رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

15أغسطس يوم الوفاء له.. «حابي» بوابة العبور إلى الجنة

374

«أنا لم ألوث ماء النهر.. لم أمنع الفيضان في موسمه.. لم أقم سدًا للماء الجاري.. أعطيت الخبز للجوعى وأعطيت الماء للعطشى»، بتلك الكلمات اعترف «حرخوف» حاكم جزيرة «إلفنتين» في أسوان في عصر الأسرة السادسة، أمام المحكمة «الأوزيرية» التي تُقام للموتى في العالم الآخر.

محمود درغام

من هذا الاعتراف نجد أن عدم المساس بنهر النيل بأى سوء من القربات التى تؤدى إلى رضا المعبودات المصرية القديمة، كما أنه كان طريقًا للفردوس والراحة الأبدية.

الإله حابي

وقد كان المصريون يقدسون النيل، ويعتبرونه إلهًا أسموه «حابي» ويستخدمون مياهه فى التطهر من أجل أداء الطقوس الدينية وغسل المتوفين، وذلك رمز لطهارة النفس روحيًا من كل شائبة، ولذلك فقد كان موسم الفيضان عيدًا مازلنا نحتفل به حتى اليوم تحت اسم «وفاء النيل» والذى يحل فى 15 أغسطس من كل عام.

 وبهذه المناسبة أعلنت عدد من المتاحف عن اختيار متابعى صفحاتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» لقطع شهر أغسطس والتى تعبر عن النيل ومدى أهميته، فعلى سبيل المثال فى متحف «جاير آندرسون»، اختير نموذج لمركب من الخشب الملون تعود لعصر الدولة القديمة، أما فى متحف الإسكندرية القومى فقد اختار متابعو صفحة المتحف إناءً من الفخار يعود لعصر الدولة الحديثة مزخرف بأشكال للطيور والأسماك والنباتات، أما فى متحف ملوى فتم اختيار مركب من الخشب عليها بحارة تعود لعصر الانتقال الأول.

3 لوحات

وتوضح عدد من النصوص القديمة، مدى اهتمام المصرى القديم بنهر النيل مثل ما ورد فى الفصل 125 من «كتاب الموتى»، لم أمنع الماء فى موسمه ولم أقم عائقًا أمام الماء المتدفق، كما  يذكر د. عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة.

وأكد أن هناك ثلاث لوحات عند جبل السلسلة فى أسوان تضم مراسم الاحتفال بعيد وفاء النيل من عهد الملوك «سيتى الأول» و«رمسيس الثاني» و«مرنبتاح» فى عصر الدولة الحديثة، حيث كانت مراسم الاحتفال تحدث مرتين فى العام مع وصول النيل لأعلى مستوى وأيضًا أدنى مستوى.

عروس النيل

و أشار «ريحان» إلى اكتشاف «جورج لجران» نقوشًا على رصيف الكرنك، تبين الجهات التى بدأ منها الفيضان خلال العصر المتأخر بداية من السنة السادسة من حكم الملك «شيشنق الأول» إلى السنة التاسعة عشرة من عهد الملك «بسامتيك».

وأضاف أنه خلال تلك الاحتفالات كان يتم تقديم مجموعة من القرابين الحيوانية مثل سمك «الأطوم» أو ما يُطلق عليه  «إنسان البحر»، وهو نوع من الأسماك الذى يشبه الإنسانوليس فتاه حية كما يُشاع فالحضارة المصرية طوال تاريخها لم تعرف الأضحية البشرية، كما روجت لتلك الفكرة المسيئة بعض الأعمال الفنية، وفى مقدمتها فيلم «عروس النيل»، الذى قام ببطولته الفنانة لبنى عبد العزيز والفنان الراحل رشدى أباظة، ما يدعو لضرورة وضع عبارة توضح أنه لا يوجد أى دليل أثرى يؤيد وجود عادة إلقاء فتاة فى نهر النيل خلال الاحتفالات فى مصر القديمة.

مقاييس النيل

والسبب فى إنشاء مقاييس النيل على طول مجراه، هو العمل على موازنة المياه وتوزيعها بين الأقاليم بشكل ثابت يفى بحاجاتها الطبيعية، كما أوضح عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، مؤكدًا أن بناء هذه المقاييس كان يتم على نسب اختبارية خلال فصول السنة لتكون ميزانًا صحيحًا، يمكن الرجوع إليه إذا طرأت بعض العوارض لمنع إيذاء المناطق المجاورة.

ولفت إلى أنه تم ذكر مقياس النيل فى كتاب الموتى حيث يقول الميت: «أيتها الدار التى يقابلها النيل فى أعلى حيث يقاس النيل»، ويقول الميت أيضًا فى الفصل 110 من كتاب الموتى «لقد وصلت إلى إقليم كبير وقت الفيضان»، ويتضح من هذه النصوص الدينية أن الميت يقصد مقياس النيل، ويعدُّ نفسه سعيدًا لكونه شارك فى قياس الفيضان الذى يجعل أرض مصر خصبة.

كما أن الجغرافى اليونانى الشهير «إسطرابون» قال إنه رأى نقوشًا تثبت تعيين مفتشين كانوا يراقبون زيادة النيل ونقصانه فى المقاييس، وربما كان هؤلاء الأشخاص هم الكتبة المذكورون فى الشاهد الحجرى المحفوظ بمتحف «ليدن» بـ «هولندا»، ويرجع تاريخه إلى الأسرة الثانية عشر، و قد نُقش عليه «الكاتب المنوط بمقياس الفيضان» .

النهر فى الإسلام

وأشار د. عبد الرحيم ريحان إلى أن نهر النيل تجسّد بشكل فعلى ورمزى فى الفن القبطى حيث رتبت الكنيسة صلوات «اللقان» – حوض مملوء بمياه النيل – فى ثلاث مناسبات هى عيد الغطاس وصلوات خميس العهد وأيضًا عيد الرسل، فعلى سبيل المثال فى «لقان» عيد الغطاس يصلى الكاهن ويقول «نهر جيحون – أى النيل – أملأه من بركاتك، بارك إكليل السنة بصلاحك؛ يا رب اسمعنا وارحمنا».

أما فى العصر الإسلامى فقال عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة مختتما، إن نهر النيل كان له مكانة كبرى حيث هام به حكام مصر للحفاظ على جريانه وضبطه بما يكفل لهم حياة آمنة فأقاموا السدود والجسور والقناطر، وأنشأوا مقاييس للنيل والتى من أشهرها مقياس الروضة التى تسعى وزارة السياحة والآثار لتسجيله على قوائم التراث العالمى بمنظمة «اليونسكو».




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.