https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

البُعد الغيبي فى الصراع العربي الإسرائيلي

146

عاطف عبد الغنى

الأسبوع الماضى، وصلتنى رسالة من صديق تحتوى على عشر كلمات فقط: “المسيح هيظهر السنة دى وملك الكيمتيين كمان.. إيلون ماسك منتظره”، لم أندهش من مضمون الرسالة، فصديقى هذا، الذى أقدّره كثيرًا لما يتمتع به من طيبة وأخلاق، يرى فى نفسه “المهدى” الذى سيظهر فى آخر الزمان.

وفى الأسبوع الماضى أيضا، صادفت على صفحة صديقى وزميلى عمرو فاروق على “فيسبوك” مقالًا سبق أن نُشر فى مجلة “الهلال”، أورد فيه نبوءة نقلها له شيخه الصوفى قبل ثورة 25 يناير 2011، جاء فيها: “سيأتى رجل (مؤيد) من داخل الجيش، يقلب الطاولة عليهم – يقصد جماعة الإخوان – وسيكون سببًا فى زوالهم من المنطقة العربية بأسرها، وسينهى وجودهم نهائيًا، ويعيد لمصر دورها وقوتها داخليًا وخارجيًا…”.

 ويواصل عمرو سرد النبوءات، ناقلًا عن شيخه ما يبدو وكأنه وصف دقيق للأحداث الجارية، حتى لتظن أن الرجل يقرأ الغيب من كتاب مفتوح.

ولولا معرفتى الشخصية بعمرو، وإدراكى لنزعته الروحية، وولعه العميق بحب آل البيت – الذى لا يدانيه إلا عدائه الشديد وفضحه الدائم لجماعة الإخوان – لما صدقته، غير أن غايتى هنا ليست مناقشة قناعات صديقىّ أو نبوءاتهما، بل الإشارات قادتنى من فورها إلى ما سيطر على أذهان وأفئدة شريحة واسعة من المصريين والعرب (السُنّة أو الشيعة الفرس، أو الأتراك)، بل وحتى اليهود، منذ اندلاع انتفاضات الربيع العربى وحتى يومنا هذا من استحضار البعد الغيبى المتعلق بمعركة نهاية الأيام أو الزمان فى سياق الصراع العربى الإسرائيلى.

وقريب مما سبق السؤال الذى يطرح علىّ كثيرًا، خلال الشهور الماضية، عن الحرب “الدينية” بين اليهود والمسلمين، وإجابتى، التى أرددها منذ أكثر من ربع قرن، فى كتبى ومقالاتى، وأحاديثى لم تتغير وأتناول فيها طرحا من منظور تحليلى (واقعى لا غيبى، ولا رؤيوي)، مستندًا فى هذا الطرح على دراسة للأساطير الدينية فى تراث الأديان الإبراهيمية (اليهودية، والمسيحية، والإسلامية)، ولاحظ أننى قلت “تراث” وليس “عقيدة” وقد خصصت لهذا التحليل فصلاً كاملاً فى كتابى “صدام الأصوليات.. نهاية إسرائيل أم نهاية العالم؟”، مؤكدًا أن البُعد الغيبى والدينى يمثل مكونًا جوهريًا فى الصراع العربى الإسرائيلى، الذى لا يقتصر على الجوانب السياسية
أو الاقتصادية أو الجغرافية، بل يمتد عميقًا إلى صميم الثقافة والرموز الدينية خاصة فى اليهودية.

وأثبتّ فى الكتاب أن أسطورة “معركة آخر الزمان” تُهيمن على عقول الأصوليين من مختلف الأديان؛ وكل طرف يحاول أن يثبت أنه الطرف المنتصر، والفرقة الناجية غير أن الأصوليين اليهود، بخلاف المسلمين والمسحيين، لا يتطلعون إلى نهاية روحانية بقدر ما ينتظرون ملكًا ومملكة أرضية، يحكمون بها العالم لألف عام سعيدة (وهو رقم رمزي يشير إلى أمد زمني طويل)، فى المقابل، يرى المسلمون والمسيحيون أن تلك النهاية تمثل يوم القيامة أو الدينونة.

ومن هنا، يمكن إدراك مدى خطورة الرؤية الأصولية اليهودية، التى تكشف عنها دراسة عقائد طوائف اليهودية الأرثوذكسية، والتى تنطوى على نظرة استعلائية لبقية شعوب الأرض، وعلى الرغم من عدائهم التاريخى للمسيحية، فقد استطاعوا – بدهاء عقائدى – التغلغل فى بعض الكنائس البروتستانتية الغربية، ونجحوا فى خلق ما يُعرف بـ “المسيحية الصهيونية”، وهى تيارات مسيحية تلعب اليوم دورًا كبيرًا فى دعم إسرائيل، بدافع الإيمان بنبوءات نهاية الزمان.

وللحديث بقية…