رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

اللواء محمد عبد الواحد: الإرهـاب يتنامـى بدعم استخباراتى!

2320

د. نسرين مصطفى

تصوير: رمضان على

يواصـل اللـواء محمد عبد الواحد، المتخصص فى شئون الأمن القومى ومكافحة الإرهاب، طرح رؤيته لما يشهده العالم اليوم من موجات قوية ومتلاحقة للإرهاب، وكيف شكل ظاهرة عالمية عابرة للحدود خاصة فى ظل التطور التكنولوجى وتطور وسائل الاتصالات، مفسرا أسباب تباطؤ المجتمع الدولى فى مكافحة الإرهاب، ومؤكدا على الدور الاستخباراتى فى تجنيد العناصر الإرهابية وتطور الجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش، ومبينا أن المماطلة فى إيجاد حل للقضية الفلسطينية وسياسة الكيل بمكيالين تجاه هذه القضية المهمة كانت لها انعكاساتها الكبيرة فى ظهور العناصر المتطرفة؛ وبالتالى عدم الاستقرار فى المنطقة.

– كيف تفسر ما يشهده العالم فى هذه الفترة الحرجة من تنامى ظاهرة الإرهاب؟

الإرهاب أصبح ظاهرة عالمية عابرة للحدود خاصة فى ظل التطور التكنولوجى وتطور وسائل الاتصالات، وشيوع الإرهاب الدولى يعكس أزمة ضمير يعيشها النظام السياسى الدولى وهى أزمة يبرز معها التناقض الفاضح والواضح بين ما تحض عليه مواثيق ومبادئ القانون الدولى وما تدعو إليه هذه الدول من قيم إنسانية ومثاليات سياسية رفيعة، فى الوقت الذى تنم فيه سلوكياته عن التنكر لتلك القيم والمثاليات، مما يوضح لماذا ينتشر الإرهاب الدولى ويتأخر النظام العالمى فى الحزم للرد عليه رغم تضافر الجهود الدولية والإقليمية لاتخاذ تدابير وإجراءات رادعة ضد الإرهاب، ولكن نجد دولا ترعى الإرهاب وتدعمه ولا يؤخذ ضدها أى إجراء.. نجد إرهاب الدولة متمثل فى إسرائيل وممارساتها ضد الشعب الفلسطينى إلا أن بعض الدول ترفض إدانتها ونعتها بالإرهاب وإلا وصفت أمريكا نفسها بالإرهاب خاصة بعد فضيحة جوانتانامو وسجن أبو غريب وبعد جرائمها فى العراق.

– إذا لأداء المجتمع الدولى دور فى تنامى موجات الإرهاب ؟

بالطبع فالتسيب الدولى هو الذى يتيح المجال واسعا أمام إخطبوط الإرهاب والذى يجمع فى صفوفه القتلة المحترفين والمرتزقة والمأجورين وغيرهم من المغرر بهم دينيا وسياسيا وعقائديا فالإجرام يزدهر، حيث يغيب القانون والعنف ينمو ويستشرى خطره عندما لا يجد من يردعه.

– أين دور المجتمع الدولى فى القضاء على الإرهاب، خاصة أنه لا يمكن أن تقضى عليه دولة بمفردها، وكيف يواجه المجتمع الدولى الإرهاب ويردعه؟.

