https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تعاملت بحذر مع حركة الضباط الأحرار صحافة الثورة.. من التخبط إلى التأميم

968

شكلت ثورة يوليو مفاجأة فى وقت كانت تموج فيه الساحة السياسية فى مصر بأحداث جمة، وكانت الصحف وعلى رأسها جريدتا الأخبار والأهرام تهتمان بأخبار عن تعيين وزارة وعزل أخرى، وتصدرت أخبار الملك وتحركاته ونصوص مراسيمه وألقابه الصفحات الأولى، كما حظيت تحركات الوزراء ورئيس الديوان الملكى بتصدر عناوين الصحف التى حرصت على نقل أدق تفاصيل استقالة وزارة سرى باشا وتكليف أحمد نجيب الهلالى بتشكيل الوزارة، ربما كمحاولة لنقل الأحداث للشعب المصرى لكسب ثقته وتعريفه بسير الأحداث وتطورها وسعى الملك للإصلاح السياسى خاصة فى ظل تدهور الحياة السياسية، وفى السطور التالية نستعرض كيف تعاملت الصحف مع ثورة يوليو منذ الساعات الأولى لقيامها.. وما تلاها من أحداث حتى صدور قرار تأميم الصحف والمجلات.

د. نسرين مصطفى

وفى يوم الثورة 23 يوليو 1952 ركزت مانشيتات الصحف على عملية الإصلاح السياسى فكانت التصريحات الأولى لرئيس الوزراء الهلالى باشا تركز على طمأنة الشعب على تطهير الحياة النيابية وإجراء الانتخابات لإصلاح الحياة السياسية التى كانت تعانى توترا شديدا خاصة بعد حريق القاهرة فى 26 يناير من العام نفسه، وقد اسُتخدم الكاريكاتير كوسيلة للتعبير عن اضطراب الحياة السياسية فى مصر وعدم استقرارها فنشرت الأخبار فى عددها الصادر يوم 23 يوليو كاريكاتير يظهر فيه المصرى أفندى يقول للهلالى باشا رئيس الوزراء «إلحق يا دكتور قبل المريض ما يموت» وهى إشارة إلى تردى الأوضاع السياسية المتمثلة فى الأحكام العرفية وانتشار الفساد وعدم استقرار الحياة النيابية.
ومع صدور جريدتى الأهرام والأخبار فى اليوم التالى للثورة استيقظ الشعب المصرى على مانشيتات لم تعهدها من قبل والذى أعلن فيه عن حركة الضباط الأحرار التى لم يطلق عليها بعد ثورة لكن اُطلق عليها عدة مسميات، فجريدة الأهرام أطلقت عليها اسم «حركة عسكرية سلمية» بينما أطلقت عليها الأخبار اسم «حركة التطهير»، أما الضباط أنفسهم فقد أطلقوا عليها اسم «حركة التطهير» كما جاء فى بيان اللواء محمد نجيب فى اليوم التالى للحركة.
تغيرت مانشيتات الصحف صباح الحركة (24 يوليو) للنقيض، فبعد أن كان الملك والوزارة منفردين بالأحداث السياسية اختفت أخبار الملك وحل محلها أخبار الوزارة والحركة العسكرية بقيادة محمد نجيب، وكانت الأهرام أكثر جرأة فى تناول الحدث حيث قامت برصد الأحداث التى وقعت فى القاهرة فجر 23 يوليو فى صدر صفحتها الأولى وكشفت عن تطور الحركة وأهدافها وروت بدقة كيف نفذ الضباط حركتهم على خلاف الأخبار التى كانت حذرة فاستهلت صفحتها الأولى بوصف ليلة 23 يوليو بالمثيرة ووصفت حركة التطهير بأنها تجربة جديدة على الحياة السياسية.
فجّرت الأهرام تطورات وأحداث الحركة فذكرت فى صدر صفحتها الأولى عن انكشاف أمر الحركة مما أدى إلى تقديم موعد انطلاقها، وهو الأمر الذى أكدته روايات الضباط الأحرار فيما بعد فى حين وصفت الأخبار الحركة بأنها استولت على القاهرة وهو الأمر النابع من عدم الاعتراف بشرعية تلك الحركة نظرًا لضبابية الأوضاع وربما كان ذلك أحد طرق التعبير عن المخاوف من تلك الحركة العسكرية خاصة أنها أمر غير معهود فى الحياة السياسية فى مصر.
ونشرت الصحف بيانات الحركة الثلاثة التى أذاعها اللواء محمد نجيب والتى أوضحت سبب القيام بالحركة فكان البيان الأول موجه للشعب المصرى والرعايا الأجانب، والثانى موجه لضباط القوات المسلحة، أما البيان الثالث فوجه فيه نجيب الشكر للشعب المصري.
ونشرت الصحف أهداف الحركة الثلاث، كما أذاعها اللواء نجيب والتى تتلخص فى تطهير الجيش من العناصر الفاسدة وإعادة الحياة الدستورية وتطهير البلاد من الخونة، وأشارت الصحف آنذاك إلى أن مطالب الحركة التى اقتصرت فى البداية على تنحى القيادات القديمة وحل قيادات جديدة محلها فظلت الفكرة السائدة لدى الشعب المصرى أنها حركة عسكرية سرية خاصة بالإصلاح داخل الجيش لذا لم يشارك الشعب بها إلا بعد تطور الأوضاع.
تصدر اسم اللواء نجيب المشهد فى الصحف خلال الأيام الأولى للثورة مما يعكس حرص الصحافة على تناول أخبار الحركة خاصة أن الأخبار وصفتها بالأحداث غير المعتادة فى الحياة السياسية فى مصر.
