https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

البنك القومي للجينات.. ثروة مصر الزراعية

391

ياسمين وهمان

يعتبر البنك القومي للجينات من أهم المصادر لموارد مصر الزراعية من جميع أنواع النباتات والحيوانات والمرجع الأصلي، التي يتم جمع كل مل يخص ثروات مصر الزراعية، وذلك بسبب التخوفات الموجودة في العالم من فقدان التنوع بسبب التغيرات المناخية والنشاط البشري الجائر، ويعتبر البنك هو أحد الأعمدة الأساسية في منظومة الأمن الغذائي والبيئي.

بنك شامل

فى بداية الحديث، قالت د. نيفين عبد الفتاح، رئيس البنك القومى للجينات إن البنك القومى المصرى يعتبر الأقدم والأشمل على مستوى الشرق الأوسط، حيث يضم كل العناصر سواء النباتية والحيوانية على عكس البنوك الأخرى الموجودة فى بعض دول الشرق الأوسط، التى أنشأت لتكون خاصة بالبذور فقط وإنما نحن نضم البذور والشتلات والسلالات الحيوانية ولدينا معامل التوصيف والتقييم والحفظ بجميع مستوياته سواء حفظ الأجزاء الخضرية أو الحفظ من خلال الصوب.

وتابعت أن مصر لديها تنوع بيولوجى كبير وليس مجرد أنواع وأصناف نادرة ومتميزة بالإضافة إلى أن الأنواع، التى لدينا لها قدرات خاصة فى التأقلم على التغيرات المناخية والاجهادات الحرارية، خاصة أن البنك يقوم بالتعاون مع الدول الإفريقية ويقوم بتوريد بعض الأصناف التى تستطيع التعايش مع الظروف الإفريقية بناء على ملاحظتنا لتلك الأنواع ومعرفة سلوكها خاصة المحاصيل الحقلية.

وأشارت إلى أن البنك قام بعقد بروتوكولات وإرسال بعثات لجمع النباتات المصرية من بعض دول العالم مثل الفراولة البلدى التى تم زراعتها فى أمريكا بالإضافة إلى الملوخية، التى قامت اليابان بالاستفادة منها بشكل كبير زراعيا وتجاريا ولو تم هذا الأمر أثناء معاهدة المواد النباتية والأغذية الوراثية لكان لنا حق الانتفاع من استغلال تلك الدول للأصول النباتية الخاصة بنا ويطلق عليه “تكاثر منافع”؛ لأن تلك الدول تستفاد من أصولنا الوراثية تجاريا وليس لإغراض البحث العلمى فقط.

وأكدت أننا حاولنا خلال الفترة الماضية استرداد بعض الأصول الوراثية من الدول المجاورة من خلال إرسال طلب إلى المنظمات الدولية مثل الاكساد والريكاردا لإرسال الأصول النباتية المسجلة باسم مصر وبعد الموافقة على الطلب يتم ارسال عينات على شكل 15 بذرة وأهم تلك المحاصيل القمح والشعير بعدها نتولى نحن اكثارها.

وعن طريقة العمل داخل المعمل قالت لدينا ثلاث غرف رئيسية وبمجرد دخول البذور إلى البنك القومى يتم التأكد من مدى صلاحيتها وخلوها من الأمراض وبعدها يتم التأكد من حيويتها وإذا تم إثبات أن حيويتها جيدة يتم استمرار العمل وتدخل إلى باقى المعامل لعمل توصيف وتقييم لها.

وقالت إن البنك لديه الموقع الإلكترونى الخاص به ويتم رفع البيانات العلمية بصورة دورية بالإضافة إلى إمكانية تسجيل طلبات الاستفادة من الأصول الوراثية الخاصة بنا من خلال الموقع ويتم الرد عليه بالقبول أو الرفض ولكن لابد من صاحب الطلب أن يقوم بالإمضاء على اتفاقية النقل الموحد والتى تؤكد أنه سيستخدم تلك المواد فى البحث العلمى فقط ويتم الاستفادة من تلك المعلومات مجانا بدون أى مقابل ولكن فى حالة استخدام المواد تجاريا يكون لنا حق الانتفاع والاستفادة ماديا.

