https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

عقدة “الخواجة” على الشاشة!

499

محمد رفعت
«يا جوليا يا مزبلة يا زوجة الكل».. هذه العبارة التى قالها فنان الشعب يوسف وهبى لزوجته الراقصة الفرنسية، حين اكتشف خيانتها له مع رجل آخر فى أول فيلم مصرى ناطق وهو «أولاد الذوات» عام 1932، هى نفسها القاعدة التى مازالت تحكم نظرتنا إلى الغرب ورجاله ونسائه فى أعمالنا الفنية سواء للمسرح أو السينما أو التليفزيون.
ونظرة سريعة إلى صورة الآخر أو «الخواجة» فى السينما المصرية سوف تؤكد لنا هذا الاستنتاج.. فالأجنبى فى أفلامنا لص خطير يرتدى القبعة ويمسك بالسيجار ويتكلم بلكنة عربية «مكسرة» ويسعى إلى سرقة ثروات بلادنا أو هدم موروثاتنا وثقافتنا وأخلاقياتنا من خلال تصدير وتهريب المخدرات، مستغلا فى ذلك سلاح المال أو الجنس.
وهذه هى «التيمة» الثابتة تقريبا التى تلعب عليها معظم الأفلام، فالغربيون لصوص ومرتزقة وقوادون وتجار مخدرات وسلاح، والغربيات أو «الخواجات» من النساء، هن فى الغالب ساقطات وعاهرات أو على الأقل جاسوسات وعميلات للموساد أو المخابرات الأمريكية.
والغريب أن الصورة لم تكن هكذا فى بدايات السينما المصرية حين كان يعيش فى مصر كثير من الأجانب من جنسيات مختلفة وينصهرون داخل نسيج المجتمع دون إثارة أية مشكلة دينية أو عرقية، وخصوصاً من الأرمن واليونانيين الذين كانوا يتحدثون بعربية محببة ويختلطون بالطبقات الشعبية من المصريين، لكن هذه النظرة تغيرت كثيراً بعد العدوان الثلاثى على مصر فى عام 1956 وخروج معظم الأجانب من مصر، وبدأت السينما تصور الشخصيات الغربية باعتبارها أذنابا للاستعمار وأعوانه، وطابورا خامسا يريد القضاء على مكتسبات الثورة.
وبعد حرب أكتوبر، انحصر تناول الشخصية الأجنبية إلى حد كبير فى بعض أعمال الجاسوسية، بداية بفيلم «الصعود إلى الهاوية»، وتلاه أفلام أخرى مثل «إعدام ميت» من إخراج على عبد الخالق، و«بئر الخيانة» بطولة نورالشريف وإخراج سمير سيف، و«فخ الجواسيس» بطولة هالة صدقى وإخراج أشرف فهمى، وكلها تدور حول بطولات وجهود المخابرات المصرية فى الإيقاع بجواسيس العدو سواء أثناء عملهم فى مصر أو فى عواصم غربية.
وعلى عكس هذا المفهوم السائد، حاول قلة من كبار الكُتاب والروائيين والمفكرين المصريين الذين تلقوا تعليمهم فى الغرب، تقديم صورة أكثر موضوعية وتوازناً، مثلما فعل د.طه حسين فى تصويره للغربيين الذين ساعدوه خلال إقامته فى فرنسا وعلى رأسهم زوجته السيدة «سوزان».
والحقيقة أن الصورة السائدة فى أعمالنا الأدبية والفنية عن الآخر، لا تقل ظلماً عن الصورة التى يقدم بها الغرب والسينما الأمريكية على وجه الخصوص شخصية العربى والمسلم، وكأن التشويه متعمد والمبالغة مقصودة كنوع من الانتقام، وهذه النظرة المغلوطة من الجانبين زادت سوءاً بعد أحداث 11 سبتمبر وظهور «الإسلاموفوبيا»، وهو وضع يزيد باستمرار مع تنامى مشاعر الكراهية للآخر، رغم كل الكلام عن الدعوة للتآخى والتسامح وحوار الحضارات.