رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الوجه القبيح لمجتمعات الحداثة

511

 

مجموعة من الجهلة قلوا أو كثروا يبحثون بإلحاح عن الشهرة، والمال، أدركوا مبكرًا أن هذه الشهرة فى الاختلاف، والخروج عن القطيع بالرفس والنطح، فليس كل خروج حسنًا، وليس كل اختلاف صوابًا، هؤلاء الذين أعماهم شيطانهم فبال فى آذانهم موسوسًا: “إن أقصر طريق للشهرة هو اختراق “التابو” المقدس أو المحظور فى نظر المجتمع، وهو الدين”، وقد يقول قائل إنهم لا يتحدثون فى الدين إنهم يتحدثون فى التراث الدينى، أو الخطاب الدينى، وأقول لمن يقول هذا إنهم يشعلون الحرائق حول الدين، يحاصرونه بادعاء ما ليس فيه، بالتشجيع على الاجتراء عليه، بإسقاط الرموز التى ارتبط ذكرها بالدين، عبر تشويهها دون فهم ودون علم.. (والله دون علم)، ولما جاهروا بأقوالهم، وأفعالهم، فتحوا على أنفسهم طاقة جهنم، ومنحوا الناس فرصة النيل منهم عبر تتبع عوراتهم التعليمية قبل سلوكياتهم الشخصية، ووثقت الفيديوهات التى انتشرت خلال الأيام الماضية حبسات بعضهم اللغوية، إنهم حتى لا يحسنون قراءة عناوين ونصوص الكتب التى ينتقدون محتواها، أخطاء فاضحة لأشخاص تسبق أسمائهم حرف “الدال”، والمصيبة أن الكتب التى يرفضونها ويرذلونها يعودون فيستشهدون بنصوصها على توثيق ادعاءاتهم أو تمرير أفكارهم، فكيف تحتج يا فلان بوثيقة أنت شككت فيها بالأساس؟!.. هذا دينهم، ناهيك عن الانتقائية، واجتزاء النصوص من سياقاتها، وتتعجب وتندهش هل هؤلاء هم من نصبّوا (من تنصيب ومصدرها نصب) أنفسهم أوصياء على عقل الأمة، هكذا دون مؤهلات فرضوا علينا الوصاية، والتميز، وادعوا أنهم المجددون للفكر الإسلامى؟!

 ظاهرة التجرؤ على العقائد ليست جديدة على البشرية، وأمر هؤلاء الجهلة يذكرنى بنقاد الكتاب المقدس، الذين انتشروا فى أوروبا، منذ القرون الوسطى وما بعدها، وقد تجاوزوا نقد النص، إلى فكرة وجود الإله نفسه، أعاذكم الله وإيانا من الإلحاد، والشرك بالله، وأثمرت هذه الغزوات والحرب على الدين فى أوروبا، ما نعرفه الآن فى مجتمعات هذه البلاد، وقد رأيت فى باريس، شيئًا منه قبل حوالى ربع قرن حين زرتها، وبعين الصحفى رصدت المساحات الهائلة من الإعلانات التى تغطى إصدارات خاصـة من صحف الأرواحيـــة والسحر والتنجيم، والشعوذة التى توزع فى الشوارع ومحطات المترو، لقد ذهبوا يستطلعون الغيب عندهم، يبحثون عن مستقبل غامض بالنسبة لهم.. رأيت حاضرًا يبرق باللمعان لكنه مخوخ من داخله، لقد امتلكوا كل مظاهر الحداثة لكنهم افتقدوا الحضارة، لأنهم ابتعدوا عن الدين وحصروه فى مبنى لا تزيد واجهته على 10، 12 مترًا تحاصرها عن اليمين واليسار حوانيت الجنس وملاهيه، فى شارع “سان دونى أو الشانزليزيه” الوجه القبيح لمجتمعات الحداثة، عندما تتخلى عن الله.