الرئيسية اقتصاد لماذا قررت أمريكا توجيه إمكانياتها للاستثمار في الطرق؟
اقتصاد
لماذا قررت أمريكا توجيه إمكانياتها للاستثمار في الطرق؟
By amrمايو 29, 2023, 14:17 م
878
بعد سنوات من انتقادات وسائل الإعلام الأمريكية لمسئولي الإدارات الأمريكية المتعاقبة، دخلت مشروعات تطوير البنية التحتية، ضمن أولويات الإدارة الأمريكية، نتيجة لتجاوز ثورة تطوير البنية التحتية الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك على خلفية الإنجازات غير المسبوقة للصين المنافس الأكبر للولايات المتحدة، وصاحبة ثاني اقتصاد على المستوى العالمي، واليابان وعدد من الدول الأوروبية فى مجالات تطوير البنية التحتية، والتي أصبحت العامل الأكثر أهمية فى جذب الاستثمارات وخلق فرص العمل، ودفع عجلة النمو الاقتصادي، وخاصة مشروعات السكك الحديدية فائقة السرعة.
صفاء مصطفى
ثورة تطوير البنية التحتية تجاوزت أمريكا
على مدار السنوات الاخيرة انتقدت وسائل الإعلام الأمريكية تراجع الولايات المتحدة الأمريكية فى مجالات تطوير البنية التحتية، وخاصة القطارات فائقة السرعة، وفى الصدد ذكرت وكالة «رويترز»، أن ثورة القطارات عالية السرعة تجاوزت الولايات المتحدة، وذلك لأنه حتى الآن لا يزال الأمريكيون يعتمدون بشكل كامل تقريبًا على الطرق السريعة المزدحمة، ويعانون الإجهاد الذي يسبب الصداع فى المطارات وشبكة الطيران المعرضة للانهيارات.
وأشارت شبكة «رويترز»، إلى أن تجاوز تطوير البنية التحتية فى الصين الدولة المنافسة للولايات المتحدة الأمريكية، وعدد من الدول ذات الاقتصادات المتقدمةـ يمثل تحديات جسيمة على الاقتصاد الأمريكي، فيما يتعلق بجذب الاستثمارات، لافتة إلى أن الصين قامت ببناء حوالي 26000 ميل (42000 كيلومتر) من السكك الحديدية عالية السرعة منذ عام 2008 وتخطط لتتجاوز 43000 ميل (70000 كيلومتر) بحلول عام 2035.
وقالت «رويترز» أن الولايات المتحدة الأمريكية ، تمتلك 375 ميلاً فقط من المسار تم إعدادها للعمل بسرعة تزيد عن 100 ميل فى الساعة.
وفى سياق متصل انتقدت شبكة «سي إن إن» الأمريكية، تراجع الولايات المتحدة الأمريكية فى تنفيذ مشروعات البنية التحتية، وطرحت تساؤلا: «لماذا لا تمتلك الولايات المتحدة شبكة سكة حديد عالية السرعة»، وأضافت بالنسبة إلى أغنى دولة وأكثرها نجاحًا من الناحية الاقتصادية على هذا الكوكب، والتي يزيد عدد سكانها على 300 مليون نسمة؛ فإن هذا الموقف أصبح من الصعب تبريره».
والجدير بالذكر أنه استجابة لمثل هذه الانتقادات وضعت الإدارة الأمريكية ضمن أولوياتها مشروعات البنية التحتية، وعلى أثر ذلك وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن، مشروع قانون البنية التحتية البالغة قيمته تريليون دولار، والذي أقره الكونجرس بموافقة الحزبين الديمقراطي والجمهوري، بالتزامن مع التعجيل بتنفيذ مشروعات البنية التحتية المعطلة والبدء فى تنفيذ مشروعات جديدة.
ويهدف القانون إلى خلق وظائف فى أنحاء البلاد من خلال صرف مليارات الدولارات لحكومات الولايات والبلديات بهدف إصلاح الجسور والطرق المتهالكة.
