https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تونس..حكاية استرداد وطن مختطَف منذ عشر سنوات

حين تتكامل القوة.. الدول لا تدار بالصدفة

38

يظل ملف الأمن القومي أحد الملفات المهمة التي تحتل مركز الصدارة لدى الدولة الوطنية، لثوابته التي تستهدف الحفاظ على الوطن.

ويتقاطع ملف الأمن القومي مع العديد من الملفات الأخرى ويتشابك معها؛ لأن الحفاظ على الدول ليس مجرد عبارة فى كلمة يلقيها مسؤول أو جملة فى قسم؛ يقسم به مقاتل أو مسؤول فى موقع مهم؛ لكنها عقيدة راسخة وإيمان لا يتزعزع بحماية الوطن والحفاظ على مقدراته.

فالدول ليست حدودا فقط؛ فهي أرض، وشعب، ومقدرات، وتاريخ، وهوية، وتأثير فى المحيط الإقليمي والدولي وثوابت راسخة تعبر عن الدولة.

فمصر منذ فجر التاريخ، وهي تمتلك إرثًا حضاريا، وثوابت واضحة، لا تتبدل رغم التحديات، مرتكزة على الحفاظ على الدولة الوطنية، ووحدتها فى مواجهة أي محاولة للمساس بها، مع قدرة على تحويل التحديات إلى فرص والمحن إلى منح، لتقدم للعالم دائما نموذجا على قدرتها وقوتها؛ مستمدة ذلك من قوة وصلابة شعبها وتماسكه وإيمانه بوطنه.

نجحت مصر خلال الفترة الماضية فى مواجهة العديد من التحديات التي دائما ما تواجه الدول ذات الاقتصاديات الناشئة.

فرغم التقلبات والأزمات الدولية والإقليمية، والأزمات العالمية غير المتوقعة مثل جائحة كورونا، أو الأزمة الروسية الأوكرانية وعدم قدرة العالم على إيقافها؛ أو الاضطرابات التي ضربت استقرار المنطقة لعقد ونصف تقريبا، إلا أن الدولة المصرية استطاعت أن تنجو من آثار تلك الأزمات رغم ارتفاع تكلفة هذه المواجهة.

(1)

الخميس الماضي كتب رئيس مجلس الوزراء د.مصطفى مدبولي مقالا بعنوان “الدّيْن بين لحظة الذروة ومسار التصحيح: كيف تقرأ الدولة عبء اليوم؟”

المقال جاء بمثابة رسالة طمأنة للمواطن فى مواجهة معركة تعد من أشرس معارك التاريخ فهي تستهدف تغييب العقول، وتزيف الوعي.

 المقال الذي جاء فى 1330 كلمة استعرض تفاصيل أحد أهم الملفات التي باتت تشغل الرأي العام، وتستغلها أدوات قوى الشر فى تغليب الوعي.

ليكشف رئيس مجلس الوزراء تفاصيل المسار والرؤية لدى الحكومة المصرية فى مواجهة ملف سيئ السمعة (الديون)، فى العقل الجمعي للمصريين.

خاصة مع تصاعد وتيرة الاستهداف من قبل أدوات قوى الشر للدولة المصرية عبر تصدير الشائعات وتشويه المشهد وتغذية عدم الثقة فى الحكومة والنظام لصناعة صورة ما يعرف بالدولة الفاشلة.

 وهو أحد أخطر أساليب معارك تدمير الدول من الداخل؛ لذا يعتبر سلاح الوعي والشفافية وكشف الحقائق أقوى سلاح فى مواجهة تلك العمليات.

فوعى وإدراك الشعوب لتفاصيل ما يجرى من حولها، وتعريفها بمسارات العمل لدى الحكومة فى الملفات المختلفة من أقوى أساليب المواجهة لقدرته على تحصين الوعي والحيلولة دون سقوط المجتمعات فى فخ الشائعات والأكاذيب سابقة التجهيز.

من هنا جاء مقال رئيس الوزراء كاشفا لتفاصيل كثيرة فى رؤية الحكومة المصرية لملف الدين ومسار التصحيح خلال الفترة الحالية والمرحلة المقبلة.

