https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

«الحرب التجارية» بين أمريكا والصين تشتعل

4980

صفاء مصطفى
الحرب التجارية العالمية التى تستهدف تقويض التمدد الاقتصادى للصين ومنعها من مزاحمة الولايات المتحدة الأمريكية فى الحصول على المرتبة الأولى من حيث ترتيب القوى الاقتصادية الكبرى بحلول2030 والتى أشعل فتيلها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب منذ إعلانه فرض رسوم جمركية على واردات الولايات المتحدة الأمريكية من الصلب والألومنيوم بنسبة تتراوح من 10 إلى%25 واتخاذ الصين إجراءات مماثلة بفرض رسوم جمركية على وارداتها من السلع الأمريكية، ازدادت وتيرتها.. بانضمام روسيا للجانب الصينى.. ورد كندا على الجانب الأمريكى بإجراءات مماثلة، وتهديد الاتحاد الأوروبى بالتصعيد حال فرض رسوم أمريكية على السيارات الأوروبية.

وتمثل هذه الأحداث فى مجملها القضية الاقتصادية الأهم على الساحة العالمية والإقليمية أكتوبر» تطرح القضية من مختلف أبعادها، بدءًا من أسبابها ومرورًا بردود الفعل العالمية تجاهها وتداعياتها الراهنة والمستقبلية، ونهاية برصد وتحليل أوضاع الاقتصاد المصرى ومدى تأثيره وتأثره بمستجدات الأوضاع الاقتصادية إقليميًا وعالميًا.

 

تطورات الأوضاع
الولايات المتحدة بدأت بفرض الرسوم على 818 مصنفا من صادرات الصين للولايات المتحدة الأمريكية بقيمة تبلغ 34 مليارًا، كما أعلن ترامب استعداده تصعيد الرسوم لـ200 مليار إذا زادت الصين رسومها من جديد، وهو ما فعلته الصين مؤخرًا، إذ دخلت الإجراءات الصينية حيز التنفيذ بحسب ما صرح لو كانج، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية الصينية، الذى أعلن فرض رسوما على سلع أمريكية بقيمة 34 مليار دولار.
فيما تنفى بكين ارتكاب أية أخطاء، وأكدت أنها مستعدة لخوض حرب تجارية حتى النهاية.
وكان وزير الاقتصاد الفرنسى برونو لو مير قد صرح مؤخرًا أن «دول الاتحاد الأوروبى لن توافق مطلقًا على التفاوض تحت الضغط» مع الولايات المتحدة فى شأن الرسوم الجمركية، مشددا على أن الأوروبيين لا يستطيعون فهم مثل هذه الإجراءات الأمريكية ضد «الحلفاء المقربين»، وأضاف لو مير، مؤكدا تنديد الاتحاد الأوروبى بالممارسات التجارية الأمريكية لكونها غير مقبولة وغير مبررة كما أنها عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمى».
وفى برلين، أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن القلق إزاء التصعيد الأمريكى وتعهدت بأن الرد على (شعار ترامب) «أمريكا أولا» سيكون «أوروبا الموحدة».

الاستراتيجيةالجديدة
بداية أوضح د. رشاد عبده الخبير الاقتصادى أن الحرب التجارية التى يشهدها النظام العالمى فى الوقت الراهن تعد عالمية لأنها متعددة الأطراف، مشيرًا إلى أن أنها تندرج ضمن أدوات الإدارة الأمريكية الجديدة التى تنبثق عن استراتيجية أمريكية جديدة تتحدد أهدافها وآلياتها التنفيذية فى إطار شعار «أمريكا أولا حتى الأصدقاء» وهو الشعار الذى رفعه الرئيس دونالد ترامب منذ ترشحه، والذى عمل على تطبيقه فور توليه السلطة حيث أصدر قرارا بفرض ضرائب بواقع 25% على الصلب و10% على الألومنيوم على كافة دول العالم؛ لتجنب الظهور بمعاداة الصين منفردة، وعندما ردت الصين بزيادة الرسوم أعلنت الولايات المتحدة فرض رسوم على الواردات التكنولوجية تصل إلى 60 مليار دولار، وجرى تطبيقها على العالم كله بما فيهم الاتحاد الأوروبى.

تقويض التمدد الاقتصادى الصينى
وأشار رشاد عبده إلى أن دونالد ترامب يؤمن بالفكر الاقتصادى الشائع لدى البعض فى الولايات المتحدة الأمريكية والذى يقضى بان الصين هى الشيطان الأكبر الذى يهدد الاقتصاد الأمريكى وأن ذلك مبعثه التقديرات الاقتصادية الصادرة عن العديد من الجهات والتى تؤكد أن الصين ستصبح القوى الاقتصادية الأكبر عالميًا بحلول عام 2022 -2030.

