صالون الرأي
نقاب الست المديرة !
By amrديسمبر 15, 2019, 17:53 م
2410
فجأة وبدون سابق إنذار.. انشغل الرأى العام واشتغل بقضية السيدة منى القماح.. وقد قيل أن السيدة منى وهى فنانة تشكيلية.. فازت فى مسابقة تابعة لوزارة الثقافة لاختيارها مديرًا لقصر ثقافة كفر الدوار.. وقيل أيضًا إنها تسلمت بالفعل عملها كمديرة لكن القرار تم إلغاؤه بعد يوم واحد من تسلمها منصبها الجديد لأنها منتقبة.
وعلى الرغم من أن المسئول عن قصور الثقافة أكد أن السيدة منى القماح اختيرت بصفة مؤقتة لتسيير العمل فى هذا المنصب.. وهو ما يعنى أن أى شكوى لها ليس لها أى محل من الإعراب، لأن وجودها فى المنصب مؤقت ولا يرتب لها أى حقوق.. على الرغم من ذلك كله فقد أثارت القضية جدلًا ولغطًا.. ليس من باب الوضع القانونى، وإنما من باب قضية النقاب.. هل هناك ما يمنع من أن تتولى المنقبة المناصب القيادية؟.. وهل يمثل منع النقاب اعتداء على الحريات.. وغيرها من التساؤلات التى أعادت قضية النقاب إلى الأضواء مرة أخرى.. كأنه لا ينقص مصر من المتاعب إلا هذه القضية!
والحقيقة أننى كنت أفضل أن نبتعد – على الأقل فى الظروف الدقيقة التى تمر بها البلاد – عن مناقشة هذه القضية.. لكن لأن معظم النار يأتى من مستصغر الشرر.. أجدنى مضطرًا لعدم تجاهل هذه القضية.
وليس معنى ذلك أننى سأناقش القضية من منظور الحلال والحرام.. إطلاقًا.. فأنا أولًا غير مؤهل لمناقشة مثل هذه القضايا.. وثانيًا لأن هناك بالفعل علماء وفقهاء يمكن الوثوق بهم والاعتماد عليهم.
وعلى قدر علمى فإن العلماء والفقهاء انقسموا حول هذه القضية.. وعلى قدر علمى أيضًا فإن الغالبية العظمى من العلماء والفقهاء ترى أنه لا يوجد على الإطلاق ذكر للنقاب فى القرآن، كما أن النبى y أوضح من خلال حديثه الشريف أن المرأة إذا بلغت المحيض فلا يجوز أن يظهر منها إلا وجهها وكفيها.. لكن فى المقابل هناك علماء وفقهاء يرون أن النقاب فرض على النساء.. فى جميع الأوقات.
فى كل الأقوال ليس فى نيتى مناقشة قضية النقاب من باب الحلال والحرام، لكن ذلك لا يمنع من أننى أحمل تساؤلات كثيرة لا أجد لها إجابات.. وأظن أن الوقت حان للإجابة عنها حرصًا على السلام الاجتماعى!
وأبدأ هذه التساؤلات بفرضية أن النقاب فرض وفضيلة.. فماذا يحدث إذا قررت كل النساء ارتداء النقاب؟.. وماذا يحدث إذا قرر الرجال – من باب المساواة – ارتداء النقاب.. كيف سيكون شكل المجتمع فى هذه الحالة.. كيف سيتعرف الرجال والنساء فى هذه الحالة.. ومن الذى يضمن ألا يكون هذا الحفل التنكرى الجماعى سببًا فى تفاقم الإرهاب؟!
وحتى لو انتهى الإرهاب.. فكيف لاندرك أن اختفاء أفراد المجتمع واختباءهم وراء النقاب يساهم فى تسهيل الجرائم الجنائية والأخلاقية؟
سؤال آخر.. المفترض أن السيدة المنتقبة تنتمى لجماعة السلفيين.. وهى جماعة تحرم الفن.. الموسيقى حرام وآلات الموسيقى هى مزامير الشيطان.. والرسم والتصوير حرام.. أما النحت فهو الكفر والعياذ بالله.. والسؤال: إذا كان الفن بفروعه حرام بالنسبة للمنتقبات.. فما هو العمل الذى يمكن أن تؤديه سيدة منتقبة مثل السيدة منى القماح حتى لو كانت فنانة تشكيلية؟!
ثم إن المنتقبات اللاتى يعتبرن وجه المرأة حرام.. يعتبرن أيضًا أن صوت المرأة حرام.. فماذا تفعل المنتقبة إذا وضعت فى وظيفة كوظيفة مدير قصر الثقافة.. عندما تتعامل مع الرجال العاملين معها؟!
ثم إننى لا أستطيع أن أفهم لماذا يطلب الإسلام من المرأة أن تنتقب.. كما يؤكد بعض الفقهاء؟.. إذا كان الإسلام يمنع المرأة من أن تنتقب داخل الحرم المكى وسط آلاف الرجال الطائفين والمصلين؟!
وأطرح بعد ذلك سؤالًا أخيرًا: إذا كان البعض يرى أن النقاب مسألة تتعلق بالحرية الشخصية.. فماذا عن حريتى أنا.. لماذا تسمح المرأة المنتقبة لنفسها أن ترانى ولا تسمح لى أن أراها؟!
التساؤلات التى طرحتها ليس معناها أننى أناقش القضية من باب الحلال والحرام.. لكننى فقط أرى أن الوقت قد حان لتقنين وضع المنتقبات العاملات بالدولة حرصًا على مصلحة الجميع، ولكى نسد بابًا لا يأتى منه إلا المتاعب.