تحقيقاتمصر
أكتوبر تفتح الملف..مرضى الثلاسيميا فى «الطوارئ»
By amrأكتوبر 10, 2024, 15:29 م
588
بصوت يائس وضعيف من شدة المرض تقول جيهان مريضة ثلاسيميا، «مقطوع عنا العلاج تماما لمدة تقرب على السنة والمرض خطير والمرضى من غير العلاج يموتون من المضاعفات الحقيقية، لا أعرف ممكن نناشد مين، الجمعيات فى الخارج يناشدون حكومتنا واحنا فى مصر لا حياة لمن تنادى، متابعة حتى الآن فى مصر لا نعرف يعنى إيه ثلاسيميا، ولا حتى مخاطر قطع العلاج، نحن نعاني ليس فقط من قطع العلاج، كمان مفيش فلاتر للدم يعنى أزمة فى أدوات نقل الدم كمان»، وتستغيث جيهان: «أرجوكم محتاجين علاج ومحتاجين صوتنا يوصل للمسئولين».
كتبت : مي هارون
كما تعاني أحلام من نقص الأدوية، قائلة: «بقالنا أكثر من ٨ شهور من غير علاج كل اللي تعبنا عليه واتبنى فى سنين هيتهد فى كام شهر ومش عارفين امتى الأزمة دي تتحل، حتى فلاتر نقل الدم مش موجودة حسبي الله ونعم الوكيل احنا محصلناش كدة فى عز فيروس كورونا» إلى جانب جيهان وأحلام يعاني أكثر من ٥٠ ألف مريض ثلاسيميا فى مصر من نقص العلاج”.
الاتحاد الدولي للثلاسيميا
وقال الاتحاد الدولي للثلاسيميا إنه تلقى مؤخرًا تقارير مثيرة للقلق حول نقص حاد فى الأدوية الأساسية لمرضى الثلاسيميا فى مصر، وهذه الأدوية ضرورية للإدارة والعلاج الفعالين لمرض الثلاسيميا، وهي حالة تؤثر على ما يقرب من 10000 فرد من جميع الأعمار فى البلاد، ولا يجب أن يتم إعاقة وصول المرضى إلى هذه العلاجات الحرجة، مؤكد أن الوصول إلى الأدوية الأساسية يعد حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان، ومن الضروري ضمان إمداد ثابت وبأسعار معقولة من هذه الأدوية لتجنب المعاناة والوفيات غير الضروري، ونؤكد بقوة أنه لا ينبغي التخلي عن أي مريض فى أوقات مثل هذه الأزمات ونقف بحزم لدعم مجتمعات مرضانا.
ونسعى إلى الحصول على دعم وتعاون منظمة الصحة العالمية وندعو الحكومة المصرية ووزارة الصحة والسكان المصرية إلى اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لتصحيح هذا الوضع غير المقبول، وهو الوضع الذي ينتهك بشكل صارخ حقوق الإنسان للمرضى.
ما هو الثلاسيميا؟
هو عبارة عن اضطراب دموي وراثي يصنع فيه الجسم شكلا غير طبيعي من الهيموجلوبين، والهيموجلوبين هو البروتين الموجود فى خلايا الدم الحمراء، التي تحمل الأكسجين، هذا الاضطراب يؤدى إلى تدمير مفرط لخلايا الدم الحمراء، مما يؤدى إلى فقر الدم وهو حالة لا ينتج فيها الجسم ما يكفى من كريات الدم الحمراء، وهو مرض وراثي.
الثلاسيميا الصغرى أو حامل للمرض
المصاب به فى الغالب لا يعاني من أي أعراض أو تكون الأعراض خفيفة جدا، مثل فقر دم خفيف، ويتم تشخيص الحالة بإجراء فحص روتيني للدم يظهر انخفاضا فى كريات الدم الحمراء، تكمن أهمية تشخيص المرض للمساعدة فى تحديد خطورة انتقال الثلاسيميا الكبرى للأطفال عند الزواج وينصح المصاب بالثلاسيميا الصغرى ذكر أو أنثى بعدم الزواج من شخص مصاب بثلاسيميا كبرى أو صغرى لأن احتمال إصابة الأبناء بالثلاسيميا الكبرى عالي جدا.
الجمعية المصرية
فذهبت إلى الجمعية المصرية لأصدقاء مرضى الثلاسيميا للحصول على معلومات أدق عن المرض ورصد معاناة المرضى، فى البداية قابلت هبة محمد مريضة ثلاسيميا ومسئول توعية بالجمعية، التي بدأت حديثها أن الأغلبية العظمى من الشعب المصري لا يعرف شيئًا عن الثلاسيميا، ونتيجة لنقص الوعي يوجد بعض الأطباء ليس لديه معلومات عن المرض، مما يجعل بعض الأطباء، خاصة الجراحة والأسنان يرفضون علاجنا، تخوفًا من المضاعفات للربط بيننا و بين مرضى الهيموفيليا، وبالتالي المشكلة ليست فى فئة معينة ولكن فى كل فئات المجتمع حتى الأطباء يحتاجون للتوعية بمرضنا، نعاني عند الحاجة للحجز بالمستشفى.
