قبل ثلاثة أعوام وقبل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية تحدث الكثيرون على أن ترامب سيفوز على هيلارى، وبالفعل فاز ترامب وتحمل العالم شطحاته الغريبة، وتمر الأعوام سريعًا ويطلق الرئيس دونالد ترامب رسميًا الثلاثاء الماضى حملة إعادة انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة لفترة ثانية، فهل يتحمل العالم الرئيس المثير للجدل لأربعة أعوام أخرى؟
ترامب أعلن ترشحه فى تجمع حاشد فى ولاية فلوريدا التى قال عنها إنها «بيتى الثانى»، وقال خلال تجمع أورلاندو: «ستبقى أمريكا عظيمة مرة أخرى».
استغل ترامب الإعلان لانتقاد الديمقراطيين واتهامهم بمحاولة «تمزيق البلاد».
وتشير استطلاعات الرأى الأولية إلى تراجع شعبية ترامب خلف بعض المنافسين الديمقراطيين المحتملين.
وخاطب أنصاره قائلا: طالما أبقيتم هذا الفريق فى موقعه بالبيت الأبيض، لدينا طريقة مذهلة للمضى قدمًا، مستقبلنا لم يكن أبدًا أكثر إشراقًا وأكثر ثقة.
وأعاد ترامب تعهداته خلال حملته الانتخابية الماضية، بإنهاء الهجرة غير الشرعية، محذرًا من أن منافسيه الديمقراطيين يريدون تقنين وضع المهاجرين الذين يعبرون الحدود الجنوبية، وبحسب مؤسسة جالوب لم يتجاوز معدل الرضا عن ترامب أكثر من 46% خلال فترة حكمه، والشهر الماضى تراجعت هذه النسبة إلى 40%.
بينما تشير استطلاعات الرأى الأكثر إيجابية إلى موافقة 48% على سياسات ترامب.
عند مقارنته مع منافسيه الديمقراطيين المحتملين فى الانتخابات، جاء ترامب خلف جوبايدن بحوالى 10 نقـاط، وخلف بيرنى ساندرز بـ 9 نقاط حسب استطلاع شبكة فوكس نيوز المفضلة لدى ترامب، وشدد ترامب فى خطابه الانتخابى على الإنجازات الاقتصادية التى حققها فى فترته الأولى، مؤكدًا أن الاقتصاد الأمريكى أصبح محل حسد دول العالم كله، قائلا: «إن الحلم الأمريكى سيعود، وأنه بات أكبر وأقوى وأفضل من أى وقت مضى».. وتباهى بالنمو الذى حققه الناتج القومى الأمريكى منذ توليه الرئاسة والذى يبلغ سنويًا 2% فضلا عن انخفاض معدل البطالة إلى أدنى مستوى له منذ نصف قرن.
وأوضح أنه استطاع توفير 16 ألف فرصة عمل شهريًا، ومكن الأسر الأمريكية من توفير نحو 3 آلاف دولار سنويًأ، عبر سياساته الضريبية، وقال: «معًا أسقطنا المؤسسة السياسية الفاسدة المحطمة، وبدلا منها أنشأنا حكومة جديدة من الناس وإليهم، فمنذ اليوم الذى دخلت فيه إلى البيت الأبيض لم أنس من أوصلنى إلى هذا المكان، إنه أنتم، مؤكدًا أنه لا يفكر كل يوم سوى فى جعل الناس يربحون فحسب».
qqq
ولكن من هو ترامب، ذلك الرئيس المثير للجدل وللمشاكل، فى 14 يونيو عام 1946 ولد دونالد ترامب رجل الأعمال الملياردير، النجم التليفزيونى، والرئيس الأكثر إثارة للجدل فى تاريخ الولايات المتحدة.
ترامب الذى هاجر أجداده من ألمانيا هو الابن الرابع لعائلة لديها 5 أطفال، والده فريد ترامب أحد الأثرياء وملاك العقارات فى مدينة نيويورك، تم طرده من المدرسة بسبب سوء سلوكه، فأرسلته عائلته للأكاديمية العسكرية فى نيويورك لتقويم سلوكه، والتحق بعد ذلك بكلية وارتون فى جامعة بنسلفانيا، وفى عام 1968 انضم لشركة والده، قام بتشييد عدد من المشاريع السكنية ثم انتقل لصناعة الطيران وشراء كازينو، لكن هذا التوسع فى الأعمال صاحبه مشاكل مالية وطلاق زوجته الأولى ايفانا ترامب، لكنه فى أواخر التسعينيات تصاعدت شهرته وقام ببناء برج ترامب المقابل لمقر الأمم المتحدة وقام بتشييد فنادق وعقارات، كما دخل فى مجال الإعلام بتقديم برنامج تليفزيونى الواقع الشهير «ذى آبرينتيس» حيث يستضيف البرنامج 18 رجل أعمال يتنافسون للفوز بعقد عمل لسنة واحدة براتب 250 ألف دولار لإدارة إحدى شركات ترامب.
ترامب أبدى رغبته بالترشح لرئاسة أمريكا أعوام 1988، 2004، 2012، وفى الترشح لمنصب عمدة نيويورك عامى 2006، 2014 إلا أنه لم يترشح لأى منها.
ثم اتخذ قرارًا بالترشح فى 2015 عن الحزب الجمهورى لمنافسة هيلارى كلينتون وفاز فى الانتخابات عام 2016 ليصبح الرئيس 45 للولايات المتحدة.
