https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تونس..حكاية استرداد وطن مختطَف منذ عشر سنوات

وإن عُدتم عدنا

435

في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل العربدة داخل الأراضي العربية، تحاول كعادتها قلب الحقائق وتزييف الواقع، فتتحدث عن أمن إسرائيل وتهدد هي أمن واستقرار المنطقة.
فقامت بتوجيه عدة ضربات جوية لجنوب سوريا بعد توسعها هناك مستغلة الأوضاع السياسية التي تمر بها دمشق، فاحتلت جبل الشيخ شمال هضبة الجولان المحتلة وقصفت جنوبي العاصمة السورية وكذلك محافظة درعا الجنوبية، تحت مزاعم تهديد إسرائيل، والحقيقة أن إسرائيل هي التي تهدد أمن واستقرار المنطقة بالكامل بما تمارسه من عربدة وتصرفات غير مسئولة.
كما حرصت دولة الاحتلال على مواصلة إشعال الحرائق فهي لا تحيا سوى بوجود أزمة وهو ما تؤمن به حكومة نتنياهو، وكذا قادة إسرائيل.
جاء حديث «يائير لابيد» زعيم المعارضة الإسرائيلية، طارحًا حلاً بشأن قطاع غزة يستهدف أن تقوم مصر بإدارة القطاع لمدة 15 عامًا مقابل إسقاط ديونها، وهو مخطط مسموم فطنت إليه مصر، لأنه أحد أدوات تصفية إعلان الدولة الفلسطينية، لذا كان الرد الفوري من جانب الخارجية المصرية، على لسان المتحدث الرسمي قائلاً: “أي أطروحات أو مقترحات تلتف حول ثوابت الموقف المصري والعربي، والأسس السليمة للتعامل مع جوهر الصراع، والتي تتعلق بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، هي أطروحات مرفوضة وغير مقبولة، باعتبارها أنصاف حلول تسهم فى تجدد حلقات الصراع بدلاً من تسويته بشكل نهائي”.
الرد المصري كان فوريًا وقاطعًا، لكن يبدو أن الجانب الإسرائيلي لم يدرك نتيجة ما يفعله من استفزاز وخلق مزيد من الكراهية.

(1)

قديمًا كانوا يحذرون الصبية من اللعب بالنار، ولا يزال ذلك التحذير قائمًا وسيظل، لأن الصبية دائمًا غير قادرين على تقدير الموقف السليم، الأمر الذي يجعل آثار ما يفعلون يُجنيه المجتمع بأكمله ما لم يضرب على أيديهم، فقد يشعلون حريقًا مدمرًا يحرقون أنفسهم به أولاً وهم لا يدركون.
فحالة الاستفزاز ومحاولات جر المنطقة إلى مربع الخطر، يؤكد أن مَن يقومون بهذه الأفعال الصبيانية لا يدركون أين يقفون؟! أو إلى أين يتجهون بالمنطقة؟!
تقديرات صبيانية غير مسئولة، وبالونات اختبار لا يدرك هؤلاء آثارها.
فى كتاب “لماذا نحارب: جذور الحرب وطرق السلام”(WHY WE FIGHT) لكريستوفر بلاتمان، وهو اقتصادي وسياسي أمريكي كندي، طرح رؤية معمقة لمسببات الحروب والطرق المختلفة التي يتم من خلالها إقرار السلام بين الثقافات والمجتمعات، جاء من بينها التقديرات الخاطئة للقوى المتبادلة، وهو ما لا يدركه هؤلاء الصبية من اللاعبين بالنار.
الأسابيع الماضية حرصت بعض الصحف الإسرائيلية خاصة “الجيروزاليم بوست” التي تعد أقرب الصحف الإسرائيلية إلى أجهزة الاستخبارات سواء كانت «الموساد» أو «الشاباك» أو «أمان»، فلا تنشر مقالة إلا بعد العرض على الرقيب الإسرائيلي الذى يُجيز نشرها من عدمه، رغم حديث الصحيفة عن أن مقالات الرأي لا تعبّر عن سياستها التحريرية.
حالة الاستهداف والاستفزاز من قِبل الصحيفة الإسرائيلية خلال الفترة الأخيرة تكشف عن مسار تحاول بعض الأجهزة الإسرائيلية تمريره إلى العالم، فهي الصحيفة الناطقة بالإنجليزية منذ عام 1950، وهو مسار مبني على الأكاذيب، خاصة أن الصحيفة أحد أهم المنصات الإعلامية التي تحمل خطاب ورؤية إسرائيل إلى العالم.
لقد كان للموقف المصري الرافض لمخطط التهجير للفلسطينيين فى قطاع غزة، والتحركات المصرية لبيان الصورة الحقيقية لما يجرى من مجازر إنسانية، وحرب الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني المكتملة الأركان، الأثر فى إثارة غضب مثل هؤلاء من مزيِّفي الواقع، خاصة بعد أن نجحت مصر فى وضع المجتمع الدولي أمام مسئولياته مما يحدث فى قطاع غزة، والأراضي الفلسطينية المحتلة.
الأمر الذي جعل معظم دول العالم تؤيد الرؤية المصرية لحل الأزمة، ووقف الحرب، والعمل على مسار السلام العادل، مما أجهض المخطط الذي أعدته الحكومة الإسرائيلية بدعم أمريكي لتصفية القضية.
من هنا جاءت تحركات الصحيفة وبعض شقيقاتها الأقرب لأجهزة المخابرات الإسرائيلية لتحرّض وتمارس الاستفزاز ضد الدولة المصرية واستهداف الجيش المصري وترويج الأكاذيب عبر ما يعرف بمقالات للرأي.
أو عبر المتابعات الإخبارية للشأن المصري فتمارس التزييف وهو ما جاء بالصحيفة بداية شهر فبراير الماضي، عندما نشرت صورة الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، فى تقرير نشرته عن زيارة الرئيس الكيني للقاهرة، وانعقاد قمة ثنائية بين الرئيسين، فرغم توافر صور اللقاء التي تجمع بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس الكيني ويليام روتو، على كل المواقع، والمنصات الإعلامية، وعلى صفحة المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، فجاءت الصورة ليس لها أي علاقة بالموضوع وهو ما يأتي كاشفًا للتزييف الممارس من قِبل الصحيفة.

