رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

إنقاذ وطن

77

مع ذكرى ثورة 30 من يونيو يعود إلى أذهان المصريين الملحمة الخالدة، التى غيرت مجرى التاريخ المصري الحديث وخلقت مسارا جديدا للعمل الوطني بعد الإطاحة بحكم الإخوان الإرهابي؛ لتنطلق بعدها ثورة في البناء والتنمية على كل المستويات، يدعمها شعب واعي يدرك قيمة الاصطفاف الوطني لمجابهة التحديات، حيث سيتوقف التاريخ طويلا أمام معجزة كبرى حققها المصريون خلال السنوات الماضية، حين أنقذوا وطنهم العريق من السقوط في براثن الإرهــــــاب، جماعـــــات الشر والتطرف، وصمدوا في وجه إعصار التمزق والانهيار والفوضى، الذي ضرب جميع أرجاء الإقليم، الـذي نحيا فيه، وفي ذات الوقت، شيدوا وعمروا بلادهم، ووضعوا أساسا لاقتصاد وطني قادر على التصدي للأزمات.

تامر عبد الفتاح

واجهت الدولة المصرية 3 تحديات رئيسية ما بعد يونيو 2013، وجميعها مقترنة ومتصلة وتتفاعل ببعضها البعض، الأول تمثل فى تطهير الدولة من مهددات وخطر الإرهاب، وتجفيف وتطهير منابعه الفكرية والمالية، والثانى إقرار برنامج وطنى للإصلاح الاقتصادى وإعادة بناء الدولة ورفع كفاءة البنية التحتية للدولة.. والتحدى الثالث هو ملف الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا والأولى بالرعاية، لذلك كانت الحاجة ملحة لتغيير جذرى وتحول شامل فى فلسفة الحماية الاجتماعية المصرية، سياساتها وبرامجها بحيث تكون أكثر تخطيطًا وأكثر تنظيمًا وأكثر مرونة كى تكون قادرة مع التحديات الكبيرة، التى تواجه الدولة المصرية.

الخلاص من حكم الإخوان

نجحت الدولة بلا شك فى مواجهة أولى التحديات وأخطرها وهو «الخلاص» للشعب من حكم الإخوان، الذين مارسوا كل السياسات القمعية، وأضروا بمصلحة البلد، أحبطت ثورة ٣٠ يونيو أخطر مؤامرة تعرضت لها الأمة العربية فى التاريخ أحبطها الشعب المصرى البطل ومعه قيادة مخلصة أدركت خطورة ما يحاك للأمة العربية، وكانت إرادة الله أقوى من تخطيط الشياطين فانهار حلفهم وداسته أقدام الشعب المصرى ولفظت أنصاره وتبخرت أحلامهم، وانتصرت إرادة الشعب المصرى فأعاد الأمل للأمن القومى العربى وإحياء مشروع الحلم العربى فى بناء وحدة عربية تصون ولا تبدد، تبنى ولا تهدد.

ومنذ 30 يونيو أخذت القوات المسلحة المصرية على عاتقها إعادة بناء الدولة مرة أخرى والمساهمة فى التنمية الشاملة، وفى نفس الاتجاه قامت بتنفيذ حملات عسكرية ضخمة فى سيناء للقضاء على العناصر الإرهابية، التى تم زرعها هناك وتضييق الخناق عليها تمامًا، وتدمير مصادر تهريب السلاح، والقضاء نهائيا على التنظيمات الإرهابية والمتطرفة.

وفيما يتعلق بالتحديات الاقتصادية، بدأ الرئيس عبدالفتاح السيسي، منذ توليه مقاليد حكم البلاد فى 2014، فى وضع خريطة واضحة لإحداث تنمية عملاقة لمصر فى جميع المجالات، وذلك وفق أسس علمية وخطط مدروسة جيدًا؛ لتحقيق الرخاء والازدهار للشعب المصرى، حيث واصلت ثورة يونيو مسيرتها فى البناء والإنجاز بداية من قناة السويس الجديدة، وبناء ملايين الوحدات السكنية والمستشفيات والمطارات والأنفاق العملاقة تحت قناة السويس، والموانئ والمصانع الكبرى ونهضة عمرانية، وأكبر شبكة طرق وكبارى فى كل أنحاء البلاد، وتحديث السكك الحديدية والنقل والتوسع فى التعليم وإقامة العديد من الجامعات الجديدة، إضافةً للمدن الجديدة وعلى رأسها العاصمة الإدارية، والعلمين والمنصورة وغيرها، إضافة لإقامة تجمعات سكنية حديثة بديلة للعشوائيات، وارتفاع احتياطى النقد الأجنبى، وانخفاض عجز الموازنة وتراجع معدلات البطالة.