ليكشف قدرة الدولة المصرية على الوفاء بالتزاماتها، كما يوضح تفاصيل النهج الجديد فى إدارة الدين، خاصة وأن الحقيقة التي لا تتحدث عنها أدوات إعلام قوى الشر دائما أن كافة دول العالم مدينة، والأزمة هنا ليست فى رقم الدين.

لكن الأزمة الحقيقية فى قدرتها على إدارة هذا الدين، وهو ما نجحت الدولة المصرية فى إدارته وخلال العاميين الأخيرين انتهجت منهجية جديدة، فى إدارة الدين منها العمل على مسار مبادلة الديون وهو أحد المسارات العالمية فى التعامل مع الديون قصيرة الأجل لتحويلها إلى استثمارات توفر فرص عمل وتخلق نموا اقتصاديا وتخفف من حدة الضغط على الموارد، فقد كانت مصر إحدى سبع دول فقط نفّذت اتفاقات مبادلة الديون، والتي أسهمت فى خفض الالتزامات الخارجية عليها.

لقد نجحت مصر خلال الفترة الماضية أن تدير الدين بشكل جيد جعلها تنجح فى تحقيق وفورات، فقد حققت فائض فى الموازنة العامة بلغ 629 مليار جنيه خلال عام 2024/2025 بزيادة قدرها 80% عن العام المالي السابق.

فوجهت تلك الوفورات إلى مشروعات تنموية وقطاعات اجتماعية وبيئية.

الأمر الذي يوضح أن رقم الدين ليس هو الأزمة الحقيقية، لكن عدم القدرة على إدرة الدين هو الأزمة، وهو ما كشفه رئيس الوزراء من أن الحكومة تدير الدين بشكل احترافى يجعله غير ضاغط على الموازنة بل ويحقق تدفقات استثمارية تخفف عبء السداد وتدعم النمو.

إن محاولات البعض قراءة مشهد الدين وحصرها فى الأرقام فقط دون المسارات هي قراءة غير منضبطة، بل تعكس صورة غير واقعية.

إن تكلفة مسار الإصلاح الاقتصادي رغم صعوبتها وحدة تأثيرها على المواطن إلا أنها مع وصولها إلى أقصى درجة سوف تبدأ فى الانحسار، وتبدأ الآثار الإيجابية لذلك المسار فى الظهور ليشعر بها المواطن ويجنى ثمار ما تحمله من أعباء.

إن محاولة تصدير المشهد السلبي، هي أحد أدوات تشويه المشهد، وهو ما يستوجب من الجميع الانتباه لذلك.

(2)

لم يلتفت كثير منا الأربعاء قبل الماضي لخبر وصول القمر الصناعي المصري SPNEX ودخوله مداره المخصص له، وانشغلنا بالتريند عبر الفضاء الأزرق يقاذفنا بين شواطئه دون أن ندرك أو نتوقف عند هذا الحدث الأهم الذي مر سريعا.

هنا لا بد أن نتوقف ليدرك كلٌّ منا حجم هذا الإنجاز المتحقق، فلأول مرة يتم إطلاق قمر صناعي تم تصنيعه بالكامل محليا داخل مدينة الفضاء المصرية والتي تم تأسيسها قبل 7 سنوات فقط.

القمر الصناعي المصري الجديد والذي أطلق من قاعدة رونج فنج الفضائية، شمال غرب الصين، يعد مختبراً علمياً يدور فى الفضاء، تم تطويره فى إطار التعاون بين وكالة الفضاء المصرية وأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وهو متخصص فى قياس خصائص البلازما فى طبقات الأيونوسفير، بما يسهم فى دعم الدراسات العلمية المتعلقة بتأثيرات العواصف الشمسية والمغناطيسية، وبناء نماذج دقيقة لخصائص الأيونوسفير، ودعم أبحاث المناخ.

يعد القمر مختبراً علمياً مصريا يدور فى الفضاء، ليعلن دخول مصر رسميا تكنولوجيا الفضاء.

