رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تونس..حكاية استرداد وطن مختطَف منذ عشر سنوات

فى ذكرى النصر من الأكاديمية العسكرية إلى الفرقة السادسة رسائل ودلالات

526

نهاية الأسبوع قبل الماضى  احتفلت مصر بتخريج دفعات جديدة من الضباط بالقوات المسلحة وهى  الدفعة الأولى بالأكاديمية العسكرية من مقرها الجديد بالعاصمة الإدارية، المشهد كان مهيبا والاحتفال لم يكن تقليديا عاديا، بل كان احتفالا فوق العادة فى  كافة تفاصيله، سنتوقف عندها بالتفصيل فى  السطور القادمة، ولم تمر سوى عدة أيام حتى كان اصطفاف الفرقة السادسة المدرعة بالجيش الثانى  الميدانى  وهو الإجراء العسكرى  المتبع بعد إتمام تفتيش الحرب للوحدات العسكرية لتعلن خلال اصطفافها جهازيتها واستعدادها القتالى  لتنفيذ أى  مهمة يتم تكليف الفرقة بها لحماية الأمن القومى  المصري، ما بين الحدثين نقاط مشتركة ورسائل مهمة ودلالات لا بد أن نتوقف عندها، خاصة أنها جاءت فى  توقيت تعيش فيه المنطقة حالة من السيولة، وترتفع حدة التوتر لتدفع بالمنطقة إلى مستقبل مجهول.

 يبقى الحفاظ على الدولة الوطنية تحدٍ كبير، وحماية أمنها القومى  ومقدراتها ليس بالأمر الهين، والحفاظ على تماسك الشعب ووحدة الصف فى  ظل حرب لا تتوقف لحظة؛ مستهدفة العقول، وتزييف الوعى  وزعزعة الثقة، للنيل من الجبهة الداخلية.

هنا لا بد أن نتوقف عند بعض التفاصيل لقراءة الرسائل والدلالات من المشهد.

الرسالة الأولى: جاءت كلمة الرئيس السيسي خلال الاحتفال بالأكاديمية العسكرية، تؤكد أن السلام هو الخيار الاستراتيجى  للدولة المصرية، لكنه سلام الأقوياء، السلام المرتكز على قوة تحميه، سلام الأقوياء وهو ما صنعته مصر بعزة وكرامة وفخر فاستردت كامل ترابها الوطنى  ولم تفرط فى  حبة رمل واحدة منه.

فلم يكن لمصر أن تصنع السلام لولا نصر أكتوبر 73 والذى  غير العديد من النظريات والمفاهيم العسكرية، بل والسياسية أيضا، وجعل العالم يعيد تقدير موقفه فى  النظر للدولة المصرية.

فمصر التى  ظل العالم ينظر إليها على مدى 6 سنوات أنها أصبحت جثة هامدة لن تستطيع أن تعود للحياة مرة أخرى وتسترد كرامتها، فى  ظل تضييق غير مسبوق ومجتمع دولى  لا يعترف بالضعفاء، وقوى دولية تدعم المحتل على حساب صاحب الحق، فميزان العدل لديها مختل.

فوجئ العالم أن هذا المارد لا يمكن له أن يموت، فقد يتعثر للحظات ثم يعود أكثر قوة، مرتكزا على ثوابته الإنسانية والأخلاقية لا يغيرها ولا يبدلها قط، فلا يقبل الهزيمة، ويعشق النصر، ولا يعتدى.

السلام الذى  اتخذته مصر منهجا منذ 47 عاما فى  ظل حالة رفض غير مسبوقة عربيا، وحصار داخلى  من نخبة لم تستوعب المشهد فى  حينه، رغم رؤيتها للتحديات، ومجموعات من أصحاب الأصوات العالية تحاول النيل من الرئيس وتشويه صورته، وقوى دولية تتخلى عن التزاماتها، الا ان الدولة المصرية ممثلة فى  قائدها الرئيس محمد أنور السادات والذى  أثبت التاريخ بعد 43 عاما من استشهاده أنه اختار للدولة المصرية المسار الصحيح.

ثم تأتى  كلمة الرئيس خلال اصطفاف الفرقة السادسة المدرعة، تؤكد أيضا على ذلك بل ويتعهد الرئيس باستكمال المسار وهو خيار السلام المرتكز على القوة قائلا: “إن السلام خيار استراتيجى  للدولة المصرية، وأنه ليس لدينا فى  مصر وقواتها المسلحة ومؤسسات الدولة أية أجندة خفية”

الرسالة الثانية: مصر لا يمكن لها أبدا أن تنسى من قدموا لوطنهم من تضحيات، فهى  دولة عظيمة تمتلك إرثا من القيم والأخلاقيات والوفاء بالعهود.

فكان لا بد من توجيه التحية لبطل الحرب والسلام الرئيس الشهيد محمد أنور السادات، وكذا للقوات المسلحة المصرية تلك المؤسسة الوطنية العريقة التى  لم ولن تتخلف يوما عن التصدى  لتحمل المسئولية، مهما ثقلت وتأدية الأمانة مهما بلغت، تحية لها بجميع أجيالها من المحاربين القدامى إلى الأجيال الصاعدة.