واستطاع الرئيس السيسي وضع مصر على طريق النهضة الزراعية الحقيقية بعد عقود من الإهمال والتعديات وانكماش وتآكل الرقعة الزراعية. وأولت الدولة اهتماما بتنفيذ العديد من المشروعات القومية فى القطاع الزراعى والإنتاج، تم اتخاذ خطوات إيجابية؛ لتحقيق الاكتفاء الذاتى من العديد من السلع وسد الفجوة الغذائية، التى ظلت مصر تعانى منها طوال السنوات الماضية. وتم تنفيذ مشروع الـ 100 ألف فدان صوب زراعية، ومشروع المليون رأس ماشية وأحياء مشروع «البتلو» ومشروعات كبرى تحققت فى مجال تنمية الثروة السمكية لسد الفجوة الغذائية وتقديم كل أشكال الدعم للفلاح. بخلاف مشروعات التوسع الأفقى بجنوب الوادى وتوشكى وشرق العوينات وسيناء، التى تستهدف زيادة الرقعة الزراعية، بما يسهم بقدر كبير فى تحقيق الأمن الغذائى وتوفير فرص عمل من خلال استخدام أساليب حديثة للزراعة تعتمد على تطوير منظومة الري، بالإضافة إلى المشروع العملاق «مستقبل مصر» الزراعي، الذى يوفر منتجات زراعية ذات جودة عالية.. وعلى مدى سنوات طويلة كانت البحيرات المصرية تتعرض للسلب والنهب. وتم اتخاذ خطوات إيجابية لإعادة هذه البحيرات إلى ما كانت عليه منذ 200 عام. وأصبحت الصادرات الزراعية تغزو أسواق 160 دولة فى جميع قارات العالم.

بناء الإنسان

ومنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي مهام منصبه فى عام 2014، احتلت الثقافة مكانة خاصة ضمن أولويات الدولة المصرية، التى حرصت على تفعيل استراتيجية بناء الإنسان المصري، وإرساء مبدأ تحقيق العدالة الثقافية بكل المحافظات، والحفاظ على هويتنا الثقافية، وصون مقدرات الوطن الحضارية.

وشكّل المشروع القومى لتطوير الريف المصرى ضمن مبادرة «حياة كريمة»، نقلة نوعية واستثنائية لتعويض القرى المصرية عما لحقها من تأخر وتراجع بسبب إهمالها فى العهود السابقة، واقتصار المشروعات المقدمة لها على بعض القطاعات دون الأخرى، وبعشوائية دون نظام.

وجاء افتتاح العاصمة الإدارية الجديدة بمثابة إعلان جمهورية جديدة وميلاد دولة جديدة، كما أَوْلَت الدولة اهتمامًا خاصًا بإنشاء التجمعات العمرانية الجديدة بهدف تخفيف الازدحام عن المدن القديمة، ومجابهة الزيادة السكانية المُطّردة، كما يتم تنفيذ العديد من مشروعات الإسكان والبنية الأساسية والخدمات بمناطق توسعات التجمعات العمرانية القائمة.

وقد تم تنفيذ أكثر من 24 تجمعًا عمرانيًا جديدًا فى شتى أنحاء الجمهورية، ومنها: «العاصمة الإدارية الجديدة- العلمين الجديدة- المنصورة الجديدة- شرق بورسعيد- ناصر بغرب أسيوط- غرب قنا- الإسماعيلية الجديدةـ رفح الجديدة- مدينة الجلالة- الفرافرة الجديدةـ العبور الجديدة- توشكى الجديدةـ شرق العوينات- سفنكس الجديدة- بئر العبد الجديدة- أسوان الجديدة»، ومن المخطط أن تستوعب التجمعات العمرانية الجديدة، عند اكتمال جميع مراحلها، نحو 32 مليون نسمة.

وقد كان الاهتمام بالتخطيط العمرانى وتوفير مسكن ملائم لكل مواطن من أهم أولويات الرئيس السيسي، التى أعلن عنها فى العديد من المحافل والمناسبات، وقد بذلت وزارة الإسكان جهدا كبيرا فى سبيل تحقيق توجيهات الرئيس، التى تؤكد ضرورة توفير جودة الحياة عند طرح أى مشروعات تخص المواطن المصرى بالمقام الأول.

وقد شهدت كل الجهات والهيئات التابعة لوزارة الإسكان خلال الفترة الماضية حراكا كبيرا لإحداث نقلة ملحوظة فى مشروعاتها وإنجاز كل المهام الموكلة إليها فى الوقت المحدد، فقد قام صندوق الإسكان الاجتماعى ودعم التمويل العقارى حتى الآن بطرح 17 إعلانا منذ 1/6/2014، تقدم للحجز بها 1.6 مليون مواطن، وبلغ حجم التمويل العقارى الممنوح للمستفيدين حتى الآن نحو 70 مليار جنيه، من خلال 22 بنكا و8 شركات، ووصل الدعم النقدى الممنوح 9.5 مليار جنيه.