من الملاحظ أن البعض يهتم بدور المجتمع الدولى ويتطلع إلى خلق دور فاعل له للقضاء على الإرهاب، وأنا اتفق معك فى اهتماماتك بأهمية وجود دور للمجتمع الدولى لأن فى الحقيقة أن دولة لن تستطيع مكافحة الإرهاب بمفردها، ولكن هناك إشكالية حقيقية وهى كيف يواجه المجتمع الدولى الإرهاب ورؤوس المجتمع الدولى و دول إقليمية منغمسة بالفعل فى ممارسة الإرهاب والتخطيط له والتحريض عليه وتوفر له كافة أنواع الدعم المادى والمعنوى والإعلامى وتستضيف عناصره وتحميه من الملاحقات الأمنية وتسخر له قنواتها الفضائية لتشجيعه، وكل هذا يحدث تحت مرآى ومسمع العالم خاصة الدول العظمى التى تصرخ منه فى كافة المحافل الدولية، ولذلك نجد أن هناك تناقضا بين القول المعلن والفعل الحقيقى فالجهود كلها حبر على ورق، وكما قلنا من قبل أن الجهود الدولية لتجريم الإرهاب بدأت منذ سنه 1934 وتم مناقشتها داخل عصبة الأمم المتحدة وتم طرح مشروع اتفاقية لمنع الإرهاب ورغم أنها اعتمدت سنه 1937 إلا أنها لم تدخل حيز التنفيذ، ثم تابعت الأمم المتحدة هذه الجهود سنة 1963 ووضع المجتمع الدولى 13 اتفاقية دولية لمنع العمليات الإرهابية التى تستخدم العنف واتفاقية أخرى عن منع تمويل الإرهاب ومنع الحماية المادية للمواد النووية ومنع الأعمال غير المشروعة ضد سلامة الملاحة البحرية وكانت كلها لأغراض سياسية استفادت منها الدول العظمى فترة الحرب الباردة، ولكن لاتزال الدول تتفاوض مع الألفية الثانية على مشروع اتفاقية شاملة بشأن الإرهاب الدولى يكون فى إطار جامع وشامل لكافة المواثيق الدولية المناهضة للإرهاب.

ومن الملاحظ أن كافة التكتلات والدول كانت تقوم بتوصيف الإرهاب ووضع تعاريف له طبقا لمصالح أعضائها، فمثلا الاتفاقية الأوروبية التى عقدت عام 1977 لمكافحة الإرهاب لم تقدم تعريفا محددا وواضحا للإرهاب بل عددت مجموعة من الأعمال والأفعال وعندما وجدوا أن هذه الاتفاقية لم تحقق مصالح تلك الدول لم توقع أى دولة على الاتفاقية، أما الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب فقد نفت تماما صيغة الإرهاب عن حركات التحرر والكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبى وحق تقرير المصير واضعة فى الحسبان حق الشعوب العربية فى تحرير الأراضى العربية المحتلة، أما فى أعمال اللجنة المعنية بمكافحة الإرهاب الدولى التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة حاولت الدول أن تعرف الإرهاب طبقا لمصالحها فمثلا مجموعة عدم الانحياز وصفت الإرهاب بعدد من الأفعال مثل أعمال العنف وعمليات القمع التى تمارسها الدول الاستعمارية والعنصرية ضد الشعوب التى تكافح من أجل التحرير والحصول على حقها المشروع فى تقرير المصير والاستقلال وقد ميز هذا التعريف بين إرهاب الدولة وإرهاب الأفراد كما استثنى كفاح حركات التحرر التى تعد عملا مشروعا وفقا للقانون الدولى .

– هذا عن دور الدول.. فما دور المنظمات الدولية فى مكافحة الإرهاب؟

الأمم المتحدة لم تضع حتى الآن أى تعريف للإرهاب باستثناء القرار رقم 1566 الصادر عن مجلس الأمن سنه 2004 والذى حدد الإرهاب بأنه ممارسات إجرامية توجه ضد المدنيين بهدف إحداث وفيات أو إصابات جسمانية أو أخذ رهائن وترويع المواطنين، بهدف إثارة الرعب وإرغام الحكومات على القيام بعمل أو الامتناع عن عمل يمثل اعتداء تحرمه الاتفاقيات الدولية لكونها عملا إرهابيا، كما يوجد مكتب مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة يتم من خلاله عمل أبحاث خاصة بالإرهاب والاستفادة من تجارب بعض الدول فى مكافحة الإرهاب إلا أن جميع الجهود ستظل حبيسة الأدراج والملفات الأوراق إلى أن تتفق الدول على تعريف محدد لهذه الظاهرة.

بعد كل ما تخلفه العمليات الإرهابية من دمار وخراب متى يبدأ المجتمع الدولى اتخاذ خطوات لمكافحة الإرهاب؟
عندما ينعقد مؤتمر عن «الدول التى ترعى الإرهاب» نكون قد بدأنا أن نسير فى الطريق السليم للقضاء على تلك الظاهرة..وقد ذكرت أن الأمم المتحدة عند صياغة تعريف للإرهاب وصفت التعريف بأنه الهدف منه إرغام الحكومات للقيام أو الامتناع عن عمل وهذا يمثل اعتداء.