وهو ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي  خلال احتفال الأكاديمية العسكرية بتخريج دفعات جديدة، كما أكد على ذلك أيضا خلال اصطفاف الفرقة السادسة المدرعة أحد أهم الفرق العسكرية فى  الجيش المصرى  والتى  تمتلك تاريخا حافلا بالبطولات، وقدرات قتالية عالية، ويمتلك مقاتلوها احترافية فى  تنفيذ المهام والجميع يدرك ذلك.

الرسالة الثالثة: إن ما ضحى الرئيس السادات من أجله وما نجح فى  تحقيقه لا يمكن التفريط فيه ـ تحقيق السلام ـ فكان العهد الذى  اتخذته الدولة المصرية واكد عليه الرئيس السيسي  بالأكاديمية العسكرية قائلا: ” إن ما وهبت حياتك من أجله.. لن يضيع هدرًا أو هباءً.. بل وضع الأساس الراسخ الذى  نبنى  عليه ليبقى الوطن شامخًا والشعب آمنا يحيا مرفوع الرأس على أرضه لا ينقص منها شبر ولن ينقص بإذن الله وهذا وعدنا وعهدنا لشعبنا العظيم”.

ثم أثنى الرئيس السيسي، فى  كلمته، بالفرقة السادسة المدرعة على الرئيس السادات قائلا: “القيادة السياسية فى  هذا الوقت، حيث كان لها رؤية بعيدة جدا، واستطاعت أن تتجاوز عصرها باستعادة الأرض ودفع العملية للسلام”

الرسالة الرابعة: إنه لولا وجود قوات مسلحة قوية، وقادرة ورشيدة تحافظ على التراب الوطنى  وسط المحيط المضطرب، وتحمى  الأمن القومى  بدوائره، ما كان لهذا الوطن أن ينعم بالأمن والاستقرار.

إنه شرف العسكرية المصرية التى  تمتلك عقيدة راسخة «النصر أو الشهادة» وتربى أبناءها على ذلك وتعلم دورها ومهمتها الرئيسية وتعمل على ذلك بالتدريب المستمر والعمل المتواصل، والاحترافية فى  تنفيذ المهام وهو أمر يعد أفضل المهام وأشرفها.

فالقوات المسلحة المصرية تلك المؤسسة الوطنية العريقة التى  لم ولن تتخلف يوما عن التصدى  لتحمل المسئولية مهما ثقلت، وتأدية الأمانة مهما بلغت، وهى  عقيدة راسخة لدى جميع أجيالها من المحاربين القدامى إلى الأجيال الصاعدة.

 الرسالة الخامسة: لم يكن النصر ليتحقق لولا روح أكتوبر التى  جعلت الشعب يصطف بقوة خلف قواته المسلحة فى  مرحلة إعادة بنائها من أجل تحقيق النصر والاصطفاف خلفها خلال فترة حرب الاستنزاف وخلال ملحمة العبور، فلم يكن النصر ليتحقق لولا مساندة الشعب.

تلك الروح التى  تمتلك الشعب المصرى  دائما عندما يدرك حجم المخاطر والتهديدات والتحديات التى  تواجهها الدولة وهو ما يظهر جليا فى  مواجهة الأزمات.

ودائما ما يكون الشعب وصموده واصطفافه خلف الدولة الوطنية أحد أهم ركائز تحقيق النصر والنجاح فى  مواجهة التحديات.

وهو ما أكد عليه الرئيس قائلا: إن سلامة هذا الوطن ما كان لها أن تتحقق فى  مواجهة تلك التحديات التى  مررنا بها، على مدار السنوات الماضية لولا صمود هذا الشعب الأمين ووحدته، فتضحيات أبناء هذا الوطن هى  نهر عطاء مستمر على مدار التاريخ وإن اختلفت صورها وستظل مصر بوحدة شعبها أكبر من جميع التحديات والصعاب وسيستمر تقدمها للأمام محفوظًا بنصر الله ورعايته وإرادة وعزيمة أبناء هذا الشعب الكريم.”

 الرسالة السادسة: لا يمكن للدولة المصرية أن تتخلى أو تتوقف عن دعمها للقضية الفلسطينية فهى  قضيتها المركزية قائلا: “إن مصر اليوم لديها موقفا ثابتا لا يتغير، وموقفا عادلا تجاه قضية عادلة، وهى  القضية الفلسطينية”.

 وأكد على حق الشعب الفلسطينى  أن يعيش فى  دولة مستقلة جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل.

وقال الرئيس ” أتحدث ليس فقط باسمى  وباسم مصر، لكن أستطيع أن أتحدث باسمى  واسم كل أشقائنا فى  المنطقة العربية”.

 وشدد على أنه إذا تحقق هذا الأمر؛ (يعنى  السلام) سيفتح آفاقا حقيقية وموضوعية للسلام والتعاون على مستوى المنطقة والإقليم بالكامل”.

