مصر
ملحمة مصرية فى الانتخابات الرئاسية
By mkamalديسمبر 21, 2023, 14:13 م
506
ياسر حسني
الشعب رسم ملامح ديمقراطية الجمهورية الجديدة..
رغم أى تحديات أو صعوبات يواجهها ويظن البعض أنها ستعوقه، يصر الشعب المصرى أن يبهر العالم بين الحين والآخر، وأن يثبت للجميع أنه إذا أراد أن يحقق شيئًا لوطنه ولمستقبله، حققه بصورة مبهرة ومشرفة وغير مسبوقة.
وهذا ما حدث فى ماراثون الانتخابات الرئاسية 2024، إذ توافدت حشود الناخبين أمام اللجان على مستوى الجمهورية لتؤكد أن الشعب المصرى قرر أن يلقن العالم أجمع درسًا جديدًا فى الوطنية والديمقراطية وتلاحم الشعب مع مؤسسات الدولة والتفاف المصريين حول وطنهم فى تلك اللحظات العصيبة التى تمر بها المنطقة بل العالم أجمع.
أروع ما فى المشهد أن الإقبال على المشاركة فى التصويت بالانتخابات الرئاسية 2024 لم يكن من فئة عمرية محددة أو طبقة معينة بل تكاملت الأجيال والطبقات الاجتماعية فتشابك الشباب مع كبار السن وتلاحم العمال مع الفلاحين بجانب أصحاب الأعمال والأطباء وأساتذة الجامعات وغيرهم، وتصدر المشهد النساء والفتيات من مختلف التيارات السياسية والفكرية..
ولم يختلف المشهد بين المصريين فى الداخل وأبناء الجاليات المصرية بالخارج، فالإقبال على التصويت كان سمة واضحة فى الحالتين، بل حتى الأطفال والشباب أقل من 18 عامًا، ممن ليس لهم حق التصويت، قرروا أن يكونوا جزءا من المشهد بإصرارهم على مشاركة والديهم وأشقائهم فى طوابير التصويت أمام اللجان الانتخابية.. الجميع جاء ليشارك فى هذا العرس الديمقراطى ويوجه للعالم أجمع رسالة واضحة بأن «الشعب المصرى على قلب رجل واحد».
هذه الملحمة الوطنية، والمشاركة غير المسبوقة، جعلت الهيئة الوطنية للانتخابات، برئاسة المستشار حازم بدوي، والمنوط بها طبقا للدستور والقانون، إدارة العملية الانتخابية، تتخذ قرارات عاجلة بإعادة توزيع بطاقات التصويت بين اللجان لمواجهة الكثافة العددية فى بعض اللجان خلال الساعات الأولى من اليوم الأول للانتخابات، ثم قامت بطباعة بطاقات تصويت لتلبية احتياجات اللجان فى جميع المحافظات.
من جانبه، قال المستشار حازم بدوى، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، إن نسبة المشاركة المعلن عنها فى الانتخابات الرئاسية، خلال اليوم الأول، لم تحدث من قبل وتعكس وعى المواطن المصرى.
وأضاف «بدوي»، أن العملية الانتخابية فى مصر سارت بشكل مرضٍ وبسلاسة، والعملية الانتخابية عنوانها العريض «وداعًا للسلبية» ولا يوجد شيء بعد الآن اسمه «حزب الكنبة».
وتابع رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، أن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية زادت عن 45% فى اليوم الأول وهذا لم يحدث فى أى انتخابات أو استفتاءات قبل ذلك، موضحا أنه لا توجد أى خروقات بشهادة المنظمات الحقوقية والمجتمع المدنى.
إقبال غير مسبوق
من جانبه، قال المستشار أحمد بنداري، مدير الجهاز التنفيذى للهيئة الوطنية للانتخابات، والمشرف على غرفة العمليات المركزية للانتخابات الرئاسية 2024، إن عملية التصويت خلال الأيام الثلاثة، كانت ملحمة قامت بها كل جهات الدولة والحكومة والمواطنين، أثبتت للكل مدى الوعى الوطنى والسياسى للشعب، وظهر مشهد يوصل رسالة للعالم أجمع «من هو المواطن المصري».
وأضاف أن نسب المشاركة العالية فى الانتخابات الرئاسية 2024 والتى تجاوزت الـ45% من إجمالى الناخبين المقيدين فى قاعدة بيانات الناخبين فى اليوم الأول وزادت عن ذلك فى اليوم الثانى من التصويت فى الانتخابات الرئاسية، تم التأكد منها من خلال العديد من الأدوات والآليات لدى الهيئة الوطنية للانتخابات، موضحًا أن إحدى تلك الأدوات يتمثل فى حصر دفاتر بطاقات الاقتراع التى نفدت باللجان الفرعية وإمداد تلك اللجان بالمزيد من دفاتر البطاقات.
