https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الحب فى سجن النساء

915

لم يكن يخطر ببال تلك الفتاة الصغيرة، أنها ستكون كاتبة ومناضلة من أجل حقوق المرأة، فقد عاشت طفولتها ومراهقتها إلى أن تزوجت، وهى فتاة عادية لا تحمل أية طموحات سياسية وثقافية، لكن زواجها بمناضل حقوقى يسارى غير حياتها، واتجه بها فى مسار آخر غير الذى كانت عليه.
كان ذلك فى بداية الخمسينيات من القرن الماضي، حيث أعجب الشاب المحامى خريج كلية الحقوق عبد الله الطوخي، بتلك الفتاة الصغيرة “فتحية العسال”، فتزوجها، وكان النشاط السرى للحركة الشيوعية يتصاعد، مما عرضها لحملة أمنية شديدة، وأدى لاعتقال معظم رموزها؛ ومن بينهم عبدالله الطوخي، لتواجه زوجته الشابة أول تجربة قاسية فى حياتها؛ لكنها تخوضها بقوة وشجاعة، ومن خلالها تضع قدمها على أول طرق النضال وتحمل المسؤولية.
كان الطوخى قبل سجنه قد بدأ تجربة الكتابة، ونشر قصة قصيرة له عام 1949، لكنه لم يكن بعد قد قرر التوجه إلى الكتابة الأدبية بشكل نهائي، وعند خروجه من السجن عام 1955، قرر أن يترك المحاماة، ويتجه إلى الكتابة، فالتحق بالعمل الصحفي، وبدأ ينشر كتاباته فى القصة والرواية والمسرحية، ووجد فى فتحية العسال ذكاء وفطنة وعزيمة، فحثها على التعلم، ولم يكن حظها منه كبيرا قبل زواجهما، فبدأت القراءة المكثفة، وعمق النضال الذى خاضته معه وعيها، وفتح عينيها على أشكال الظلم، الذى تتعرض له المرأة العربية، وقد عاشت هى نفسها تجارب منه فى طفولتها ومراهقتها، وعانت سلطة أقاربها الرجال عليها.
وكانت فتحية العسال، التى نضجت أفكارها فى رعاية الرجل الملتزم أخلاقيا وفكريا، مهيأة لاكتساب تلك الصفات، فأخذت عنه التصميم والإخلاص والصدق مع الذات، ما دفع بنضالها من أجل المرأة إلى الأمام، وجعلها صريحة وجريئة فى التعبير عن ما تعتقده، تلك الصفات التى تعلمتها هى نفسها التى ستكون سبباً فى طلبها الطلاق منه، فقد أحست فى لحظة ما وهى فى ذروة كفاحها من أجل المرأة أنه يعيق نضالها، ويريد أن يفرض سلطته عليها، فطلبت الطلاق.
ولكن فترة فراقهما لم تدم أكثر من ثلاث سنوات التقيا بعدها، فاكتشفا أن الحب الذى ربط بينهما، وأنجبا فيه أبناءهما لا يزال قويا، فتزوجا مرة أخرى.
والمبدعة فتحية العسال، هى أول أديبة عربية تعرض كتاباتها على المسرح من خلال مسرحية “المرجيحة”، بجانب تأليفها لتسع مسرحيات أخرى، منها، “لام ألف همزة لا”، و”البين بين”، و”بلا أقنعة”، وكتبت ما يزيد على 55 مسلسلاً، منها، “رمانة الميزان”، و”حبال من الحرير”، و”لحظة صدق”، الذى حصل على جائزة أفضل مسلسل مصرى عام 1975، أما أشهر مسلسلاتها فهو “هى والمستحيل”، الذى يحكى قصة حياتها، وقامت ببطولته الفنانة الكبيرة صفاء أبوالسعود، وعُرض لها بعد وفاتها مسلسل “سجن النسا”، الذى يروى تجربتها فى المعتقل.