أبرزت جريدتا الأخبار والأهرام تعامل رئيس الوزراء الهلالى باشا مع اللواء نجيب بحذر حتى أنه رفض دعوة نجيب للاجتماع فى مبنى رئاسة الجيش وطلب من وزير الداخلية مرتضى المراغى أن يكون همزة الوصل بين الهلالى ونجيب، وبعد الاجتماع الوزارى الذى استمر لساعات طويلة تقدم الهلالى باستقالته إلى الملك وكٌلف على ماهر باشا بالوزارة.
عادت الصحف صباح يوم 25 يوليو لإبراز المراسيم الملكية حيث اهتمت بإبراز مرسوم قبول التماس الهلالى باشا بإعفائه من منصبه كرئيس للوزراء كما أوردت الصحف رد الملك بقبول التماسه وتكليف على ماهر باشا، كما أبرزت مرسوم الملك بتكليف اللواء محمد نجيب قائدا عاما للقوات المسلحة وهو ما برز فى مرسوم وصورة تصدرت الصحف.
فى أول تصريحاته، قال ماهر باشا إنه تفاهم مع نجيب وستة من زملائه ولم يرد فى الصحف الإشارة إلى أسماء الضباط مما يؤكد حذر الصحافة من تناول أخبار الحركة والقائمين بها.
فى البداية، لم تدرك الصحافة طبيعة الحركة لذا عقب إعلان الحركة حذّر اللواء نجيب من تداول شائعات وأخبار غير صحيحة عن الحركة فى عدة أسطر فى حين حظى رأى بريطانيا والولايات المتحدة على اهتمام الصحف فقد أوضحت الدولتان أنهما تفضلان عدم إبداء رأيهما فى الحركة وهو ما يشير إلى اهتمام الصحف برأى القوى العظمى فى الوضع السياسى فى مصر مما يعنى عدم استقلالية القرار السياسى لمصر.
أبرزت الصحف توقيع الملك فاروق على مطالب الجيش فى إشارة إلى استجابة الملك لمطالب الحركة وصدور مرسوم ملكى بتشكيل الوزارة وتعيين محمد نجيب قائدًا عامًا للقوات المسلحة والذى أعقبه بيان تأييد من أعضاء هيئة التدريس بجامعة فؤاد الأول لحركة التطهير.
وفى أول حوار صحفى للواء محمد نجيب كقائد عام للقوات المسلحة، أكد أنه لم يكن من المخطط تغيير نظام الحكم من الملكية، كما أكد أن الحركة سوف تنتهى بعد تشكيل الوزارة الجديدة، كما قال فى حواره للأهرام «نريد تطبيق ما نصّ عليه الدستور ونريد بلدنا ملكية دستورية» إلا أن الحركة اكتسبت تأييدا شعبيا بعد تطور أهدافها التى منحتها صفة ثورة فأصبحت 23 يوليو.
الجمهورية .. المساء
ومن أبرز الخطوات التى اتخذتها الدولة بمجالى الصحافة والإعلام عقب ثورة 23 يوليو، تأسيس جريدة الجمهورية لتكون صوت الجمهورية الجديدة التى قامت بعد الثورة وترأس تحريرها وأشرف عليها محمد أنور السادات أحد الضباط الأحرار وقتذاك، وكانت أول جريدة يومية تصدرها الثورة المصرية، ومن أشهر إعلاناتها الجمهورية تلهب ظهر الاستعمار، الجمهورية جريدة الشعب، وقد صدر العدد الأول صباح يوم الإثنين 7 ديسمبر 1953م، وكان الأساس فى الجمهورية أن تكون صحيفة رأى أولا ثم صحيفة خبر ثانية، فقد كتب فى الجمهورية عدد كبير من الكتاب البارزين أمثال، طه حسين، محمد مندور، لويس عوض، خالد محمد خالد، كما كتب فيها رجال الثورة وأساتذة الجامعات، وقد صدرت الجمهورية وسط منافسة شديدة من صحف كبرى مثل الأهرام وأخبار اليوم والمصري.
وفى 16 سبتمبر 1956 تأسست صحيفة المساء وهى أول صحيفة مسائية وكانت تابعة لهيئة التحرير للطباعة النشر ولعبت دورا مهما فى تشكيل الرأى العام خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضى وعرفت بتغطيتها النقدية للقضايا السياسية والاجتماعية وقد ترأسها خالد محيى الدين عضو تنظيم الضباط الأحرار.
تأسيس التلفزيون
وفى مايو 1960 صدر قرار بتأميم الأهرام والأخبار والجمهورية، ومجلات روز اليوسف وصباح الخير والمصور والجيل والكواكب وحواء وآخر ساعة، لتكون ملكا للدولة، كما تم تأسيس مبنى الإذاعة والتلفزيون ( ماسبيرو) فى يوليو 1960، وهو أقدم التلفزيونات الحكومية فى الشرق الأوسط وإفريقيا، وتم تشييد المبنى فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بقرار منه ببدء البناء فى أغسطس عام 1959م تم الانتهاء منه فى 21 يوليو 1960م وذلك ليواكب الاحتفال بالعيد الثامن لثورة يوليو، وتم تخصيص ميزانية البناء حوالى 108 آلاف من الجنيهات على مساحة حوالى 12 ألف متر مربع.
ومن جهة أخرى، كانت الثورة نقطة انطلاق للإذاعة المصرية التى أصبحت المصدر الأول للخبر لجموع المصريين، إذ نجحت فى حشد الشعب للمشاركة فى الثورة بعد إذاعة بيانها من خلالها، كما أذاعت كلمة الرئيس عبد الناصر عن تأميم قناة السويس.