وأشار إلى أن الهيئة الوطنية للانتخابات حرصت على أن تكون العملية الانتخابية تحت المظلة الدستورية الخاصة بالإشراف القضائي، والذى من المقرر أن ينتهى فى 17 يناير المقبل، وفقا لما نص عليه دستور 2014، مشيرًا إلى أن هذا السقف الزمني، فضلًا عن التوصية الصادرة عن منصة «الحوار الوطني» بأن تجرى الانتخابات الرئاسية تحت إشراف قضائى كامل، حدا بالهيئة أن تعد الجدول الزمنى للعملية الانتخابية فى هذا الإطار وبما يتفق مع صحيح الدستور، فكان الإعلان عن الجدول الزمنى الذى تمت الانتخابات بموجبه مع تحديد كل مرحلة بمدد قانونية كافية وأن يتم وضع احتمال وجود مرحلة إعادة يجب أن تنتهى هى الأخرى قبل 17 يناير 2024.
وكشف المستشار بنداري، عن عدد من وقائع نفاد بطاقات التصويت فى لجان الاقتراع الفرعية، منذ اليوم الأول للتصويت، فى ضوء إقبال المواطنين الكثيف، مشيرا إلى أن الهيئة الوطنية للانتخابات لم تكن تتوقع هذا الحجم من الإقبال غير المسبوق فى تاريخ الاستحقاقات الانتخابية.
وأوضح أن الهيئة كانت قد استعدت للانتخابات بطباعة نحو 70% من البطاقات من إجمالى من يحق لهم التصويت من المقيدين بقاعدة بيانات الناخبين، وذلك قياسا على نسب التصويت فى الاستحقاقات الانتخابية السابقة مع إضافة هامش بسيط عليها، وهو إجراء يتم اتخاذه للتقليل من نفقات العملية الانتخابية، ووفق المعايير الدولية.
ولفت إلى أن هذا الإقبال غير المسبوق من الناخبين، دفع الهيئة الوطنية للانتخابات، إلى تغيير استراتيجيتها من خلال نقل عدد من بطاقات الاقتراع إلى اللجان الأكثر كثافة، ثم بعد ذلك ومع زيادة الكثافة التصويتية فى معظم اللجان تمت طباعة دفاتر بطاقات اقتراع إضافية للتيسير على الناخبين ونقلها سريعًا إلى المراكز الانتخابية التى شهدت كثافات كبيرة.
إجراءات وتدابير لرفع الوعى
وقال «بنداري»، إن الهيئة اتخذت مجموعة من الإجراءات والتدابير، قبل انطلاق الانتخابات الرئاسية وخلال الفترة من تلقى طلبات المرشحين وحتى أيام التصويت فى الخارج والداخل، واستهدفت من خلال تلك الإجراءات والتدابير رفع وعى المواطنين بأهمية المشاركة فى الانتخابات الرئاسية؛ ومن ثم زيادة حجم المشاركة فى الاستحقاقات الانتخابية المختلفة ومنها الانتخابات الرئاسية 2024 وما سيليها من استحقاقات انتخابية فى الأعوام القادمة.
وأضاف أن الهيئة فى هذا الإطار، عقدت – فى وقت سابق – لقاءات مع الرائدات الريفية بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى والبالغ عددهن 20 ألف رائدة، وكل منهن تشرف على نحو 400 أسرة مصرية، وكذلك عقدت لقاءات مع صانعى المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي؛ ممن لديهم ملايين المتابعين، والاستماع إلى أفكارهم ومقترحاتهم فى شأن التوعية الانتخابية الوصول إلى مختلف الشرائح المجتمعية.
وأشار المستشار بنداري، إلى أن تلك اللقاءات والندوات وورش العمل، التى سبقت الماراثون الانتخابي، نجحت فى الخروج بأفكار مبتكرة لرفع الوعى الثقافى لدى المواطن المصرى بأهمية المشاركة فى الاستحقاقات الانتخابية، لافتا إلى أن الانتخابات الرئاسية شهدت اهتمامًا ملحوظًا من الفئات الشبابية فى الفئة العمرية من 18 وحتى 30 سنة، وفق الإحصاءات المرتبطة بالاستعلام عن المقار الانتخابية وآليات التصويت على الموقع الإلكترونى للهيئة، والتى تجاوزت فى أول يوم فقط من التصويت أكثر من 5 ملايين عملية استعلام عبر الموقع الرسمى للهيئة بخلاف ما تم من استعلام عبر رسائل الـ SMS والاتصال بالخط الساخن.
وتابع أن الاستحقاقات الانتخابية المتعلقة بالانتخابات الرئاسية خلال عامى 2014، و2018 كانت الكثافة التصويتية فيها بين فئة السيدات، بينما اختلف هذا الأمر فى انتخابات 2024، بزيادة إقبال واهتمام الشباب بالمشاركة الإيجابية فى التصويت، كما رصدته الهيئة ومختلف وسائل الإعلام ومتابعة الانتخابات.
جدول إعلان نتيجة الانتخابات
وأضاف المستشار أحمد بنداري، أن الهيئة ستعلن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية، يوم الإثنين الموافق 18 ديسمبر الجاري، وذلك وفق الجدول الزمنى الذى أقرته منذ الإعلان عن انطلاق الماراثون الانتخابى ودعوة الناخبين للتصويت.
