رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الابتسامة الصفراء جرس إنذار

1502

 

 

لم نعرف عن عالم الابتسامة وما يتفاعل بداخله سوى التعبير الخارجى لحركة الشفاه، ونجهل أهم معالمها، وهو قدرة الابتسامة على قهر العدو ومقاومة السلاح، وبسبب ولع العلماء بالبحث خلف الظواهر الطبيعية والإنسانية مهما صغر شأنها، فقد استطاعوا إزاحة الستار عن حقائق كثيرة متعلقة بشأنها، وفسروها لنا من خلال بيان أدلتها العلمية، وقاموا بتشريح الإبتسامة، وحددوا أنواعا لها، وأوضحوا الفوارق الفسيولوجية فيما بينها، وفى أوائل القرن التاسع عشر نجح العالم الفرنسى «جالوم بولون» فى التمييز بين الابتسامة الصادقة وبين الابتسامة المزيفة، وذلك باستخدام جهاز تشخيص كهربي، ولاحظ العالم الفرنسى استخدام العضلة الوجنية لرسم ابتسامة خادعة، أما العضلات الدائرية الموجودة حــول العيــن فتعمــل باستقلاليــة، ولا تتحرك مع الإبتسامة المصطنعة.

والابتسامة الصادقة هى سبيلك الوحيد لتترك أثرًا طيبًا فى قلوب المحيطين بك، وبواسطتها يمكنك أن تمتلك قلوبًا بشكل سريع، فى حين قد تبذل جهدًا كبيرًا لاحتوائها عن طريق وسائل أخري، ومن خلالها تضاعف أرباحك إذا كنت صاحب متجر، ويقول المثل الصيني: «إن الذى لا يحسن الإبتسامة لا ينبغى له أن يفتح متجرا»، وإياك ثم إياك من ذوى الإبتسامة الزائفة أو الصفراء، فهى بمثابة جرس إنذار عن مؤامرة تدبر لك، والفارق بين الابتسامة الصادقة والزائفة، الأولى مدتها أكبر وتلقائية، والشخص العبوس لا يستطيع الصمود فى مواجهة أشخاص مبتسمين، وبسرعة تتحول عضلات وجهه لترسم الابتسامة، وأكدت مصداقية تلك المعلومة دراسة سويدية حديثة.

 وذكر البرفيسور «رات كامبل» من جامعة كولدج بلندن، أن هناك خلية عصبية فى المخ تؤثر على الجزء المسؤول عن التعريف بالوجوه وتحديد تعبيراتها، ولذا نقلد تلقائيا تعبير الوجوه التى حولنا، وأثبت كامبل أنه كلما زاد تبسمك كانت ردود أفعال الآخرين نحوك أكثر إيجابية، وتوصلت عدة دراسات علمية إلى أن الابتسامة هى السلوك الفطرى الوحيد الذى يولد معنا، على عكس العديد من السلوكيات والإنفعالات التى نكتسبها لاحقا.

ولا تقتصرأنواع الإبتسامة على الصادقة أو الزائفة، إنما اختلفت العلماء حول حصر أنواعها، ونذكر منها على سبيل المثال ابتسامة الشفاه المغلقة، والابتسامة العلوية الكاشفة للنصف العلوى للأسنان، وإذا رغبت فى الشفاء من مرضك أو فى مساعدة أحبائك فى الشفاء فعليك بالابتسامة الصادقة.

وقد ذكرت سابقا حكاية الفتاة شيماء التى أستطاعت بمفردها مواجهة مجموعة من العنصريين، وهم يرددون ألفاظا بذيئة ومعادية للمسلمين فى قلب واشنطن، أثناء تظاهرهم أمام مقر إجتماع إحدى الجمعيات الإسلامية، وشعر جميع المشاركين المسلمين فى الاجتماع بالإرتباك، ولكنها وقفت شيماء فى مواجهتهم وعلى شفتاها ابتسامة هادئة ومشرقة، وشعرت حينها بحيرة وارتباك المتظاهرين العنصريين، ونشر هذا الفيديو على اليوتيوب، وحاز على نسبة مشاهدة كبيرة على مستوى العالم.

وصارت هذه الإبتسامة سلاحا قويا، وأصبحت سفيرا للنوايا الحسنة تمثل كل مسلم متحضر فى شتى أنحاء العالم، يرفض الإعتداء بالمثل ضد خصومه فى الدين، وكم من مواقف حدثت فى عدة دول تكرر فيها نفس مشاهد الإعتداء، وينتصر فيها المسلمين بقوتهم الناعمة ويجذبون مزيدا من المؤيدين لهم.

وأرشدوك خبراء التنمية البشرية بأن إبتسامتك طوق نجاتك وقت إحساسك بالإحباط، وتعد أقوى مضاد حيوى لداء الإكتئاب، لقدرتها على رفع شحن طاقتك الإيجابية، وخاصة فى تلك الفترة الحرجة التى تمر بها المنطقة من صراعات ونزيف للدماء، وإنعكاساتها المؤلمة على كثير من النفوس والشعور بالحزن والأسي.

ولك أن تعلم أن الإبتسامة تحرك من 5 إلى 13 عضلة فى الوجه، بينما عبوس الوجه يعمل 47 عضلة، وهذا من ضمن مجموع 80 عضلة فى الوجه، وأبتسامتك الهادئة أفضل من ضحك صاخب، لأن تأثير الابتسامة الحقيقية يدوم وقتا أطول، أما الضحك يتلاشى تأثيره فور الانتهاء منه.

والمرأة التى تبحث عن الجمال، ينصحونها خبراء التجميل أن تعتنى بإبتسامتها أكثر من المكياج، وأجاب بنعم 69 % من المشاركين فى دراسة أجرتها شركة أمريكية على أن المرأة المبتسمة تبدو أكثر جمالا من صاحبة مساحيق الوجه.

والإنسان الذى يحمل وجها مبتسما، شخص يحبه الجميع ويحاولون التودد إليه، لينقل إليهم عدوى التفاؤل، وفى المقابل ينفرون من صاحب الوجه العابس، وتزيد ابتسامة الشخص تألقا حين يشعر أنه سببا فى سعادة غيره وبُعد ألمه، ولهذا قال عبد الله بــن الحارث بن حزم: «ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله، ولعظمة تأثير الإبتسامة على الآخرين جعلها النبى من بين الدرجات العليا العبادة، وقال صلى الله عليه وسلم: «تبسمك فى وجه أخيك صدقة»، وقال فى حديث آخر «لا تحتقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق»، وكان النبى فى ذروة الشدائد يبتسم ليعطى الأمل.

ولتكن أول صدقة نبدأ يومنا تبادل الابتسامة فيما بيننا، من أجل عودة الأمل والثقة بين أفراد الأسرة الواحدة، بعد رؤية الأبناء لوجوه عابسة أمامهم صباحا ومساء.