https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

د. محمد عفيفي:الإفراج عن وثائقها يعطى بعدًا جديدًا لتحليل الأحداث

1070

تحتفل مصر فى 23 يوليو بالذكرى الـ 72 للثورة التى حققت العديد من الإنجازات، فقد رسمت ثورة يوليو تاريخ المنطقة العربية والعالم كما غيرت من الوضع الاقتصادى والاجتماعى للدولة المصرية فنجحت فى تحقيق العدالة الاجتماعية، إلى جانب ذلك فقد واجهت تحديات جمة أثرت على تحقيق بعض أهدافها، فى هذا الإطار التقت «أكتوبر» مع المؤرخ الدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر ورئيس قسم التاريخ الأسبق بكلية الآداب جامعة القاهرة، وإلى نص الحوار

د. نسرين مصطفى

كيف أثرت ثورة يوليو على الحياة اليومية للمواطن المصرى؟!
جاء تأثير ثورة يوليو1952 على المواطن المصرى تدريجيًا، فبعد عدة أشهر بدأ المواطن المصرى يشعر بالفارق، خاصة أن الثورة قد نجحت فى تنفيذ قرارات كان البرلمان والحكومة قد أقروها قبل الثورة إلا أنها لم تنفذ، وكان أول تلك القرارات مشروع الإصلاح الزراعى، فجاء تطبيق قانون الإصلاح الزراعى لمعالجة حالة الاحتقان الاجتماعى الذى كان موجودا فى الريف فى ذلك الوقت، وقد طُبق مشروع الإصلاح الزراعى تدريجيًا فبدأ بتحديد ألفين ثم مائة ثم خمسين فدانا، وكذلك مشروع مجانية التعليم الجامعى، والذى كان طه حسين قد طرحه على حكومة الوفد الأخيرة، إلا أن الثورة عندما شرعت فى تنفيذه لم تقم بذلك بين يوم ليلة، لأنه كان يتطلب أموالا وتنسيقا فقامت بتنفيذه سنة 62 أى بعد عشر سنوات من قيامها، كما جاءت قوانين يوليو الاشتراكية سنة 62 والتى أثرت بشكل إيجابى على أوضاع العمال.
ما أهم التحديات التى واجهت قادة الثورة على المستوى الداخلى والخارجى؟!
على الصعيد الخارجى كان استمرار الاحتلال الانجليزى أهم التحديات فلازالت القوات البريطانية متمركزة فى قناة السويس، وكان لا بد من الدخول فى مفاوضات لإنهاء الاحتلال، وقد استفادت الثورة من علاقاتها الجيدة مع الولايات المتحدة التى ساندتها فى مطالبتها بالاستقلال خشية التدخل الروسى فى المنطقة، وكانت الإشكالية الكبرى هى رفض الولايات المتحدة تطوير الجيش المصرى خشية محاربته لإسرائيل لذا توجه ناصر إلى روسيا لتسليح الجيش المصرى فيما عرف بصفقة الأسلحة التشيكية سنة 1955، والتى كانت بداية غضب الولايات المتحدة من ناصر فكان توازن العلاقات الخارجية أحد التحديات التى واجهت الثورة لذا ظهرت فكرة دول عدم الانحياز.
وماذا حققت الثورة على المستوى العربى؟!
تعتبر فكرة القومية العربية فكرة سابقة لثورة يوليو، والدليل على ذلك إنشاء جامعة الدول العربية سنه 1945 وبالتالى كانت فكرة القومية موجودة، لكن عبد الناصر أعطى دفعة كبيرة لها فتحول إلى بطل قومى عربى ونموذج للزعيم العربى القادر على مواجهة الاستعمار، وتمثل ذلك فى إعلان تأميم قناة السويس مما أعطى شعبية كبيرة له فخرجت مظاهرات فى جميع أنحاء الوطن العربى تأييدًا له، لكن الزعامة العربية لعبد الناصر أدت إلى بعض المآخذ عليه منها توريط مصر بشكل أضر بمصالحها كإعلان الوحدة المصرية السورية ثم الانفصال وحرب 67.