وأضافت: لا بد من التوعية أن الثلاسيميا هو من ضمن أمراض الدم الوراثية، أنا الوحيدة فى عائلتي المصابة بالمرض، رغم أن أبي وأمي ليسوا أقارب.
وأكدت منذ شهر فبراير الماضي نعاني من نقص الأدوية، كما نعاني من نقص الدم لعدم وجود توعية لعدد كبير من المصريين، بأهمية التبرع بالدم لعلاج عدد كبير من المرضى، ونحن فئة مهمة منهم لاعتمادنا بشكل كامل على نقل الدم، 90% من المرضى يحتاجون لنقل الدم بصفة دائما مرتين أسبوعيا، وأقل نسبة تحتاج إلى مرتين شهريًا، متابعة مرضى الثلاسيميا أكبر عملاء بنك الدم المركزي بفروعه، ورغم ذلك ونتيجة لقلة الوعي بمرضنا، لم يذكروا مرضنا من ضمن الأمراض التي تعالج بنقل الدم، فسيارات نقل الدم الموجودة بالشوارع تطلب من الناس التبرع من أجل مرضى السرطان والكلى والحوادث ولا يتم ذكر الثلاسيميا.
التوعية
وأضافت: نحتاج توعية المواطنين بزيادة التبرع بالدم، كما أننا فى أمس الحاجة لتوفير أدوية علاج زيادة مخزون الحديد فى الجسم نتيجة زيادة عمليات نقل الدم، لأنه يتراكم على القلب والكبد والكلى والغدد وقد يتأثر أكثر من عضو، لذلك تراكم الحديد قاتل ويهدد حياتنا ويعرضنا للموت، والحديث لا يزال لـ «هبة»، وهناك بديل لدواء مخزون الحديد وهي حقن ولكن متوفرة بالسوق السوداء بأضعاف ثمنها.
وتابعت: نحن مرضى إذا حصلنا على علاجنا بشكل دائم ومنتظم سنكون مواطنين طبيعيين نستطيع العمل والإنتاج، فالمرض مزمن مستمر مدى الحياة، ونقص هذه الأدوية يرفع مستوى المضاعفات، بعد ما كان مريض ثلاسيميا فقط أصبح مريض ثلاسيميا وقلب وهشاشة عظام، وبالتالي ما نتعرض له يجعل مريض الثلاسيميا شخصا مريضا معاقا غير قادر على العمل والإنتاج، مطالبة نحتاج الحصول على حقنا فى العلاج وتوفير البروتوكول العالمي لعلاج مرضى الثلاسيميا، ولكن ما يحدث فى مصر، هو توفير أقل من نصف ما يحتاجه المريض وبالتالي هو لا يعالجه بل يرفع نسبته من ضعيف جدا إلى ضعيف.
واختتمت “هبة” حديثها بتوجيه سؤال للمسئولين عن الصحة، ما مصير مرضى الثلاسيميا فى مصر؟
زيادة الأعداد
شكرت هبة وتوجهت إلى الدكتورة آمال البشلاوى، أستاذ طب الأطفال وأمراض الدم كلية طب جامعة القاهرة، ورئيس جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا، وقالت: إن هناك زيادة فى أعداد مرضى الثلاسيميا فى مصر، مشيرة إلى قيامها بعمل بحث أثبتت خلاله أن 9.5 % من الشعب المصري حامل لمرض الثلاسيميا، وهو من ضمن الأمراض الوراثية المتنحية، تنتقل للأبناء من الأبوين، ولكن لا بد من أن يكون الأب والأم حاملين للجين وغير مصابين، زواج الأقارب يزيد النسبة ولكن نظرا لزيادة الأعداد الحاملة للمرض قد يكون الزوج والزوجة حاملين للمرض ولكن ليس أقارب، كما أوضحت “البشلاوي” أن فحوصات ما قبل الزواج مهمة لاكتشاف الإصابة قبل الزواج من خلال صورة دم كاملة، فصل كهربائي الهيموجلوبين وذلك للقدرة على اكتشاف الجين، مشيرة إلى أن أكثر من 40 ألف مريض مسجلين فى 5 محافظات، أكثر من 50% منهم خاضعين للتأمين الصحي.
مضاعفات
ولابد من منع انتشار هذا المرض عن طريق الفحص الدوري فى المدارس، وبيان تفصيلي لتسجيل جميع الحالات على مستوى الجمهورية، والحديث لا يزال
لـ «البشلاوي»، ورغم زيادة الأعداد، الأدوية غير متوفرة حاليًا بسبب نقص الاستيراد، مما يضطر المرضى لنقل الدم باستمرار، وينتج عن تكرار نقل الدم مشاكل كثيرة كزيادة نسبة الحديد بالجسم ويترسب على القلب والغدد الليمفاوية، هشاشة فى العظام، ضعف عام فى الجسم، تأخر البلوغ، تغيير فى شكل عظام الوجه والفكين.