– هل هذا مرتبط بأسباب السياسة أكثر من ارتباطه بالعقيدة والدين؟ وهل هذه الجماعات لها مصالح سياسية؟

بكل تأكيد فالعمليات الإرهابية التى تمت خلال السنوات الأخسيرة فى مصر مثلا المقصود بها زعزعة الاستقرار والإضرار بمصالح الشعب وإلحاق إضرار بالدولة والحكومة لإسقاطها والانقضاض عليها، فالأقنعة الدينية المزيفة سقطت وقد أعلنت تلك الجماعات عن أهدافها بصراحة ووضوح لا يحتملان أى لبس أو أى مناورة فلم يعد لدينا شك فى أننا نواجه جماعات سياسية لها قضية سياسية وليست دينية وأهداف سياسية لا علاقة لها بالدين ولا بالملة ولا بأيديولوجية.

فنحن أمام جماعات سياسية مناوئة للحكم تسعى بكل الطرق وكل السبل لإلحاق الضرر بهذا الحكم غير مبالية بالمواطنين ومشاكلهم فهى قادرة على ارتكاب جرائم ضد المدنيين وشهدنا ما حدث فى مسجد الروضة والتفجيرات بالكنائس مما يدل على أن هذه الجماعات ليست جماعات دينية وإنما لها مصالح سياسية من الدرجة الأولى.

– عندما نتحدث عن مصالح سياسية فلابد أن يكون للعمل الاستخباراتى دور فى محاربة الجماعات الإرهابية وإفشال مخططاتهم؟.

للعمل الاستخباراتى دور كبير وأساسى فى محاربة الإرهاب ورغم وجود طرق أخرى لمحاربة الإرهاب إلا أن الجانب الأمنى هو الإسراع فى عملية التخلص من الإرهاب وهى قوة مشروعة للدولة للحفاظ على أنها القومى وحماية مواطنيها، وتعتمد الدول فى كثير من الأحيان على العمل الاستخباراتى فى مكافحة الإرهاب عن طريق جمع المعلومات عن تلك العناصر ورصد تحركاتها وتحديث بياناتها وتوسيع دوائر جمع المعلومات وتجنيد أكبر عدد ممكن من العناصر المتعاونة ومتابعة الحسابات البنكية للجهات والشركات التى تقوم بتمويلهم وتجفيف منابع الإرهاب ومتابعة شبكات التواصل الاجتماعى لمعرفة توجهات تلك العناصر وتبادل المعلومات مع أجهزة استخبارات الدول الصديقة كل هذا يساعد على محاصرة الإرهاب والتخلص منه بالإضافة إلى الجهود الدولية والإقليمية لمكافحة الإرهاب فالعالم كله يعقد ندوات ومؤتمرات واجتماعات وهناك اتصالات سياسية بين الأجهزة الاستخباراتية على مستوى العالم للتعاون فى مجال مكافحة الإرهاب.

– تعد الذئاب المنفردة أحد أسلحة الجماعات الإرهابية لتنفيذ مخططاتها فمتى وكيف ظهر ذلك المصطلح؟

استخدم مصطلح «الذئاب المنفردة» عام 1990 فى الولايات المتحدة على لسان بعض الجماعات المتطرفة العنصرية التى كانت تميز بين الأبيض والأسود وكانت تدعو لإيذاء غير البيض بكل الوسائل المتاحة والترويج لاغتيالهم، وتلك الجماعات عنصرية كانت لها أفراد تطلق عليهم ذئاب منفردة، وهو الشخص الذى يرتكب أعمال العنف منفردا من خلال دعم مجموعات خلفه لكن بدون مساعدة مادية ثم انتقل هذا المصطلح إلى تنظيم القاعدة ثم داعش أو بمعنى أدق فإن الإعلام الغربى هو من ألصق ذلك المصطلح بتلك التنظيمات الإرهابية. كما هو الذى أطلق اسم «داعش»، وهو اختصار للحروف الأولى» لتنظيم الدولة الإسلامية فى بلاد العراق والشام»، وهذه الاختصارات لم تألفها العرب من قبل ولكنها غربية، وبالتالى فإن كافة تلك المصطلحات تم تصديرها من الغرب لإضفاء صفة الغموض على تلك الجماعات لتصبح ظاهرة عالمية يروج لها الغرب على أنها تهدد السلم والأمن الدولى وبالتالى يجب التدخل العسكرى الغربى لإنقاذ العالم من تلك الظاهرة.