ويعتبر ترامب الذى تقدر ثروته بـ 4 مليارات دولار أحد أكثر الرؤساء الأمريكيين إثارة للجدل من حيث توجهاته السياسية مثل بناء جدار مع المكسيك ومنعه دخول المسلمين من عدة دول واعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل وغيرها.
ترامب تزوج 3 مرات آخرها من عارضة الأزياء السلوفينية ميلانيا ترامب عام 2005 ولديه 5 أولاد وبنت واحدة، حلم ترامب برئاسة أمريكا ليس جديدًا لكنه بدأ منذ عام 1988 وتحقق عام 2016 أى أن تحقيق حلمه استغرق 28 عامًا.. فالجلوس على المكتب البيضاوى لم يكن صدفة ولكنه حلم رجل مال وأعمال تحول إلى حقيقة.
qqq
وإذا كان ترامب هو الرئيس الأمريكى الأكثر جدلاً، فهو أيضا الأكثر إثارة للمشاكل، فما أن تنتهى مشكلة حتى تبدأ أخرى.. ففى علاقاته الأوروبية يسير ترامب نحو تدمير إرث من العمل المشترك الذى جمع بلاده بالاتحاد الأوروبى، فنقل ترامب أمريكا من حليفة كبرى للأوروبيين إلى خصم لهم، لدرجة أن هناك من يقول: ترامب لا يحمل شعار أمريكا أولاً.. بل المال أولاً، بعد أن تعامل مع أوروبا بمنطق المساومة،
وكان انسحابه من اتفاقية باريس للمناخ، ومطالبته لأعضاء الناتو بدفع المزيد من المال وغير ذلك كثير، ما دفع دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبى لتوجيه رسالة لرؤساء حكومات ودول الاتحاد يقول فيها إن «أمريكا ترامب باتت فى مستوى دولتى روسيا والصين».
ومع الصين تتصاعد حدة الحرب التجارية، فكان ترامب يصفها بأنها مجرد «شجار صغير» يمكن للبلدين التوصل إلى اتفاق يضع حدًا لها، ولا يكف ترامب عن الإشادة بالرسوم الجمركية الإضافية التى فرضها على صادرات صينية، وكانت الصين قد ردت بفرض رسوم جمركية على آلاف السلع الزراعية والصناعية الأمريكية.. ومازالت الحرب مستمرة ومع المكسيك هدد بفرض رسوم جمركية إذا لم توافق على طلبه تشديد الرقابة على حدودها لوقف الهجرة عبر الحدود الجنوبية لأمريكا، وفى علاقاته مع الخليج لا يفوّت مناسبة إلا ويذكر فيها قادة تلك الدول بأنهم باقون بفضل أمريكا مطالبا إياهم بدفع الأموال، فيقول: «هناك دول لن تبقى لأسبوع واحد دون حمايتنا، عليهم دفع ثمن لذلك».
وعن إيران يقول إنها تفشل كدولة بعدما فرضت واشنطن عقوبات قوية عليها العام الماضى، بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووى الذى وقّعته إدارة أوباما، ويتصاعد التوتر فى منطقة الخليج والتصعيد بين أمريكا وإيران عقب استهداف ناقلات نفط فى خليج عمان مؤخرًا، ووجود مؤشرات تشير إلى مسئولية إيران عن الحادث.
وجاء اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل رغم كل الاعتراضات العربية والإسلامية والدولية، ثم جاء الاعتراف الثانى بتوقيع ترامب إعلانا بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلة رغم عدم اعتراف المجتمع الدولى.
هذه الخطوات تأتى تمهيدًا لصفقة القرن، أو الخطة الأمريكية لإنهاء النزاع الإسرائيلى الفلسطينى، كما يراها ترامب، إلا أنها ستكرس محنة الفلسطينيين المستمرة منذ قرن.
وتزامنا مع إطلاق ترامب حملته الانتخابية لفترة رئاسية ذكر موقع «ذا هيل» الأمريكى أن باولا وايت المستشارة الروحية للرئيس ترامب استهلت تدشين الحملة فى فلوريدا بالصلاة ضد من أسمتهم بـ «الشبكات الشيطانية» التى توحدت ضد الرئيس.
وقالت وايت أمام حشد ضخم من أنصار ترامب: «دعوا كل شبكة شيطانية وحدت نفسها ضد ترامب تتكسر، دعوها تتمزق باسم الرب»، وختمت صلواتها: «أعلن أن الرئيس ترامب سوف يتغلب على كل استراتيجية من الجحيم ومن العدو، أنا أبارك نداءه، وغرضه وعائلته، ونحن نبارك فوزه بإسم الرب، الذى هو فوق أى اسم آخر».
qqq
هذا الذى يحدث فى أمريكا يجعلنى أرجح فوز ترامب بفترة رئاسية ثانية، فالتصويت للمواطن الأمريكى الذى لمس انتعاشًا اقتصاديًا خلال رئاسة ترامب، وعلى العالم بكل المشاكل التى تسبب فيها ترامب أن يخبط رأسه فى الجدار الذى سيبنيه على الحدود مع المكسيك.
صالون الرأي
هل يتحمل العالم 4 أعوام أخرى؟
By amrيونيو 25, 2019, 00:17 صالتعليقات على هل يتحمل العالم 4 أعوام أخرى؟ مغلقة
1667