السياسة الأمريكية وأخطاء التطبيق
وأضاف رشاد عبده: علاوة على أن ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية يتناقض مع قواعد منظمة التجارة العالمية حيث إنها الجهة المنوط بها تحديد الرسوم الجمركية فإن التطبيق الفعلى للسياسية الاقتصادية الأمريكية العدائية للصين كشف عن كثير من الأخطاء يعد من أهمها نقض بنود العديد من الاتفاقيات التى أبرمتها الولايات المتحدة الأمريكية مع أصدقائها يعد من أهمها اتفاقية الـ «نافتـا» NAFTA، تعتبر أكبر تكتل تجارى فى العالم، وتشير إلى منطقة التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك وتوصف بأنها توازى السوق الأوروبية الموحدة.
وأضاف أن هذه الاتفاقية تضم فى عضويتها دولتين صناعيتين رئيسيتين هما الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ودولة نامية هى المكسيك، لذا فإن الإجراءات الأمريكية الاخيرة تعد بمثابة تحولاً كبيرًا فى السياسة التجارية للولايات المتحدة من التركيز على العلاقات متعددة الأطراف إلى التوجه نحو سياسات تجارية مركبة تجمع بين الإقليمية والتعددية فى العلاقات التجارية فى آن واحد.
ومن هذا المنطلق، فإن إجراءات رفع الرسوم الجمركية التى فرضتها الولايات المتحدة التى فرضتها الولايات المتحدة لتجحيم الصين لا يمكن تطبيقها على الصين وحدها، حيث أن القوانين والمواثيق الدولية تستوجب تطبيقها على أصدقاء الولايات المتحدة وحلفائها فى اتفاقية «النافاتا» مما أدى إلى توتر فى العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة ودول تحالف النافاتا خاصة وأن كندا هى أكبر مورد للفولاذ والصلب وثانى أكبر مورد للألومنيوم هى المكسيك حيث تقدر صادرات كندا من هذه المواد للولايات المتحدة بحوالى 5.3 مليار دولار باعتبارها الدول الأكبر فى تصدير هذه المواد للولايات المتحدة الأمريكية، تليها المكسيك ثانى أكبر دولة ثم كوريا الجنوبية ثالث أكبر دولة، تليها البرازيل رابع أكبر دولة، فى حين تأتى الصين فى المرتبة الخامسة.

الاحتجاج الأوروبى
أكد د. رشاد عبده على أن التطبيق الفعلى للسياسة الأمريكية للرئيس رونالد ترامب النابعة من مبادئه كرجل أعمال لم يتسبب فقط فى تأزم العلاقات بينه وبينه حلفائه فى تكتل النافاتا إنما امتد إلى إشعال الصراع بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين على مستوى الدول أعضاء الاتحاد الأوروبى حيث اعترض الكثير من هذه الدول المانيا وبريطانيا، مشيرًا أن جميع مساعى الاتحاد الأوربى فشلت فى الحصول على استثناء من إجراءات رفع الرسوم الأمريكية على الصادرات للولايات المتحدة مما يؤدى مزيدا من الركود.

ردود الفعل العالمية
وقال رشاد عبده أن ردود الفعل العالمية نحو رفع الرسوم الجمريكية على الصادرات للولايات المتحدة الأمريكية جاءت متباينة، حيث استقبلتها بعض الدول بالقبول لحين اتخاذ موقف عالمى فى حين اتخذت دول اخرى إجراءات موازية مثل الصين ودول احتجت ومازالت تبحث عن حلول مثل الاتحاد الأوروبى، فى حين أن الدول السبعة الكبار ممثلة فى أمريكا وبريطانيا وفرنسا ألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان، حاولت إثناء ترامب عن هذا إلا أنه رفض، مما دفع الصين للرد على القرارات الأمريكية بالمثل.

تراجع الصادرات العربية من المواد الخام
موضحًا أن استمرار الأوضاع كما هى عليه من الممكن أن يؤدى إلى تراجع الصادرات العربية من المواد الخام خاصة للصين نظرًا لما يمكن أن تؤول إليه الأمور من تراجع تصدير المنتجات الصينية وغيرها من منتجات الدول الأخرى إلى الولايات المتحدة الأمريكية، الإمارات تعد الدولة العربية الأكثر تأثرًا من زيادة الرسوم الجمركية على الالومنيوم.

الحرب التجارية العالمية والحالة المصرية
وكشف رشاد عبده عن أن أحداث الحرب التجارية لها تأثير طفيف على الاقتصاد المصرى فى الوقت الراهن إلا أن استمرار الأوضاع من الممكن أن يحمل تأثيرات غير مباشرة وكبيرة على الاقتصاد المصرى مؤكدًا أن تراجع صادرات المواد الخام وتراجع حركة التجارة بصفة عامة من الممكن أن يؤدى إلى تراجع الملاحة فى قنوات السويس، وأيضا التأثير سلبًا على قطاع السياحة، ومن ثم التأثير على موارد النقد الأجنبى.