وعن المبادرة الرئاسية «سكن لكل المصريين – محور منخفضى الدخل» فقد تم وجار تنفيذ مليون وحدة سكنية، بالإضافة إلى 28 ألف وحدة سكنية تمت وجار تنفيذها بالمدن الجديدة والمحافظات ضمن المبادرة الرئاسية «سكن لكل المصريين» – محور متوسطى الدخل.

كما يجرى تنفيذ وإسناد 55.5 ألف وحدة سكنية ضمن برنامج «الإسكان الأخضر» بمدن (العبور الجديدة – العاشر من رمضان – حدائق العاصمة – أسوان الجديدة – أكتوبر الجديدة – العبور الجديدة – العاشر من رمضان – بدر – 15 مايو).

مبادرات رئاسية

وشهد القطاع الصحى فى مصر تطورا ملحوظا فى سنوات العشر الماضية تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث تمكنت الدولة من تحقيق التطوير الشامل فى المنظومة الصحية من خلال إطلاق مبادرات رئاسية وصلت إلى 15 مبادرة تشمل جميع الفئات العمرية، كما تضمن تدشين مشروع التأمين الصحى الشامل لجميع المصريين.

وفيما يخص مبادرات للأطفال، التى جاءت بتوجيه مباشر من القيادة السياسية ومتابعة تنفيذ لحظية، لم تقتصر عند مبادرة القضاء على فيروس سى والأمراض غير السارية للكبار فقط، بل امتدت تلك المبادرات إلى أطفال المدارس والطلاب ليتم إطلاق مبادرة الكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم، وفى عام 2020 أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي، مبادرة العناية بصحة الأم والجنين تحت شعار 100 مليون صحة، فيها يتم العناية بصحة الأم والجنين منذ اللحظات الأول للحمل حتى بعد الولادة ومتابعتها، وتمكنت المبادرة من فحص مليون و825 ألف سيدة لوقف انتقال الأمراض من الأم إلى الجنين، كما استهدفت الكشف عن فيروس بى، وجاءت تلك المبادرة لتكون ضمن المبادرات المستدامة فى تقديم خدماتها، أما مبادرة القضاء على قوائم الانتظار، التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي عام 2018؛ لتخفيف الحمل على المواطن المصرى، وتقليل التكدس أمام المستشفيات لإنهاء قوائم الانتظار، وذلك حتى لا يتحمل المريض أى أعباء مالية.

الحماية الاجتماعية

وفيما يتعلق بملف الحماية الاجتماعية، تم إطلاق العديد من برامج الحماية الاجتماعية لتحسين مستوى معيشة الأسر الأولى بالرعاية بتوجيهات القيادة السياسية، وتم تنفيذ برنامج الدعم النقدى «تكافل وكرامة» حتى وصل عدد المستفيدين من البرنامج إلى ما يقرب من 5.2 مليون أسرة بالتعاون مع التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى بما يعادل 22 مليون مواطن، مع زيادة الدعم المخصص لتكافل وكرامة إلى ما يقرب 41 مليار جنيه سنويا، مقابل 3.4 مليار جنيه عام 2015.

وتصرف الدولة الدعم النقدى وذلك لكبار السن غير القادرين على العمل، وأيضًا ذوى الاحتياجات الخاصة وأصحاب الأمراض المزمنة بجانب صرف مساعدات نقدية للأسر الفقيرة والأولى بالرعاية ممن لديهم أبناء فى مراحل التعليم المختلفة، بهدف مساعدتهم فى استكمال مراحل تعليمهم، كما تفوق العديد من أبناء الأسر المستفيدة من الدعم النقدى «تكافل وكرامة» فى الثانوية العامة على مدار السنوات الماضية، وحصل أبناؤهم على مجموع كبير ومعظمهم من الأسر الأولى بالرعاية التى تقوم الوزارة برعايتهم من خلال صرف مساعدات نقدية لهم شهريًا أيضا

ومع الاحتفال بالذكرى الحادية عشر لثورة الثلاثين من يونيو نستذكر سويا كيف كان الوضع حينها؟ وماذا فعلنا؟ وكيف أصبحنا اليوم؟ رغم كل الصعوبات والأزمات والتحديات الداخلية والخارجية إلا أن الرؤية الحكيمة للرئيس عبد الفتاح السيسى، وجهد مؤسسات الدولة المختلفة فى تنفيذها، وصبر وتحمل الشعب المصرى لمتطلباتها، أوصلنا اليوم إلى عبور بر الأمان فى حفظ الدولة المصرية وصون مقدراتها وتنمية مواردها وتعظيم الاستفادة من إمكاناتها بما يعود على الإنسان المصرى بكل الخير فى حياته ويُؤمن مستقبل أبنائه.