تمويل 166 مشروعًا لتحديث شبكة الطرق
بحسب وسائل إعلام أمريكية ومواقع تابعة للإدارة الأمريكية، تم مؤخرًا توفير مخصصات مالية لتمويل 166 مشروعًا لتحديث النقل فى جميع أنحاء البلاد وجعله أكثر تكلفة، وزيادة السلامة وتقوية سلاسل التوريد، وتشير البيانات الصادرة عن هذه الجهات أن قانون البنية التحتية للرئيس بايدن الذي تم إقراره خلال الشهور القليلة الماضية بموافقة الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ضاعف من تمويل برنامج إعادة بناء البنية التحتية الأمريكية مع الاستدامة والإنصاف «RAISE» الشهير لتمويل مشروعات البنية التحتية خلال النصف الثاني من العام 2022.
وأشار وزير النقل الأمريكي «بيت بوتيجيج»، إلى أن إدارة بايدن منحت أكثر من 2.2 مليار دولار من برنامج إعادة بناء البنية التحتية الأمريكية مع الاستدامة والإنصاف (RAISE) لمساعدة المجتمعات الحضرية والريفية على المضي قدمًا فى المشاريع التي يتم تحديثها، والتي تتضمن الطرق والجسور والعبور والسكك الحديدية والموانئ والنقل متعدد الوسائط لجعل أنظمة النقل أكثر أمانًا وسهولة فى الوصول إليها وبأسعار معقولة وأكثر استدامة، وتشمل مخصصات هذا للعام 2022 أكثر من 2.2 مليار دولار، بفضل قانون البنية التحتية للرئيس بايدن، والذي يوفر 7.5 مليار دولار إضافية على مدى خمس سنوات مقبلة للبرنامج للمساعدة فى تلبية الطلب القوي لمساعدة المشاريع على التحرك فى جميع أنحاء البلاد.
وقال وزير النقل الأمريكي بيت بوتيجيج: «نحن فخورون بدعم العديد من مشاريع البنية التحتية المتميزة فى المجتمعات الكبيرة والصغيرة، وتحديث أنظمة النقل الأمريكية لجعلها أكثر أمانًا، وبأسعار معقولة، وأكثر سهولة فى الوصول إليها، وأكثر استدامة». «باستخدام الأموال من قانون البنية التحتية للرئيس بايدن، مما يوفر المزيد من الدعم للمشاريع أكثر من أي وقت مضى».
معايير تقييم المشروعات
بحسب تصريحات المسئولين ذكرت وسائل الإعلام الأمريكية أنه يتم تقييم المشروعات بناءً على عدة معايير، تتضمن السلامة، والاستدامة البيئية، وجودة الحياة، والقدرة التنافسية الاقتصادية والفرص، والشراكة والتعاون، والابتكار، وحالة الإصلاح الجيد، والتنقل والتواصل المجتمعي. وضمن هذه المجالات، نظرت الوزارة فى الكيفية التي ستعمل بها المشاريع على تحسين إمكانية الوصول لجميع المسافرين، وتعزيز كفاءة سلسلة التوريد، ودعم المساواة العرقية والنمو الاقتصادي – خاصة فى المجتمعات المحرومة تاريخياً ومناطق الفقر المستمر.
أهم مشروعات تطوير الطرق والكباري
بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة النقل الأمريكية، من أهم هذه المشروعات، مشروع تنشيط الشارع الثاني والعشرين: فى توكسون، أريزونا، وتستهدف وزارة النقل الأمريكية «USDOT» من الاستثمار فى هذا المشروع، تعزيز الاقتصاد المحلي، حيث سيعيد المشروع إحياء شارع 22 من خلال استبدال الجسر الحالي المتهالك بجسر جديد فوق خط سكك حديد يونيون باسيفيك (UPRR)، كما يتم توسيع شارع 22 من أربعة ممرات إلى ستة ممرات بمتوسط مقسم، وسيسمح الجسر الجديد للسكك الحديدية من الدرجة الأولى بتوسيع خدمة الشحن وإزالة اختناق الشحن، علاوة على ذلك، من خلال إلغاء قيود الوزن على الجسر، سينهي المشروع الطرق الالتفافية الطويلة للشحن والعبور والحافلات المدرسية والخدمات الطبية الطارئة، وهو ما سيؤدي إلى تسريع حركة البضائع ويمكن أن يقلل فى نهاية المطاف من تكاليف الشحن، وسيوفر المشروع أيضًا وسائل انتقال لركاب الترانزيت المتجهين شرقًا لمدة تصل إلى 30 دقيقة لكل رحلة، ويوفر المشروع اتصالاً بين الشرق والغرب بين وسط مدينة توكسون ومجتمع محروم من الخدمات، وسيتم أيضًا تركيب قناة عريضة النطاق كجزء من المشروع.
