وحجر «رشيد» وغيرها من القطع التى خرجت من مصر بشكل غير شرعى من الممكن الإشارة إليها فى بطاقات الشرح أو بأى وسيلة أخرى، فمثلاً انتشر على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» فكرة وهى أن يتم عرض تلك القطع بتقنية «الهولوجرام» بالمتحف المصرى الكبير.
ويقول د. ميسرة عبد الله، نائب الرئيس التنفيذى للمتحف القومى للحضارة المصرية للشئون الأثرية وعضو لجنة سيناريوهات العرض المتحفى بوزارة السياحة والآثار، إن المتاحف فى مصر قد شهدت خلال العشر سنوات الماضية قفزات قوية جدا مقارنة بالمتاحف الموجودة بالمنطقة، فأصبح أسلوب العرض مختلف بشكل يخدم رؤية ومدرسة وموضوعًا محددًا وليس مجرد عرض الآثار فى المطلق، مؤكدًا أن المنظور العالمى للمتاحف أصبح مختلفًا خاصة بعد الحرب العالمية الثانية حيث لم تعد مجرد أماكن لعرض الآثار فقط بل مؤسسة للتعليم والتعلم، وبالتالى لابد للمتحف كمؤسسة أن يوفر الوسيلة التعليمية اللازمة بالوسائط المتاحة التى تواكب العصر مثل الشاشات والكمبيوترات وشاشات اللمس إلى جانب التحديث المستمر للمعروضات والمقتنيات، مؤكدًا أن رسالة المتحف كمؤسسة تعليمية هى ربط الناس بتاريخهم وثقافتهم وموروثهم الحضارى وتنمية روح الانتماء لديهم فهذا هو المكسب الحقيقى للمتحف.