وأشارت إلى أن من أقدم النباتات المصرية القديمة والتى اثبتنا أصلها لدينا هو الرمان والقمح والعنب والدليل على ذلك أن لهم رسومات على المعابد المصرية القديمة، لافتة إلى أنه كان لدينا مشروع لجمع أصول القمح من جميع محافظات الجمهورية بالإضافة إلى البرسيم وبالعودة إلى الرمان فانه معروف دوليا أن أفضل أنواع الرمان هو الرمان المنفلوطى والذى يطلب بالاسم من جميع دول العالم خاصة بعدما تم إثبات أن قيمته الطبية والغذائية أفضل من الأنواع الأوروبية بمراحل.

وأشارت إلى أننا نعمل على جمع كل ما هو قديم من النباتات أما النباتات الحديثة نسبيا فلابد أن نتأكد من أقلمتها فى البداية مع الظروف المصرية لمدة لا تقل عن عشر سنوات أما المواد المهندسة وراثيا والهجن فممنوع منعا باتا دخولها وحفظها فى البنك القومى للجينات.

وأكدت أن كل السلالات المستنبطة حديثا أمر لا يخص البنك القومى للجينات ولا يتم حفظها لأنها تتعرض للكثير من التجارب والتعديلات وبعض الأنواع يتم إثبات أنها لا تصلح للاستخدام بعد عدة سنوات، مشيرة إلى أن البنك لا يهتم بالإنتاجية وإنما يهتم بالصورة الاصلية التى يتواجد عليها النبات والمواصفات التى يتميز بها سواء تحمل للحرارة أو البرودة أو مقاوم للأمراض.

واستطردت أن هذا الأمر تم إثباته مع محصول القمح، حيث وجدنا أن الأنواع الموجود فى صعيد مصر لا تتمتع بإنتاجية جيدة وإنما تتحمل درجات حرارة مرتفعة فى هذه الحالة يتم الإشارة إلى معهد البحوث الحقلية بوجود نوع له صفة معينة يتم العمل عليها وتطويرها وإنتاج أصناف مقاومة للحرارة وذات إنتاج جيد.

وناشدت المربين بأن يقوموا بالاستفادة من المواد العلمية المتاحة لدى البنك القومى بحيث يكون لدينا أصناف تجمع كل الصفات التى نريدها، مؤكدة أن الأمر متاح للاستفادة منه ليس لمعاهد مركز البحوث الزراعية فقط وإنما متاح للمربين على جميع المستويات، لافتة إلى أن الوعى العام بهذا الأمر مازال محدودا وليس كثير من المجتمع الزراعى يعلم بعمل البنك وأهدافه.

وأضافت أن البنك لديه 45 ألف نوع تم حفظه وتم الانتهاء من 22 ألف نوع تم تسجيلهما وحفظ بياناتهما وعمل التقييم والتوصيف الخاص بهما، لافتة إلى أن الهدف الأساسى للبنك هو استمرارية الاستخدام من خلال دخول تلك المواد فى برامج التربية.

حماية الإرث الجيني

من جانبه، أشار د / حسام عبد المقصود الباحث الأول بالبنك القومى للجينات ورئيس قسم الموارد الوراثية للمحاصيل البستانية إلى أن البنك القومى للجينات تم إنشاؤه فى عام 2004 للحفاظ على التنوع البيولوجى الموجود فى مصر والذى يتأثر بصورة كبيرة بسبب التغيرات المناخية والنشاط البشرى الجائر ومن هنا يأتى دور البنك القومى للجينات.

وأشار إلى أن إنشاء البنك القومى للجينات جاء لحفظ وتوثيق الموارد الوراثية – المحلية – النباتية والحيوانية وحتى الميكروبية ضمن بيئة علمية دقيقة ونهدف إلى حماية الإرث الجينى المحلى من الانقراض أو الاندثار، لافتا إلى أن دور البنك لا يقتصر على الحفظ فقط وإنما يمتد لتوفير هذه الموارد للباحثين والمربين لدعم برامج التحسين الوراثى والتكيف مع التغيرات المناخية.