(2)

فى 23 فبراير الماضي نشرت الصحيفة أيضًا مقالاً مليئًا بالأكاذيب والكراهية لـ”ميكا لاكين أفني” وهو محامٍ وسياسي إسرائيلي، خدم فى اللواء الجولاني، وعقب مقتل والده فى 2015 كتب مقالاً فى صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، وبالتحديد فى نوفمبر من نفس العام، حول التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي على القتل والإرهاب.
فى 2016 تحدث أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، حول ترويج الكراهية.
لكن الرجل الذي يدَّعى أمام العالم أنه يحارب الكراهية نتيجة مقتل والده هو الذي يمارس الكراهية والاستفزاز ويدعو للحرب.
متجاهلاً تمامًا الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة وما سقط من الشهداء من الفلسطينيين من الأطفال والنساء والشيوخ من المدنيين والذي تجاوز عددهم
50 ألف شهيد، وأكثر من 100 ألف مصاب.
كما تجاهل قيام إسرائيل باحتلال محور صلاح الدين والذي يعد مخالفة صريحة لبنود اتفاقية السلام وهو ما حذرت مصر من عواقب ذلك.
ففي مقاله المنشور بعنوان “لا مزيد من الأوهام: على إسرائيل أن تواجه الهجوم المصري الهادئ فى سيناء، مارس أفنى هوايته فى ترويج الأكاذيب والازدواجية والدعوة للحرب، بدءًا من تحريضه على اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل أنها لم يعد لها وجود، مستشهدًا بالتنمية والبناء الذي تقوم به مصر فى سيناء خلال السنوات الماضية”.
وهو ما لا يعلمه أن الاتفاقية لم تمنع مصر من تنمية أراضيها، كما أنها لم تحظر عليها ممارسة سيادتها على كامل ترابها الوطني وهو ما تقوم به مصر، كما أن الاستدلال الذي قدمه قائلاً “بعد انسحاب إسرائيل من لبنان فى عام 2000، حشد حزب الله الصواريخ دون عائق، الأمر الذي أدى إلى اندلاع حرب مكلفة فى عام 2006، وتسامحنا مع حشد حماس لقواتها فى غزة، والذي بلغ ذروته فى المذابح المروعة التي وقعت فى السابع من أكتوبر 2023.”
وهو استشهاد غير متسق مع الواقع نهائيًا فمصر دولة كبيرة وقرارها مبني على قدراتها وثوابتها السياسية والعسكرية الراسخة، الداعمة للسلام والاستقرار الرافضة للاعتداء وهو الثابت عبر تاريخها الطويل.
لم تعتدِ مصر يومًا كما أنها لا تفرط ولا تقبل أي اعتداء، مصر تدعو للسلام العادل المرتكز على القوة.
أما إسرائيل هي مَن تواصل الاعتداء على أراضي الغير ولا تؤمن سوى بلغة العدوان وهو ما تواصل فعله دائمًا، والحكومة الإسرائيلية الحالية أكثر عدوانًا بل إن ما ارتكبته من مجازر فى الأراضي الفلسطينية المحتلة هو ما يزرع الكراهية وينمي التوتر وعدم الاستقرار.
إن ما تحدّث عنه “أفنى” عن حديث مصر حول مكافحة الإرهاب هو أشبه بمن يدَّعي أنه لا يرى شمس الظهيرة فى يومٍ صافٍ من أيام الصيف.
فما قامت به مصر على مدى سنوات فى حربها ضد الإرهاب، لم يكن خفيًّا على أحد.
إن ما حاول الاستدلال به على أن السلام لا يستقر فى الشرق الأوسط إلا إذا خشي الموقعون عليه من البديل، هو استدلال يستوجب منه تطبيقه أولاً على دولته المحتلة لأراضي الغير، المعتدية على الممتلكات والأرواح والمقدرات.
كما عليه أن يدرك أن الحديث عن مصر له ضوابط، ويستلزم اختيار الكلمات قبل كتابتها أو النطق بها.
فالخطوط الحمراء لا تحددها سوى مصر، ولا تؤمنها إلا قوتها الرشيدة، لأنها تعلم تمامًا تفاصيل مخطط إعادة تشكيل الإقليم على حساب عدد من الدول، وهو مخطط تتصدى له مصر ويساندها القرار والموقف العربي المؤمن برؤيتها.

