تحتفل مصر غدا الاثنين بمرور 66 عاما على ثورة يوليو 1952 .. الثورة التى حررت الدولة المصرية وأعادتها مرة أخرى لتبدأ بخطوات ثابته نحو مشروع وطنى ضخم استهدف بناء الدولة، ولكن سرعان ما توقف المشروع الذى كان يشق طريقه بقوة، عقب هزيمة يونيو 1967 لتحول الدولة مشروعها الذى كان يستهدف بناء اقتصاد قوى، وصناعة وطنية قادرة على المنافسة عالميا .. إلى اقتصاد حرب من أجل استرداد الأرض والكرامة.
وتعثر المشروع الصناعى المصرى، والذى كان حال إتمامه سيدفع بمصر إلى مصاف الدول الصناعية الكبرى، وقد بدأ بصناعة الحديد والصلب، وصناعة الغزل والنسيج، والصناعات الثقيلة، بعد إنشاء مصر شركة النصر للمراجل البخارية عام 1968.
وعقب ثورة 30 يونيو 2014 أي بعد ثورة يوليو بـ 62 عاما وضعت الثورة المصرية الجديدة التى استعادت الدولة من مختطفيها ( الجماعة الإرهابية) نصب عينيها العمل على إحداث ثورة صناعية فى مصر تدفع بالاقتصاد المصرى للأمام وتضيف إلى مصادر الدخل القومى مصدرا جديدا بعد ان كانت مصادر الدخل القومى قبل ثورة يناير ( عائدات هيئة قناة السويس ـ تحويلات المصريين فى الخارج ـ السياحة ) ولأن السياحة تتأثر سلبا بعدم الاستقرار وقد تتأثر ببعض الأحداث.. مثلما حدث بالنسبة للسياحة الروسية على مدى أكثر من عامين وهو ما أثر سلبا على الدخل القومى.
لذا حرصت الدولة المصرية وهى تضع رؤيتها 2030 أن تدرك بدقة شديدة أهمية الصناعة فى الدخل القومى وضرورة بعث الروح من جديد فى القطاعات الصناعية الهامة والتى تمتلك مصر فيها قدرات وقيمة مضافة كما تمتلك الموارد الخاصة بها مثل صناعات الغزل والنسيج والبترو كيماويات والحديد والصلب والألومنيوم، والفوسفات.
واستهدفت الدولة زيادة الدخل القومى من خلال تطوير الصناعة وتنمية الصادرات، وتنمية صناعات القيمة المضافة ووقف تصدير المواد الخام.
هذه الرؤية حرص الرئيس السيسي على التأكيد عليها منذ بداية ولايته إلا أن البعض لم يلتفت لها، وظن أن ما تقوم به الدولة المصرية من مشروعات للبنية التحتية هو مجرد أموال توضع فى مشروعات لا طائل منها ولن يستفيد منها المواطن البسيط، وهو فى الحقيقة من سيجنى ثمار ما تم إنشاؤه على مدى السنوات الأربع الماضية من خلال إعادة إحياء الصناعات الكبرى المصرية، وعودة الحياة إلى القلاع الصناعية من جديد والعمل على تطويرها وتحديث خطوط الإنتاج بها ونقل التكنولوجيا إليها لتصبح متوافقة مع ما توصلت إليه كبريات الشركات العالمية.
جاء حرص الرئيس خلال الفترة الرئاسية الأولى على إقامة مناطق صناعية متخصصة مثل مدينة الأثاث فى دمياط وتم افتتاح المرحلة الأولى منها لتكون بالقرب من ميناءى بورسعيد ودمياط لتسهيل تصدير المنتجات إلى الأسواق الخارجية كما تم مد شبكة طرق وبنية أساسية ضخمة للمدينة وذلك لتوفير 100 ألف فرصة عمل مؤقتة و30 ألف فرصة عمل دائمة، وتضم المنطقة الصناعية 2400 ورشة صغيرة ومتوسطة، كما تضم المدينة 75 مصنعا متخصصا تتراوح مساحتها ما بين ألف متر إلى 10 آلاف متر.
