https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تونس..حكاية استرداد وطن مختطَف منذ عشر سنوات

زيارة تاريخية وشراكة استراتيجية.. رسائل ودلالات

214

زيارة ناجحة بكل المقاييس، هكذا وصفتها وسائل الإعلام ودوائر صُنع القرار فى العديد من دول العالم، الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمصر الأسبوع الماضي.. والتي استمرت ثلاثة أيام وحظيت باهتمام عالمي كبير على المستوى السياسي والإعلامي لما شهدته من فعاليات ولقاءات وتوقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، وعقد قمة ثلاثية حول الأوضاع فى الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ ضمت الرئيسين المصري والفرنسي والملك عبد الله الثاني ملك الأردن، حملت تلك الزيارة مجموعة من الرسائل والدلالات.

وسائل الإعلام العالمية اعتبرت الزيارة بمثابة دَفعة قوية فى الاتجاه الصحيح لإيجاد حل بشأن القضية الفلسطينية، خاصة أن الرئيس الفرنسي فى أول حوار تليفزيوني له عقب عودته إلى بلاده أكد عزمه الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال مؤتمر يونيو المقبل.

كما اعتبرها الخبراء أنها جاءت بمثابة دعم غربي للرؤية المصرية حول حل الأزمة فى قطاع غزة.
الزيارة حملت مجموعة من الرسائل والدلالات..

الرسالة الأولى: تطابق الرؤى بين القاهرة وباريس حول المسار الذي من الممكن أن يحقق السلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، وهو ضرورة الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والانخراط فى مفاوضات بشأن الرهائن الإسرائيليين، والإفراج عن المعتقلين من السجناء الفلسطينيين فى سجون الاحتلال، والعمل على إدخال المساعدات الغذائية والطبية بشكل منتظم للفلسطينيين.

الرسالة الثانية: رفض أي مقترح من شأنه أن يعمل على تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم تحت أي مسمى، لأن مثل تلك المقترحات المسمومة ستؤدي إلى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار، كما أن كلاً من مصر والأردن ترفضان رفضًا قاطعًا مثل تلك المشروعات المدفوع بها من قِبل حكومة نتنياهو، لأنها تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما ترفضه كل من مصر والأردن وانضمت إليهما فرنسا عقب القمة الثلاثية التي جمعت بين السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والملك عبد الله الثاني، فقد جاء بيان القمة الثلاثية بالقاهرة يدعو إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، ووقف كل الإجراءات الأحادية التي تقوض إمكانية تحقيق حل الدولتين وتزيد التوترات.

رفضهم لتهجير الفلسطينيين من أرضهم وأي محاولة لضم الأراضي الفلسطينية.

وأكد القادة أن الحوكمة والحفاظ على النظام والأمن فى غزة، وكذلك فى جميع الأراضي الفلسطينية، يجب أن يكونا بشكل حصري تحت مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية الممكّنة، بدعم إقليمي ودولي قوي، وأعرب القادة أيضًا عن استعدادهم للمساعدة فى هذا الاتجاه بالتنسيق مع الشركاء.

الرسالة الثالثة: إدراك الولايات المتحدة الأمريكية خطورة الاستمرار فى مسار دعم الحكومة الإسرائيلية بشكلٍ مستفز، واستمرار قصف وقتل المدنيين من جانب جيش الاحتلال.

فقد جاءت المكالمة التي أجراها القادة الثلاثة (الرئيس عبد الفتاح السيسي، الرئيس إيمانويل ماكرون، الملك عبد الله الثاني) مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على هامش القمة الثلاثية، مستعرضة وجهة النظر المؤيدة للرؤية المصرية بشأن ضرورة الضغط لوقف إطلاق النار فى الأراضي الفلسطينية وضرورة الالتزام باتفاق 19 يناير الماضي، من أجل استئناف الوصول الكامل لتقديم المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين على الفور.

وشدد القادة الثلاثة للرئيس الأمريكي على أهمية تهيئة الظروف المناسبة لتحقيق أفق سياسي حقيقي وتعبئة الجهود الدولية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، واستعادة الأمن والسلام للجميع، وتنفيذ حل الدولتين.

الأمر الذي جعل الرئيس الأمريكي خلال لقائه برئيس الحكومة الإسرائيلية الذي التقاه فى البيت الأبيض فى ذلك الوقت، يلغي المؤتمر الصحفي، ويؤكد ضرورة الوصول إلى حل من أجل تحقيق السلام، وكذا يؤكد أن واشنطن سوف تبدأ فى المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني.

الرسالة الرابعة: ما يحدث فى قطاع غزة وما يعاني منه الأشقاء الفلسطينيون هي جريمة لابد من وقفها، وعلى المجتمع الدولي أن يدرك خطورة ما تفعله إسرائيل من تقويض السِّلم والأمن الدوليين، فهي تصنع مزيدًا من الكراهية ولا تبحث عن السلام والأمن والاستقرار.
فالشعب الفلسطيني لن يترك أرضه مهما حدث وهي الرسالة التي قالها الطفل الفلسطيني خلال زيارة الرئيس السيسي والرئيس ماكرون لمستشفى العريش، إنه لا يريد أي شيء سوى أن يعود لوطنه وأرضه فى قطاع غزة.