تظهر أعراض الثلاسيميا على الطفل المصاب أعراض فقر الدم ابتداء من عمر 3إلى6 أشهر أو من الممكن أن تبدأ فى الظهور فعمر أكبر حيث يصاب بــالشحوب والاصفرار، وتقل شهيته للطعام، القئ والإسهال، التعرض المتكرر للالتهابات، تضخم واضح فى الطحال والبطن، صعوبة فى الرضاعة، فقر دم حاد، بحسب “البشلاوي”
الوقاية
للوقاية من هذا المرض، حددت الدكتورة أمال طرق الوقاية فى عدة نقاط وهي:
عدم تناول حبوب الحديد أو الفيتامينات التي تحتوي على الحديد لعلاج فقر الدم إلا بعد استشارة الطبيب وتناول فيتامين الفوليك أسيد عند الشعور بالتعب والإرهاق، إضافة إلى ضرورة عدم الزواج من شخص يحمل هو أيضا جين سمة الثلاسيميا وذلك تفاديا لإنجاب أطفال مرضى بالثلاسيميا الكبرى.
ويجب متابعة دقيقة للمرأة التي تحمل سمة الثلاسيميا طوال فترة الحمل.
مبادرة الرئيس
وبفضل مبادرة رئيس الجمهورية لفحص المقبلين على الزواج، على الكشف مبكرا عن أعداد الإصابة بمرضى الثلاسيميا، حيث يتم إجراء فحص لاكتشاف الإصابة بالثلاسيميا، ونجحت المبادرة فى اكتشاف 22 ألف حالة، وبالتالي من أهم إنجازات المبادرة اكتشاف حالات كانت تعيش وتموت بدون ما تُكتشف إصابتها، والحديث انتقل هنا للدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصاديات الصحة وانتشار الأوبئة، متابعًا المبادرة مهمة فى اكتشاف الحاملين للمرض، فهي لا تمنعهم ولكن تنصحهم بعدم الزواج، للوقاية من إنجاب طفل مريض طول عمره وبمعدل وفيات مرتفع.
معدل الإصابات
على مستوى العالم تقريبا 5% من سكان العالم حاملين لجين الثلاسيميا سواء الالفا أو البيتا ويمثلون 350 مليون شخص تقريبًا، إصابة 4 أطفال من كل 10 آلاف ولادة، 1.7 من عشرة عندهم أعراض ظاهرة ،25 ألف وفاة سنويًا، والحديث لا يزال لـ «عنان»، بينما فى مصر هناك 7 ملايين مواطن حامل لجين الثلاسيميا، غير مصابين ولا تظهر عليهم أعراض ولكن عندهم قابلية عند الزواج لشخص آخر حامل لنفس الجين إنجاب أطفال مصابة بالثلاسيميا، حتى 2019 كان هناك 30 ألف مريض مسجل بالثلاسيميا فى مصر، المبادرة اكتشفت 22 فيصبح إجمالي الإصابات 52 ألف مريض، يموت منهم 1.5%، بحسب “عنان”.
التنمر
وتابع: يتعرض مريض الثلاسيميا دائمًا للتنمر والنبذ لأن شكله مختلف، فهو فى الغالب يكون قصيرا ولون جلده غامق مائل للنحاسي نتيجة كثرة نقل الدم وزيادة مخزون الحديد، وشكل جسمه وعظامه، وبالتالي يتعرض للتنمر فى المدرسة، وجميع مرضى الثلاسيميا فى حاجة للدعم النفسي وتقوم جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا به، لذلك لا بد من توعية جيدة للتعامل مع مرضى الثلاسيميا.
دراسة اقتصادية
وأشار “عنان” إلى دراسة أجراها على مرضى الثلاسيميا فى مصر ونُشرت فى مؤتمر فيينا، وهي أول دراسة للتكلفة الاقتصادية لمريض الثلاسيميا تتم فى مصر والشرق الأوسط، متابعًا الدولة تصرف على مريض الثلاسيميا، ففي سنة ٢٠٢٠ كان يتكلف علاج المريض الواحد 5 آلاف جنيه شهريًا، سواء على نفقة الدولة أو التأمين الصحي، ولكن كان المريض أيضًا يتكلف مبالغ مالية تقدر ب 26 ألف جنيه فى السنة، نصف المبلغ يصرفه على العلاج، والباقي عبارة عن مبالغ مالية يخسرها نتيجة عدم القدرة على العمل، حيث أثبتت الدراسة أن 84% من مرضى الثلاسيميا بدون عمل، و3% فقط يستطيع الزواج وممارسة حياته بشكل طبيعي، مؤكدا أنه إذا تم توفير العلاج بشكل دائم لمريض الثلاسيميا سيصبح شخصا منتجا ونافعا فى المجتمع.