يبدو لأول وهلة أننا أمام هجاء ساخر للديكتاتورية فى الفيلم الكوميدى الجيد، محكم الصنع، الذى يحمل اسم “موت ستالين”، وهو من إخراج أرماندو لانوتشى، الذى اشترك أيضا فى الكتابة، ولكنى لم أسترح فى الحقيقة لمكر الفيلم، الذى يحتمل بالتأكيد سخرية من الروس عموما، مما يجعلنا نضعه بشكل ما فى إطار هذه الموجة من الأفلام الغربية، التى تذكرنا بأجواء الحرب الباردة، والتى شاهدنا نماذج كثيرة منها فى الفترة الأخيرة، لا أعتقد أن تذكّر ديكتاتورية ستالين ودموية بيريا، رجل الأمن الشرس، يتم استدعاؤهما هنا بدون معنى، خصوصا أنه لا يوجد نموذج روسى جيد واحد فى الفيلم، لا بين الشعب، ولا بين المسئولين، حتى الفتاة عازفة البيانو التى تتجرأ فتكتب رسالة تهاجم فيها ستالين، وتدعو عليه بالموت، وتتسبب هذه الرسالة فى موت الديكتاتور، حتى هذه الفتاة توافق على أن تعزف على البيانو مرة أخرى مقابل آلاف الروبلات، وتبدو شجاعتها غير منطقية، وسط هذا الطوفان من الخوف والنفاق. الشعب نفسه الذى عانى من مجازر ستالين، نراه وهو يتدفق بالقطارات، لكى يلقى النظرة الأخيرة على قاتله.هناك خيط رفيع بين السخرية من الديكتاتور ومعاونيه، والسخرية من الروس عموما، وقد سقط هذا الخيط، بشكل لا يبدو بريئا، خصوصا أن فكرة إطاحة كل حاكم بمن كان قبله، وتجرع كل قائد من نفس الكأس، يمكن أن يمتد معناه إلى الحاضر الروسى، وبينما يبدو مقبولا بالطبع السخرية من ستالين وبيريا وحتى من خروتشوف، فإن السخرية وصلت بشكل غير لائق من شخص مثل زوكوف، الذى يعتبر من أبطال الاتحاد السوفيتى فى الحرب العالمية الثانية، وفى النهاية، فإن ما يصل للمتفرج هو التذكير بأن هذه البلاد الروسية هى موطن الديكتاتورية، أو على الأقل، من السهل أن تحكم بالحديد والنار، وأن تمثل نقيضا واضحا لقيم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.