لقد أكد الرئيس ماكرون على ذلك فى حديث لإحدى القنوات الفرنسية، مشيرًا إلى أنه ليس من المعقول تهجير مواطنين من أجل مشروع سكني، كما أنه ليس من المقبول استمرار عدم وصول المساعدات إلى سكان قطاع غزة، إنها أكبر عملية عقاب جماعي.
الرسالة الخامسة: إن ما تقدمه مصر للقضية الفلسطينية يأتي من منطلق مسئوليتها التي تحرص على القيام بها، فقد بلغ حجم المساعدات الطبية فقط المقدمة من مصر للأشقاء الفلسطينيين 578 مليون دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى مليار دولار، لاسيما مع تحمل الدولة نفقات الإعاشة والاستضافة والإقامة، وأخذًا فى الاعتبار أن حجم المساعدات العينية التي تلقتها مصر من الدول لا يتجاوز ١٠٪ من إجمالي التكلفة التي تحملتها منذ بدء الأزمة.

فبالرغم من الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها العالم وتأثرت بها مصر، إلا أنها تواصل دورها فى دعم الأشقاء الفلسطينيين.
الرسالة السادسة: التأكيد على أن المساس بالمقدسات من الممكن أن يشعل نارًا فى المنطقة لا يعلم مداها إلا الله ولا يمكن لأحد أن يتوقع نتائجها، الأمر الذي يستوجب على إسرائيل إدراك خطورة القيام بأي تصرفات استفزازية خاصة من جانب مسئولين فى الحكومة الإسرائيلية.

كما حملت الزيارة مجموعة دلالات منها:

أولاً: جاء ترفيع مستوى العلاقات بين مصر وفرنسا إلى المستوى الاستراتيجي دليل على تطابق واتفاق الرؤى بين البلدين فى العديد من القضايا والمجالات.

فهو يعد نتاج علاقات قوية على مدى عدة عقود تطورت لتصبح علاقات راسخة فى العديد من القطاعات، كما كان التعاون سمة رئيسية لها، الأمر الذي دفع بها لتصل إلى مرحلة من أهم وأعظم مراحل العلاقات بين الدول الصديقة وهو العلاقة الاستراتيجية.
إن العلاقات المصرية الفرنسية شهدت تطورًا كبيرًا خلال العقد الأخير، لما تحظى به القيادة المصرية من تقدير واحترام متبادل وثقة لدى القيادة الفرنسية مما أثر بشكل إيجابي على العلاقات بين البلدين.

كان المنتدى الاقتصادي المصري الفرنسي الذي شهد الرئيسان جلسته الختامية دلالة على التطور الكبير فى حجم التعاون بين البلدين على المستوى الاقتصادي.

ثانيًا: الثقة المتبادلة بين البلدين وهو ما بدا واضحًا من عدد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، حيث بلغ عدد الاتفاقيات الموقعة بين مصر وفرنسا ومصر والاتحاد الأوروبي خلال تلك الزيارة 16 اتفاقية فى عدد من القطاعات شملت البنية التحتية والطاقة النظيفة والصحة والنقل والكهرباء.
كما تم توقيع 42 بروتوكول تعاون بين الجامعات المصرية والفرنسية خلال ملتقى الجامعات المصرية الفرنسية الذي عقد على هامش الزيارة.
حيث سيتم التعاون بين 13 جامعة مصرية و22 جامعة فرنسية لتقديم 70 برنامجًا لتلبية احتياجات وظائف المستقبل، ومنها 30 برنامجًا لمنح درجات علمية مزدوجة؛ بهدف تعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي وخدمة المجتمع بين الجامعات الفرنسية والمصرية، ودعم التعاون فى مجال التدريب والأنشطة الأكاديمية من خلال تطوير برامج ومناهج دراسية مشتركة.

ثالثًا: مصر تنعم بالأمن والأمان والاستقرار رغم أنها تتواجد فى منطقة مضطربة وهو ما لم تشهده أي دولة فى العالم، حيث تعاني من عدم استقرار على كل المحاور الاستراتيجية، ورغم ذلك استطاعت أن تحقق المعادلة الصعبة فى هذه المنطقة المضطربة بأن يتحقق الأمن فى كل ربوعها وأن ينعم به كل مواطنيها.

الجولة التي قام بها الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي ماكرون بحي الحسين وخان الخليلي وسط احتفاء شعبي ضخم، وتناولهما العشاء فى مطعم نجيب محفوظ فى منطقة خان الخليلي بالقاهرة القديمة، كان له دلالة كبيرة على ما تتمتع به مصر من أمن واستقرار وروح لا تعرف سوى البناء والتنمية.