– بعد أن أصبحت الذئاب المنفردة أحد أسلحة الجماعات لإثارة الرعب لدى المجتمعات.. كيف يمكن مواجهتها أمنيا؟

رغم ظهور تقنيات حديثة وقدرات كبيرة للأجهزة الامنية إلا أن الذئاب المنفردة تشكل صعوبة بالغة فى تتبعها ومتابعتها وبالتالى، فالأجهزة الأمنية تواجه تحديات كبيرة فى كشفها لأن الذئاب المنفردة تنمو وتنشط بشكل سريع بما يصعب السيطرة عليها طبقا للقاعدة الأمنية التى تقول إن أخطر العصابات هى التى يكون عناصرها فرد واحد، وبالتالى يصعب متابعتها منفردة لأنها تتخفى داخل المجتمعات وتمارس أعمالا طبيعية غير مشكوك فيها، وتكمن الخطورة، هنا أن تلك الأفراد تحمل أفكارا هدامة ومتطرفة ومليئة بالكراهية للآخر تنشرها وبسهولة لأفراد وجماعات لديها ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية خاصة وترغب فى سماع تلك الأفكار بل وتؤمن بها، كما يصعب التنبؤ بوقوع عمليات لها، خاصة وأن تلك العناصر تكون مدربة على أعلى مستوى من التدريب الاستخباراتى ومتخذة الاحتياطات اللازمة.

– إذا كانت الذئاب تتلقى بالفعل تدريبات على أعلى مستوى فما دليلنا على ذلك؟

لا يمكن الجزم بأسماء محددة ولكن بريطانيا نشرت كتيبا بعنوان «الذئاب المنفردة» وادعت أن داعش هى التى قامت بإعداده على حد تعبيرها والكتاب يقدم وصايا وأوامر أهمها تعليمات دقيقة قبل تنفيذ العمليات، وإعداد دراسات وخطط لمنطقة العمليات قبل التنفيذ، والهدف من العملية، وخطط الهروب بعد العملية، وتعليمات أمنية عالية الحرص منها عدم استخدامهم للهواتف المحمولة وعدم التحدث فى الإنترنت بطريقة صريحة وعدم استخدام وثائق أثناء تنفيذ العملية، مما يصعب مهمة الأجهزة، وبالتأمل فى هذا الكتيب نجد أن به تعليمات أمنية قد تصلح أن تكون لأجهزة استخبارات قام بوضعها أشخاص مارسوا العمل الاستخباراتى لسنوات طويلة ثم خلصوا إلى هذه التعليمات، وليست جماعات تتسم بضيق الأفق والجهل كالجماعات الإرهابية الموجودة على الساحة، كما أن العمل فى تلك الجماعات شبيه بالنظام العنقودى فى التنظيمات الشيوعية السابقة مما يؤكد أن من يحرك تلك العناصر هم أجهزة استخبارات.

– هل هناك دول أخرى استخدمت لفظ الذئاب المنفردة من قبل؟

لقد استخدم لفظ الذئاب المنفردة فى تركيا ويطلق عليها «الذئاب الرمادية» ويطلق عليه أيضا «تنظيم الشباب المثالى» أو «مجموعات الموت» وهى منظمة تركية متطرفة تشكلت سنة 1960 وكانت تعتبر الذراع المسلح «لحزب الحركة القومية» وهى تعارض أى تسوية سياسية مع الأكراد وترفض التعامل مع الجنسيات الأخرى ويعتبرون أن الذئب له دلالة إيجابية حيث وصفت الذئاب فى الأساطير التركية القديمة بأنها رمز للشرف، وغالبية تلك الذئاب من الشباب المهمشين المهاجرين من الريف التركى إلى المدن كأنقرة واسطنبول ومن الملاحظ أن المصطلح ارتبط اسمه بالولايات المتحدة ثم تركيا وهما من الدول المستفيدة من الإرهاب وكلاهما مرتبط اسمه بالتعامل مع داعش.

