https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الإنفاق على الصراعات بدلاً من التنمية

572

حاتم فاروق

مع تصاعد وتيرة الصراعات السياسية والعسكرية على الساحة الدولية، يتجه الاقتصاد العالمى نحو تسجيل أكبر معدل للخسائر نتيجة الزيادة الملحوظة فى الإنفاق على أعباء الصراعات بما فى ذلك توجيه مزيد من الإنفاق للتسليح، ودعم القدرات العسكرية، لتكون بديلاً عن خطط التنمية والبناء ودعم قدرات الإنسان. ووفق مؤشر السلام العالمى الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام، فإن مستوى الصراعات الدولية بمختلف أشكالها زادت بمعدل 20٪، لتصل خسائرها على الاقتصاد العالمى، خلال العام المنصرم إلى 19.1 تريليون دولار، أى ما يوازى 13.5٪ من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، وفى المقابل نجد أن الإنفاق على تحقيق السلام وحفظه، بلغ العام الماضى نحو 50 مليار دولار فقط، ما يمثل فى النهاية أقل من 0.6% من مجموع حجم الإنفاق العسكرى الدولى.

 النتيجة المباشرة للزيادة الكبيرة فى الإنفاق على الصراعات الدولية، تتمثل فى تفاقم حجم الدين للأطراف المتصارعة، مع غياب النمو الاقتصادى، وتراجع مستوى الخدمات المقدمة للمواطن فى الدول التى تختار الصراعات وخلق الأزمات، بديلاً عن التنمية والبناء، أموال مهدرة وحجم إنفاق هائل يتجه إلى خراب الدول والبلدان التى تعانى أساسًا من الأزمات الاقتصادية، بل تمتد آثار تلك الصراعات العسكرية فى كثير من الأحيان إلى دول أخرى، ولو تخيلنا توجيه تلك الأموال والإنفاق العسكرى إلى برامج ومبادرات تنموية تعتنى بالبشر، لوجدنا أنفسنا أمام عدد هائل من المدارس والجامعات والمستشفيات والمبادرات التى تساهم فى تحسين جودة حياة الإنسان بدلاً من تخريبها.. كل المؤشرات تشير إلى أن الدول الكبرى هى المحرك الأول للصراعات العالمية، سواء سياسية أو عسكرية، متجاهلة بذلك مساعى الدول الأقل نموًا للعيش فى سلام بعيدًا عن تلك الصراعات التى تأتى على الأخضر واليابس، وتنهى الجهود الوطنية المخلصة فى التخلص من الفقر والجهل والمرض، فى حين تلهث القوى العظمى نحو مصالحها فى تسويق منتجاتها العسكرية وبيع وتجربة الأسلحة الجديدة للأطراف المتصارعة حول العالم، ومع تجاهل الدول العظمى لنداءات السلام والعدل حول العالم خلال العقد الأخير، بدا واضحًا أن الصراعات ستظل ماثلة على الساحة العالمية لعقود مقبلة، وهو ما جعل مصر تتوصل لصيغة متوازنة فى التعامل مع تلك الصراعات، وهى الصيغة التى تعمل على المضى قدمًا فى برامج التنمية وبناء قدرات الإنسان المصرى فى مختلف المجالات العلمية والقطاعات الاقتصادية، بالتوازى مع بناء القدرات العسكرية المصرية لتكون قوة ردع لكل من يريد بمصرنا الغالية التخلف عن ركب التقدم والنهضة الشاملة.