رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

القزوينى المؤسس لعلم الجيولوجيا

279

حسين خيرى

  وجوه سافرة من بنى جلدتنا رفعت عنها كل أغطية الحياء والفكر المستنير، حينما تتشدق بالحديث عن تخلف المسلمين واللحاق بأنوار التحرر الغربى، ولا يسأمون كلاما عن عض المسلمين بالنواجذ على المراجع الصفراء لأسلافهم من نوابغ الحضارة الإسلامية، الذين شهد لهم المنصفون من عقلاء الغرب.

 وبرغم جورهم فى وصف المسلمين بالغباء فمازلت العباقرة من فلذات هؤلاء المسلمين تتلقفهم مؤسسات الغرب ودول آسيا وحصريا منذ أيام حصل محمود الكومى المهندس المصرى الشاب لثانى مرة على جائزة جنيف العلمية للابتكارات فى مجال الذكاء الأصطناعي، وغيره العشرات بل المئات من نوابغ العقول العربية والإسلامية أثرت الحضارة الحديثة.

 ويصحبنا خلال السطور التالية النابغ القزوينى المولود فى القرن السابع الهجرى، ويرجع نسبه إلى الإمام مالك بن أنس، اسمه أبو يحيى زكريا بن محمد بن محمود القزوينى وأبدع فى تراثه الفكري، تمتلك المكتبة الإسلامية عددًا من مؤلفاته فى الجغرافيا والتاريخ وعلوم الطبيعة، كان شغوفا بالظواهر الطبيعية نظرا لعشقه فى التأمل فى آيات بديع السموات والأرض.

 وتعتمد فلسفته على الالتزام بتهذيب النفس وتحرى الخلق الكريم قبل البحث والدراسة، حتى تتفتح بصيرته ومنافذ المعرفة أمام عينيه، وعبر محطات تأمله يصدر كتابه “عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات”، فى متون صفحاته كشف عن رؤيته المستنيرة، وضح العلاقة بين الظواهر الطبيعية وأسبابها، أرفق مع كتابه رسوم ملونة، يمكن الإطلاع على هذه المخطوطات المرسومة من خلال الإنترنت، يتضمن عبر محرك البحث مخطوطة رائعة منقولة عن مكتبة برلين.

 ويحكى عنه المؤرخون بأنه المؤسس لعلم الفضاء وهو أول من حدد الوقت بعد تصنيفه للنجوم، بل تعدى ذلك وصنفها طبقا لألوانها، قالوا عن القزوينى إنه وضع اللبنات الأولى لعلم الأنواء ويسمى حديثا بالأرصاد الجوية، شرح أنواع الرياح والسحاب، عرج إلى كيفية تراكمها ونزول المطر، تناول بالبحث النسب بين اليابسة والماء على الأرض، والتباين فى الحرارة بين الأقاليم الحرارية فى منطقة الاستواء والمناطق الباردة، ويعتبر أول من فسر ظاهرة قوس قزح بأسلوب علمى صحيح.

 وأدهشت نظريات القزوينى الجيولوجية العالم الجيولوجى “تشارلز لايل” زميل الجمعية الملكية ببريطانيا، استعان بها فى مقدمة مؤلفه “أصول علم الجيولوجيا” عام 1830، ظل مرجعا لدى الغرب، القزوينى كالنهر الجامح فى النبوغ والمعرفة، قام بتشريح العديد من النباتات، خصص باب عنها فى كتابه عجائب المخلوقات، نبغ كذلك كرسام محترف، فى معرض الفن الإسلامى بمتحف اللوفر عرض بعض مخطوطاته النادرة المزودة بالرسومات والجداول الفلكية والخرائط.