وفى مقاطعة ليون، نيفادا، تستثمر وزارة النقل الأمريكية «USDOT» فى تخطيط وتصميم وبناء مشروع Victory الذي سيكمل اتصال Nevada Pacific Parkway من I-80 إلى الطريق السريع 50 ، مما يحول منطقة Victory Logistics بالكامل الى منطقة صناعية ستخلق المزيد من السعة مع وصول مزدوج إلى خطوط سكك حديد «Union Pacific Railroad» وBurlington» Northern Santa»، مما يزيد من كفاءة سلسلة التوريد ويساعد على خفض تكاليف البضائع.
وفى تامبا، فلوريدا، تستثمر وزارة النقل الأمريكية «USDOT» فى مشروع لإضافة السعة، وخلق مئات الوظائف، وتقليل الانبعاثات فى منشأة Port Redwing، التي تتعامل مع مواد البناء والمنتجات الزراعية والفوسفاتية والآلات الثقيلة والبضائع الأخرى. من خلال ربط مرسى 300 و 302 مع رصيف بطول 1025 قدمًا ، سيحتوي المرفق على رصيف بطول 3000 قدم قادر على إرساء ثلاثة من أكبر سفن الشحن متعددة الأغراض التي يمكنها التنقل فى قناة Big Bend الموسعة حديثًا. تعني هذه السعة المضافة أن الميناء يمكنه معالجة المزيد من الشحنات، والحفاظ على المزيد من الوظائف، ودعم المزيد من الأعمال صعودًا وهبوطًا فى سلسلة التوريد.
وتتضمن قائمة المشروعات أفضل عمليات الإصلاح لجسور المياه المنخفضة للطوارئ والنقل والتكنولوجيا، فى مقاطعات الغاني وآش وأفيري وكالدويل وواتوجا وويلكس، نورث كارولاينا .
ولدعم تطوير شبكة الطرق والكباري تساعد وزارة الزراعة الأمريكية فى إعادة بناء ما يقرب من 28 جسرًا عبر المناطق الريفية والشمالية الغربية لمقاطعات ولاية كارولينا، عن طريق استبدال الجسور المنخفضة المياه.
مشروع ربط الولايات الأمريكية بقطار فائق السرعة
بحسب قناة «CNBC» سي إن بي سي الأمريكية من أكبر مشروعات البنية التحتية الجاري تنفيذها فى الولايات المتحدة الأمريكية، مشروع ولاية كاليفورنيا لبناء قطار كهربائي يربط لوس أنجلوس بوادي سنترال فالي ثم سان فرانسيسكو فى غضون ساعتين و40 دقيقة، لافتة إلى أنه بسبب التعثر المالي، بعد مرور 15 عامًا، لم يتم وضع ميل واحد من المسار، ويقول المسؤولون التنفيذيون المعنيون إنه لا يوجد ما يكفى من المال لإنهاء المشروع.
وأشارت قناة «CNBC» سي إن بي سي الأمريكية إلى أن التقديرات أن هذا المشروع تتراوح تكلفته من 88 الى 128 مليار دولار لإكمال النظام بأكمله من لوس أنجلوس إلى سان فرانسيسكو، لافتة الى أنه فى عام 2008، صوتت كاليفورنيا بنعم على ترخيص سندات بقيمة 9 مليارات دولار لبناء أول خط سكة حديد عالي السرعة فى البلاد.
