قرأت مؤخرًا تصريح للدكتور شوقى علام مفتى الديار المصرية يتحدث فيه عن أيام حُكم الإخوان بمناسبة مرور سبع سنوات على ثورة 30 يونيو وسقوط الإخوان إلى غير رجعة..
قال الدكتور شوقى علام إنه قابل محمد مرسى فى قصر الاتحادية أيام حُكم الإخوان وأنه شعر وهو داخل القصر بأنه داخل إدارة حكومية عادية لا تعطى انطباعًا بأن هذا المكان هو مقر حُكم مصر..
قنوات الإخوان تلقفت تصريح المفتى بالتهليل والتكبير والحمد والشكر لله لأنه جعل خصوم الإخوان ينطقون بالحق ويبرئون الإخوان.. وشهد شاهد من أهلها كما قالوا!..
ما هى الحكاية؟
الحكاية كما رددها مذيعى قنوات الإخوان أنهم اعتبروا أن كلام المفتى شهادة لمحمد مرسى بأنه رجل متواضع بسيط.. رجل صالح لا تهمه المظاهر وإنما يهتم بالجوهر وليس بالمظهر..
طبعًا الإخوان كعادتهم قلبوا الحقائق وحولوا كلام المفتى إلى حفل تكريم للرئيس السابق، مؤكدين أن الله سبحانه وتعالى أنطق واحدًا من ألد خصوم الإخوان بالحق فقال فى حق الإخوان الكلام الحق!..
ما أكذب الإخوان وما أكثر ضلالهم وما أصدق كلام المفتى وما أدق تعبيره وانطباعه!..
دخلت قصر الاتحادية فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك أكثر من مرة..
لقاءات صحفية مع الرئيس.. مناسبات قومية.. احتفالات خاصة.. فى كل هذه المناسبات كنت أدخل قصر الاتحادية باعتبارى رئيس مؤسسة صحفية قومية..
من بين هذه المناسبات الاحتفال الذى أقامه الرئيس الأسبق للدكتور محمد البرادعى بمناسبة حصوله على جائزة نوبل للسلام..
الدخول إلى القصر له تقاليد وإجراءات مُحكمة..
تدخل سيارة الضيف من الباب الخارجى وتتجه بالضيف إلى باب القصر الداخلى..
لا يسمح إلا بسيارة واحدة بالوقوف أمما سلم الباب الداخلى، أما لو كانت هناك أكثر من سيارة فإن السيارة التالية تقف على بُعد 10 أمتار لحين نزول الضيف الموجود بالسيارة الأولى..
بعد ذلك يتحرك السائق ويدخل بسيارته إلى الجراج الملحق بالقصر ويقف فى المكان المخصص له..
الجراج فى الواقع منظم بشكل لافت للنظر.. سيارات الوزراء لها مكان.. سيارات الصحفيين لها مكان.. سيارات القادة العسكريين لها مكان.. وهكذا.
وعندما تنتهى المناسبة تتحرك السيارات بترتيب بروتوكولى فيركب كل ضيف وزائر سيارته بهدوء ونظام وينطلق عائدا..
أما بالنسبة للضيف فيدخل القصر بعد التحقق من شخصيته ويجلس فى المقعد المخصص له..
وتشعر وأنت جالس بأنك فى مكان له مكانته.. مكانه عظيمة تتفق مع مكانة مصر العظيمة..
فى مناسبة تكريم البرادعى حضرنا مراسم التكريم ثم تمت دعوتنا لحضور احتفال داخل القاعة الرئيسية للقصر ووقف على بابها الرئيس الأسبق وحرمه السيدة سوزان مبارك على باب القاعة لاستقبال الضيوف والترحيب بهم..
دخلت القاعة فأصابنى الانبهار.. الديكورات.. الأضواء.. الأناقة ويمر بيننا سعاة يحملون أطعمة ومشروبات..
الأطعمة والمشروبات بسيطة.. فول.. طعمية.. جبن.. زيتون.. لكن طريقة تقديم الطعام تتم بمنتهى الأناقة والرشاقة..
تعزف فرقة موسيقية ألحانًا راقية تضيف على المكان سحرًا فوق سحره..
باختصار أنت داخل قصر الاتحادية.. داخل مكان تتحدث جدرانه وحوائطه وبروتوكولاته وإجراءاته عن عظمة مصر..
دخلت القصر مرة واحدة فى عهد محمد مرسى.. الزحام خارج القصر كبير وأكبر داخله.. السيارات تنزل الضيوف فى أى مكان وتقف فى الانتظار فى أى مكان..
يقوم شخص بمحاولة تنظيم وقوف السيارات ويتصرف كأنه منادى سيارات!..
داخل القصر جلسنا فى مكان من الواضح أنه غير معد لاستقبال ضيوف.. مقاعد مختلفة الأشكال والأحجام.. راح كل واحد يجر مقعده ويجلس فى أى مكان يستطيع الجلوس فيه..
المكان نصف مظلم كئيب وأقسم أننى أحسست أن الجدران تبكى (!!!)
جاء محمد مرسى وسمعنا منه كلاما غير مفهوم – كما هى العادة – وأجاب عن أسئلتنا بإجابات لا علاقة لها بأسئلتنا!..
انتهى اللقاء وخرجنا جميعا من باب القصر، فإذا بى أمام سوق عكاظ..
زحام وضجيج.. سيارات تحاول أن تزاحم بعضها..
فى الحديقة الدائرية المواجهة لباب القصر جلس السائقين على الحشائش.. وراحوا يلقون على الحشائش ما تبقى فى أكوابهم من شاى (!!!)
أخيرًا وصلت إلى سيارتى ورحت أبحث عن السائق.. انتظرت داخلها حوالى نصف ساعة..
فى طريق العودة شعرت باكتئاب فظيع.. هل سيحكم هؤلاء مصر؟!..
لم أتخلص من هذا الاكتئاب الفظيع إلا يوم 30 يونيو 2013!..