وأكد الرئيس السيسي  أن القضية الفلسطينية؛ محورية فى  وجدان الجميع، وقال إن “إقامة دولة فلسطينية جنبا إلى جنب مع الدولة الإسرائيلية؛ حماية للمواطن الإسرائيلى  والمواطن الفلسطيني.. وهذا موقفنا الثابت الذى  نؤكد عليه دائما، ونقول إنها قضية عادلة، حيث يعلم ذلك المجتمع الدولى  بالكامل، ويعترف به، ولكن المهم أن يتحول اعترافنا ومعرفتنا إلى عمل من أجل تحقيق هذا الأمر”.

وقال الرئيس السيسي  إن مصر تسعى، خلال المرحلة الحالية، إلى تحقيق ثلاثة أهداف لم تتغير منذ 7 أكتوبر من العام الماضي؛ وهي: وقف إطلاق النار وعودة الرهائن، ثم إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، حيث يعانى  أكثر من مليونى  إنسان منذ حوالى  سنة.

وأضاف الرئيس السيسي، فى  كلمته، “لقد سقط أكثر من 40 ألف ضحية، ثلثهم من النساء والأطفال، وأكثر من 100 ألف مصاب، وهذا ثمن كبير جداً، كما أن حجم الدمار لا يقتصر على البنية العسكرية، بل يشمل البنية الأساسية للقطاع، مثل المستشفيات والمدارس ومحطات المياه والكهرباء والمساكن العادية.. ونحن حريصون على تحقيق هدفنا، ونؤكد أنه حتى بعد انتهاء الحرب؛ فالخيار هو إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وذلك لوضع نهاية للصراع والكراهية.

وتابع الرئيس قائلا خلال كلمته بالفرقة السادسة المدرعة:” لقد خضنا تجربة فى  مصر تعد درساً للعالم، حيث حققت ما لم تتمكن الحروب من تحقيقه خلال الـ 51 سنة”.

أما الدلالات التى  جاءت خلال الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من الأكاديمية العسكرية وكذا تفتيش الفرقة السادسة المدرعة.

فقد جاء الاحتفال بضخ دماء جديدة فى  شرايين القوات المسلحة مصحوبا باستعراض عسكرى  راقٍ لعدد من الأسلحة وهو أمر غير مسبوق وتنفيذ مهام عبرت عن مدى قدرة وجاهزية القوات المسلحة واحترافيتها حال تكليفها بتنفيذ أى  مهمة أو مواجهة أى  مخاطر تؤثر على الأمن القومى  المصرى  أو على أى  نقطة من النقاط الحدودية.

بدا من تنفيذ القوات لعمليات مواجهة الإرهاب وهى  دلالة على احترافية المقاتل المصرى  فى  تلك المواجهة التى  كانت إلى وقت قريب أحد التحديات التى  تواجه الجيوش النظامية ولم تنجح فى  مواجهتها عدد من الدول الكبرى.

وهو ما أشاد به الرئيس قائلا: “إن القوات المسلحة المصرية واجهت اختبارا حقيقيا خلال عام 2011، الذى  كان يستهدف جناحى  الأمة فى  مصر هما؛ الشرطة والجيش؛ لإسقاط الدولة المصرية فى  اقتتال أهلى  ضخم جدا يستمر ويأكل كل فرص التنمية، مثمنا فى  الوقت نفسه دور القوات المسلحة فى  هذا التوقيت لحماية الأمن القومى  والشعب المصرى  من تداعيات فترة تعد من أصعب الفترات التى  مرت بها الدولة المصرية.”

  • كما جاء حضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية لافتتاح الأكاديمية العسكرية والتى تعد الجامعة العسكرية دليلا على الاصطفاف العربى وقوة ومتانة العلاقات بين مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة.

جاء إنشاء الأكاديمية العسكرية ليواكب حجم التطوير والتحديث الذى  شهدته القوات المسلحة خلال العشر سنوات الأخيرة مستهدفة إعداد وتخريج ضباط تتوافر فيهم الكفاءة والمؤهلات التكتيكية والفنية والعلمية والعملية العسكرية بما يواكب حجم التطور الكبير فى  الأسلحة والمعدات والحروب الحديثة.

  • جاء اصطفاف الفرقة السادسة المدرعة عقب تفتيش الحرب وفق الجدول الزمنى والتوقيتات المحددة مسبقا من هيئة التفتيش وهو يستهدف وفق الخطة السنوية الوقوف على مدى جهازية القوات وقدرتها على تنفيذ المهام، وهو ما تعمل عليه القوات المسلحة بشكل مستمر متخذة شعار “التدريب الجيد يوفر الدماء فى المعركة”

  • احترافية القوات الجوية فى تنفيذ المهام واستعراض عدد من الطرازات التى تمتلكها قواتنا الجوية وهو ما يجعلها قادرة على تنفيذ أى  مهمة لحماية الأمن القومى  المصري.