وتابع أن البنك نجح فى توثيق آلاف العينات الوراثية من المحاصيل المحلية؛ مثل القمح والشعير والبقوليات والنباتات الطبية إضافة إلى عدد من السلالات الحيوانية المهددة بالفقد والضياع، كما قام البنك بمشاركة شبكات إقليمية ودولية لتبادل المعرفة بالموارد الوراثية وأسهم فى وضع استراتيجيات لضمان حماية الموارد الحيوية.

ولفت إلى أن البنك يواجه عددا من التحديات أهمها الحاجة لتحديث التجهيزات والتقنيات المستخدمة بالإضافة إلى صعوبة الوصول لبعض المناطق النائية لجمع العينات هذا مع محدودية التمويل والدعم اللوجستي، لافتا إلى أن البنك يلعب دورا جوهريا فى صيانة ذاكرة الوطن الوراثية وتوفير قاعدة صلبة لمستقبل زراعى مرن قادر على مواجهة التحديات.

وأشار إلى أن البنك يسجل كل المعلومات التى يتم التوصل إليها والعمل مقسم إلى قسمين؛ قسم الموارد النباتية والموارد الحيوانية وبالفعل تم الانتهاء من الجزء الخاص بتسجيل الموارد النباتية وخلال الفترة القادمة سيتم تفعيل الجزء الخاص بالموارد الحيوانية، حيث يتم تسجيل كود خاص لكل عينة وعمل التوصيف والتقييم الكامل لها.

وأكد أن الحرص على التوثيق يرجع إلى رغبتنا فى الحفاظ على السلالات الخاصة بنا دون أن تستفيد منها أى جهة أخرى دون وجه حق، مشيرا إلى أن هناك اهتماما على مستوى الدولة، حيث أصدر وزير الزراعة علاء فاروق قرارا بإنشاء لجنة لتسجيل السلالات وتوصيفها أى وضع شهادة ميلاد لكل نوع من السلالات الموجودة لدينا وبالفعل بدأنا فى تسجيل الجاموس المصرى وبعض سلالات السمك البلطي.
ونبه إلى أنه على الرغم من استيراد سلالات من الخارج، خاصة الجاموس إلا أن السلالة المصرية الأفضل من حيث التأقلم وعدم حاجاتها إلى أدوية وتحصينات دائمة والأمر ينطبق على النباتات أيضا ، خاصة أن السلالات المستوردة من الممكن أن تعطى نتائج جيدة فى سنواتها الأولى بعد ذلك تنحدر تلك النتائج نتيجة عدم التأقلم.

أشار إلى أن هذا الأمر حدث فى أمريكا عندما اعتمدت على السلالات المحسنة والهجن فى الأبقار والجاموس وأهملت السلالات المحلية وبعد فترة قليلة ظهرت فطريات بدأت تهاجم تلك السلالات على الرغم من أنها لا تهاجم الأصناف المحلية وتلك الفطريات قضت على أعداد مرتفعة مما دفع المسئولين الى العودة للسلالات المحلية مرة أخرى وعدم الاعتماد على نوع واحد فقط وإنما لابد أن يكون لدينا تنوع لإحداث توازن بيئي.

وأشار إلى أنه لدينا 1750 بنك جينات على مستوى العالم أما على مستوى الشرق الاوسط فلدينا بنوك جينات فى مصر والمغرب وتونس والجزائر هذا بالإضافة إلى السعودية والامارات ولكن تلك البنوك ليس لديها التنوع البيولوجي، الذى نتمتع به ، مشيرا الى أن البنك فى مصر ليس لحفظ البذور فقط وانما يضم الأصول من النباتات والحيوانات.

وقال إننا نأمل أن يكون لدينا بنك جينات متطور قادر على مواكبة التطورات الموجودة حاليا، مشيرا الى أن كولومبيا انشئت بنكا للجينات فى عام 2022 بتكلفة 23 مليون دولار وذلك لأنهم يؤمنون بأهمية الدور الذى تلعبه تلك البنوك اقتصاديا وعلميا.