– وكيف يتم تجنيد الذئاب المنفردة عن طريق السوشيال ميديا؟ وكيف يجند داعش عناصره ؟

الإرهاب الدولى يتكاثر مثل الفيروسات، الفيروس أكثر تشابها بالجماعات الإرهابية؛ لأنه صعب علاجه وطريقة العدوى تتنقل من أماكن إلى أخرى والأفكار تنتقل بسرعة بسبب شبكات التواصل الاجتماعى التى قتلت المسافة فنقل الأفكار إلى أكثر من نقطة فى العالم فى «إلا وقت ولا زمن»، وقد استخدمت الجماعات الإرهابية وسائل التواصل الاجتماعى لتجنيد عناصرها عن طريق فرز الأفراد ومعرفة ملامح شخصياتهم واتجاهاتهم واهتماماتهم فيختاروا الأشخاص الذين يعانون من حالة نفسية سيئة والذين يتحدثون عن الإحباط والموت فهم فريسة سهلة لتلك الجماعات وكذلك للذين سبق لهم التورط فى جرائم جنائية ومن هنا يتم الاقتراب من الشخص وتجنيده من خلال صفحات وهمية حتى يصبح على قوة التنظيم ويتلقى التدريب على العمليات القتالية أو يتلقى التدريب من الخارج فيصبح عضوا فى تلك الجماعات وتلك المجموعة تسمى الذئاب المنفردة وتكون كلها عناصر كامنة فى المجتمعات ولكن دائما تكون على اتصال بالقيادات، كما استطاع داعش عن طريق السوشيال ميديا تجنيد ذئاب منفردة فى أوروبا تستطيع أن تقوم بعمليات إرهابية فى أى وقت وطبقا لتعليمات قيادات التنظيم.

– إذن..نستطيع أن نقول إن تنظيم داعش الإرهابى تطور فى أدائه منذ نشأته وحتى الآن ؟

بالطبع فبعد استخدم داعش شبكات التواصل الاجتماعى لتجنيد عناصره وهو ما يعرف بالذئاب المنفردة وأغلبها فى أوروبا فاستطاع من خلالها تجنيد عدد كبير من العناصر فى أنحاء العالم، ومؤخرا بعد الضربات الموجهة لتنظيم داعش فى سوريا والعراق وفقدهم لعدد كبير من عناصرهم من الرجال بدأ التنظيم يتجه إلى تجنيد النساء من خلال السوشيال ميديا وكان عدد كبير من النساء من تونس وبلاد المغرب بصفة عامة مستغلين حالة الفراغ السياسى والظروف الاقتصادية التى تمر بها المنطقة العربية.

– كيف تقوم الجماعات الإرهابية بتحديد أهدافها؟

الجماعات الإرهابية بالطبع لديها أهداف تريد تحقيقها وهى أهداف سياسية بالمقام الأول والهدف الأساسى إثبات وجودهم على المستوى الدولى، وإحداث أضرار مادية للدولة والأشخاص والممتلكات وهو غرض دعائى بالأساس ومن أهم أهدافه إعطاء إشارة للداخل والخارج أن النظام والحكومة غير قادرين على مواجهة الإرهاب وحفظ الأمن والاستقرار.

وعندما نسمع عن عمليات هجوم مسلح على قسم شرطة أو محطة كهرباء أو تفجير سيارات فهو لديه أهداف يريد تحقيقها كتوجيه ضربة للنظام السياسى فى الدولة لمحاولة تغييره أو محاولة تأليب الشعب على النظام الحاكم فهو يريد جذب المتعاطفين مع قضيته التى يحارب من أجلها ويريد أن يعطى إشارة للمتعاطفين معه أنه مازال موجودا على الأرض ويقوم بتحركات وذلك للدعاية السياسية عن نفسه لذا لابد أن نكون حذرين فى التعامل الإعلامى مع الجماعات الإرهابية بمعنى أن نقيم الأمور ونوازن «ما بين حق المواطن فى المعرفة» و«مصالح الأمن القومى للدولة».