وجاء تأكيد الرئيس على هذه الرؤية عندما وجه وزير التجارة والصناعة السابق بسرعة إنهاء بناء 4 آلاف مصنع لتشغيل الشباب وذلك خلال افتتاحه عددًا من المشروعات بمدينة العاشر من رمضان، وقال الرئيس موجها حديثه للوزير:” لما اتكلمنا فى الموضوع ده، قلتلكم يا تدونا نعملهم ياتعملوهم إنتم، وأنا مستعد أعملهم، علشان خلال 6 أشهر أو سنة تكون متاحة لتشغيل 40 ألف شاب أو أكثر”.
ولم تكن فقط مدينة دمياط للأثاث بل تم إنشاء مدينة الروبيكى للجلود والتي أيضا تم ربطها بشبكة طرق ضخمة تصل بمنتجاتها إلى السوق العالمية بعد ربطها بمواني السخنه والسويس وبورسعيد عن طريق الدائري الإقليمي ومحور 30 يونيو .
خلال العامين الماضيين،تم افتتاح 2374 مصنعًا جديدًا بإجمالى استثمارات 62.4 مليار جنيه وبقيمة إنتاج تصل إلى 155 مليار جنيه وتوفر 80 ألف فرصة عمل مباشرة وحوالي 350 ألف فرصة عمل غير مباشرة، كما حققت الصناعة المصرية رقما قياسيا غير مسبوق فى الإنتاج الصناعي في عام 2017 وهو ما لم يتحقق منذ عام 2005
وأطلق البنك المركزي المصري مؤخراً مبادرة لتعويم المصانع المتعثره ،والذي قدرها المركزي بنحو 3500 شركة وذلك بهدف عودة الصناعة .
وجاء تأكيد الرئيس خلال لقائه مع الدكتور محمد العصار وزير الدولة للإنتاج الحربى على تنفيذ خطة تطوير المصانع والشركات التابعة لوزارة الإنتاج الحربي، والتي تهدف إلى التطوير الشامل للمعدات والقوى البشرية ومنظومات الجودة والتدريب والتسويق لإنتاج معدات عسكرية ومدنية أكثر تطوراً، والمشاركة بصورة أكبر في خطط التنمية الشاملة للدولة والمشروعات القومية.
والاستمرار في جهود تطوير الشركات والمصانع التابعة للوزارة نظرا لأهمية دورها في تنمية الاقتصاد الوطني، والنهوض بالصناعة الوطنية وسد احتياجات السوق المحلية من المنتجات الصناعية وتصدير فائض الإنتاج، بجانب الدور الأساسي لهذا القطاع في تطوير المنتجات العسكرية لتغطية احتياجات القوات المسلحة.
وقامت وزارة الانتاج الحربى عقب تولى الدكتور محمد العصار بتعزيز التعاون بينها وبين كبرى الشركات العالمية المتخصصة، بما يؤدى إلى امتلاك التكنولوجيا الحديثة وتوطينها في مصر، ويفتح المجال أمام آفاق جديدة في الصناعة تستند إلى القدرة على الابتكار والتطوير بالإمكانات المحلية، فضلاً عن المساهمة في تحقيق انطلاقة صناعية وإنشاء مشروعات متطورة تكون بمثابة قاطرة للاقتصاد المصري.
حيث تم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون مع دول مثل روسيا وألمانيا والصين وفرنسا والهند وهولندا وأوزباكستان.
بما يساهم في تبادل الخبرات بين العاملين بشركات الإنتاج الحربي والشركات العالمية، فضلاً عن التسويق لمنتجات شركات الإنتاج الحربى في الأسواق العالمية بما يساهم في ارتفاع العائدات من العملات الأجنبية وزيادة الصادرات.