مشروع نفق هدسون
أصدرت شركة «دودج»، «Dodge Data & Analytics» الأمريكية لجمع وتحليل البيانات الإحصائية، مؤخرًا تقريرين عن الإحصاءات الاقتصادية، أحدهما يدرج أفضل 25 مشروعًا للبنية التحتية فى الولايات المتحدة فى مرحلة التخطيط والآخر يسرد أفضل 25 مشروعًا للبنية التحتية دخلت مؤخرًا حيز التنفيذ، لافتة إلى المشروع الأهم من بين هذه المشروعات هو مشروع «مشروع نفق هدسون» Hudson Tunnel التابع لبرنامج Gateway والذي تبلغ تكلفته 12.3 مليار دولار فى نيويورك، والذي تم تصميمه لتعزيز خيارات الطرق الحالية وإنشاء خيارات جديدة لتسهيل حركة المرور بين نيويورك ونيوجيرسي.
وأضاف التقريرين أن الجهات المعنية بنتقيذ المشروعات المشاريع فى تكساس وهاواي وكارولينا الشمالية وداكوتا الشمالية وميتشيغان انتهت من أهم خمسة مشاريع تم الإبلاغ عنها فى البداية من الربع الأول من عام 2022، مشيرة أن هذه المشروعات تعد أكثر تواضعًا مقارنة بالمشاريع المخطط لإنشائها .
نقص التمويل أهم العقبات
وحول العقبات الناجمة عن نقص التمويل قال توكس أوميشاكين، سكرتير وكالة النقل بولاية كاليفورنيا: «من الواضح أن التمويل هو أحد أكبر العقبات». «لايمكننا إنجاز هذا المشروع بدون دعم فيدرالي».
وأضاف وسائل الإعلام الأمريكية أنه بمقتضى قانون البنية التحتية الذي أقره الحزبين لعام «2021» تم تخصيص 66 مليار دولار للسكك الحديدية، بصفة عامة ولم يتم تخصيص الأموال على وجه التحديد للسكك الحديدية عالية السرعة فى كاليفورنيا.
ووفقا لتصريحات «لبريان كيلي»، الرئيس التنفيذي لهيئة السكك الحديدية عالية السرعة فى ولاية كاليفورنيا أنفق المشروع 9.8 مليار دولار حتى الآن.
وقال كيلي: «علمنا أن لدينا فجوة فى التمويل منذ بدء المشروع». «ما أعرفه هو هذا: كلما قمنا ببنائه مبكرًا، سيكون أرخص.»
وأضاف: «ولكن فى هذه المرحلة، ليس من الواضح من أين سيأتي التمويل. حتى الآن ، جاء 85٪ منها من ولاية كاليفورنيا».
أزمة نقص الأيدي العاملة
بحسب وسائل إعلام أمريكية، كشفت إحصائيات شركة «دودج»، «Dodge Data & Analytics» أن التكوين الديموجرافى الحالي للقوى العاملة الحالي فى الولايات المتحدة الأمريكية تدور أعمارهم حول (45 سنة فأكثر)، فى حين أن القوى العاملة الناشئة أكثر تنوعًا.
وأشارت الإحصائيات الى أن 11٪ فقط من عمال البنية التحتية الحاليين هم دون سن 24 عامًا، وتشكل النساء 18.5٪ فقط من العمال، بينما يمثلن 49.6٪ من إجمالي العمال على الصعيد الوطني من أصحاب الليااقات البيضاء.
وحذرت من هذه العديد من وسائل الإعلام الأمريكية، وخاصة مالايتعلق عنها بقضايا السلامة فى مواقع العمل والتمييز، مؤكدة أن القضية الأكثر أهمية هى أن هذه الإحصائيات، تؤكد الحاجة إلى سياسات نظامية وتوظيف دائمة التغير والتطور فى مكان العمل. وهو ما يعني ضرورة صياغة أساليب جديدة لتوفير العدد اللازم من العمالة.
وفقًا لدراسة بحثية أجراها «معهد بروكينجز»، الأمريكي للدراسات الإستراتيجية، أنه للمرة الأولى فى الولايات المتحدة الأمريكية يتم دفع رواتب أفضل للعاملين سوق عمل البنية التحتية، وكذلك لأولئك الذين ينتقلون إلى وظائف جديدة فى حياتهم المهنية، ولذا أصبحت فرص العمل فى سوق البنية التحتية أكثر جذبا للعاملين، لافتة أن قطاع البنية التحتية أصبح يمثل قرابة 12٪ من إجمالي العمالة الوطنية.