صالون الرأي
أمر جوي بصدور أكتوبر!
By mkamalأكتوبر 28, 2018, 12:52 م
2688
نكسة عام 1967 شديدة القسوة علينا جميعا أظهرت لنا مدى جهلنا بإسرائيل أو بما يدور فيها أو بعقيدة الشعوب التى تعيش فيها وأغلبيتهم يهود من دول العالم المختلفة. لمعالجة هذا الخلل وبفكره المستنير رفع الراحل الأستاذ الكبير أنيس منصور شعار اعرف عدوك وكتب حينها فى صحف مؤسسة أخبار اليوم أعمدة ومقالات بها الوافر من المعلومات حول إسرائيل وحول الديانة اليهودية وإصدر كتبا كثيرة منها «الحائط والدموع» و«وجع فى قلب إسرائيل» وغيرها. كما جمع العديد من الكتب بلغات مختلفة عن إسرائيل وعن الديانة اليهودية ودار بها سائر محافظات مصر وبعض الدول العربية.. حيث عرضها فى الميادين العامة بتلك المحافظات والدول. الجولات بالكتب كانت تحمل شعار اعرف عدوك فى محاولة من الأستاذ لتشجيع مواطنيه المصريين والعرب على معرفة عدوهم. البعض من شباب الجامعات فى ذلك الوقت استوعب الفكرة وحاول تحقيقها. كنت واحدا من هؤلاء الذين صمّموا على دراسة اللغة العبريّة.. حين قدمت من المنصورة إلى جامعة الأزهر بالقاهرة والتحقت بقسم اللغات السّامية فى كلية اللّغات والترجمةعام 1970. بسالة جنودنا فى أكتوبر كانت السبب الرئيسى فى التّصر العظيم .. إلى جانب بسالة الجنود كانت هناك عوامل اخرى اسهمت فى انتصاراتنا.. منها خطة الخداع الاستراتيجى وزيادة معرفتنا بالعدو. اختيارنا ليوم المعركة فى يوم كيبور اى عيد الغفران.
حيث الحياة بإسرائيل فى ذلك اليوم تكون مشلولة تماما.. فينقطع اليهودى فيه عن العالم الخارجى والبقاء فى البيت للصوم والتفرغ للعبادة فقط .
بعد النّصر كان لابد من استكمال تحرير الأرض فى مفاوضات سلام. الزعيم الرّاحل السّادات كان على دراية بأن مفاوضات السلام ستكون عسيرة ومضنية وربما ستكون أشد ضراوة من الحرب نفسها وعليه أن يختارالفريق المناسب لمساعدته فى المفاوضات الصّعبة. الأستاذ أنيس كان أحد أفراد هذا الفريق.. ففى رحلة عودة على الطائرة من الرياض استدعى السادات أنيس منصور وكلفه (جوا) بإصدار مجلّة تحمل اسم أكتوبر وروحها. تكون لها وزنا دوليا.
كنت سعيد الحظ حين جاءنا الراحل الأستاذ جميل عارف واخبرنى انا وزميلى الأستاذ محمد المصرى بأن الأستاذ أنيس اختارنا لنكون معه فى مجلة أكتوبر وأنّه سيرفع راتبنا عشرة جنيهات.
بعد ذلك جاءت مبادرة السّلام ورحلة السادات للقدس وكان الأستاذ أنيس فى الأراضى المقدّسة بالسعوديّة فأرسل له الرئيس السادات طائرة خاصة ليعود بها إلى مصر ويرافق الرئيس السادات فى رحلته الى القدس. فالسادات كان حريصا على أن يرافقه فى رحلته الخبير الأول بإسرائيل فى الصحافة المصرية الأستاذ أنيس.
ثمّ جاء المؤتمر التمهيدى لجنيف فى مينا هاوس بعدها المؤتمر الصحفى بين الرئيس السّادات ومناحم بيجن فى الإسماعيليّة وفيه قرّرت بينى وبين نفسى أن اسأل بيجن باللغة العبريّة السوال الذى كان يدور فى ذهن كل مصرى تلك الأيّام وهو هل أدّت مبادرة الرئيس السّادات الى تغييرات حقيقيّة فى أفكارك وحساباتك وكيف ترى مستقبل إسرائيل والشّرق الأوسط بعد السلام؟
رد بيجن كان مفاجأة لى حين قال إنّنى اجيد العبريّة أفضل منه. هذا كان دليلا آخر على أن أكتوبر قامت بدورها فى مشوارها الصّحفى فى مساندة المفاوض المصرى وأن تجعل الإسرائيليين يتأكدون من أنّنا شعب مثقّف ومصر على تحرير أرضه..
طبقا لما قاله الزّعيم السّادات رحمه الله.