ووفق استراتيجية تعكف عليها حاليا غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات لتطوير صناعة الغزل والنسيج ضمن استراتيجية الدولة 2030 لإعادة مصر لعرش صناعة الغزل والنسيج مرة أخرى، يتم التوسع فى زراعة القطن متوسط التيلة بالصعيد لتغطية احتياجات المصانع المحلية التى تم تغيير ماكينات الغزل بها إلى ماكينات حديثة تعتمد على القطن قصير التيلة.
أما القطن فائق وطويل التيلة – الذى تجود زراعته فى منطقة الدلتا – فسيتم إدخال صناعات أولية عليه لزيادة القيمة المضافة له بنسبة تصل إلى 35% قبل تصديره خاما لتحقيق عائد أعلى من تصديره فى ظل عدم إمكانية شراء ماكينات جديدة تحتاج إلى استثمارات ضخمة جدا.
كما تعتمد الاستراتيجية على تغيير مناهج التعليم الفنى بالمدارس الفنية لتلبية احتياجات المصانع خاصة ان الكثير من المدارس الفنية تدفع بخريجين غير مدربين على متطلبات سوق العمل والكثير من العمال المهرة يتسربون للالتحاق بمهن أخرى بعيدة عن تخصصهم، وربط خريجى المدارس بسوق العمل والمصانع.
إن الدولة المصرية خلال السنوات القادمة تستهدف عودة الصناعة الوطنية وزيادة الصادرات للمنتج المصري بما يحقق زيادة فى نمو الناتج المحلى ويرتفع معه معدل الدخل القومي.
أوراق الذهب
تحية إلى استاذي
على مدار 12 شهرا تعلمت منه الكثير داخل أكاديمية ناصر العسكرية العليا.. وقد عرفته قبل ذلك ضمن أبطال حرب أكتوبر
إنه اللواء دكتور طلعت موسى أستاذ الاستراتيجي والأمن القومي بكلية الدفاع الوطني بأكاديمية ناصر العسكرية، الذى وافته المنية نهاية الأسبوع الماضي .
التقيته لأول مرة عندما كنت أعد ملفا عن ذكرى حرب أكتوبر عام 2010 وتحدثت معه وكانت كلماته تجعلني وكأننى على جبهة القتال.. فقد كان يمتلك قدرة غير عادية على الوصف.. يجعلك عندما يتحدث تنصت بشغف، نظرا لدقة وكم المعلومات الهادرة مع كلماته، التى تشعرك بالفخر وتمنحك طاقة إيجابية غير عادية.
وعندما التحقت بأكاديمية ناصر العسكرية للحصول على زمالة كلية الدفاع عام 2013 كنت أحرص على أن ألتقيه يوميا وأرتوى من نهر علمه الذى لا ينضب وقد جددته الخبرات القتالية والدراسات الاستراتيجية.
كان يعشق تراب والوطن ويقدسه، شارك في صياغة الملحق الأمني لاتفاقية السلام “المصرية – الإسرائيلية”، كما عمل مستشارًا عسكرياً في دولة الإمارات، ولعب دورًا بارزًا في تثقيف المجتمع بالتحديات المختلفة التي تستهدف الوطن عقب ثورة 25 يناير، سواء داخل أكاديمية ناصر العسكرية العليا، أو عبر كتابة مقالات ودراسات علمية، وتنظيم ندوات وفعاليات ثقافية متنوعة.
تخرج اللواء طلعت موسى عام 1964 في الكلية الحربية، وشارك في حرب 1967 وحرب الاستنزاف ونصر أكتوبر 1973، وكان وقتها رئيسا لعمليات كتيبة مشاة ميكانيكي.
كان أحد أبرز المهتمين بملفات الشرق الأوسط وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية.
فتحيه للأستاذ والمعلم اللواء دكتور طلعت موسى ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن ينفعنا بعلمه الذى تعلمناه على يديه.