صالون الرأي
أزهرنا الشريف والرويبضة (1)
By amrيونيو 03, 2018, 15:18 م
2014
قال ابن جريرعن نوف وهو البكالى وكان ممن يقرأ الكتب، قال إنى لأجد صفة ناس من هذه الأمة فى كتاب الله المنزل، قوم يحتالون على الدنيا بالدين ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر يلبسون للناس مسوك الضأن وقلوبهم قلوب الذئاب, يقول الله تعالى: فعلى يجترئون! وبى يغترون!
حلفت بنفسى لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم فيها حيران, قال القرظى: تدبرتها فى القرآن فإذا هم المنافقون فوجدتها (ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على ما فى قلبه).
هذا ما جاء فى القرأن بشان المنافقين أما عن الحديث: عن أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قبل الساعة سنون خداعة يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب ويخون فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن وينطق فيها الرويبضة، وقيل وينطق فيها الرويبضة فى أمر العامة، قيل وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه.
ودائمًا ما يكون اقتران كلمة الرويبضة على الرجل التافه الذى يصبح ذو مكانة عالية من غير حق ويؤثر ببلاغة أهل النفاق وحنكتهم فى إقناع العامة، فيسرع فى إطلاق الفتاوى دون علم راسخ.
والآن أجد أن الثقافة العامة ومنها الدراما السينمائية والتليفزيونية انصرفت عن دورها فى تقديم الثقاقة الدينية الحق من خلال الدراما الدينية كمسلسلات محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والوعد الحق والإمام الغزالى وأبوحنيفة والأندلس وغيرها من الأعمال المسئولة، وتخلى الإعلام المرئى والمسموع عن علماء الأزهر إلى ما دونهم من أسماء لم نكن نعلم عن تاريخها إلا الفراغ السحيق، وهؤلاء اقتحموا نوافذ الفضائيات بلا مبرر وظن من ورائهم أنه يصنع بديلا عن الأزهر ومساجد الأوقاف والأغرب أن معظمهم دارسون لآراء المستشرقين غير المنصفين فى إنجلترا قلعة الحرية – للغير– والتى أشير فقط عنها بما قاله التيار المحافظ البريطانى (إن فيروس الثورة هو التمرد الذى يبدأ بالاعتصام وينتهى بالعصيان حتى يُسقط الدولة) وعلى مدار سنوات تقدم الفضائيات لشيوخ الفتوى (المودرن) بدعوى الحداثة وتطوير الخطاب الدينى والحقيقة أن التطوير هنا يعنى أولا تفريغ الدين من علومه وجعله اجتهادًا ظنيًّا يقاس بالمنطق الصورى، وخلع هيبة العلم عنه وترويج اصطلاح رجال الدين والداعى الدينى وربما الناشط الدينى!، متغافلين أن الدين علم ومن يتكلم به فقط علماء أجلاء تخرجوا فى أزهرنا الشريف، وتزدحم الفضائيات بصالونات لهؤلاء النشطاء والدعاة الجدد وليس الحديث فقط عن زيهم وإن كان الشكل قد تم التخطيط له بهدف اندثار الزى الأزهرى تدريجيا، وبالتالى من حق كل مُدعى أن يتحدث بأمور الدين بحلو الكلام مصيبا كان أو مخطئا ليجذب أكبر عدد من الشباب والسيدات لأنهم الجمهور المستهدف غالبًا (من الخارج) ونبحث فى حقيقة الناشط الدينى نجده كان عاملا لم يرعى الله فى عمله أو تاجرًا غش تجارته أو فنانة أو مذيعة وأعلن توبتهن عن الفن لأنه حرام (كما يدعون) والمؤكد أنهن لم تعد تطلبهن شركات الإنتاج فتحجبن وجمعن حولهن التائبات على شاكلتهن، ولا مانع من خلع الحجاب بعد عودة الشهرة والطلب وبلع شركات الإنتاج للطعم!