وأوضح أن إعلان النتيجة يسبقه عملية الإحصاء العددى للأصوات فى اللجان العامة، والتى تتلقى نتائج الإحصاء العددى من اللجان الفرعية، ثم يتم قيد تلك الأرقام والإحصاءات عبر برنامج إلكترونى خاص بالهيئة الوطنية للانتخابات تم إنشاؤه لهذا الغرض خصيصا لضمان أعلى معايير الأمان والدقة فى الإحصاء العددى ومنع أى هامش خطأ محتمل.
وشدد مدير الجهاز التنفيذى للهيئة الوطنية للانتخابات، على أن الهيئة هى المنوطة قانونًا دون سواها بإعلان النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية، وذلك بعد عرضها على مجلس إدارة الهيئة واعتمادها، منوهًا بأن الهيئة ملتزمة بموعد قانونى محدد لاستقبال طعون المرشحين على النتائج ثم يليها عملية إعلان النتائج.
وثمن المستشار أحمد بنداري، التزام حملات كل المرشحين فى الانتخابات الرئاسية بالضوابط التى أعلنتها الهيئة فيما يتعلق بالدعاية الانتخابية، سواء من حيث المدد الزمنية أو سقف الإنفاق أو الأماكن والوسائل المحظور استخدامها فى الدعاية الانتخابية، مشيرًا إلى أن وجود 4 متنافسين فى السباق الرئاسي، فضلا عن نشاط الأحزاب السياسية، انعكس على كثافة الإقبال على التصويت فى مختلف محافظات الجمهورية.
وأشاد بالتنسيق وتجاوب مختلف أجهزة الدولة مع طلبات وتوجيهات الهيئة الوطنية للانتخابات فى سبيل إنجاح العملية الانتخابية، مشيرًا إلى أن عملية الاقتراع شهدت كثافات غير مسبوقة فى المناطق الحدودية، وهو ما يعكس أن المواطن المصرى فى أى مكان حريص على الالتفاف حول الوطن والتكاتف مع الدولة فى ظل الأحداث الحالية التى تشهدها المنطقة.
وقال المستشار بنداري، إن كثافة إقبال الناخبين على الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات الرئاسية، لم تكن فقط بسبب نجاح حملات رفع الوعى لدى المواطنين التى شاركت فيها الهيئة الوطنية للانتخابات، إنما أيضا بسبب انعكاس كثافة تصويت المصريين فى الخارج ليمتد إلى التصويت فى الداخل، وكذلك وعى المواطنين بالأحداث الإقليمية المحيطة، وفى مقدمتها أحداث غزة مما انعكس على حرص المواطنين على المشاركة الإيجابية فى العملية السياسية ضمانًا لاستقرار دولتهم ودعم قدرتها على الصمود فى وجه أية مخططات تستهدفها.
وأوضح المستشار بنداري، أن الهيئة عقدت العديد من اللقاءات مع الجاليات المصرية فى الخارج قبل مرحلة التصويت بالخارج، فى الانتخابات الرئاسية، وذلك عبر تقنية الفيديو كونفرانس، فى سبيل العمل على حثهم على المشاركة الإيجابية، على نحو أثمر عن زيادة إقبال أبناء الجاليات على المشاركة بكثافة.
وتابع أن اللقاءات عبر الفيديو كونفرانس مع رؤساء البعثات الدبلوماسية، أسهمت بشكل مباشر على التواصل والتعاون، وهو الأمر الذى أدى إلى قدرتهم على تيسير عملية تصويت المصريين بالخارج، والتعاون مع الهيئة من خلال متابعتها التى جرت على مدار الساعة لمتابعة مجريات العملية الانتخابية فى 121 دولة وعبر 137 مقرًا يمثلون مقار البعثات والسفارات والقنصليات.
وحول إمكانية اعتماد آلية التصويت الإلكترونى فى الاستحقاقات الانتخابية القادمة، قال المستشار أحمد بنداري، إن هذا الأمر يتطلب تعديلًا تشريعيًا، فضلًا عنه أنه ووفق التجارب فى دول أخرى فالتصويت الإلكترونى يتعرض إلى نسب تشكيك فى نزاهته تصل إلى 60، وهو الأمر غير المطلوب مطلقًا مع إجراء انتخابات تتعلق بمنصب مهم مثل رئيس الجمهورية، أو الاستفتاءات؛ خاصة وأنها تتعلق بتغيير سياسات الدولة.
وأكد أن الإجراءات التى تتبعها الهيئة الوطنية للانتخابات، فى إدارة مختلف الاستحقاقات الديمقراطية من استفتاءات وانتخابات الرئاسة، والانتخابات النيابية، تخضع لأعلى معايير النزاهة والشفافية.
ونفى المستشار أحمد بنداري، مدير الجهاز التنفيذى للهيئة الوطنية للانتخابات، ما يزعمه البعض بأنه قد تم إجراء الانتخابات الرئاسية مبكرا، عن موعدها، مؤكدا أن النصوص الدستورية هى التى حددت مواعيد الانتخابات الرئاسية.