ومن ضمن أهداف الإرهابى أيضا شل تفكير الحكومات أو الجهات السياسية وتشتيت الجهود الأمنية للدولة المستهدفة وزيادة التكلفة وكذلك ردع الحلفاء المتعاونين مع الدولة المستهدفة وتنفيذ عمليات إرهابية ضدهم فى حالة القيام بمساعدة تلك الدولة، وإصابة الدولة بأضرار مادية وخلق حالة من الذعر والرهبة وعدم الاستقرار بهدف إظهار النظام الحاكم بأنه غير قادر على حماية نفسه ومواطنيه. وكانت هذه هى مهمة تنظيم الدولة الذى حاول القيام بعدة عمليات إرهابية داخل سيناء إلا أنه فشل فى تحقيق هذا الهدف.

كما أن العمليات الإرهابية هدفها دفع الدولة لاتخاذ إجراءات استثنائية من شأنها إثارة السخط العام لدى الشعب حيث تقوم الدولة عقب حدوث عملية إرهابية باتخاذ إجراءات مشددة أمنيا كوضع السدود الخرسانية أمام المصالح الحكومية والسفارات والمنشآت العامة وإحداث اختناقات مرورية فى الشوارع وفرض حالة الطوارئ وحملات التفتيش ومداهمات وحالة استنفار أمنى تؤثر بشكل سلبى على الرأى العام الداخلى وبالتالى تنقل تلك الصور إلى الخارج من خلال المتابعين لتطورات الأحداث الداخلية من البعثات الدبلوماسية والمراسلين الأجانب وشبكات التواصل الاجتماعي، والإرهاب غرضه تحقيق مزيد من هذه الخطوات، فيحدث حالة سخط شعبى على الحكومة أو على النظام، وهنا يجب أن يعى الجميع أن هناك حربا شرسة ضد الوطن لذا يجب التكاتف والصبر حتى لحظة الانتصار فى تلك الحروب.

– إذا هل نستطيع أن نقول أن الإرهاب له وقت متوقع للقيام بعملياته الإرهابية؟

بالطبع فاختيار تلك الجماعات الإرهابية لشهر ديسمبر والتى توافق أوقات أعياد الأخوة المسيحيين له دلالته وأهدافه فهو يحاول تركيز عملياته الإرهابية فى تلك الفترة والمقصود هو إرسال رسائل عديدة منها الدعاية للعمليات الإرهابية وخلق حالة من الفرقة وبث روح الكراهية من الشعب تجاه النظام الحاكم وإظهار الدولة بأنها غير قادرة على حماية مواطنيها، كما أن العمليات الإرهابية دائما ما تحدث عند إنجاز مشروعات قومية ضخمة أو قيام القيادة السياسية بإحراز نجاحات فى إطار سياستها الداخلية أو الخارجية.

– هل للقضية الفلسطينية دور فى ظهور الجماعات الإرهابية فى العالم؟

بالتأكيد القضية الفلسطينية هى السبب الأساسى لظهور العناصر المتطرفة فعندما يكيل المجتمع الدولى الكيل بمكيالين لصالح إسرائيل دائما على حساب القضية العربية بالتأكيد لابد أن تنتشر حالة من السخط والغضب بين الشباب العربى، كما أن فكرة الانحياز الكامل لإسرائيل يساعد على انتشار الفكر المتطرف والإرهاب فالعنف يولد عنف وبالتالى زيادة الإرهاب فى المنطقة بسبب سياسة العالم تجاه القضية الفلسطينية لذا يجب السعى إلى إيجاد حل عادل لهذه القضية والعمل على إقامة حل الدولتين وتنفيذ ما كان قائما قبل يونيو 1967.

– وكيف يمكن التخلص من الفكر المتطرف بالوطن العربى؟

لابد من معالجة جذور الإرهاب وأسبابه وهى الفقر والجهل والبطالة ونشر الوعى، فبالإضافة إلى الحلول الأمنية فلابد من محاصرة الأسباب الاجتماعية من خلال التنمية الشاملة والمتمثلة فى إيجاد فرص عمل للشباب وزيادة الإنتاج وتشجيع التصدير وإنشاء مصانع جديدة وحل مشكلة العنوسة، وهى مشكلات تبدو مشكلات بسيطة إلا أنها أحد أهم عناصر تكوين الإرهاب بالإضافة إلى تنشيط دور التعليم والأزهر والكنيسة وتشجيع الفنون والثقافة.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.