، أو كان طالب حقوق فشل فى القضاء الواقف، أو كان حاصلا على دكتوراه من إنجلترا كالتى تباع وتشترى، أو كان ممن هبطت عليه منح الهيومن رايت وواتش لتنقية الدين من عدائياته للغير(كما يروجون) أو لاعب كرة لم يطلبه ناد لتمرين فريقه أوبرنامج للتعليق على المباريات فأطلق اللحية حتى أصابع قدمه اليمنى! وأصبح ناشطا وداعيا، أو مفسر أحلام المساكين، أو إمام جماعة الإسلام السياسى الممولة من الخارج، وما أجمل للفضائيات المملوكة لمال أسود أن يكون الصيد ثمينا مثل هؤلاء ويقدمونهم على أنهم النساء والرجال الجدد للدين الجديد وهم لا يعلمون أن الفتوى أمانة فهى تمر بأربع مراحل أساسية وهى: التصوير ويتم فيها تصوير المسألة التى أثيرت من قبل السائل، وبعدها التكييف وهى إلحاق الصورة المسئول عنها بما يناسبها من أبواب الفقه ومسائله، ويتبع ذلك بيان الحكم الشرعى وهو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، ويؤخذ هذا من الكتاب والسُنّة والإجماع، ويتم إظهاره أيضًا بواسطة القياس والاستدلال، ثم نهاية الإفتاء أو الحكم الذى توصل إليه على الواقع الذى أدركه، وحينئذٍ فلابد عليه من التأكد أن هذا الذى سيفتى به لا يُكِرُّ على المقاصد الشرعية بالبطلان، ولا يخالف نصًا مقطوعًا به ولا إجماعًا مُتفقًا عليه ولا قاعدة فقهية مستقرة.
ويتناسى الرويبضة كل ما سبق جحودًا إذا كان عن علم، أو تكبرًا إن كان عن جهل، ويأتى فى إقناع الناس بما ليس فى صالحهم وعندما تسير الجموع وراءه كالعميان يسهل تجييش كتائب الإرهاب لتقتل وتحرق الحرث والنسل بوعود الجوارى والحور والجنان، ويدعو إلى العصيان والخروج عن العموم المتفق عليه كأن يخالف غرة رمضان أو عيد الفطر ولا مانع فى الدعوة بالحرب على غير المسلمين لسبيهم ويتحول الحديث والإفتاء كله تحت الحزام ولملئ الكروش، لتختل الموازين وتتشوه المبادئ لتهون الأمم وتضعف بتناحرها وفقدانها أحد أهم أعمدتها السبعة المؤسسة للشخصية المصرية كما يقول ميلاد حنا.
وتسير العربة المعصوبة وستأتى بما يخطط الآخر، أولا: تسطيح الدين وتحويله من علوم يقينية متفق عليها إلى اجتهادات ظنية تمنح صكوك الغفران بعد جلسات لا مبررة من التبكاى الجماعى، وثانيًا: التخلى عن دعم هذا الداعية بعد تحقيق الهدف الأول وذيوع صيته وجعله النموذج الدينى الأمثل للوصول للهدف الثانى وهو أن يتشكك الناس فى رجال الدين بعد هجرهم لعلومه وهذا هو الأهم! ويتحول من يتشدق بالعفاف إلى داع لملكة اليمين وزواج الوهب والمسيار والدم والنخاسة، والداعى للزهد إلى المترف المكرش، والداعى إلى العدل إلى التحصن برجال الأمن الخاص, ويسقط نموذج رجل الدين ليترك فراغًا تملؤه المخابرات المعادية بأعوانها المحلية ومؤسساتها الإعلامية الداعية لحرية الهدم.
بمثل هذا الداعى الجديد تهدمت العراق لعشرات السنين منذ التسعينيات ومن بعدها ليبيا المهددة بثلاث دول ثم السودان إلى سودانيين واليمن إلى يمنيين، كما المنتظر أو أكثر وسوريا التى رابط فيها الحليف والصديق والعدو واتفقوا على ألا يغادروا!
هل تصحيح الخطاب الدينى من الأزهر أم من خلال الدراما والإعلام؟