لقد تم تصميم القمر بالكامل داخل مختبرات الوكالة، مع تنفيذ جميع عمليات التجميع والتكامل والاختبار داخل مركز AIT التابع للوكالة بالمدينة الفضائية المصرية، التي استقبلت عبر محطة التحكم والاستقبال الأرضية، المصممة والمنفذة بواسطة كوادر الوكالة، الإشارات التليمترية للقمر، والتي أكَّدت استقراره فى المدار، وارتفاع كفاءة تشغيل أنظمته، ووصول نسبة شحن البطاريات إلى نحو 90% بعد التوجيه إلى الشمس.

الإنجاز الذي تحقق الأسبوع قبل الماضي ولم يتوقف الكثير منا عنده، هو نقلة نوعية تستوجب منا جميعا أن نوجه التحية والتقدير لهؤلاء العلماء من أبناء مصر الذين يعملون فى صمت بعيدا عن ضجيج الفضاء الأزرق الافتراضي غير المنتج، ليحققوا نجاحا علميا كبيرا يرفع اسم مصر عاليا فى الفضاء الحقيقي.

إن متابعة التغيرات المناخية يساهم بشكل كبير فى مسارات التنمية خاصة فى قطاعات الزراعة والبيئة، كما أن امتلاك مصر لتلك البيانات يعد إنجازا كبيرا على المستوى العلمي، أما الإنجاز الأكبر فهو دخول مصر عصر صناعة تكنولوجيا الفضاء.

(3)

تطورات المشهد فى السودان وما تحمله من تفاصيل فى ظل استمرار المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وما يعرف بقوات الدعم السريع، يعكس حجم المحاولات الخارجية التي تستهدف عدم استقرار المنطقة.

الأمر الذي جعل الدولة المصرية منطلقة من ثوابتها الراسخة المرتكزة على ضرورة الحفاظ على الدول الوطنية، وعدم المساس بسيادتها أو التدخل فى شئونها الداخلية، تحدد مجموعة من الخطوط الحمراء.

ففي الوقت الذي تدعم فيه ضرورة أن يتم التوصل إلى حل، ووقف العلميات العسكرية؛ فقد أعلنت مصر وبقوة خلال لقاء السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بالفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي الانتقالي السوداني، بأن هناك خطوطاً حمراء لا يمكن السماح بتجاوزها أو التهاون بشأنها باعتبار أن ذلك يمس مباشرة الأمن القومي المصري، الذي يرتبط ارتباطًا مباشرا بالأمن القومي السوداني.

إن الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه وعدم العبث بمقدراته ومقدرات الشعب السوداني هي أحد أهم هذه الخطوط الحمراء المصرية، بما فى ذلك عدم السماح بانفصال أي جزء من أراضي السودان. وتجدد مصر فى ذات السياق رفضها القاطع لإنشاء أية كيانات موازية أو الاعتراف بها باعتبار أن ذلك يمس وحدة السودان وسلامة أراضيه.

كما أن الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية ومنع المساس بهذه المؤسسات هو خط أحمر آخر لمصر، وتؤكد مصر على حقها الكامل فى اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة التي يكفلها القانون الدولي واتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين الشقيقين لضمان عدم المساس بهذه الخطوط الحمراء أو تجاوزها.

كما جددت مصر التأكيد على حرصها الكامل على استمرار العمل فى إطار الرباعية الدولية بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية، تقود إلى وقف لإطلاق النار، يتضمن إنشاء ملاذات وممرات إنسانية آمنة لتوفير الأمن والحماية للمدنيين السودانيين، وذلك بالتنسيق الكامل مع مؤسسات الدولة السودانية.

وتؤكد على دعمها الكامل لرؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخاصة بتحقيق الأمن والاستقرار والسلام فى السودان.

إن ثوابت الدولة المصرية الواضحة ورؤيتها لمسار التعامل مع المشكلات يجعلها دائما محل تقدير وتأييد من المجتمع الدولي والقوى العالمية والإقليمية.