رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

“الإكسلانس”.. ممثلون فى سجن الدور الواحد!

354

أصر الفنان الكوميدى محمد سعد فى آخر أعماله، بعنوان “الإكسلانس”، والذى تم عرضه فى رمضان الماضي، ولم يحقق نجاحاً يذكر، على استنساخ نفس الشخصيات التى قدمها فى أعماله الناجحة وأهمها اللمبي، وفتح من جديد ملف ممثل الدور الواحد، الذى يحصر نفسه أو يحصره المخرجون فى شخصية واحدة لا يستطيع أبداً الفكاك منها.. فهل العيب فى الممثل أم فى المخرجين الذين يستسهلون التنميط أم فى كتاب السيناريو؟ …أم فى المناخ الفنى نفسه؟!..هذا ما نحاول الإجابة عنه من خلال السطور القادمة..

فى البداية تجيب الفنانة القديرة هالة فاخر عن هذا السؤال فتقول: إنها ظلت محبوسة بالفعل لسنوات طويلة فى الأدوار الكوميدية الخفيفة، حتى أسند إليها المخرج الكبير نادر جلال دور الجدة فى مسلسل “الناس فى كفر عسكر”، والذى جسدت من خلاله دور أم الفنان عمرو عبد الجليل، وحصلت عنه على جائزة خاصة من مهرجان الإعلام العربى منذ سنوات، وذلك قبل أن يعيد المخرج خالد يوسف اكتشافها من خلال دور والدة الممثل عمرو سعد فى فيلم “حين ميسرة”، والذى حصلت عنه أيضاً على أكثر من جائزة، مؤكدة أن العيب ليس فى الممثل، ولكن فى المخرجين الذين لا يتعبون أنفسهم فى اكتشاف الطاقات الكامنة داخل الممثلين ويبحثون لأعمالهم دائماً على قوالب جاهزة.
وتتفق الفنانة الكبيرة لبلبة تماماً مع ما قالته هالة فاخر، وتقول إنها تدين بالتحول فى حياتها كممثلة إلى المخرج الراحل عاطف الطيب، الذى أسند إليها بطولة فيلم “ليلة ساخنة”، أمام النجم نور الشريف، فكان نقطة التحول بالنسبة لها من الأدوار الكوميدية والاستعراضية الخفيفة إلى الأدوار المركبة والشخصيات الصعبة، مؤكدة أنه لولا إيمان المخرج الراحل الكبير عاطف الطيب بموهبتها وقدراتها التمثيلية لظلت محبوسة فى الأدوار الخفيفة مدى الحياة، أو اعتزلت التمثيل وجلست فى البيت كبعض زميلات جيلها.
ونفس الحال ينطبق على الفنان عمرو عبد الجليل، الذى قدم أدواراً متنوعة، وقام ببطولة أكثر من فيلم من إخراج الراحل يوسف شاهين، وشارك فى أعمال تليفزيونية كثيرة، إلا أنه لم يعرف طريق الشهرة الحقيقية والتألق على الشاشة، سوى من خلال أدواره فى أفلام “حين ميسرة”، و”كلمنى.. شكراً”، و “صرخة مواطن”، ونجح فى التخلص من عقدة يوسف شاهين، وتنوعت أدواره بين التراجيديا والكوميديا وأداها جميعاً ببراعة وإقناع.
ويقول عمرو إن الممثل لا يمكن أن يرغب فى حصر نفسه فى دور أو شخصية واحدة، ولكن السوق الفنى هو الذى يفرض عليه ذلك، وقد يشاء حظه العاثر أن ينجح فى شخصية معينة، فيفرض عليه المنتجون والمخرجون تقديم هذه الشخصية كنوع من النجاح المضمون له وللعمل الذى يقدمه.
وفى النهاية يقول الناقد السينمائى د. وليد يوسف إن الممثل يشارك أحياناً فى دائرة الانحصار فى شخصية واحدة، كما فعل الكوميديان محمد سعد حين أصر على أن يصر محبوساً فى شخصية “اللمبى”، أو تنويعات على نفس الشخصية، والكلام والحركة والأداء بنفس الطريقة، على عكس ممثل أكثر ذكاء مثل أحمد حلمى الذى يقدم فى كل فيلم “تيمة” جديدة، ويطور من أسلوبه الفنى باستمرار.
ويؤكد أن فنان وممثل كبير مثل عادل إمام كان يكرر نفسه كثيراً لكنه استمد قدرته على الاستمرار فى النجاح من حسن اختياره للموضوعات التى يقدمها على الشاشة، ومن الفريق الفنى الذى يقع عليه اختياره للعمل معه فى كل مرحلة فنية من مراحل حياته، ومن قدرته الخاصة جداً على ضبط مؤشره على الموجة المناسبة للجمهور.