البعض يلوم على عبد الناصر قيامه بتأميم قناة السويس ويرى أنه السبب فى العدوان الثلاثى؟!
فكرة تأميم قناة السويس ليست من بنات أفكار عبد الناصر لكنها كانت مطروحة منذ وزارة محمد فريد وعندما طرح مشروع مد امتياز قناة السويس لما بعد 68 رفض محمد فريد ورفضت الحركة الوطنية فى ذلك الوقت ذلك الطرح، وقال إن المصريين منتظرون عودة القناة إلى السيادة المصرية، وبعد ثورة 19 طالب الزعماء الوطنيون بتأميم قناة السويس، ويقال إن مصطفى النحاس كان يفكر فى المطالبة بعودة قناة السويس لمصر، فالفكرة ليست جديدة إلا أن عبد الناصر جاء ليحققها، فكان التأميم حلم المصريين، وقد منح هذا القرار المصريين الشعور بالعزة والكرامة، كما أنه رفع من شعبية ناصر فى مصر والوطن العربى.
هل نجحت ثورة يوليو فى تحقيق أهدافها؟! وما الأهداف التى لم تحققها؟!
استطاعت ثورة يوليو إلى حد ما إقامة عدالة اجتماعية من خلال مشاريع الإصلاح الزراعى والمشاريع التى أفادت الطبقة الوسطى، لكن تعرض ذلك إلى تراجع فى عهد السادات فى ظل سياسة الانفتاح الاقتصادى مما أدى لانهيار الطبقة الوسطى، كما نجحت الثورة أيضا فى إعادة بناء الجيش المصرى إلا أنها ورطته فى حرب 67، ورغم قيام عبد الناصر بإعادة بناءه مرة أخرى إلا أن التكلفة المادية كانت مرتفعة، كما أن مبدأ إقامة حياة ديمقراطية سليمة لم يتحقق وهى نقطة ضعف كبيرة وخطيرة فى ثورة يوليو فلا يوجد أحزاب أو قوى سياسية تدعم نظام الحكم لعدم وجود حياة سياسية.
فى رأيك ما أهم وثائق ثورة يوليو52؟!
نواجه مشكلة حقيقية فى التأريخ لثورة يوليو فالوثائق المتوفرة لدينا هى وثائق أمريكية وانجليزية وروسية إلا أن الوثائق العربية غير متوفرة بشكل كبير، وستعطى إتاحتها بُعدا جديدا للثورة فربما الإفراج عن محاضر اجتماعات مجلس قيادة الثورة تعطى فكرة عن كيفية اتخاذ القرارات وغيره.
ما الأيام الفارقة فى تاريخ الثورة؟!
هناك العديد من الأيام التى يمكن اعتبارها فارقة فى تاريخ الثورة فمثلا يوم 22 يوليو والذى وصفه جمال حماد أحد الضباط الأحرار بأنه أطول يوم فى تاريخ مصر والذى يعتبر هو أساس الأحداث حيث خرج فيه الجيش وسيطر على الحكم، ومن الأيام المهمة أيضا 26 يوليو 1956 تأميم قناة السويس و22 فبراير 1958 إعلان الوحدة بين مصر وسوريا وتأثير الانفصال فى 1961 وانهيار فكرة الوحدة العربية ثم يوم 5 يونيو 67 الذى يعد من أصعب الأيام.
بعد 72 عامًا على ثورة يوليو ما الدروس المستفادة؟!
الدروس المستفادة كثيرة منها أن العدالة الاجتماعية مطلب أساسى لا بد من تحقيقه والمحافظة عليه ولا بديل عن إقامة حياة ديمقراطية سليمة فهى التى تحافظ على إنجازات الثورة وليست ضد الثورة وضرورة التوازن فى السياسة الخارجية وعدم الانحياز لدولة بعينها وهو ما نجحت فيه ثورة يوليو.