العولمة والاقتصاد المفتوح
ويرى عمر الشنيطى الخبير الاقتصادى أن هذه الحرب تعد تعبيرًا عن اتجاه عالمى جديد نحو تضييق حرية التجارة وتطبيق السياسات الحمائية على المستوى العالمى بشكل عام، بعد أن سيطر الاتجاه نحو العولمة والاقتصاد المفتوح وحرية التجارة على النظام العالمى بقيادة الولايات المتحدة والدول الغربية على مدار العقود الثلاثة الماضية.

تراجع النمو الاقتصادى العالمى
وقال هشام إبراهيم أستاذ الاستثمار والتمويل جامعة القاهرة، إن التداعيات المستقبلية للحرب التجارية العالمية الراهنة من الممكن أن تؤدى إلى تراجع معدل النمو الاقتصادى العالمى، نظرًا لما يصاحب هذه الأوضاع من تراجع حركة الاستثمارات على المستوى العالمى.

الآليات الجديدة لإدارة الاقتصاد
إدارة الاقتصاد ليست قرارات محلية فقط إنما ينقسم إلى شقين على نفس القدر من الأهمية فى ظل التقدم التكنولوجى وما له من تأثير فى رفع الحدود ما بين الدول، الأول يتعلق بقرارات إدارة الجزء الداخلى وهو ما يمثل أهمية كبرى فى مسيرة التقدم الاقتصادى، الثانى يتعلق بالقرارات ذات الصلة بالعوامل الخارجية التى تمثل تحديات شديدة الأهمية فى انعكاساتها على الاقتصاد المصرى.
هذا ما أكدته د. بسنت فهمى الخبيرة المصرفية وعضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، والتى أشارت إلى أن استمرار السياسات الاقتصادية التى تنتهجها الدولة المصرية منذ تولى الرئيس السيسى زمام الأمور قادرة على مواجهة ما ترفضه مستجدات الأوضاع العالمية.
وأوصت بضرورة البدأ فى ضخ الاستثمارات فى السوق المصرية من جانب المسثمرين المصريين وذلك لتشجيع تضخم الاستثمارات الأجنبية مما يساعد على تطوير أدوات الانتاج بما يساعد على ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية ومنها التحديات التى ترفضها الحرب التجارية العالمية، موضحة أن التقارير الاقتصادية العالمية عن مصر تؤكد أن استمرار تطبيق هذه السياسات من شأنها الدفع بالعملة المصرية لتصبح واحد من أقوى 12 عملة على المستوى العالمى عام 2019.

الحرب التجارية العالمية والصادرات المصرية
أوضح يحيى الزنانيرى رئيس لجنة الجمارك باتحاد الغرف التجارية أن تداعيات الحرب التجارية العالمية من حيث تأثيرها على الصادرات المصرية بصفة عامة لا يمكن تحديدها فى الوقت الراهن، مشيرًا إلى أنه مازالت تأثيرات هذه الحرب طفيفة على الصادرات المصرية.
ويوافقه الرأى حمدى النجار رئيس الشعبة العامة للمستوردين باتحاد الغرف التجارية، الذى أكد أن الإجراءات الحالية التى اتخذتها كل من الولايات المتحدة والصين ليس لها تأثير مباشر على التجارة المصرية حتى الآن.
وفى المقابل أوضح النجار أن أية إجراءات أخرى تصاعدية مستقبلية من الممكن أن تؤثر على الاقتصاد المصرى بشكل غير مباشر.

استثمار الأزمة
وفيما يتعلق بانعكاسات هذه التحولات فى مجملها على الاقتصاد المصرى أكدت د. يمن الحماقى، أستاذ الاقتصاد جامعة عين شمس، ضرورة وضع استراتيجية تصدير جيدة، تزامنا مع دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتى قد تكون داعما رئيسيا لعمليات التصدير، وتحسين الأداء الإنتاجى ووضع أولويات محددة للأسواق سواء الداخلية، أو محاولات فتح أسواق خارجية بجدية.
وأضافت الحماقى، أن مشروع طريق الحرير الذى تشترك فيه مصر والصين، يمكنه جذب استثمارات صينية ودولية، تقدر بـ 100 مليار دولار.
ومن جانبه أوضح د. محسن خضيرى، الخبير الاقتصادى، أن البورصة المصرية، وحركة الأسهم والسندات الدولية، قد تستفيد من تلك المتغيرات فى العلاقات الصينية – الأمريكية، كون الحرب التجارية بين واشنطن وبكين قد تدفع المستثمرين للتوجه نحو الأسواق الناشئة وفى مقدمتها السوق المصرية.