وتاريخ وإرث حضاري ضخم بنى على التعايش والسلام ففي تلك المنطقة التي جمعت أبناء الديانات الثلاثة عاش فيها الجميع فى مودة واستقرار فلم تعرف يومًا الكراهية.
إنها أكبر رسالة ذات دلالة حملتها تلك الجولة فى قلب القاهرة المزدحم بالسكان.
كما كانت الجولة التي قام بها الرئيسان عبد الفتاح السيسي وإيمانويل ماكرون بمحطة عدلي منصور التبادلية، وقيامهما بجولة فى مترو الأنفاق، والذي يعد شاهدًا على قوة ومتانة علاقات التعاون بين البلدين.
رابعًا: مصر دولة عظيمة ضاربة بعمق فى التاريخ فهي تمتلك إرثًا حضاريًا ضخمًا أنار العالم وساهم فى بناء ثقافته، وهو ما ذكره الرئيس الفرنسي عندما زار المتحف المصري وجامعة القاهرة، مؤكدًا أن مصر دولة فريدة تتمتع بتاريخ ممتد عبر الزمن وتنعم بالشباب الذي يبلغ نصف سكانها.
جاءت كلمة الرئيس الفرنسي بجامعة القاهرة لتؤكد قوة العلاقات الثقافية والتبادل العلمي بين البلدين.
خامسًا: زيارة الرئيسين لمدينة العريش والقيام بجولة تفقدية لمنطقة المخازن اللوجستية للهلال الأحمر المصري وزيارة مستشفى العريش، حملت دلالة على أن مصر استطاعت خلال السنوات الماضية أن تنتصر على الإرهاب وتحقق الاستقرار والأمن فى سيناء بل فى أكثر منطقة كانت تعاني من حالة عدم استقرار، لتهبط طائرة الرئيس الفرنسي والرئيس السيسي فى مطار العريش الدولي، ويقوم الرئيسان بجولة فى مطار العريش بعد أن كانت عملية هبوط إحدى الطائرات بهذا المطار أمرًا صعبًا خلال الفترة من 2012 وحتى 2018 ففي ديسمبر 2017 تم استهداف طائرة وزير الدفاع والداخلية لدى هبوطها بمطار العريش، واليوم بعد أن تم تطهير سيناء من دنس الإرهاب بات مطار العريش الدولي وجهة لحركة الطيران المدني.

لقد انتصرت الدولة المصرية فى معركة من أخطر المعارك وبذل أبناؤها من القوات المسلحة والشرطة والمدنيين من أجل تحقيق ذلك أرواحهم.
سادسًا: جاءت زيارة الرئيسين المصري والفرنسي للمصابين من أبناء الشعب الفلسطيني بمستشفى العريش واستماع الرئيس الفرنسي لحجم المعاناة التي يعانيها الفلسطينيون فى قطاع غزة من الأطفال والنساء والشباب والشيوخ من المدنيين، بمثابة بيان كاشف لحجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها أبناء القطاع، وهي رسالة مهمة كان لها الأثر الكبير فى توضيح الصورة أمام الغرب والعالم، خاصة من تعمل إسرائيل جاهدة على تزييف الصورة أمامهم بزعم أنها تدافع عن نفسها.

لقد تحدث ماكرون عقب الزيارة مطالبًا بالوقف الفوري لإطلاق النار وانتظام وصول المساعدات، مُدينًا ما تقوم به إسرائيل لمنع وصول المساعدات قائلاً: “إن تلك المساعدات الموجودة خلفي نظرًا لأنها مغلفة بالمعدن رفضت إسرائيل دخولها وتكاد تفسد إذا لم تصل إلى الفلسطينيين خلال الأيام القادمة” إنه تأكيد على التعنت الإسرائيلي فى منع دخول المساعدات للشعب الفلسطيني.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شكرًا
دائمًا هناك رجال يعملون فى صمت من أجل الحفاظ على أمن واستقرار هذا الوطن، نرى آثارهم، ونلمس نتائج ما يقومون بإنجازه من مهام، وهو ما يستوجب منا جميعًا أن نقدم لهم الشكر.

لقد أثبت رجال الأمن باحترافيتهم فى تأمين جولة الرئيس السيسي وضيف مصر الرئيس إيمانويل ماكرون لمنطقة الحسين وخان الخليلي المكتظة بالسكان، والمعروف أن المناطق المزدحمة تكون أكثر صعوبة فى التأمين.

لقد قدموا صورة احترافية فى الحفاظ على الأمن شهدت لهم بها وسائل الإعلام العالمية.

وكذا باقي نقاط الجولة على مدى عدة أيام (جامعة القاهرة والمتحف الكبير ومحطة عدلي منصور وانتهاءً بزيارة مدينة العريش).

فـ شكرًا لكل الأبطال من هؤلاء الرجال على ما قدموه ومازالوا يقدمونه من أجل أن تظل مصر واحة الأمن والأمان.