صالون الرأي
ماذا أصاب الشارع المصري؟
By amrفبراير 11, 2025, 19:30 م
340
مجدى الشاذلي
استرعى انتباهي باب “كنوز أكتوبر” فى عدد مجلتنا الغراء الأسبوع الماضى، إذ تناول موضوعا تحت عنوان “فوضى الشارع..نحن جميعا متهمون”، والعجيب أن الموضوع الذي أعادت “أكتوبر” نشره بالصفحة الأخيرة بعد مرور 46 عاما على نشره لأول مرة بالمجلة فى فبراير 1979، يكاد ينطبق حرفيا على أحوال الشارع المصري الآن فى فبراير 2025.
الموضوع كان عبارة عن متابعة لندوة عقدت فى معهد الخدمة الاجتماعية بالقاهرة، للإجابة عن سؤال مهم جدا يتعلق بـ “أسباب التسيب الذي أصاب الشارع المصري”.. متى حدث هذا؟ فى أواخر الثمانينيات.. تلك الفترة الجميلة التي نشتاق ليوم من أيامها الآن!
ولك أن تتخيل معي تلك الكلمات التي قالها الدكتور يحيى درويش عميد المعهد آنذاك، فى كلمته بالندوة، إذ قال حرفيا:”الشيء المؤسف حقا أن يصبح الإنسان فرديا فى تفكيره، وبالتالي فى تصرفاته وسلوكه، بمعنى أنني إذا كنت أسير بسيارتي فى الطريق وأتيحت لي فرصة للمرور بينما الإشارة حمراء فلابد أن أمر حتى أذهب (أنا) إلى عملي، أو إذا كان فى بيتي مخلفات وبقايا فلا مانع أن ألقي بها فى الشارع ليبقى بيتي (أنا) نظيفا، وإذا وقفت فى طابور فيجب أن أزاحم وأتسلل إلى دور غيري، الأهم مصلحتي الذاتية ولا تهمني مصلحة الآخرين”.
ومن بين المشاركين فى تلك الندوة، الدكتور الحسين الشريف وكيل وزارة الشئون الاجتماعية سابقا والمحاضر بالمعهد آنذاك، والذي قال:”لا يمكن فى دولة من الدول أن يصدر قانون أو قرار يمنع إقامة عرس فى منزل أو شارع به شخص متوف حديثا، كذلك لا تستطيع أن تصدر قانونا تلزم فيه الشباب أن يحترموا كبار السن، ولكنها أشياء يصل إليها المجتمع بحسه الأخلاقي، بحيث يشكل قانونا اجتماعيا ليس للتشريع دخل فيه”.
الأعجب من ذلك كان حديث الدكتور صالح الشبكشي أستاذ خدمة الفرد بالمعهد آنذاك، والذي قال:”إن الأزمات التي تعاني منها مصر، بعد الحروب المتوالية التي خاضتها، وبعد الظروف السيئة التي سادتها، تمثل عاملا جوهريا فى ظهور أزمة الأخلاق، فمثلا أزمات السكن والمواصلات والغلاء وتكدس الطلاب فى المدارس مما يعرقل العملية التربوية والتعليمية وأزمة التعليم الجامعي، لا نستطيع أن نفصلها أو نعزلها عن عوامل انهيار الأخلاق”.
والآن.. بعد قرابة نصف قرن من الزمن، هل اختلف الحال فى الشارع المصري؟
وانظر إلى حديث مارسيل كولر، المدير الفني لفريق الأهلي الأول لكرة القدم، مع صحيفة “كيكر” الألمانية، الذى نقلته بعض المواقع العربية قبل أيام، إذ قال كولر عن الشارع المصرى: “الناس يجلسون فى صندوق السيارة الخلفى دون أن يزعجهم ذلك، حتى الشرطة لا تعترض، ترى عائلات بأكملها على دراجة نارية خلف الأب، الأم وثلاثة أطفال بدون خوذات، ومع ذلك يبدو كل شيء طبيعيا، أما فى أوروبا، فكل شيء منظم بشكل صارم، أما هنا، فهناك مساحة أكبر للناس ليكونوا كما هم”.
وأضاف كولر: “أحيانا، أشعر بالانزعاج لأنني أعلم أن الأمور يمكن أن تكون أكثر تنظيما، لكن فى النهاية، المصريون عاشوا هنا آلاف السنين قبل أن آتي، (ضاحكا) لذلك لا يحتاجون إلى كولر ليعيدوا ترتيب كل شيء من الصفر”.
هذه هي شوارعنا دون رتوش أو تجميل، وأقصد هنا سلوك الناس فى الشارع، المرتبط دائما بحالة الأخلاق، فالمارة لا يتحملون راكب السيارة، وربما لا يتحملون بعضهم البعض، وقائد السيارة لا يريد المارة فى طريقه، أما الدراجات النارية وغيرها من المركبات العجيبة التى أصبحت تخترق الشوارع ليل نهار كالتوك توك والتروسيكل، فهذه بحاجة لاستفاضة أخرى!