(3)

لقد واكب نشر مقال “ميكا لاكين أفني” نشر تقرير للصحفية الإسرائيلية ” Shirit Avitan Cohen” شيريت افيتان كوهين، بصحيفة إسرائيل اليوم فى 23 فبراير الماضي وأعادت نشره المنظمة اليهودية (JNS) على موقعها، حاولت الكاتبة ترويج الأكاذيب من خلال تقرير بلغت عدد كلماته 520 كلمة، ففي الوقت الذي تتحدث فيه عن انتهاك مصر لبنود المعاهدة خلال حربها ضد الإرهاب تشير الكاتبة على لسان أحد مصادرها العسكرية إلى أن مصر حصلت على موافقة من جانب إسرائيل.
الصحفية الإسرائيلية تعمدت فى نهاية تقريرها إلى الإشارة لمخطط المشروع الصهيوني الخاص بالتهجير، وهو ما يدلل على أن إسرائيل لا تزال لم تدرك خطورة مثل ذلك المخطط أو العمل عليه.
فى الوقت ذاته تعمل إسرائيل حاليًا على تعديل بكتاب التاريخ بمناهجها الدراسية عن حرب أكتوبر، مستهدفة من خلال ذلك التعديل الذي اعتبره البعض فى إسرائيل تزييفًا للتاريخ، وهو شطب جملة “لإسرائيل دور فى تفجير حرب أكتوبر 1973 وذلك لأنها رفضت الاستجابة لمبادرة الرئيس المصري (الراحل) أنور السادات، السلمية” وهو ما عرضه “يواف غلبر” واعتبره “أورى يوسف” الباحث فى شئون الأمن القومي تزويرًا للتاريخ.
أما موقع ” globes” فقد نشر مقالاً فى نفس اليوم على لسان العميد “شموئيل الماس”، زعم خلاله أن مصر تستعد للحرب، واستند فى ذلك إلى بعض مقاطع الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي للتدريبات العسكرية.
لم يدرك شموئيل، أن ما استند إليه غير دقيق بل إن التدريبات التي تقوم بها القوات المسلحة لا تستهدف الاعتداء على أحد إنما تأتى فى إطار خطة التدريب السنوي للقوات المسلحة، وتستهدف العمل على حفظ الأمن القومي المصري والجاهزية والاستعداد بالتدريب المتواصل هو السبيل لذلك.
الحملة الممنهجة فى الصحافة الإسرائيلية خلال الأسابيع الماضية المستهدفة القوات المسلحة والقيادة المصرية، تأتى ردًا على نجاح مصر فى كشف حقيقة ما يجرى فى المنطقة أمام العالم، وهو ما أجهض مخطط التهجير الذي كانت تعول عليه حكومة الاحتلال كطريق لتصفية القضية الفلسطينية.
إن محاولات استفزاز مصر والحديث المتواصل عما أسماه البعض منهم ضربة استباقية يعد دربًا من دروب الخيال التي لا يدرك المتحدثون بها مع مَن يتحدثون.
إنهم يعانون فقدان الزمن والرؤية، كما أنهم على ما يبدو غرتهم أوهامهم بعد أن عربدوا على مدى أكثر من 15 شهرًا فى الأرضي الفلسطينية والسورية واللبنانية ومازالوا.
إن الحديث عما يسمونه عملية استباقية تؤكد ما قاله «كريستوفر بلاتمان» فى كتابه وهو أن التقديرات الخاطئة للقوى المتبادلة، قد تكون سببًا فى إشعال الحرب، لكن نتائجها تكون لصالح مَن يمتلك القوة والقدرة والحكمة فى اتخاذ القرار، وهنا على هؤلاء الواهمين أن يدركوا حجم الجحيم الذي سيدفعون أنفسهم باتجاهه.
ألم يعد هناك مَن يفطن فى إسرائيل إلى خطورة لعب هؤلاء الصغار بالنار؟! على استقرار وأمن إسرائيل.